الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن أبي بكر الصدّيق: يا مروان إنما هي هرقلية؛ كلما مات هرقل كان هرقل مكانه، ما لأبي بكر لم يستخلفني، وما لعمر لم يستخلف عبد اللَّه؟ فقال له مروان: أنت الذي أنزل اللَّه فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ. . .}
(1)
الآية، قال: فقام عبد الرحمن حتى دخل على عائشة فأخبرها، فضربت بستر على الباب، فقالت: يا ابن الزرقاء أعلينا تأوّل القرآن؟ لولا أني أرى الناس كأنهم أيدٍ يرتعشون لقلت قولا يخرج من أقطارها، فقال مروان: ما يومنا منك بواحد"
(2)
.
916 -
حدثني سلمة بن شبيب قال حدثنا سهل بن عاصم قال: قال صالح المري: كان يقال: "المتورع في الفتن كعبادة النبيّين في الرخاء"
(3)
.
التحليل والتعليق
تضمنت الآثار السابقة بيان الخوف والحذر الشديدين من فتح باب الخروج على الحكام، والتسبب في ذلك ولو بأدنى سبب، كالطعن فيهم
(1)
سورة الأحقاف، من الآية (17).
(2)
إسناده ضعيف، فيه أبو معشر ضعيف وهو نجيح المدني التقريب (7150)، والأثر صحيح، الإشراف (218 - 219) رقم (250)، وأصل القصة في صحيح البخاري (166 - 167) واعتنى الحافظ في الفتح (57718) بطرقها وتخريجها وذكر ألفاظها، وابن كثير في البداية والنهاية (8/ 89)، وابن الأثير في الكامل (3/ 351)، وابن الجوزي في المنتظم (5/ 299)، وذكره القرطبي في التفسير (16/ 197).
(3)
إسناده حسن إلى صالح؛ فيه سهل بن عاصم ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 293)، وقال فيه أبو حاتم في الجرح والتعديل (4/ 202):"شيخ"، كتاب الورع (51) رقم (31).
وذكر شيء من منكراتهم على العامة، حيث إن كل الآثار السابقة تفيد أن السلف رغم ما يحملون على بعض الحكام في نفوسهم من أشياء، أو ينكرون عليهم من أمور؛ فإنهم كهانوا لا يجاهرون بذلك أمام عامة الناس خوفا من فتح باب الفتنة والخروج، كما قال أسامة بن زيد وعائشة وأبو حازم، جميعهم خافوا من تبعة لسانهم وتأثيره على عامة الناس، فتورعوا من ذكر ما في نفوسهم خشية وقوع الفتن، ولهذا ورد في آخر أثر عن صالح المري انتشار مقولة:"تورع في الفتن كعبادة النبيين في الرخاء"، قال -ابن حجر معلقا- على أثر أسامة بن زيد:"لا أفتح بابا أكون أول من فتحه": "يعني لا أكلمه إلا مع مراعاة المصلحة بكلام لا يهيج به"
(1)
، وقال النووي:"يعني المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ، كما جرى لقتلة عثمان رضي الله عنه، وفيه الأدب مع الأمراء، واللطف بهم، ووعظهم سرا، وتبليغهم ما يقول الناس فيهم لينكفوا عنه، وهذا كله إذا أمكن ذلك، فإن لم يمكن الوعظ سرا والإنكار فليفعله علانية؛ لئلا يضيع أصل الحق"
(2)
، بل إن نفس الكلمة التي قالها أسامة بن زيد قالها عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه:"لما بعث عثمان إلى ابن مسعود يأمره بالقدوم إلى المدينة، اجتمع الناس فقالوا: أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه، فقال: إن له عليَّ حقَّ الطاعة، ولا أحب أن أكون أول من فتح باب الفتن"
(3)
.
(1)
فتح الباري (13/ 75)، وانظر (13/ 52).
(2)
شرح مسلم (18/ 118)، وكلامه الأخير فيه نظر وليس على إطلاقه.
(3)
الإصابة (4/ 235).