الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن: الآثار الواردة في ذم القدرية والتحذير منهم
.
566 -
حدثني يحيى بن عبد اللَّه المقدمي، حدثني عبد الوهاب بن يزيد الكندي قال:"رأيت أبا عمر الضرير في النوم فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قال: غفر لي ورحمني، قلت: فأي الأعمال وجدت أفضل؟ قال: ما أنتم عليه من السنة والعلم، قلت: فأي الأعمال وجدت شرًّا؟ قال: احذر الأسماء، قلت: وما الأسماء؟ قال: قدري، معتزلي، مرجئ، فجعل يعد أصحاب الأهواء"
(1)
.
567 -
حدثنا أبو إسحاق الأزدي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: سألت مالك بن أنس عن القدري والمخنث؛ أيجوز لي أن أجعله سترا بين يدي؟ فقال: "إذا تحققت أنهما كذلك فلا تجعلهما سترة في الصلاة"
(2)
.
التحليل والتعليق
تضمن الأثران السابقان التحذير من أهل القدر وذمهم، وقد سبق هذان الأثران في الباب الأول من هذه الرسالة في المطلب الأول: التحذير من أهل البدع والرأي والقياس الفاسد، ولا شك أن بدعة القدر من أوائل البدع ظهورا وكان السلف أشد إنكارا لها وتحذيرا من أهلها، قال شيخ الإسلام: "لم يكن على عهد الخلفاء الراشدين أحد ينكر القدر، فلما ابتدع هؤلاء التكذيب بالقدر رده عليهم من بقى من الصحابة، كعبد اللَّه
(1)
سبق (113) في كتاب الاتباع والابتداع.
(2)
سبق (117) في كتاب الاتباع والابتداع.
ابن عمر، وعبد اللَّه بن عباس، وواثلة بن الأسقع، وكان أكثره بالبصرة والشام، وقليل منه بالحجاز، فأكثر كلام السلف في ذم هؤلاء القدرية، ولهذا قال وكيع بن الجراح القدرية: يقولون الأمر مستقبل، وإن اللَّه لم يقدر الكتابة والأعمال. . . وهو كله كفر. . . ولكن لما اشتهر الكلام في القدر، ودخل فيه كثير من أهل النظر، والعباد، صار جمهور القدرية يقرون بتقدم العلم، وإنما ينكرون عموم المشيئة والخلق. . . وقول أولئك كفرهم عليه مالك، والشافعي، وأحمد وغيرهم، وأما هؤلاء فهم مبتدعون ضالون، لكنهم ليسوا بمنزلة أولئك، وفي هؤلاء خلق كثير من العلماء، والعباد كتب عنهم العلم، وأخرج البخاري ومسلم لجماعة منهم، لكن من كان داعية إليه، لم يخرجوا له، وهذا مذهب فقهاء أهل الحديث كأحمد وغيره أن من كان داعية إلى بدعة فإنه يستحق العقوبة، لدفع ضرره عن الناس، وإن كان في الباطن مجتهدا، وأقل عقوبته أن يهجر، فلا يكون له مرتبة في الدين، لا يؤخذ عنه العلم، ولا يستقضى، ولا تقبل شهادته، ونحو ذلك"
(1)
، وقال:"قد رويت أحاديث في ذم القدرية والمرجئة، روى بعضها أهل السنن، كأبي داود، وابن ماجه، وبعض الناس يثبتها ويقويها، ومن العلماء من طعن فيها، وضعفها، ولكن الذي ثبت في ذم القدرية ونحوهم هو عن الصحابة كابن عمر وابن عباس"
(2)
.
(1)
مجموع الفتاوى (7/ 385 - 386).
(2)
مجموع الفتاوى (3/ 351).