الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: الآثار الواردة في لزوم البيوت في الفتن
.
941 -
حدثنا أبو بكر بن عمرو الباهلي، حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال: سمعت يحيى بن سعيد قال: سمعت عبد اللَّه بن عامر
(1)
يقول: "قام عامر بن ربيعة يصلي من الليل، وذلك حين سعى الناس في الطعن علي عثمان رضي الله عنه فصلى من الليل، ثم نام، فأري في منامه فقيل له: قم فاسأل اللَّه أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها صالح عباده، فقام فصلى، ثم اشتكى فما خرج قط إلا جنازةً"
(2)
.
942 -
ثنا محمد بن أبي حاتم، ثنا موسى بن داود، ثنا ابن لهيعة، عن سيَّار بن عبد الرحمن قال: قال لي بكير بن الأشج
(3)
: "ما فعل عمك؟ قال: قلت: لزم البيت منذ كذا وكذا، فقال: إن رجالا من أهل بدر لزموا
(1)
هو عبد اللَّه بن عامر بن ربيعة العنزي، حليف بني عدي، أبو محمد المدني، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولأبيه صحبة مشهورة، وثقه العجلي مات سنة بضع وثمانين، التقريب (3403).
(2)
إسناده صحيح، المنامات (105) رقم (210)، وابن سعد في الطبقات (3/ 387)، وابن شبة في أخبار المدينة (2/ 190)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 178)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 328)، وذكره المزي في تهذيب الكمال (4/ 25)، وابن عبد البر في الاستيعاب (2/ 271)، وابن حجر في تهذيب التهذيب (2/ 263)، وابن الجوزي في صفة الصفوة (1/ 449).
(3)
هو بكير بن عبد اللَّه بن الأشج، مولى بني مخزوم، أبو عبد اللَّه أو أبو يوسف، المدني نزيل مصر، ثقة مات سنة (120 هـ) وقيل بعدها، التقريب (760).
بيوتهم بعد قتل عثمان نضّر اللَّه وجهه، فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم"
(1)
.
943 -
حدثني داود بن عمرو الضبي، ثنا عبد اللَّه بن المبارك، أخبرني عاصم الأحول، عن رجل من بني سدوس، عن أبي موسى الأشعري قال:". . . إن بعدكم فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسى مؤمنا ويصبح كافرا، قالوا: فما تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: كونوا أحلاس البيوت"
(2)
.
944 -
ثنا محمد بن حماد قال: سمعت مسلم بن إبراهيم، ثنا بشير بن عقبة قال: قلت ليزيد بن عبد اللَّه بن العلاء: "ما كان يصنع مطرّف إذا هاج في الناس هيج؟ قال: كان يلزم قعر بيته، ولا يأتي لهم صَفّا ولا جماعة، حتى تنجلي عما انجلت"
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف، مداره على عبد اللَّه بن لهيعة وقد سبق (149)، العزلة والانفراد (53) رقم (9)، وانظر رقم (57 - 58) ففيه أن منهم سعد بن أبي وقاص وسعيد ابن زيد، وابن شبة في أخبار المدينة (2/ 264)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 442)، وذكره في الاستذكار (8/ 501)، وابن تيمية في منهاج السنة (6/ 237)، وابن كثير في البداية النهاية (7/ 254).
(2)
إسناده ضعيف؛ لجهالة الرجل المبهم من بني سدوس، وسمي في طرق الأثر عند غيره وهو أبو كبشة السدوسي وهو مقبول التقريب (8384)، العزلة والانفراد (144 - 145) رقم (162)، وابن المبارك في الزهد رقم (358)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 448) رقم (37120)، وهناد في الزهد (2/ 583) رقم (1237)، ونعيم بن حماد في الفتن (1/ 171) رقم (449)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 160).
(3)
إسناده صحيح، العزلة والانفراد (166) رقم (200)، وابن سعد في الطبقات =
945 -
ثنا إبراهيم بن سعيد، حدثني يحيى بن صالح، ثنا مالك بن أنس، ثنا يحيى بن سعيد قال: "كان أبو جهيم الأنصاري
(1)
بدريّا، وكان لا يجالس الناس، وكان يعتزل في بيته، فقالوا له: لو جالست الناس وجالسوك، فقال: وجدت مقارفة الناس شرا، وكان عبد اللَّه بن عمرو أكثر الناس مجالسة له، وكان يحدثه عن الفتن، فلما كان من أمر عبد اللَّه ابن عمرو ما كان بالشام
(2)
، قال: تحدثني ما تحدثني -وكان هذا من أمره- للَّه عليّ ألا أكلمه أبدا"
(3)
.
946 -
حدثني محمد بن هارون، حدثنا الفريابي، حدثنا سفيان قال:
= (7/ 142)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (58/ 314)، وذكره الذهبي في السير (4/ 191).
(1)
هو أبو جُهَيم بن الحارث بن الصِّمَّة بن عمرو الأنصاري، مختلف في اسمه، صحابي معروف، وهو ابن أخت أبيّ بن كعب، بقي إلى خلافة معاوية، الإصابة (7/ 73)، التقريب (8025).
(2)
وذلك أنه رضي الله عنه قاتل مع معاوية، وكان حامل رايته، في صفين، ثم ندم ندما شديدا، وكان يقول:"ما لي ولقتال المسلمين، واللَّه لوددت أني مت قبل هذا بعشر سنين، ثم يقول: أما واللَّه ما ضربت فيها بسيف، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم، ولوددت أني لم أحضر شيئا منها، وأستغفر اللَّه عز وجل عن ذلك وأتوب إليه"، انظر الاستيعاب (1/ 292 - 293).
(3)
إسناده حسن؛ يحيى بن صالح هو الوحاظي صدوق التقريب (7618)، العزلة والانفراد (54) رقم (10) ورقم (28)، ونحوه رقم (7)، وابن المبارك في الزهد رقم (17)، وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة (1/ 707).
"كان طاووس يجلس في البيت، فقيل له: لِمَ تجلس في البيت؟ قال: حيف الأئمة، وفساد الناس"
(1)
.
947 -
حدثني محمد بن عباد بن موسى قال حدثنا كثير بن هشام قال: كان سفيان الثوري قاعدا بالبصرة فقيل له: هذا مساور بن سوار يمر -وكان على شرطة محمد بن سليمان- فوثب فدخل داره، وقال:"أكره أن أرى من يعصي اللَّه ولا أستطيع أن أغيّر عليه"
(2)
.
948 -
حدثنا روح بن حاتم، حدثنا يحيى بن أبي بكير، عن شريك، عن ليث، عن الحكم، عن أبي البختري، عن عليّ قال: "طوبى لكل عبد نُوَمَة
(3)
، عرف الناس ولم يعرفه الناس، وعرفه اللَّه منه برضوان، أولئك مصابيح الدجى، تُجلى عنهم كل فتنة مظلمة، أولئك ليسوا بالمذاييع
(4)
البُذُر
(5)
، ولا الجفاة المرائين، قال سمعت ابن الأعرابي يقول: النومة: الذي
(1)
إسناده صحيح، مداراة الناس (105) رقم (127)، العزلة والانفراد رقم (108) وانظر الذي بعده، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (4/ 4)، والمزي في تهذيب الكمال (3/ 496)، وابن كثير في البداية والنهاية (9/ 242).
(2)
إسناده حسن، شيخ المصنف صدوق يخطئ التقريب (6033)، كتاب الورع (67) رقم (74).
(3)
هو الخامِلُ الذِّكْر الذي لا يُؤْبَه له، وقيل: الغامض في الناس الذي لا يَعْرِف الشَّر وأهلَه، انظر النهاية في غريب الحديث (5/ 273).
(4)
جمع مِذْياع، مِن أَذاعَ الشيءَ إِذا أَفْشاه، وقيل: أَراد الذين يُشِيعون الفواحِش وهو بِناءُ مبالغة، لسان العرب (8/ 98).
(5)
رجل بَذورٌ وبَذِيرٌ يُذيعُ الأَسرارَ ولا يكتم سرًّا، والجمع بُذُرٌ، يبذرون الكلام =
لا يدخل مع الناس فيما هم فيه"
(1)
.
949 -
وبه حدثنا يحيى بن سليم قال: سمعت شب بن عبّاد قال: سمعت أبا الطفيل قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: "أظلّتكم فتنة عمياء متسكِّنة، لا ينجو منها إلا النومة، قيل: يا أبا الحسن، وما النومة؟ قال: الذي لا يعرف الناس ما في نفسه"
(2)
.
950 -
حدثني محمد بن إسحاق الباهلي، حدثنا سفيان رحمه الله قال: كنا عند الأعمش، فذكروا قتل زيد بن علي، فقال:"أنا لكم النذير العريان، كَفَّ رجل يده، وأمسك لسانه، وعالج قلبه"
(3)
.
= وينشرونه ويفشونه كما تبذر الحبوب، لسان العرب (4/ 50).
(1)
إسناده لين، فيه ليث بن أبي سليم، والأثر حسن بطرقه، التواضع والخمول (105 - 106) رقم (10)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 100) رقم (34497)، وهناد في الزهد (2/ 437) رقم (861)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 76)، والبيهقي في شعب الإيمان (7/ 110) رقم (9671)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (42/ 492)، وانظر سنن الدارمي في تفسير النومة أيضًا (1/ 70).
(2)
إسناده لين؛ يحيى بن سليم صدوق سيء الحفظ التقريب (7613)، وانظر الذي قبله، التواضع والخمول (115) رقم (27)، وذلك لشدة تحفظه في منطقه واعتزاله عن الناس، حتى لا يعرف ما في نفسه.
(3)
إسناه لين؛ شيخ المصنف لم أجده إلا ضمن الرواة عن محمد بن عبد اللَّه بن عثمان الخزاعي في تهذيب الكمال (6/ 377)، كتاب الصمت وآداب اللسان (279) رقم (622)، وأخرجه الخلال في السنة (1/ 134) رقم (91) من طريق سفيان عن الأعمش لكن بلفظ مخالف، وهو أن ذلك كان لما قتل الوليد بن يزيد، حيث قال =
951 -
حدثني علي، عن محمد بن الحسين قال: حدثني حكيم بن جعفر قال: حدثني عصام بن طليق، عن شيخ من أهل البصرة، عن أبي الجلد قال: "لقيني رجل من أهل العجم، فشكا إلي سلطانه وما يلقى منه من الظلم، فقلت له: ألا أدلك على أمر إن أخذت به وتركت ما سواه كفيت أمر السلطان وغيره، قاله: بلى، قلت: ارجع إلى أهلك وتوكل على اللَّه في أمرك كله؛ فإنك إن تفعل تجد ما أقول لك، قال: فلقيني بعد ذلك فجعل يشكرني ويقول: إني واللَّه رجعت يومئذ إلى أهلي وتوكلت
= لخلف بن حوشب: اجمع بقيَّةَ من بَقِي، واصنع طعاما، فجمعهم فقال لهم ذلك، وذكر بعده عن أحمد قوله:"انظروا إلى الأعمش ما أحسن ما قال، مع سرعته وشدّة غضبه"، والذي يظهر لي واللَّه أعلم أن رواية المصنف أولى فإن الوليد كان خليفة يوم قتل، وكان بالشام مقر ملك بني أمية، وقد تولى عزله والخروج عليه بعض أولاده، وهذا يجعل كونه المراد في القصة بعيدا، أما زيد بن علي فقد كانت الحادثة في الكوفة كما في السير (5/ 389)، وهي الأقرب إلى موطن الأعمش فهو كوفي، لا سيما وأنه ذكر عنه أنه فيه تشيع كما في تهذيب الكمال (3/ 303)، فلعله فعل ذلك حتى يقطع دابر الفتنة، ويخمد محاولة الثأر، ويحقن دماء المسلمين فلا يقول متقول أو يتمنى متمنٍّ أن يصدر من الأعمش شيئا، ولهذا كان تعليق الإمام أحمد -الذي عرف عنه نهيه الشديد عن السيف- تعليقا قوِّيا فيه إشادة بهذا الموقف الحاسم في مثل هذا الوقت العصيب، وأن شدة غضب الأعمش وسرعته لم تمنعه أن يلجمها بلجام الشرع، ويحكمها بحكم الدين، وهكذا العلماء الربّانيون يضبطون عاطفتهم ويحكِّمون فيها شرع اللَّه، ولا يجعلونها تسوقهم سوق ناقة هو جاء بلا زمام ولا خطم.