الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: الآثار الواردة في التحذير من الفتن والدماء، والتنازل عن الأمر خشية وقوعها
.
910 -
حدثنا هارون بن أبي يحيى السلمي قال: أنبأنا أبو الجوّاب الضبي قال: "كتب عمرو بما عبيد إلى ابن شبرمة
(1)
يحضّه ويحثّه على الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكتب إليه ابن شبرمة:
الأمر يا عمرو بالمعروف نافلة
(2)
…
والقائمون للَّه أنصار
والتاركون له عجزا لهم عذر
…
واللائمون لهم يا عمرو أشرار
(3)
الأمر والنهي لا بالسيف يشهره
…
على الخليفة، إن القتل ضرار
(4)
(1)
هو عبد اللَّه بن شُبْرمة بن الطفيل بن حسان الضبي، أبو شبرمة الكوفي القاضي، ثقة فقيه، مات سنة (144 هـ)، التقريب (3380).
(2)
الذي يبدو لي من خلال تام الأثر، أن مراده أنه نافلة على الأفراد؛ لأنه واجب كفائي يقوم به رجال الهيئة والحسبة، فيبقى في حق سائر المسلمين نافلة لقيام بعضهم بالواجب، والواجب الكفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقي.
(3)
إذا علمت هذه الصفة في الخوارج وهي أنهم أشرار، فلا تتعقَّد وتنهزم ببارق قولهم، وزخارف كلامهم؛ فإنهم يحرصون على بث الخور، والانهزامية في نفوس مخالفيهم، رجاء تهييجهم وإيغار صدورهم على المسلمين؛ وكم غرّروا بهذه الخدعة بعض حديثي الالتزام بالدين، بتصورهم لكل مخالفيهم بأنهم متخاذلون وخَوَرَة وجَبَنَة، وأنهم هم أصحاب البطولات والجهاد والناصرون لدين اللَّه، ولهذا كان ابن شبرمة رابط الجأش، على يقين من دينه، خبيرا بطرق الشر وأهله، وإنا للَّه وإنا إليه راجعون.
(4)
فيه شيخ المصنف لم أجد له ترجمة وإنما ذكره المزي فقط في شيوخه (16/ 74)، =
911 -
كتب إليّ أبو سعيد، حدثنا محمد بن يحيى بن الحارث الجعفي، عن حفص بن غياث قال:"قيل للأعمش أيام زيد: ألا تخرج؟ قال: ويلكم واللَّه ما أعرف أحدا أجعل عرضي دونه، فكيف أجعل دمي دونه"
(1)
.
912 -
حدثنا هاشم بن الوليد قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا عاصم قال: "قال مروان لعبد اللَّه بن عمر رحمه الله هَلُمَّ نبايعك فإنك سيّد العرب، وابن سيّدها، فقال ابن عمر: فكيف أصنع بأهل المشرق؟ قال: نقاتلهم، قال: واللَّه ما يسرّني أن العرب دانت لي سبعين عاما، وأنه قتل في سيي رجل واحد، فقال مروان:
= الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (130) رقم (99).
(1)
فيه محمد بن يحيى بن الحارث الجعفي لم أعرفه، والأثر صحيح عن الأعمش من الطرق الأخرى، الإشراف (278 - 279) رقم (374)، سؤالات أبي عبيد الآجري لأبي داود (139) رقم (95)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 30)، والذهبي في السير (6/ 234) من طريق المصنف بلفظ:"ديني"، و (6/ 246) من طريق أبي داود بلفظ قيل للأعمش:"لو أدركت عليا قاتلت معه؟ قال: لا، ولا أسأل عنه، لا أقاتل مع أحد أجعل عرضي دونه فكيف ديني دونه"، واستظهر فضيلة الأستاذ أكرم ضياء العمري أن قائل هذا هو زبيد اليامي ولا داعي لذلك، فزبيد امتنع من الخروج والأعمش كذلك، ولكل جوابه في ذلك، والغريب أنه استشهد بأن الأعمش دعا زبيدا إلى الخروج مع زيد بن علي، لكنه لم يحل على مصدر لهذه المعلومة، وقد سبق عن الأعمش نهيه عن الخروج في هذه الفتنة بالذات، بل ورد عنه كما سبق في السير أنه ما كان ليقاتل مع علي رضي الله عنه لو أدركه فاللَّه أعلم.