الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)}
(1)
، ويتلو:{لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)}
(2)
"
(3)
.
616 -
نا إسماعيل بن زكريا الكوفي، نا منصور بن عجاج
(4)
قال: قال عمر بن ذر: "إن لي في ربي أملين: أملا أن لا يعذّبني بالنار، فإن عذّبني لم يخلدني فيها مع من أشرك به"
(5)
.
التحليل والتعليق
تضمنت الآثار السابقة بيان عقيدة السلف في عصاة الموحدين،
(1)
سورة المدثر، الآية (43 - 47).
(2)
سورة الليل، الآية (15 - 16).
(3)
إسناده حسن، والد المصنف في درجة الصدوق كما سبق (344)، حسن الظن باللَّه (64) رقم (67)، وزاد في رقم (99) قوله:"وأشد خوفا على نفسه منه"، وأبو نعيم في الحلية (2/ 270)(5/ 172)، وابن سعد في الطبقات (7/ 197) من قول أيوب وهشام في ابن سيرين، والطبراني في مسند الشاميين برقم (2093) أطول من هذا وزاد القاسم بن محمد ورجاء بن حيوة، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (6/ 1145) رقم (2005)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (53/ 207)، وروي هذا الأمر عن ابن عون نفسه انظر: الحلية (3/ 41) وطبقات ابن سعد (7/ 249).
(4)
الصواب أنه منصور بن الحجاج، كما في المخطوط "ل 185 أ"، وقد أورده كذلك مخلص محمد في تحقيقه، لكن عبد الحميد شاحونة ومجدي السيد أورداه كما في الأصل أعلاه، ولم يجدا له ترجمة، ولم أقف له كذلك على ترجمة اللهم إلا أن ابن إسحاق ذكره في ذم الثقلاء وذكر قول ابن أبي شيبة فيه:"كان صدوقا فاضلا".
(5)
إسناده حسن، حسن الظن باللَّه (28) رقم (16).
والمذنبين من أهل القبلة، فكانت عادة السلف من لدن عهد الصحابة، الرجاء لهم، وعدم إخراجهم من جملة المسلمين، فهذا أبو هريرة رضي الله عنه، يوصى الشاعر المشهور بالمجون والهجاء الفرزدق بأنه مهما فعل فلا يقنط من رحمة اللَّه، وهذه القصة قد سبق إيرادها في فضائل التوحيد، وكان الفرزدق هناك التقى مع الحسن البصري، فنبهه إلى مثل ما قال أبو هريرة، وحذره مثل تحذيره من قذق المحصنات، ثم بيّن له أن الرجاء يجب أن يتبعه عمل، وإلا كان غرورا، فشهادة التوحيد كما قال الحسن:"إن معها شروطا، فإياك وقذف المحصنة، قال: هل من توبة؟ قال: نعم"، وهكذا حبيب أبو محمد دعا لابن برجان وهو لص يضرب به المثل في السرقة، وبيّن أن أحق الناس بالرجاء والدعاء هم العصاة وأصحاب الكبائر، قال شيخ الإسلام عند ذكره مكفرات الذنوب العشرة:"السبب الرابع الدافع للعقاب: دعاء المؤمنين للمؤمن، مثل صلاتهم على جنازته. . . وهذا دعاء له بعد الموت، فلا يجوز أن تحمل المغفرة على المؤمن التقي الذي اجتنب الكبائر، وكفرت عنه الصغائر وحده؛ فإن ذلك مغفور له عند المتنازعين، فعلم أن هذا الدعاء من أسباب المغفرة للميت"
(1)
.
بل كانوا أشد رجاء للمؤمنين، وخوفا على أنفسهم، كما في أَثري أبي حازم وابن سيرين، واستدلال ابن سيرين بالآيات الثلاثة بان أصحاب النار كانوا يستكبرون عن قول لا إله إلا اللَّه، ويكذبون بها، وهذا منتف
(1)
مجموع الفتاوى (7/ 498).
في حق الموحد وإن كان عاصيا؛ لأنه لم يكذب ولم يستكبر، بل مؤمن غلبته شهوته.
ولذلك جاء أثر عمر بن ذر الأخير، يبيّن مسألة مهمة في حكم عصاة الموحدين في الآخرة، خلاصتها أنهم تحت المشيئة إن شاء اللَّه عذبهم، وإن شاء عفا، لكن إن عذبهم فلن يخلدوا في جهنم، مع أهل الشرك، قال شيخ الإسلام عند تعليقه على قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}
(1)
: "لما أثبت أنه يغفر ما دون ذلك، وأن المغفرة هي لمن يشاء، دَلَّ ذلك على وقوع المغفرة العامة مما دون الشرك، لكنها لبعض الناس، وحينئذ فمن غفر له لم يُعَذَّب، ومن لم يُغْفَر له عُذِّب، وهذا مذهب الصحابة والسلف والأئمة، وهو القطع بأن بعض عصاة الأمة يدخل النار، وبعضهم يغفر له"
(2)
، وقال ابن أبي العز الحنفي:"وأحاديث الشفاعة صريحة في خروج عصاة الموحدين من النار، وأن هذا حكم مختص بهم، فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم، ولم يختص الخروج بأهل الإيمان"
(3)
.
(1)
سورة النساء، من الآية (48).
(2)
مجموع الفتاوى (16/ 19)، وانظر فتح الباري (11/ 269، 340)، معارج القبول (2/ 428).
(3)
شرح العقيدة الطحاوية (420)، وانظر حادي الأرواح (254)، ويقظة أولي الاعتبار (67، 71).