الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: الآثار الواردة في الارتحال عن بلد الفتنة
.
956 -
كتب إليّ أبو نصر قال: سمعت عبد اللَّه بن خبيق يقول: قال محمد بن يوسف
(1)
: "استشرت سفيان الثوري في المقام بالشام فقال: لا أرى لك ذلك؛ لأنها بلاد فتنة، ولكن إن صح عزمك فعليك ببعض السواحل، ثم استفد مائة صديق، فإذا استقصيت أمرهم فاطرح تسعة وتسعين، وكن من الواحد في شك، واعلم أنه لم يكن في الأرض إلا وزيرين -ولدي آدم- غضب أحدهما على الآخر فقتله"
(2)
.
التحليل والتعليق
تضمن أثر الزهري رحمه الله مشروعية الانتقال من بلد الفتنة إلى البلاد الأكثر استقرارا، خوفا على الدين وعدم الثبات، قال ابن كثير -لما تكلم عن أصحاب الكهف-:"المشروع عند وقوع الفتن في الناس أن يفر العبد منهم خوفا على دينه"
(3)
، وقال ابن عبد البر تعليقا على قول أبي هريرة رضي الله عنه: "والذي نفسي بيده ليوشك أن يأتي على الناس زمان تكون
(1)
هو محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضبي مولاهم الفِرْيابي، نزيل قيسارية من ساحل الشام، ثقة فاضل، مات سنة (212 هـ)، التقريب (6415).
(2)
إسناده حسن، فيه عبد اللَّه بن خبيق وهو الأنطاكي، ذكره ابن أبي حاتم (5/ 46) ولم يذكر في جرحا ولا تعديلا، وله ترجمة ضافية في الحلية (10/ 168)، ومختصرة في صفة الصفوة (4/ 280)، مداراة الناس (107 - 108) رقم (132).
(3)
تفسير ابن كثير (3/ 75).
الثلة من الغنم أحب إلى صاحبها من دار مروان" قال: "في هذا الخبر. . . دليل أيضًا على أن المدن تكثر فيها الفتن، والتقاتل على الدنيا، حتى تفسد وتهلك، ويكون الفرار منها إلى القفار والشعاب بقطائع الغنم"
(1)
، ولما تكلم ابن حجر رحمه الله عن أحكام العزلة وأقوال السلف فيها، علق بقوله:"وهذا حيث لا يكون هناك فتنة عامة؛ فإن وقعت الفتنة ترجحت العزلة، لما ينشأ فيها غالبا من الوقوع في المحذور، وقد تقع العقوبة بأصحاب الفتنة فتعم من ليس من أهلها"
(2)
.
وقد عقد البخاري رحمه الله في مشروعية الانتقال عن بلد الفتنة بابين في صحيحه الأول في كتاب الإيمان وهو باب من الدين الفرار من الفتن، والآخر في كتاب الفتن وهو باب التعرب في الفتنة
(3)
.
(1)
الاستذكار (8/ 384).
(2)
فتح الباري (13/ 43).
(3)
صحيح البخاري (1/ 15)، (6/ 2596).