الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: الآثار الواردة في أن مآل الخروج إلى الفرقة والاختلاف
.
919 -
كتب إليّ أبو سعيد، حدثنا القاسم بن محمد بن علي الكندي، عن حميد بن عبد الرحمن قال: "جاء عيسى بن زيد بن علي
(1)
إلى الحيّ إلى منزلهم فاجتمع إليه أبي، وحسن بن صالح، وجعفر الأحمر
(2)
، فذكروا الخروج، فقال عيسى:"إن الخروج لا يستقيم إلا باجتماع، والاجتماع لا تضبطه، والسلطان قد ضبط أمر الناس، وإن نحن خرجنا شُغل بنا وشغلنا به، فقتل امرؤ ونحن سبب في قتله، وانتهب مال امرئ ونحن سبب انتهابه، لن نفرغ ولم يفرغ السلطان للنظر في أمره، هذا خلق ليس يجتمعون على كتاب ولا سنّة تفرّقوا"
(3)
.
التحليل والتعليق
تضمن أثر حميد بن عبد الرحمن بيان مآل الخروج، وهو أنه لا يحقق شيئا سوى أنه لن يزيد الأمة إلا فرقة وتمزُّقا، فالسلطان قد اجتمع الناس عليه، وضبط أمورهم ودانوا له بالطاعة، ولو كان فيه تقصير وظلم
(1)
لم أجد له ترجمة، وله ذكر في خروج حسن بن صالح على المهدي، واختفائهما معا بالكوفة، وهو زوج ابنته، الطبقات الكبرى (6/ 375).
(2)
هو جعفر بن زياد الأحمر الكوفي، صدوق يتشيع، مات سنة (167 هـ)، التقريب (940).
(3)
فيه القاسم بن محمد بن علي الكندي لم أعرفه، الإشراف (279 - 280) رقم (375)، انظر مقاتل الطالبيين (405).
وجور، لكن الخارج عليه، لم يضبط الناس كضبط السلطان لهم ولو كان ظاهر أمره منضبطا في بداية الأمر، لكنه سرعان ما يتلاشى ذلك وتصير الأمور إلى الفوضى، لا سيما إذا كان أصحابها مشبوهين أصلا، ومن هنا قال الإمام أحمد رحمه الله:"هذا عليٌّ رحمه الله لم يضبط الناس، فكيف اليوم والناس على هذا الحال ونحوه، والسيف لا يعجبني أيضًا"
(1)
، وقد علق شيخ الإسلام ابن تيمية على قيام الحسين بن علي رضي الله عنهما بقوله:"لم يكن في الخروج لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا، بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط أسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حتى قتلوه مظلوما شهيدا، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن حصل لو قعد في بلده؛ فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء، بل زاد الشر بخروجه وقتله، ونقص الخير بذلك، وصار ذلك سببا لشر عظيم، وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن، كما كان قتل عثمان مما أوجب الفتن"
(2)
، وبيّن القاعدة الاستقرائية العامة في مآل الخروج فقال:"من استقرأ أحوال الفتن التي تجري بين المسلمين، تبيَّن له أنه ما دخل فيها أحد فحمد عاقبة دخوله، لما يحصل له من الضرر في دينه ودنياه، ولهذا كانت من باب المنهي عنه، والإمساك عنها من المأمور به"
(3)
.
(1)
السنة للخلال (1/ 141).
(2)
منهاج السنة (4/ 529 - 532).
(3)
منهاج السنة (4/ 410).