الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
458 -
حدثني القاسم بن هاشم، حدثنا أبو عبد اللَّه الصوفي
(1)
قال: "كتب رجل إلى أخ له: أما بعد، فإني أوصيك بتقوى اللَّه عز وجل والرضى بالقدر، والتسليم لما علم الجبار من مكنون الأجل، ومقسوم الرزق، فإن اللَّه عز وجل جعل لكل نفس رزقا موصوفا، ليس لشيء منه إلى غيرها منصرف، فلا يشغلك الرزق المضمون لك عن العمل المفروض عليك، فقد شغلت رجالا أتعبت أبدانهم، وطالت أسفارهم ثم لم يزيدوا ولم يزدادوا على المقسوم لهم رزقا، رزقنا اللَّه وإياك القنوع والرضا، فإنه من رضي قنع، ومن قنع رضي بما قسم اللَّه عز وجل والسلام"
(2)
.
التحليل والتعليق
تضمنت الآثار السابقة إثبات علم اللَّه سبحانه وتعالى بالأشياء قبل كونها، وهذا العلم أحزن السلف الذين فقهوا معناه، وأبكاهم كما في الآثار الثلاث الأولى، حيث خافوا على أنفسهم أن يكون علم من حالهم أنهم ليسوا أهلا السعادة في الآخرة، ولهذا تضمنت رؤيا عبد الرحمن بن
= عساكر في تاريخ دمشق (35/ 296)، وذكره ابن حجر في الإصابة (2/ 416)، والمزي في تهذيب الكمال (4/ 452)، وابن حجر في تهذيب التهذيب (2/ 541).
(1)
هو الحسين بن علي بن بشر، أبو عبد اللَّه الصوفي، توفي ببغداد سنة (286)، تاريخ بغداد (8/ 69283).
(2)
إسناده حسن، شيخ المصنف صدوق وقد سبق (165)، إصلاح المال (366 - 367) رقم (477).
عوف رضي الله عنه علم اللَّه بحاله وهو في بطن أمه، كما تضمن أثر أبي عبد اللَّه علم اللَّه السابق بالأجل والرزق، وهذه المرتبة أول مراتب القضاء التي من لم يؤمن ها جميعا لم يؤمن بالقضاء والقدر
(1)
، ومعناها:"الإيمان بأن اللَّه تعالى عليم بما الخلق عاملون، بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا وأبدا، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال"
(2)
، "فكل ما يوجد في ما يوجد من أعيان وأوصاف، ويقع من أفعال وأحداث، فهو مطابق لما علمه اللَّه عز وجل أزلا"
(3)
، وهي مما اتفقت عليه الرسل من أولها إلى آخرها، والصحابة ومن تبعهم من الأمة على إثباتها، وخالفهم مجوس هذه الأمة
(4)
، قال شيخ الإسلام:"إثبات علمه، وتقديره للحوادث قبل كونها، ففي القرآن، والحديث، والآثار، ما لا يكاد يحصر، بل كل ما أخبر اللَّه به قبل كونه فقد علمه قبل كونه، وهو سبحانه يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وقد أخبر بذلك، والنزاع في هذا مع غلاة القدرية ونحوهم"
(5)
.
(1)
انظر شفاء العليل (55).
(2)
العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية انظر شرح الشيخ الفوزان (164).
(3)
شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية (153).
(4)
انظر شفاء العليل (55).
(5)
رسالة في تحقيق مسألة علم اللَّه (117).