الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: الآثار الواردة في عدم الجدوى من الخروج
.
920 -
حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا جعفر بن سليمان قال: حدثنا المعلى بن زياد
(1)
قال: "لما ولي يزيد بن المهلّب خشيت أن أوخذ فأُجعل عريفا، فأتيت الحسن في أهله وخادم له يقال له برزة: يناوله ثيابه، فقلت: يا أبا سعيد: كيف بهذه الآية في كتاب اللَّه عز وجل؟ قال: أية آية؟ قال: قلت: قول اللَّه عز وجل: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62)}
(2)
، يا أبا سعيد فسخط اللَّه على هؤلاء بقولهم السحت وأكلهم السحت، وذمّ هؤلاء حيث لم ينهوا، فقال الحسن: يا عبد اللَّه إن القوم عرضوا على السيف، فحال السيف دون الكلام، قلت: يا أبا سعيد هل تعرف لمتكلّم فضلا؟ قال: ما أعرفه، ثم حدثنا عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألا لا يمنعنّ أحدكم هيبة الناس أن يقول بحقّ إذا رآه أو شهده؛ فإنه لا يقرّب من أجل، ولا يباعد من رزق أن يقال بحقّ أو يذكّر بعظيم"
(3)
، ثم حدثنا حديثا آخر فقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ليس لمؤمن أن يذلّ نفسه"، قيل:
(1)
انظر التخريج الآتي.
(2)
سورة المائدة، آية (62).
(3)
أخرجه أحمد في المسند، انظر مسند الإمام أحمد برقم (11017) ثم (11474)، وقد صححه المحققون دون قوله:"فإنه. . . . ".
يا رسول اللَّه وما إذلال نفسه؟ قال: "يتعرّض من البلاء ما لا يطيق"
(1)
، قال: فقلت: يا أبا سعيد، فيزيد الضبّي حيث قام فتكلّم؟ فقال الحسن: أما إنه لم يخرج من السجن حتى ندم على مقالته؟ ، قال المعلى بن زياد: فأقوم من عند الحسن فإلى يزيد الضبّي من وجهي ذاك، فدخلت عليه فقلت: يا أبا مودود قد كنت عند الحسن آنفا فذكرتك له، فنصبتك له نصبا، قال: مه يا أبا الحسن، قال: قلت: قد فعلتُ، قال: فما قال الحسن؟ قلت: قال: أما إنه لم يخرج من السجن حتى ندم على مقالته تلك، قال يزيد: ما ندمت عليها وأيم اللَّه، لقد قمت مقاما أخطر على نفسي، ثم قال يزيد: أتيت الحسن ثلاث مرات فقلت: يا أبا سعيد غُلبنا على كل شيء، وعلى صلاتنا نغلب؟ قال جعفر: يعني فتنة الحجاج، قال: يقول الحسن: يا عبد اللَّه إنك لم تصنع شيئا، إنما تعرّض نفسك لهم، قال: فقمت والحكم بن أيوب ابن عم الحجاج يخطب فقلت: الصلاة يرحمك اللَّه، قال: فجاءتني الزبانية فسعوا إليّ من كل جاليب فأخذوا تلبيي وأخذوا بلحيتي ويدي وكل شيء، وجعلوا يضربوني بنعال نفوسهم، قال: وسكت الحكم بن أيوب، وكدت أن أقتل دونه، قال: فمشوا بي إليه حتى إذا بلغوا باب المقصورة فتح، فأدخلت عليه، فقال: أمجنون أنت؟ فقلت: أصلحك اللَّه، ما بي من جنون، قال: أو ما كنا في صلاة؟ قلت: أصلحك اللَّه، هل كتاب أفضل من كتاب اللَّه؟ قال: لا، قلت: أرأيت لو أن رجلا نشر مصحفه
(1)
انظر السلسلة الصحيحة رقم (613).
فقرأه غدوة حتى يمسي ولا يصلي فيما بين ذلك، كان ذلك قاضيا عنه صلاته؟ قال: فقال الحكم: واللَّه إني لأحسبنك مجنونا، قال: وأنس بن مالك جالس قريب من المنبر على وجهه خرقة خضراء، قال: قلت: يا أنس يا أبا حمزة أذكرك اللَّه؛ فإنك قد صحبت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وخدمته: الحقَّ قلت أم الباطل؟ قال: فلا واللَّه ما أجابني بكلمة، قال: يقول الحكم: يا أنس، قال: لبيك أصلحك اللَّه، قال: وقد كان فات ميقات الصلاة؟ ، قال: يقول أنس: قد كان بقي من الشمس بقيّة، قال: احبساه، قال: فحبست فذهب بي إلى الشمس، قال: فشهدوا أني مجنون، قال جعفر: إنما نجا من القتل بذلك، فكتب الحكم إلى الحجاج: أصلح الأمير، إن رجلا من بني ضبّة قام فتكلّم في الصلاة، قد قامت البيّنة العدول عندي أنه مجنون، قال: فكتب إليه الحجاج: إن كانت قامت البيّنة العدول عندك أنه مجنون فخلِّ سبيله، وإلا فاقطع يديه ورجليه ولسانه، قال جعفر: وأحسبه: واسمر عينيه. . . "
(1)
.
(1)
إسناده حسن، المعلى بن زياد هو القردوسي صدوق قليل الحديث زاهد التقريب (6852)، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (79 - 81) رقم (35)، وبقية القصة تفيد تعرضه للبلاء مرة أخرى وصدق فراسة الحسن فيه، وأبو يعلى في مسنده (2/ 536) رقم (1411)، وقال الهيثمي في المجمع (7/ 272):"رجاله رجال الصحيح"، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 976) رقم (1064)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 6).