الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحليل والتعليق
تضمنت الآثار السابقة، ذكر فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وبيان منزلته، وشيء من أعماله ومناقبه، وخلاصة هذه الآثار تورعه عن أكل الحرام، وتقيؤه الطعام المشبوه، ورجاء النبي صلى الله عليه وسلم له أن يأكل من طير الجنة، الذي فهم منه الحسن تعيّن وقوعه لأن اللَّه لا يخيّب رجاء نبيّه، وجوده في العطاء، حيث أعطى جابرا رضي الله عنه ألفا بعدد ما ردّه، كما جُودُه في الإعتاق حيث أعتق بلالا وأنقذه من التعذيب، وأعتق سبعة أنفس قبل هجرته إلى المدينة، وكان لصدقه وإخلاصه في الإعتاق لا ينتقى القوي الجلد، الذي قد يرجى منه فائدة وعوض في الدنيا، لأنه لا يريد جزاء ولا شكورا، بل يريد ما عند اللَّه، ومن شدة حيائه أنه كان يتقنع بثوبه عند قضاء حاجته.
وقد عرف له المسلمون هذا الفضل والمكانة، فكانوا يشيدون به وبأفعاله، فهذا ابن عمر يحيل من سأل عن الزهاد والراغبين في الآخرة على قبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، وعلي بن أبي طالب شهد له ببعض الفضائل التي اشتهر بها بأنه أوّاه! وأرحم الأمة، وأنه صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في
= الأنصاري فقد وهم"، من عاش بعد الموت (19) رقم (8)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (39/ 220)، وأورده من طريق المصنف ابن كثير في البداية والنهاية (6/ 158) وقال: "ولا أدري إيش قال في عمر، كذا رواه ابن أبي الدنيا في كتابه" ثم نقله من طريق البيهقي وفيه أن:"عمر الشهيد"، ونقل قبل ذلك عن البيهقي قوله:"وقد روى في التكلم بعد الموت عن جماعة بأسانيد صحيحة واللَّه أعلم".
الغار، وأنه أعظم الناس غنى عن نبيّه عليه السلام في ذات يده، وتمنى رفيقه عمر بن الخطاب أن يكون شعرة في صدره، وأن يكون في الجنة بحيث يراه، ووصفه بعض من قيل فيه إنه تكلم بعد موته، أو تُكُلِّم على لسانه بأوصاف عديدة، بأنه الأمين، خليفة رسول اللَّه، كان ضعيفا في جسمه، قويا في أمر اللَّه، صدق صدق، وكان في الكتاب الأول.
قال القرطبي رحمه الله: "الذي يقطع به من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة، ويجب أن تؤمن به القلوب والأفئدة، فضل الصديق على جميع الصحابة، ولا مبالاة بأقوال أهل الشيع، ولا أهل البدع؛ فإنهم بين مُكَفَّر تضرب رقبته، وبين مبتدع مُفَسَّق لا تقبل كلمته"
(1)
، ومن لطيف ما نقله الهيتمي عن:"أبي جعفر الباقر قال: من لم يعرف فضل أبي بكر وعمر فقد جهل السنة، قال بعض أئمة أهل البيت: صدق واللَّه، إنما نشأ من الشيعة والرافضة وغيرهما ما نشأ من البدع والجهالات من جهلهم بالسنة"
(2)
.
(1)
تفسير القرطبي (8/ 131).
(2)
الصواعق المحرقة (1/ 165).