الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحليل والتعليق
تضمنت الآثار السابقة بيان ندم من حضر قتال فتنة، سواء من حضر الجماجم أو صفين والجمل، ولما ذكر شيخ الإسلام مكفرات الذنوب ذكر أولها التوبة ثم قال:"عائشة رضي الله عنها ندمت على مسيرها إلى البصرة، وكانت إذا ذكرته تبكي حتى تبل خمارها، وكذلك طلحة ندم على ما ظن من تفريطه في نصر عثمان، وعلى غير ذلك، والزبير ندم على مسيره يوم الجمل، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ندم على أمور فعلها من القتال وغيره. . . وقد روى هذا عن علي رضي الله عنه من وجهين أو ثلاثة، وتواترت الآثار بكراهته الأحوال في آخر الأمر، ورؤيته اختلاف الناس وتفرقهم، وكثرة الشر الذي أوجب أنه لو استقبل من أمره ما استدبر ما فعل ما فعل"
(1)
، وقد عقد المروزي في كتابه الفتن باب ما يذكر من ندامة القوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في الفتنة وبعد انقضائها، وما تقدم إليهم فيها
(2)
، ولما تكلم شيخ الإسلام عن الفرق بين قتال الخوارج وقتال الفتنة قال:"أما قتال الجمل وصفين فكان قتال فتنة، كرهه فضلاء الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، وسائر العلماء، كما دلت عليه النصوص، حتى الذين حضروه كانوا كارهين له، فكان كارهه في الأمة أكثر وأفضل من حامده"
(3)
، ولما ذكر البيهقي ما حصل بين على
(1)
منهاج السنة (6/ 208 - 209)، وانظر (8/ 145).
(2)
(78 - 91).
(3)
منهاج السنة (5/ 153).
-رضي الله عنه ومن قاتله قال: "جرى الشيطان بين الفريقين حتى اقتتلوا، ثم ندموا على ما فعلوا، وتاب أكثرهم"
(1)
، وقال رحمه الله:"إن عائشة لم تقاتل، ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبيَّن لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها، وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة، والزبير، وعلي رضي الله عنهم أجمعين، ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في الاقتتال، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم"
(2)
، وهنا تنبيه مهم جدا يدل على خطورة القتال في الفتنة، وأن النية الحسنة لا تبرر فعل من فعله، فإن الذين ندموا عن قتالهم هم من أفاضل الصحابة وكبارهم، ومن هنا فإن من بعدهم "ليسوا أفضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم، ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال، وهم أعظم قدرا عند اللَّه وأحسن نية من غيرهم"
(3)
.
(1)
الاعتقاد (373).
(2)
منهاج السنة (4/ 316).
(3)
منهاج السنة (4/ 529).