المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

"متروك". على أن عبد الجبار هذا قد روى عن شيخه ربيعة - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - جـ ١٠

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌4501

- ‌4502

- ‌4503

- ‌4504

- ‌4505

- ‌4506

- ‌4507

- ‌4508

- ‌4509

- ‌4510

- ‌4511

- ‌4512

- ‌4513

- ‌4514

- ‌4515

- ‌4516

- ‌4517

- ‌4518

- ‌4519

- ‌4520

- ‌4521

- ‌4522

- ‌4523

- ‌4524

- ‌4525

- ‌4526

- ‌4527

- ‌4528

- ‌4529

- ‌4530

- ‌4531

- ‌4532

- ‌4533

- ‌4534

- ‌4536

- ‌4537

- ‌4538

- ‌4539

- ‌4540

- ‌4541

- ‌4542

- ‌4543

- ‌4544

- ‌4545

- ‌4546

- ‌4547

- ‌4548

- ‌4549

- ‌4550

- ‌4551

- ‌4552

- ‌4553

- ‌4554

- ‌4555

- ‌4556

- ‌4557

- ‌4558

- ‌4559

- ‌4560

- ‌4561

- ‌4562

- ‌4563

- ‌4564

- ‌4565

- ‌4566

- ‌4567

- ‌4568

- ‌4569

- ‌4570

- ‌4571

- ‌4572

- ‌4573

- ‌4574

- ‌4575

- ‌4576

- ‌4577

- ‌4578

- ‌4579

- ‌4580

- ‌4581

- ‌4582

- ‌4583

- ‌4584

- ‌4585

- ‌4586

- ‌4587

- ‌4588

- ‌4589

- ‌4590

- ‌4591

- ‌4592

- ‌4593

- ‌4594

- ‌4595

- ‌4596

- ‌4597

- ‌4598

- ‌4599

- ‌4600

- ‌4601

- ‌4602

- ‌4603

- ‌4604

- ‌4605

- ‌4606

- ‌4607

- ‌4608

- ‌4609

- ‌4610

- ‌4611

- ‌4612

- ‌4613

- ‌4613 / م

- ‌4614

- ‌4615

- ‌4616

- ‌4617

- ‌4618

- ‌4619

- ‌4620

- ‌4621

- ‌4622

- ‌4623

- ‌4624

- ‌4625

- ‌4626

- ‌4627

- ‌4628

- ‌4629

- ‌4630

- ‌4631

- ‌4632

- ‌4633

- ‌4634

- ‌4635

- ‌4636

- ‌4637

- ‌4638

- ‌4639

- ‌4640

- ‌4641

- ‌4642

- ‌4643

- ‌4644

- ‌4645

- ‌4646

- ‌4647

- ‌4648

- ‌4649

- ‌4650

- ‌4651

- ‌4652

- ‌4653

- ‌4654

- ‌4655

- ‌4656

- ‌4657

- ‌4658

- ‌4659

- ‌4660

- ‌4661

- ‌4662

- ‌4663

- ‌4664

- ‌4665

- ‌4666

- ‌4668

- ‌4669

- ‌4670

- ‌4671

- ‌4672

- ‌4673

- ‌4674

- ‌4675

- ‌4676

- ‌4677

- ‌4678

- ‌4679

- ‌4680

- ‌4681

- ‌4682

- ‌4683

- ‌4684

- ‌4685

- ‌4686

- ‌4687

- ‌4688

- ‌4689

- ‌4690

- ‌4691

- ‌4692

- ‌4693

- ‌4694

- ‌4695

- ‌4696

- ‌4697

- ‌4698

- ‌4699

- ‌4700

- ‌4701

- ‌4702

- ‌4703

- ‌4704

- ‌4705

- ‌4706

- ‌4707

- ‌4708

- ‌4709

- ‌4710

- ‌4711

- ‌4712

- ‌4713

- ‌4714

- ‌4715

- ‌4716

- ‌4717

- ‌4718

- ‌4719

- ‌4720

- ‌4721

- ‌4722

- ‌4723

- ‌4724

- ‌4725

- ‌4726

- ‌4727

- ‌4728

- ‌4729

- ‌4730

- ‌4731

- ‌4732

- ‌4733

- ‌4734

- ‌4735

- ‌4736

- ‌4737

- ‌4738

- ‌4739

- ‌4740

- ‌4741

- ‌4742

- ‌4743

- ‌4744

- ‌4745

- ‌4746

- ‌4747

- ‌4748

- ‌4749

- ‌4750

- ‌4751

- ‌4752

- ‌4753

- ‌4754

- ‌4755

- ‌4756

- ‌4757

- ‌4758

- ‌4759

- ‌4760

- ‌4761

- ‌4762

- ‌4763

- ‌4764

- ‌4765

- ‌4766

- ‌4767

- ‌4768

- ‌4769

- ‌4770

- ‌4771

- ‌4772

- ‌4773

- ‌4774

- ‌4775

- ‌4776

- ‌4777

- ‌4778

- ‌4779

- ‌4780

- ‌4781

- ‌4782

- ‌4783

- ‌4784

- ‌4785

- ‌4786

- ‌4787

- ‌4788

- ‌4789

- ‌4790

- ‌4791

- ‌4792

- ‌4793

- ‌4794

- ‌4795

- ‌4796

- ‌4797

- ‌4798

- ‌4799

- ‌4800

- ‌4801

- ‌4802

- ‌4803

- ‌4804

- ‌4805

- ‌4806

- ‌4807

- ‌4808

- ‌4809

- ‌4810

- ‌4811

- ‌4812

- ‌4813

- ‌4814

- ‌4815

- ‌4816

- ‌4817

- ‌4818

- ‌4819

- ‌4820

- ‌4821

- ‌4822

- ‌4823

- ‌4824

- ‌4825

- ‌4826

- ‌4827

- ‌4828

- ‌4829

- ‌4830

- ‌4831

- ‌4833

- ‌4834

- ‌4835/ م

- ‌4836

- ‌4837

- ‌4839

- ‌4840

- ‌4841

- ‌4842

- ‌4843

- ‌4844

- ‌4845

- ‌4846

- ‌4847

- ‌4848

- ‌4849

- ‌4850

- ‌4851

- ‌4852

- ‌4853

- ‌4854

- ‌4855

- ‌4856

- ‌4857

- ‌4858

- ‌4859

- ‌4860

- ‌4861

- ‌4862

- ‌4863

- ‌4864

- ‌4865

- ‌4866

- ‌4867

- ‌4868

- ‌4869

- ‌4870

- ‌4871

- ‌4872

- ‌4873

- ‌4874

- ‌4875

- ‌4876

- ‌4877

- ‌4878

- ‌4879

- ‌4880

- ‌4881

- ‌4882

- ‌4883

- ‌4884

- ‌4885

- ‌4886

- ‌4887

- ‌4888

- ‌4889

- ‌4890

- ‌4891

- ‌4892

- ‌4893

- ‌4894

- ‌4895

- ‌4896

- ‌4897

- ‌4898

- ‌4899

- ‌4900

- ‌4901

- ‌4902

- ‌4903

- ‌4904

- ‌4905

- ‌4906

- ‌4907

- ‌4908

- ‌4909

- ‌4910

- ‌4911

- ‌4912

- ‌4913

- ‌4914

- ‌4915

- ‌4916

- ‌4917

- ‌4918

- ‌4919

- ‌4920

- ‌4921

- ‌4922

- ‌4923

- ‌4924

- ‌4925

- ‌4926

- ‌4927

- ‌4928

- ‌4929

- ‌4930

- ‌4931

- ‌4932

- ‌4933

- ‌4934

- ‌4935

- ‌4936

- ‌4937

- ‌4938

- ‌4939

- ‌4940

- ‌4941

- ‌4942

- ‌4943

- ‌4944

- ‌4945

- ‌4946

- ‌4947

- ‌4948

- ‌4949

- ‌4950

- ‌4951

- ‌4952

- ‌4953

- ‌4954

- ‌4955

- ‌4956

- ‌4957

- ‌4958

- ‌4959

- ‌4960

- ‌4961

- ‌4962

- ‌4963

- ‌4964

- ‌4965

- ‌4966

- ‌4967

- ‌4968

- ‌4969

- ‌4970

- ‌4971

- ‌4972

- ‌4973

- ‌4974

- ‌4975

- ‌4976

- ‌4977

- ‌4978

- ‌4979

- ‌4980

- ‌4981

- ‌4982

- ‌4983

- ‌4984

- ‌4985

- ‌4986

- ‌4987

- ‌4988

- ‌4989

- ‌4990

- ‌4991

- ‌4992

- ‌4993

- ‌4994

- ‌4995

- ‌4996

- ‌4997

- ‌4998

- ‌4999

- ‌5000

الفصل: "متروك". على أن عبد الجبار هذا قد روى عن شيخه ربيعة

"متروك".

على أن عبد الجبار هذا قد روى عن شيخه ربيعة ما يعود على الحديث بالنقض؛ فقال: قال ربيعة:

إذا كان الرجل حاضراً، وماله في يد غيره، فمضت له عشر سنين وهو على ذلك؛ كان المال للذي هو في يده بحيازته إياه عشر سنين؛ إلا أن يأتي الآخر ببينة على أنه أكرى أو أسكن أو أعار عارية، أو صنع شيئاً من هذا، وإلا فلا شيء له".

نقله من سبق عن الغماري.

فأقول: إذا كان المدار على البينة ولو بعد عشر سنين؛ فالأمر كذلك قبلها، فما فائدة التحديد بالعشر؟! فتأمل!

‌4854

- (اجمعوا له العالمين - أو قال: العابدين - من المؤمنين، اجعلوه شورى بينكم، ولا تقضوا فيه برأي واحد) .

ضعيف منكر

أخرجه ابن عبد البر في "الجامع"(2/ 59) من طريق إبراهيم ابن أبي الفياض البرقي قال: حدثنا سليمان بن بزيع (1) الإسكندراني قال: حدثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب قال:

قلت: يا رسول الله! الأمر ينزل بنا؛ لم ينزل فيه قرآن، ولم تمض منك فيه سنة؟ قال

فذكره. وقال:

"هذا حديث لا يعرف من حديث مالك بهذا الإسناد، ولا أصل له في

(1) الأصل في موضعين منه: (بديع) ! هو خطأ مطبعي.

ص: 431

حديث مالك عندهم ولا في حديث غيره. وإبراهيم البرقي وسليمان بن بزيع ليسا بالقويين، ولا ممن يحتج به، ولا يعول عليه".

قلت: وسليمان بن بزيع؛ قال أبو سعيد بن يونس:

"منكر الحديث"؛ كما في "الميزان".

وساق له في "اللسان" هذا الحديث من طريق ابن عبد البر، ونقل كلامه، ثم قال:

"قلت: وقال الدارقطني في "غرائب مالك": لا يصح؛ تفرد به إبراهيم بن أبي الفياض عن سليمان، ومن دون مالك ضعيف. وساقه الخطيب في كتاب "الرواة عن مالك" من طريق إبراهيم عن سليمان وقال: لا يثبت عن مالك".

قلت: وإبراهيم بن أبي الفياض؛ قال أبو سعيد بن يونس:

"روى عن أشهب مناكير، توفي سنة (245) ".

ومن طريقه: أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه"(2/ 391) أيضاً.

قلت: وفي قول ابن عبد البر المتقدم: "ولا في حديث غيره" - يعني: مالكاً - نظر! فقد تقدم نحوه من حديث غيره مختصراً بإسناد معضل، فانظر الحديث (رقم 882) :

"لا تعجلوا بالبلية قبل نزولها

".

بل رواه بتمامه نحو حديث الترجمة: الطبراني في "المعجم الأوسط"(جـ2/ ص 172/ 1618) من طريق أخرى بسند رجاله ثقات عن الوليد بن صالح عن محمد ابن الحنيفة عن علي قال:

ص: 432

قلت: يا رسول الله! إن نزل بنا أمر ليس فيه بيان: أمر ولا نهي؛ فما تأمرنا؟ قال:

"تشاورون الفقهاء والعابدين، ولا تمضوا فيه رأي خاصة". وقال الطبراني:

"لم يرو هذا الحديث عن الوليد بن صالح إلا نوح".

قلت: الوليد مجهول؛ لم يرو عنه سوى نوح بن قيس.

ومع ذلك؛ ذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 491 و 7/ 551) !

وهو مما يستدرك على الحافظ ابن حجر؛ فإنه لم يورده في "لسان الميزان" خلافاً لعادته الغالبة! ولما أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"؛ قال (1/ 179) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله موثقون من أهل (الصحيح) "!

قلت: وفيه نظر من وجهين:

الأول: أن الوليد بن صالح؛ توهم الهيثمي أنه الوليد بن صالح النخاس الضبي أبو محمد الجزري، وهو ثقة من رجال الشيخين! وليس به؛ وإنما هو الوليد ابن صالح الذي روى عنه نوح بن قيس؛ كما ذكر ذلك ابن حبان نفسه في "الثقات" كما تقدم؛ وكذلك فعل قبله الإمام البخاري في "التاريخ"، وابن أبي حاتم في "الجرح".

والآخر: أنه مجهول لا يعرف؛ كما تقدم. وتوثيق ابن حبان إياه مما لا يعتد به في مثل الوليد بن صالح هذا.

وقد اغتر بكلام الهيثمي هذا: الدكتور عبد المجيد السوسوه الشرفي في كتابه "الاجتهاد الجماعي في التشريع الإسلامي"(ص 50) ؛ فإنه نقله وسكت عليه!

ص: 433

ولا غرابة في ذلك؛ فإنه يبدو من تخريجه لأحاديث الكتاب أنه لا معرفة عنده بعلم الحديث ونقد الأسانيد، كما هي السمة الغالبة على جماهير الكتاب الإسلاميين الذين يكتبون في الأحكام الشرعية.

ومما يؤيد ذلك: أمور كثيرة لا مجال للبحث فيها الآن؛ فأكتفي بمثالين فقط:

الأول: أن هذا الحديث الذي عزاه للطبراني - نقلاً عن الهيثمي بالجزء والصفحة -؛ ذكره بلفظ حديث الترجمة، وهو مخالف للفظ الحافظ الطبراني كما تقدم.

والآخر: أنه أورد حديث:

"عليكم بالسواد الأعظم". وقال أيضاً (ص 95) :

"قال الهيثمي:

"رواه الطبراني، ورجاله ثقات، مجمع الزوائد، كتاب الخلافة، باب لزوم الجماعة (5/ 219) ""!

قلت: إنما قال الهيثمي (5/ 217-218) - وقد ساقه موقوفاً عقب حديث سأذكره قريباً -:

"رواه عبد الله بن أحمد، والبزار، والطبراني، ورجالهم ثقات".

قلت: والسياق لعبد الله بن أحمد (4/ 278،375) .

وفي سنده يحيى بن عبد ربه مولى بني هاشم؛ وهو متهم، وكذا وقع في "المسند":(عبد ربه) !

والصواب (عبد ويه) ، كما جزم به الحافظ في "التعجيل"، وله فيه ترجمة مبسطة. وقال الذهبي في "الميزان":

ص: 434

"قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال مرة: كذاب".

قلت: ومنه يتبين لنا خطأ الهيثمي من جهة، وخطأ الدكتور عبد المجيد الشرفي عليه من جهة أخرى.

أما الأول: ففي عزوه الحديث للبزار؛ فإنه ليس فيه هذه الجملة:

"عليكم بالسواد الأعظم" ولا ما بعدها؛ على ما يأتي؛ فإن لفظ الحديث من رواية المولى المذكور:

"من لم يشكر القليل؛ لم يشكر الكثير

" الحديث، وفيه:

"والتحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب". قال:

فقال أبو أمامة الباهلي:

عليكم بالسواد الأعظم. قال: فقال رجل: ما السواد الأعظم؟ فنادى أبو أمامة: هذه الآية التي في سورة النور (فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم) .

فهذه الزيادة كلها ليست عند البزار، ولا أظنها كذلك عند الطبراني؛ فإن (مسند (1) النعمان بن بشير) لم يطبع منه بعد!

وإذ قد عزاه للبزار - وهو عنده بهذا الاختصار "البحر الزخار"(8/ 226/ 3282) -؛ فقد كان الأولى أن يعزوه للإمام أحمد أيضاً؛ فإنه رواه في "المسند" في المكانين المشار إليهما عند ابنه عبد الله!

ومن المفارقات العجيبة، والموافقات الغريبة: أن الحافظ المنذري في

(1) في أصل الشيخ رحمه الله: " معجم ". (الناشر)

ص: 435

"الترغيب"(2/ 56) وافق الهيثمي في عزو الحديث لعبد الله بن أحمد دون أبيه، لكنه في الوقت نفسه فارقه في متنه؛ فإنه ساقه بلفظ أحمد دون ابنه!!

هذا ما يتعلق بخطأ الهيثمي.

وأما ما يتعلق بخطأ الدكتور عبد المجيد عليه؛ فهو من ناحيتين:

الأولى: أنه عزا الحديث إليه مرفوعاً، وهو عنده موقوف كما رأيت.

والأخرى: أنه عزاه للطبراني، وهو عنده معزو لعبد الله بن أحمد، والبزار أيضاً، وقد عرفت ما في ذلك من الخطأ!

على أن هذا الموقوف قد روي مرفوعاً من غير هذه الطريق بأسانيد واهية، تراها مخرجة في "ظلال الجنة" تحت رقم (80)(1) .

وخطؤه هذا يجرني إلى الكشف عن بعض أخطائه في الفقه الذي عنون له: "الاجتهاد الجماعي في التشريع الإسلامي" كما تقدم، وقد استعان فيه بالنقل عن بعض العلماء والكتاب والدكاترة المعاصرين الذين سبقوه بالدندنة حول هذا الموضوع، مثل الشيخ عبد الوهاب خلاف، والدكتور يوسف القرضاوي، والزحيلي، وأمثالهم، وقد كنت قديماً قرأت لبعضهم بعض المقالات في هذا المجال، والذي يهمني الآن - بمناسبة حديث الترجمة - الأمور التالية:

أولاً: عرف الدكتور الشرفي الاجتهاد الجماعي في الكتاب بقوله (ص 46) :

(1) وإنما صح بلفظ: " لا تجتمع أمتي على ضلالة "، وهو مخرج هناك. وقد عزاه الدكتور للطبراني. وقال أيضا - تقليدا للهيثمي -:

" ورجاله ثقات "!

ص: 436

"استفراغ أغلب الفقهاء الجهد لتحصيل ظن بحكم شرعي بطريق الاستنباط، واتفاقهم جميعاً أو أغلبهم على الحكم بعد التشاور"!

وعزاه لجمع من الأصوليين المتأخرين، ونقل عن السبكي:

أن الفقيه عندهم هو المجتهد، والفقه هو الاجتهاد (ص 45) !

فأقول: هذا شيء جميل ومهم لو كان ممكناً تحقيقه، وأما وقد جاء بقيدين - أحدهما أبعد عن الإمكان من الآخر -؛ فإن قوله:"أغلب الفقهاء"! كيف يمكن اليوم معرفتهم مع تفريقهم في البلاد الإسلامية الشاسعة؟! ثم كيف يمكن جمعهم في مكان واحد حتى يتشاوروا في الحكم؟!

على أن قوله: "واتفاقهم جميعاً"؛ فهذا أبعد عن التحقيق من الذي قبله، خاصة في هذا الزمن الذي قل فيه المجتهدون اجتهاداً فردياً مع توفر شروط الاجتهاد؛ التي تكلم عنها كلاماً جيداً الدكتور الشرفي (ص 63-70) ! ولعله لذلك أتبعه بقوله معطوفاً عليه:"أو أغلبهم"! فهذا الاجتهاد الجماعي أشبه ما يكون بالاجتهاد الفردي المجمع عليه في تعريف علماء الأصول، وأصعب تحقيقاً.

ثانياً: لو أمكن تحقيق مثل هذا الاجتهاد؛ لكان - في زعمي - البحث فيه سابقاً لأوانه، وذلك لعدم وجود خليفة للمسلمين يأخذ بحكمهم إذا اتفقوا، وهذا - مع الأسف الشديد - شرط مفقود في زمننا هذا!

ثالثاً: لماذا الاهتمام ببذل الجهود لتحقيق "الاجتهاد الجماعي"، والاهتمام البالغ بالدعوة إليه؛ مع أنه فرع يبنى على الكتاب والسنة؛ لأنهما الأصلان في الشريعة الإسلامية اتفاقاً؟! ومن المعلوم أن القرآن الكريم تفسره السنة (1) ، والسنة قد

(1) انظر كتاب الدكتور: " الاجتهاد الجماعي "(ص 64) .

ص: 437

دخل فيها ما ليس منها من الأحاديث المنكرة والواهية، مما هو معلوم أيضاً عند العلماء كافة! وقد نقل الدكتور نفسه - تحت الشرط الثالث من شروط صحة الاجتهاد:(معرفة السنة)(ص 65) - عن الشوكاني أنه قال:

"والحق الذي لا شك فيه ولا شبهة أن المجتهد لا بد أن يكون عالماً بما اشتملت عليه المسانيد والمستخرجات، والكتب التي التزم مصنفوها الصحة

وأن يكون له تمييز بين الصحيح منها والحسن والضعيف، ولو بالبحث في كتب الجرح والتعديل وكتب العلل؛ ومجاميع السنة التي صنفها أهل الفن؛ كالأمهات الستة، وما يلحق بها".

قلت: فلماذا لا يهتم هؤلاء العلماء والكتاب بالدعوة إلى إقامة مؤتمر يجتمع فيه ما أمكن من المحدثين المعروفين بتخصصهم في علم الحديث الشريف، وقدرتهم على تمييز صحيحه من ضعيفه؛ لأن هؤلاء - وإن اختلفوا في بعض الأحاديث، كما هو الشأن في (الاجتهاد الجماعي) -؛ فلا شك أنهم سيتفقون على أكثر الأحاديث تصحيحاً أو تضعيفاً؟! وهذا شرط أساسي للاجتهاد، فيمكن - والحالة هذه - أن يؤخذ برأي الأكثر؛ لأنه - بلا شك، كما قال الدكتور نفسه في غير ما موضع من بحثه - أن رأي الاثنين خير من رأي الواحد أو أقوى منه.

وأنا أستغرب جداً ألا أرى أحداً من هؤلاء الباحثين والكاتبين يشير - أدنى إشارة على الأقل - إلى هذا الأصل المجمع عليه بين المسلمين، وانشغالهم بالفرع عن الأصل! وهذا إن دل على شيء - كما يقولون اليوم -؛ فإنما يدل على إهمال جماهير الكتاب في العصر الحاضر - حول المسائل الشرعية قديمها وحديثها - الاهتمام في استدلالهم بالسنة بما صح منها دون ما ضعف، فأحسنهم حالاً هو الذي يذكر الحديث ويخرجه بأن يقول: رواه فلان وفلان، دون أن يبين مرتبته من

ص: 438

الصحة! والسبب واضح؛ وهو أنهم (لا يعلمون) ، ولكن هذا ليس عذراً لهم؛ لأن بإمكانهم أن يستعينوا بأهل الاختصاص من المعروفين بتخصصهم في علم الحديث، والعارفين بصحيحه وضعيفه، سواء كانوا من الأئمة السابقين كالإمام أحمد والبخاري ومسلم ونحوهم، أو من الحفاظ اللاحقين كالحافظ الزيلعي والذهبي والعراقي والعسقلاني وأمثالهم.

كما ذكر الدكتور الباحث؛ في الذين يقترح حضورهم في مؤتمر (الاجتهاد الجماعي)، فقد ذكر (ص 74) :

"بأنه لا يشترط في كل فرد منهم أن يكون عالماً بالشرع، فيكون منهم الاقتصادي والعسكري والسياسي والاجتماعي ونحوه (1)

فهذه المجموعة يتشاورون مع بعضهم؛ كل في حدود اختصاصه ومجاله، ثم يصدرون حكماً يعتمدونه"!

قلت: فأولى بهؤلاء الكتاب والباحثين في العصر الحاضر أن يلتزموا ما هو أهم من حضور الاقتصادي والسياسي في المؤتمر المنشود، ألا وهو استحضارهم لأهل الاختصاص في الحديث، والاعتماد عليهم في تصحيحهم وتضعيفهم، وليس الإعراض عن ثمرة علم الحديث بالاكتفاء بما أشرت إليه آنفاً من تخريجهم للحديث دون بيان المرتبة! وقد أشار الدكتور عبد المجيد (ص 65) إلى شيء من هذا بقوله:

(1) تأمل كيف ذكر هؤلاء المتخصصين، ولم يذكر المتخصصين في الحديث الذين هم الأصل في الفقه!! كما أشار إلى ذلك الإمام الشافعي بقوله للإمام أحمد:

" أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح؛ فأعلموني به أي شيء يكون: كوفيا أو بصريا أو شاميا؛ حتى أذهب إليه إذا كان صحيحاً ". انظر تخريجه في " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "(ص 51) .

ص: 439

"ويلزم المجتهد أن يكون على علم بمصطلح الحديث ورجاله، ولا يجب أن يكون في درجة أهل الفن - فن الحديث - أنفسهم، وإنما يكفيه أن يعتمد على ما انتهى إليه أهل هذا الفن"!

فأنت ترى أنه أعرض عن ذكر حضورهم مع ذكرهم من الاقتصاديين وغيرهم، فجعلهم دونهم في شرطية الحضور، مع أنهم هم العمدة قبل كل ما أشرنا إليهم؛ وغيرهم ممن ذكرهم معهم؛ فإن في حضورهم ما يكشف عن علل بعض الأحاديث التي لا يعرفها - أو على الأقل: لا ينتبه لها - إلا المختصون في الحديث.

ولا أذهب بالقراء بعيداً؛ فهذا هم المثال بين أيديهم؛ لقد استدل الدكتور الشرفي بحديث الترجمة؛ وحديث: "السواد الأعظم"، وهما واهيان كما تقدم.

قد يقال: إنه اعتمد على الهيثمي في تخريجه.

لكن خفي على الدكتور أن ذلك لا يعني أن كلاً من الحديثين صحيح، على أخطاء وقعت له وللدكتور سبق بيانها.

ومثله كثير ممن يتوهم من مثل هذا التخريج تصحيح الحديث؛ وليس كذلك، كما بينته في غير ما موضع من كتبي، فانظر مثلاً مقدمة "صحيح الترغيب والترهيب" من المجلد الأول؛ وقد سبق أن طبع مرتين، وهو تحت الطبع مجدداً، مع إضافات كثيرة وفوائد غزيرة مع بقية المجلدات، وسيكون ذلك بين القراء قريباً، إن شاء الله (1) .

على أن الدكتور غفل عن دلالة قوله في الحديث:

(1) وقد صدر - ولله الحمد - في خمسة مجلدات: ثلاثة في " الصحيح "، واثنان في " الضعيف ". (الناشر)

ص: 440

"لا تقضوا فيه برأي واحد"؛ أنه منكر لمخالفته للإجماع العملي الذي سار عليه العلماء والقضاة من الإفتاء والقضاء برأي العالم الواحد في القرون الأولى المشهود لها بالخيرية! والآثار في ذلك كثيرة شهيرة،ذكر الكثير الطيب منها الإمام ابن قيم الجوزية في شرحه لكتاب عمر إلى القاضي شريح في كتابه العظيم "إعلام الموقعين عن رب العالمين".

بل أن الحديث هذا يبطل الاجتهاد الجماعي من حيث لا يدري الدكتور ولا يشعر، مع أنه اشترط في غير ما موضع أن يكون أعضاء (الاجتهاد الجماعي) الذين لهم حق الترجيح مجتهدين،ولو اجتهاداً جزئياً على الأقل! انظر (ص 106،107،127) .

على أنني أرى أن هذا الشرط - مع كونه شرطاً أساسياً للاجتهاد- يستلزم معرفة السنة، وتمييز صحيحها من ضعيفها كما قدمنا، والتفقه فيها؛ ولكن أكثر هؤلاء الدكاترة والكتاب - مع الأسف - لا عناية عندهم بشيء من هذا.

وأضرب على ذلك مثلاً في مسألة اتفق الأئمة الأربعة وغيرهم على تحريمها، ألا وهي الغناء وآلات الطرب، يحضرني الآن منهم ثلاثة من المشهورين في العصر الحاضر بأنهم من العلماء:

أولهم: الشيخ محمد أبو زهرة؛ حيث قال:

"إذا لم يكن في الغناء ما يثير الغريزة الجنسية؛ فإننا لا نجد موجباً لتحريمه"!

وثانيهم: الشيخ محمد الغزالي - وقد توفي قبل شهور غفر الله له -؛ فإنه جرى على منوال أبي زهرة هذا، بل وتوسع في ذلك كثيراً، واستدل بأحاديث ضعيفة، وضعف الأحاديث الصحيحة في التحريم وغيره مما اتفق العلماء على صحتها،

ص: 441

وبعضها في "الصحيحين"؛ حتى إنه لم يخجل أن يصرح بأنه يستمع لأغاني أم كلثوم وفيروز، لكن بنية حسنة!!!

ثالثهم: الشيخ يوسف القرضاوي؛ الذي لم يتورع بأن يحكم على حديث البخاري في تحريم آلات الطرب بأنه موضوع؛ تقليداً منه لابن حزم، مع اتفاق علماء الحديث قديماً وحديثاً على تصحيحه، والرد على ابن حزم بأدلة قوية لا مرَّد لها (1)، هذا مع أنه يردد كثيراً في بحثه في الاجتهاد الجماعي: أن رأي الاثنين أقوى من رأي الواحد، فما باله خالف هذا، وأعرض عن الحجج الصحيحة، وتبنى تحليل ما حرم الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

لذلك أقول: إن تحمس هؤلاء للاجتهاد الجماعي - وهم لا يحسنون الاجتهاد الفردي - سابق لأوانه، وسيكون شره أكثر من خيره!!

ولذلك؛ فإني أنصح هؤلاء بأن يتمرسوا على الاجتهاد الفردي؛ تمهيداً لما يدعون إليه من الاجتهاد الجماعي، علماً بأن الأول أسهل من الآخر بكثير؛ فإنهم سيجدون فيه ما قيل في المسألة، وما استدل لكل قول فيها، بخلاف الاجتهاد الجماعي؛ فإنه يصرحون بأن مجاله ما حدث من المسائل التي لم يتكلم فيها العلماء السابقون؛ وذلك بدراسة الكتاب والسنة - على ما وصفنا - وأقوال السلف؛ فإنها نبراس يستضيء به من أراد فهم الكتاب والسنة على الوجه الصحيح. ولهذا قال الإمام محمد بن الحسن رحمه الله:

"من كان عالماً بالكتاب والسن، وبقول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما

(1) ونجد الرد على هؤلاء، وغيرهم ممن جروا على سننهم في كتابي الجديد " تحريم آلات الطرب "؛ وقد طبع بحمد الله وتوفيقه.

ص: 442

استحسن فقهاء المسلمين؛ وسعه أن يجتهد رأيه فيما ابتلي به، ويقضي به ويمضيه في صلاته وصيامه وحجه، وجميع ما أمر به ونهي عنه، فإذا اجتهد ونظر وقاس على ما أشبه ولم يأل، وسعه العمل بذلك، وإن أخطأ الذي ينبغي أن يقول به"؛ كما في "إعلام الموقعين" (1/ 75) .

ونحوه قول الإمام الشافعي:

"ولا يكون لأحد أن يقيس حتى يكون عالماً بما مضى قبل من السنن وأقاويل السلف، وإجماع الناس واختلافهم". نقله الدكتور عبد المجيد (ص 72) عن الشافعي في "الرسالة".

وقد صرح الدكتور تحت عنوان: (شرط عضو الاجتهاد الجماعي)(ص 73) ؛ واستنكر الرأي الذي ذهب القائل به إلى عدم اشتراط شروط الاجتهاد في أعضاء الاجتهاد الجماعي؛ فقال:

"إذ كيف يجتهد وينظر في الأدلة ويستنبط الأحكام من ليس مجتهداً؟! "! قال:

"وقد أشار الشيخ عبد الوهاب خلاف إلى هذا؛ فقال: ولا يسوغ الاجتهاد بالرأي لجماعة؛ إلا إذا توفرت في كل فرد من أفرادها شرائط الاجتهاد ومؤهلاته".

وختاماً أقول: لقد كرروا الشكوى من الاجتهادات الفردية، التي يقوم بها من ليس أهلاً للاجتهاد، وهم على حق في ذلك، وقد قدمت بعض الأمثلة في ذلك قريباً، كما أنهم أبدوا تخوفهم من مثل ذلك أن يقع في الاجتهاد الجماعي، بل لقد أبدى بعضهم خوفه من تسلط بعض الدول الإسلامية، أو سلطات كبرى على "المجمع" وتعيين أعضائه، بل ذكر أن شيئاً من ذلك وقع في بعض المجامع الفقيهة وهي اليوم ثلاثة:

ص: 443

1-

مجمع البحوث الإسلامية؛ بالقاهرة.

2-

مجمع الفقه الإسلامي؛ بمكة المكرمة.

3-

مجمع الفقه الإسلامي؛ بجدة.

فقال الدكتور عبد المجيد في أحد هذه المجامع (ص 140) :

"إلا أن الشيخ مصطفى الرزقا يرى أن هذا المجمع "لا تدل قرائن الحال على جديته في تنفيذ الفكرة على الصورة الصحيحة المنشودة".

ويعيب الدكتور توفيق الشاوي على هذا المجمع: أن الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي احتفظت لها بسلطات كبرى على المجمع وتعيين أعضائه، وحصرت حق المجمع في أن لا يعين أو يختار من أعضائه إلا فيما لا يزيد عن ربع عدد الأعضاء الذين يمثلون دولهم، وهذا جعل المراقبين يعتقدون أن الدول الأعضاء تحرص على فرض سيطرتها على المجمع، وتوجيه قراراته لصالح سياساتها، من خلال جعل الأعضاء المعينين من قبلها يصدرون ما تملي عليهم تلك الدول

وكان ينبغي أن يتم اختيار الأعضاء عبر لجنة تحضيرية من العلماء يمثلون كل الدول، ولا يخضعون لأي نظام سياسي"!!

وهذا الذي خافوه إذا توحدت هذه المجامع - كما يريدون - سيقع فيه من الضرر أكثر مما وقع من بعض الاجتهادات الفردية،ذلك؛ لأن هذه الاجتهادات لا تصبح قانوناً عاماً بالنسبة لكافة المسلمين، كما يريد دعاة الاجتهاد الجماعي أن يجعلوه قانوناً عاماً!!

وليت شعري؛ ما الذي يشجع هؤلاء على الدعوة إلى إقامة مؤتمر الاجتهاد الجماعي وفرضه على الحكومات الإسلامية، وهم يعلمون أن أكثرها قد عطلت

ص: 444