المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(1/ 227) ، وابن أبي الدنيا في "الصبر" (ق 47/ - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - جـ ١٠

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌4501

- ‌4502

- ‌4503

- ‌4504

- ‌4505

- ‌4506

- ‌4507

- ‌4508

- ‌4509

- ‌4510

- ‌4511

- ‌4512

- ‌4513

- ‌4514

- ‌4515

- ‌4516

- ‌4517

- ‌4518

- ‌4519

- ‌4520

- ‌4521

- ‌4522

- ‌4523

- ‌4524

- ‌4525

- ‌4526

- ‌4527

- ‌4528

- ‌4529

- ‌4530

- ‌4531

- ‌4532

- ‌4533

- ‌4534

- ‌4536

- ‌4537

- ‌4538

- ‌4539

- ‌4540

- ‌4541

- ‌4542

- ‌4543

- ‌4544

- ‌4545

- ‌4546

- ‌4547

- ‌4548

- ‌4549

- ‌4550

- ‌4551

- ‌4552

- ‌4553

- ‌4554

- ‌4555

- ‌4556

- ‌4557

- ‌4558

- ‌4559

- ‌4560

- ‌4561

- ‌4562

- ‌4563

- ‌4564

- ‌4565

- ‌4566

- ‌4567

- ‌4568

- ‌4569

- ‌4570

- ‌4571

- ‌4572

- ‌4573

- ‌4574

- ‌4575

- ‌4576

- ‌4577

- ‌4578

- ‌4579

- ‌4580

- ‌4581

- ‌4582

- ‌4583

- ‌4584

- ‌4585

- ‌4586

- ‌4587

- ‌4588

- ‌4589

- ‌4590

- ‌4591

- ‌4592

- ‌4593

- ‌4594

- ‌4595

- ‌4596

- ‌4597

- ‌4598

- ‌4599

- ‌4600

- ‌4601

- ‌4602

- ‌4603

- ‌4604

- ‌4605

- ‌4606

- ‌4607

- ‌4608

- ‌4609

- ‌4610

- ‌4611

- ‌4612

- ‌4613

- ‌4613 / م

- ‌4614

- ‌4615

- ‌4616

- ‌4617

- ‌4618

- ‌4619

- ‌4620

- ‌4621

- ‌4622

- ‌4623

- ‌4624

- ‌4625

- ‌4626

- ‌4627

- ‌4628

- ‌4629

- ‌4630

- ‌4631

- ‌4632

- ‌4633

- ‌4634

- ‌4635

- ‌4636

- ‌4637

- ‌4638

- ‌4639

- ‌4640

- ‌4641

- ‌4642

- ‌4643

- ‌4644

- ‌4645

- ‌4646

- ‌4647

- ‌4648

- ‌4649

- ‌4650

- ‌4651

- ‌4652

- ‌4653

- ‌4654

- ‌4655

- ‌4656

- ‌4657

- ‌4658

- ‌4659

- ‌4660

- ‌4661

- ‌4662

- ‌4663

- ‌4664

- ‌4665

- ‌4666

- ‌4668

- ‌4669

- ‌4670

- ‌4671

- ‌4672

- ‌4673

- ‌4674

- ‌4675

- ‌4676

- ‌4677

- ‌4678

- ‌4679

- ‌4680

- ‌4681

- ‌4682

- ‌4683

- ‌4684

- ‌4685

- ‌4686

- ‌4687

- ‌4688

- ‌4689

- ‌4690

- ‌4691

- ‌4692

- ‌4693

- ‌4694

- ‌4695

- ‌4696

- ‌4697

- ‌4698

- ‌4699

- ‌4700

- ‌4701

- ‌4702

- ‌4703

- ‌4704

- ‌4705

- ‌4706

- ‌4707

- ‌4708

- ‌4709

- ‌4710

- ‌4711

- ‌4712

- ‌4713

- ‌4714

- ‌4715

- ‌4716

- ‌4717

- ‌4718

- ‌4719

- ‌4720

- ‌4721

- ‌4722

- ‌4723

- ‌4724

- ‌4725

- ‌4726

- ‌4727

- ‌4728

- ‌4729

- ‌4730

- ‌4731

- ‌4732

- ‌4733

- ‌4734

- ‌4735

- ‌4736

- ‌4737

- ‌4738

- ‌4739

- ‌4740

- ‌4741

- ‌4742

- ‌4743

- ‌4744

- ‌4745

- ‌4746

- ‌4747

- ‌4748

- ‌4749

- ‌4750

- ‌4751

- ‌4752

- ‌4753

- ‌4754

- ‌4755

- ‌4756

- ‌4757

- ‌4758

- ‌4759

- ‌4760

- ‌4761

- ‌4762

- ‌4763

- ‌4764

- ‌4765

- ‌4766

- ‌4767

- ‌4768

- ‌4769

- ‌4770

- ‌4771

- ‌4772

- ‌4773

- ‌4774

- ‌4775

- ‌4776

- ‌4777

- ‌4778

- ‌4779

- ‌4780

- ‌4781

- ‌4782

- ‌4783

- ‌4784

- ‌4785

- ‌4786

- ‌4787

- ‌4788

- ‌4789

- ‌4790

- ‌4791

- ‌4792

- ‌4793

- ‌4794

- ‌4795

- ‌4796

- ‌4797

- ‌4798

- ‌4799

- ‌4800

- ‌4801

- ‌4802

- ‌4803

- ‌4804

- ‌4805

- ‌4806

- ‌4807

- ‌4808

- ‌4809

- ‌4810

- ‌4811

- ‌4812

- ‌4813

- ‌4814

- ‌4815

- ‌4816

- ‌4817

- ‌4818

- ‌4819

- ‌4820

- ‌4821

- ‌4822

- ‌4823

- ‌4824

- ‌4825

- ‌4826

- ‌4827

- ‌4828

- ‌4829

- ‌4830

- ‌4831

- ‌4833

- ‌4834

- ‌4835/ م

- ‌4836

- ‌4837

- ‌4839

- ‌4840

- ‌4841

- ‌4842

- ‌4843

- ‌4844

- ‌4845

- ‌4846

- ‌4847

- ‌4848

- ‌4849

- ‌4850

- ‌4851

- ‌4852

- ‌4853

- ‌4854

- ‌4855

- ‌4856

- ‌4857

- ‌4858

- ‌4859

- ‌4860

- ‌4861

- ‌4862

- ‌4863

- ‌4864

- ‌4865

- ‌4866

- ‌4867

- ‌4868

- ‌4869

- ‌4870

- ‌4871

- ‌4872

- ‌4873

- ‌4874

- ‌4875

- ‌4876

- ‌4877

- ‌4878

- ‌4879

- ‌4880

- ‌4881

- ‌4882

- ‌4883

- ‌4884

- ‌4885

- ‌4886

- ‌4887

- ‌4888

- ‌4889

- ‌4890

- ‌4891

- ‌4892

- ‌4893

- ‌4894

- ‌4895

- ‌4896

- ‌4897

- ‌4898

- ‌4899

- ‌4900

- ‌4901

- ‌4902

- ‌4903

- ‌4904

- ‌4905

- ‌4906

- ‌4907

- ‌4908

- ‌4909

- ‌4910

- ‌4911

- ‌4912

- ‌4913

- ‌4914

- ‌4915

- ‌4916

- ‌4917

- ‌4918

- ‌4919

- ‌4920

- ‌4921

- ‌4922

- ‌4923

- ‌4924

- ‌4925

- ‌4926

- ‌4927

- ‌4928

- ‌4929

- ‌4930

- ‌4931

- ‌4932

- ‌4933

- ‌4934

- ‌4935

- ‌4936

- ‌4937

- ‌4938

- ‌4939

- ‌4940

- ‌4941

- ‌4942

- ‌4943

- ‌4944

- ‌4945

- ‌4946

- ‌4947

- ‌4948

- ‌4949

- ‌4950

- ‌4951

- ‌4952

- ‌4953

- ‌4954

- ‌4955

- ‌4956

- ‌4957

- ‌4958

- ‌4959

- ‌4960

- ‌4961

- ‌4962

- ‌4963

- ‌4964

- ‌4965

- ‌4966

- ‌4967

- ‌4968

- ‌4969

- ‌4970

- ‌4971

- ‌4972

- ‌4973

- ‌4974

- ‌4975

- ‌4976

- ‌4977

- ‌4978

- ‌4979

- ‌4980

- ‌4981

- ‌4982

- ‌4983

- ‌4984

- ‌4985

- ‌4986

- ‌4987

- ‌4988

- ‌4989

- ‌4990

- ‌4991

- ‌4992

- ‌4993

- ‌4994

- ‌4995

- ‌4996

- ‌4997

- ‌4998

- ‌4999

- ‌5000

الفصل: (1/ 227) ، وابن أبي الدنيا في "الصبر" (ق 47/

(1/ 227) ، وابن أبي الدنيا في "الصبر"(ق 47/ 1) ، والخرائطي في "فضيلة الشكر"(ق 129/ 1) ، والبيهقي في "الشعب"(4/ 115/ 4482)، وابن عساكر في "التاريخ" (14/ 127/ 1) من طريق معاوية بن صالح عن أبي حلبس يزيد بن ميسرة أنه سمع أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول

فذكره. وقال الحاكم:

"صحيح على شرط البخاري"! ووافقه الذهبي!! وقال أبو نعيم:

"تفرد به معاوية بن صالح عن أبي حلبس".

قلت: وهو مجهول الحال؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 288) برواية معاوية بن صالح عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وروى عنه أيضاً صفوان بن عمرو؛ كما في "التعجيل"، وذكره ابن حبان في "الثقات" على قاعدته في توثيق المجهولين!

قلت: ومن ذلك تعلم خطأ تصحيح الحاكم والذهبي؛ فإن أبا حلبس هذا لم تثبت عدالته، فضلاً عن أنه لم يخرج له البخاري مطلقاً، بل ولا أحد من سائر الستة!

وكذا معاوية بن صالح؛ لم يخرج له البخاري!

‌4992

- (نعم - وأبيك! - لتنبأن) .

منكر

أخرجه مسلم (8/ 2) ، وابن ماجه (2/ 157)، وأبو يعلى (10/ 480/ 6092) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة - وهذا في "المصنف" (8/ 541) -: حدثنا شريك عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال:

ص: 750

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! نبئني من أحق الناس مني بحسن الصحبة؟ فقال

فذكره.

"أمك". قال: ثم من؟ قال:

"ثم أمك". قال: ثم من؟ قال:

"ثم أمك". قال: ثم من؟ قال:

"ثم أبوك". قال: نبئني يا رسول الله! عن مالي كيف أتصدق فيه؟ قال:

"نعم - والله! - لتنبأن: تصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل العيش وتخاف الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت نفسك ههنا؛ قلت: مالي لفلان، ومالي لفلان، وهو لهم وإن كرهت".

والسياق لابن ماجه وأبي يعلى.

وليس عند مسلم - وكذا ابن أبي شيبة - قضية الصدقة؛ إلا من طريق أخرى عن عمارة.

وكذلك هي عند أحمد كما يأتي؛ إلا أن هذا أخرج القضية الأولى من طريق أخرى عن شريك فقال (2/ 391) : حدثنا أسود بن عامر: حدثنا شريك به؛ إلا أنه قال

فذكر القضية الأولى وقال فيها:

"نعم - والله! - لتنبأن"؛ كما في القضية الثانية عند ابن ماجه.

وخالفه ابن أبي شيبة، وعنه مسلم؛ فقال:

"وأبيك" مكان: "والله"!

ص: 751

وهذا من أوهام شريك عندي، والصواب رواية الأسود إن كانت محفوظة عن عمارة في هذه الجملة؛ لأنها لم ترد عند الثقات كما يأتي. وقال الحافظ في "الفتح" (10/ 329-330) عقبها:

"فلعلها تصحفت"!

وأقول: بل الأقرب أنها من شريك نفسه - وهو ابن عبد الله القاضي -؛ فإنه سيىء الحفظ، فاضطرب في ضبط هذه الجملة، فقال مرة:

"والله". وأخرى:

"وأبيه".

وقد تابعه فيها في القضية الثانية: ابن فضيل عن عمارة بلفظ:

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال:

"أما - وأبيك! - لتنبأنه: أن تصدق

" الحديث.

أخرجه أحمد (2/ 231) : حدثنا محمد بن فضيل به.

وأخرجه مسلم (3/ 93) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير قالا: حدثنا ابن فضيل به.

ومن هذا الوجه رواه البخاري في "الأدب المفرد"(778) .

وخالفهم أحمد بن حرب فقال: حدثنا محمد بن فضيل به؛ دون قوله:

"أما - وأبيك! - لتنبأنه".

أخرجه النسائي (2/ 125) .

ص: 752

وتابعه أبو كريب: أخبرنا محمد بن فضيل به.

أخرجه أبو يعلى (11/ 482) .

وتابعه في بعضه جرير بن عبد الحميد عن عمارة بن القعقاع به؛ دون قوله:

"أما - وأبيك! -

".

أخرجه أحمد (2/ 250) : حدثنا جرير به.

ومن طريقه: ابن حبان (3324) .

وأخرجه مسلم (3/ 93)، وابو يعلى (4/ 1444) من طريق زهير بن حرب: حدثنا جرير به؛ مثل رواية أحمد بن حرب؛ ليس فيه:

"أما - وأبيك! - لتنبأنه".

وكذلك رواه عبد الواحد بن زياد: حدثنا عمارة بن القعقاع بن شرمبة به.

أخرجه أحمد (2/ 415) ، والبخاري (3/ 221) ، ومسلم (3/ 94) .

وتابعه سفيان الثوري عن عمارة به.

أخرجه أحمد (2/ 447) ، والبخاري (5/ 387) ، والنسائي (1/ 353) ، وابن حبان (434) .

هذا ما يتلعق بالقضية الثانية.

وأما الأولى؛ فقد خالفه جرير أيضاً؛ فرواه عن عمارة به؛ دون قوله:

"نعم - وأبيك! - لتنبأن".

أخرجه البخاري (10/ 329) ، ومسلم (8/ 2) ، وأبو يعلى (10/ 468) ، وابن

ص: 753

حبان (1435،3301،3324 - الإحسان) .

قلت: ويتحرر عندي من هذا التخريج أنه قد اختلف على عمارة بن القعقاع في ذكر الحلف بالأب: فتفرد بذكره شريك ومحمد بن فضيل، على خلاف في ذلك عليهما، ولم يذكره جرير بن عبد الحميد، وعبد الواحد بن زياد، وسفيان الثوري عن عمارة.

والقلب يطمئن لروايتهم؛ لأنهم أكثر وأحفظ. زد على ذلك أنه لم يختلف عليهم في ذلك؛ بخلاف شريك وابن فضيل؛ فقد اختلف الرواة في ذلك عليهما كما رأيت، وذلك مما يضعف الثقة بزيادتهما على الثقات.

وإذا لم يكن هذا كافياً في ترجيح رواية الأكثر عن عمارة بن القعقاع؛ فلا أقل من التوقف في ترجيح رواية شريك وابن فضيل المخالفة لهم.

ولكن الأمر ينعكس تماماً حينما نجد لعمارة متابعين عن أبي زرعة، لم يذكروا في الحديث الحلف مطلقاً، وهما:

1-

عبد الله بن شبرمة عن أبي زرعة بن عمرو عن أبي هريرة بالقضية الأولى.

أخرجه مسلم، وأحمد (2/ 327-328) ، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (5) ، وابن عدي في "الكامل"(6/ 2241) من طرق عنه.

2-

يحيى بن أيوب: حدثنا أبو زرعة به.

أخرجه عبد الله بن المبارك في "البر والصلة" رقم (6) ، وعنه أحمد (2/ 402) ، والبخاري في "الأدب"(6) .

وسنده صحيح على شرط الشيخين.

ص: 754

وعلقه - مع الذي قبله - البخاري في "صحيحه" بصيغة الجزم.

قلت: فاتفاق هذين الثقتين - مع رواية الأكثر عن عمارة - لا يدع شكاً في أن روايتهم هي الأرجح.

ومن ذلك؛ يتبين أن زيادة الحلف بالأب في هذا الحديث زيادة شاذة غير محفوظة.

وإن مما يؤكد ذلك: أن الحديث قد جاء من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، مثل رواية الجماعة عن أبي زرعة

ليس فيه الحلف بالأب.

أخرجه ابن المبارك (رقم 5) ، والبخاري في "الأدب المفرد"(3) ، وعبد الرزاق في "المصنف"(20121) ، وغيرهم، وحسنه الترمذي، وهو مخرج في "المشكاة"، و"الإرواء"(837،2170) .

واعلم أن الغرض من هذا البحث إنما هو مجرد التثبت من هذه الزيادة؛ هل صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالذات أم لا؟ وليس لأنه معارض للأحاديث الكثيرة المصرحة بالنهي عن الحلف بغير الله؛ فإنه لو صح فالجواب عنه معروف من وجوه ذكرها الحافظ وغيره، ويكفي في ذلك قاعدة:(القول مقدم على الفعل عند التعارض) .

ولقد أوحى إلي هذا البحث وجوب إعادة النظر في الزيادة المشابهة لهذه؛ والتي وقعت في حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال:

جاء رجل (وفي رواية: أعرابي) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد، ثائر الرأس، نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا؛ فإذا هو يسأل عن الإسلام (وفي رواية: فقال: يا رسول الله! أخبرني ماذا فرض الله علي من

ص: 755

الصلاة) ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"خمس صلوات في اليوم والليلة". فقال: هل علي غيرها؟ قال:

"لا؛ إلا أن تطوع". (قلت: ثم سأل عن الصيام والزكاة، وفيه) فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام، قال: هل علي غيرها؟ قال:

"لا؛ إلا أن تطوع". قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله! لا أزيد على هذا ولا أنقص [مما فرض الله علي شيئاً] ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أفلح إن صدق".

أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" - والسياق للبخاري، مع رواياته وزياداته حسبما جاء في كتابي "مختصر البخاري" رقم (36) -؛ أخرجاه من طريق مالك عن أبي سهيل عن أبيه عن طلحة

وكذلك أخرجه أبو داود وغيره عن مالك، وهو مخرج في كتابي "صحيح أبي داود" برقم (414) .

وقد تابعه إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل به.

أخرجاه أيضاً من حديث قتيبة بن سعيد: حدثنا إسماعيل بن جعفر به.

أخرجه البخاري في موضعين (4/ 82 و 12/ 278) عن قتيبة به.

وأما مسلم فقال: حدثني يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد جميعاً عن إسماعيل بن جعفر

لم يسق الحديث؛ وإنما قال:

بهذا الحديث، نحو حديث مالك؛ غير أنه قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلح - وأبيه! - إن صدق". أو: "دخل الجنة - وأبيه! - إن صدق".

ص: 756

قلت: فزاد في الحديث: "وأبيه"، مع تردده في قوله:"أفلح"، أو:"دخل الجنة"!

وظاهره أنه من يحيى وقتيبة معاً؛ وعليه؛ فقد وقع فيه خلاف حول هذه الزيادة بين ثلاث طوائف:

الأولى: البخاري ومسلم؛ في روايتهما عن قتيبة بن سعيد.

الثانية: بين قتيبة وغيره من جهة، ويحيى بن أيوب وغيره من جهة أخرى؛ في الرواية عن إسماعيل بن جعفر.

الثالثة: بين مالك وإسماعيل بن جعفر.

وبيان هذا الإجمال على ما يلي:

أما الأولى؛ فالبخاري لم يذكر في روايته عن قتيبة تلك الزيادة؛ خلافاً لمسلم على ظاهر روايته، ولم أجد - فيما وقفت عليه الآن من الروايات - متابعاً لأي منهما؛ إلا أنه مما لا شك فيه أن البخاري مقدم في حفظه وإتقانه على مسلم، لا سيما وأن رواية هذا ليست صريحة في المخالفة؛ لاحتمال أن تكون الزيادة ليحيى ابن أيوب وحده دون قتيبة الذي قرنه مسلم به؛ لأته مشارك له في رواية أصل الحديث لا في الزيادة! هذا محتمل. والله أعلم.

وأما الثانية؛ فلكل من قتيبة ويحيى بن أيوب متابع:

أما قتيبة؛ فتبعه علي بن حجر: عند النسائي (1/ 297) ، على خلاف عليه يأتي.

لكن المتابعين ليحيى أكثر؛ فتابعه يحيى بن حسان: عند الدارمي (1/ 370-371)، وعلي بن حجر أيضاً: عند ابن خزيمة في "صحيحه"(306) ، وكذا ابن

ص: 757

منده - خلافاً لرواية النسائي -، وداود بن رشيد: عند البيهقي (2/ 446) ؛ لكن ذكر المحقق أن في نسخة: "والله" بدل: "وأبيه".

وعلى كل حال؛فرواية يحيى - حتى الآن - أرجح من رواية قتيبة؛ لاقترانها بمتابع قوي لم يختلف عليه، وهو يحيى بن حسان - وهو التنيسي -؛ وهو ثقة من رجال الشيخين؛ بخلاف متابع قتيبة - وهو علي بن حجر -؛ فقد اختلف عليه كما رأيت.

وأما الثالثة؛ فقد تبين مما سبق أن مدار الحديث على أبي سهيل، وأن رواه عنه مالك وإسماعيل، وأنهما اختلفا عليه في زيادة:"وأبيه"؛ فأثبتها إسماعيل، ولم يذكرها مالك. فيرد حينئذ - في سبيل التوفيق بينهما - قاعدتان مشهورتان:

إحداهما: زيادة الثقة مقبولة.

والأخرى: مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه مردودة.

فعلى أيهما ينبغي الاعتماد والعمل هنا؟!

الذي تحرر عندي - من علم المصطلح، ومن تطبيقهم له على مفردات الأحاديث - أنه لا اختلاف بين القاعدتين؛ فإن الأولى محمولة على ما إذا تساويا في الثقة والضبط. وأما إذا اختلفا في ذلك؛ فالاعتماد على الأوثق والأحفظ.

وبذلك تلتقي هذه القاعدة مع القاعدة الأخرى ولا تختلفان أبداً، ويسمى حديث الأوثق حينذاك: محفوظاً، ومخالفه: شاذاً.

وهذا هو المعتمد في تعريف (الشاذ) بحسب الاصطلاح؛ كما قال الحافظ (1) .

(1) انظر " شرح النخبة " للحافظ ابن حجر (ص 9، 14)

ص: 758

إذا عرفت هذا؛ فقد تمهد لدينا إمكانية ترجيح رواية مالك على رواية إسماعيل بمرجحات ثلاثة:

الأول: أن مالكاً أوثق من إسماعيل؛ فإن هذا - وإن كان ثقة -؛ فمالك أقوى منه في ذلك وأحفظ. ويكفي في الدلالة على ذلك أن الإمام البخاري سئل عن أصح الأسانيد؟ فقال:

مالك عن نافع عن ابن عمر. وقال عبد الله بن أحمد:

قلت لأبي: من أثبت أصحاب الزهري؟ قال: مالك أثبت في كل شيء.

الثاني: أن مالكاً لم يختلف الرواة عليه في ذلك؛ خلافاً لإسماعيل؛ فمنهم من رواه عنه مثل رواية مالك، كما سبق.

الثالث: أنني وجدت لروايته شاهداً بل شواهد؛ خلافاً لرواية إسماعيل.

فلا بأس من أن أسوق ما عرفت منها:

الأول: عن أنس؛ وله طريقان:

الأولى: عن قتادة عنه قال:

سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! كم افترض الله عز وجل على عباده من الصلوات؟ قال:

"افترض الله على عباده صلوات خمساً". قال: يا رسول الله! قبلهن أو بعدهن شيء؟ قال:

"افترض الله على عباده صلوات خمساً". فحلف الرجل لا يزيد عليه شيئاً، ولا ينقص منه شيئاً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ص: 759

"إن صدق الرجل؛ ليدخلن الجنة".

أخرجه النسائي (1/ 80) ، وابن حبان (1444) ، وأبو يعلى في "مسنده"(2/ 270) من طريق نوح بن قيس عن خالد بن قيس عن قتادة عنه.

قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله كلهم ثقات، وقد مضى في "الصحيحة" برقم (2794) .

الثانية: عن ثابت عنه به مطولاً؛ وفيه سؤال الرجل عن الزكاة أيضاً، وعن صوم رمضان والحج، وفيه قوله:

ثم أولى، قال: والذي بعثك بالحق! لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"لئن صدق؛ ليدخلن الجنة".

أخرجه مسلم (1/ 32) ، وأبو عوانة (1/ 2-3) ، والترمذي (619) - وحسنه -، والنسائي (1/ 297) ، والدارمي (1/ 164) ، والبغوي في "شرح السنة" رقم (4،5) ، وابن أبي شيبة في "الإيمان"(رقم 5 - بتحقيقي) ، وأحمد (3/ 143،193) ، ابن منده في "الإيمان"(ق 16/ 2) من طرق عن سليمان بن المغيرة عنه.

وعلق البخاري في "صحيحه" بعضه (1/ 25/ 19 - مختصر البخاري - بقلمي) .

وكنت عزوته إليه عزواً مطلقاً في تعليقي على "الإيمان"، فأوهم أنه عنده مسند أيضاً؛ فليقيد.

الثاني: عن أبي هريرة:

أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة؟ قال:

ص: 760

"تعبد الله لا تشرك به شيئاً"(ثم ذكر صلى الله عليه وسلم الصلاة والزكاة ورمضان) . قال: والذي نفسي بيده! لا أزيد على هذا شيئاً أبداً، ولا أنقص منه. فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة؛ فلينظر إلى هذا".

أخرجه مسلم (1/ 33) ، وأبو عوانة (1/ 4) ، وابن منده (16/ 2) .

الثالث: عن ابن عباس؛ وله عنه طريقان:

الأولى: عن سالم بن أبي الجعد عنه قال:

جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال

الحديث نحو حديث أنس من الطريق الثاني؛ وفي آخره:

فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال:

"والذي نفسي بيده! لئن صدق؛ ليدخلن الجنة".

أخرجه الدارمي (1/ 165) ، وابن أبي شيبة في "الإيمان"(رقم 4 - بتحقيقي) عن ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سالم بن أبي الجعد

قلت: ورجال إسناده ثقات رجال البخاري؛ إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط.

والأخرى: عن كريب مولى ابن عباس عنه نحوه؛ وفيه تسمية الرجل بـ: (ضمام ابن ثعلبة) ؛ وفيه قال:

ثم قال: لا أزيد ولا أنقص، ثم انصرف إلى بعيره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولى:

ص: 761

"إن يصدق ذو العقيصتين؛ يدخل الجنة".

أخرجه الدارمي، وأحمد (1/ 250،264) من طريق محمد بن إسحاق: حدثني سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد بن نويفع عنه.

قلت: وهذا إسناد حسن. وسكت عليه الحافظ (1/ 161) مشيراً بذلك إلى تقويته.

وقد جاءت تسميته بـ: (ضمام بن ثعلبة) في طريق ثالثة عن أنس بن مالك؛ نحو الطريق الثاني عنه باختصار بلفظ:

فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنبأنا رسول من ورائي من قومي، وأنبأنا ضمام ابن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر.

أخرجه البخاري (50 - المختصر) ، والنسائي (1/ 297) ، وأحمد (3/ 168) ، وابن منده من طريق عن الليث عن سعيد عن شريك بن أبي نمر أنه سمع أنس ابن مالك.

وإسناده على شرط الشيخين؛ على ضعف في شريك هذا.

وبالجملة؛ فهذه شواهد ثلاثة لحديث مالك؛ من رواية أنس وابن عباس وأبي هريرة، لم يرد فيها تلك الزيادة:

"وأبيه"، فدل ذلك على أنها زيادة شاذة غير محفوظة.

ومما لا شك فيه أن الاستشهاد المذكور، إنما هو باعتبار أن الحادثة واحدة في الأحاديث الأربعة، وهو الذي صرح به ابن بطال وآخرون في خصوص الحديثين الأولين: حديث طلحة، وحديث أنس، فجزموا بأن الرجل المبهم في الحديث

ص: 762

الأول: هو ضمام بن ثعلبة المصرح به في بعض طرق الحديث الثاني، وحديث ابن عباس أيضاً الثالث. قال الحافظ في "الفتح" (1/ 88) :

"والحامل لهم على ذلك: إيراد مسلم لقصته عقب حديث طلحة، ولأن في كل منهما أنه بدوي، وأن كلاً منهما قال في آخر حديثه: لا أزيد على هذا ولا أنقص".

قلت: وكذلك في حديث ابن عباس وحديث أبي هريرة كما تقدم؛ فهي أحاديث أربعة، تتحدث عن قصة واحدة، فإذا تفرد أحد الرواة عنهم بشيء دون الآخرين؛ قام في النفس مانع من قبولها، لا سيما إذا اختلف عليه في ذلك؛ كهذه الزيادة:"وأبيه"؛ لأنه يلزم من قبولها توهيم الرواة الآخرين، ونسبتهم إلى قلة الضبط والحفظ. وإذا كان لا بد من ذلك؛ فنسبة الفرد الواحد إلى ذلك أولى، كما لا يخفى على أولي النهى.

وأما ما ذكره الحافظ عن القرطبي؛ أنه تعقب جزم ابن بطال المتقدم؛ بأن سياق حديث طلحة وأنس، مختلف، وأسئلتهما متباينة! فالجواب:

أنه لا اختلاف ولا تباين في الحقيقة؛ وإنما هو الاختصار من بعض الرواة حسب المناسبات؛ ألا ترى إلى حديث أنس من الطريق الأولى كم هو مختصر عنه في الطريق الأخرى؟! فهل يقول قائل: إنهما يتحدثان عن قصتين مختلفتين؛ لتباين الأسئلة فيهما؟! وكذلك يقال عن حديث ابن عباس في طريقيه!

فإذا كان هذا الاختلاف في حديث الرواي الواحد لا يدل على تعدد القصة؛ فأولى أن لا يدل عليه الاختلاف في حديث راويين مختلفين. وهذه هي طريقة العلماء المحققين.

ص: 763

ألا ترى إلى العلامة ابن القيم في (فصل صلاة الخوف) من كتابه "زاد المعاد"؛ كيف أنه لم يجعل كل رواية رويت في صلاة الخوف صفة مستقلة؟! بل أنكر ذلك فقال:

"وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف صفات أخر ترجع كلها إلى هذا، وهذه أصولها، وربما اختلف بعض ألفاظها، وقد ذكرها بعضهم عشر صفات، وذكرها ابن حزم نحو خمس عشرة صفة، والصحيح ما ذكرناه أولاً (يعني: ست صفات) ؛ وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة؛ جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من اختلاف الرواة".

والخلاصة: أن الزيادة المذكورة في حديث طلحة - وكذا في حديث أبي هرية الذي قبله - زيادة شاذة لا تصح عندي. ومن صححها؛ فإنما نظر إلى كون راويها - إسماعيل بن جعفر - ثقة، دون النظر إلى المخالفة - مالك - له فيها، واختلاف الرواة على إسماعيل في إثباتها.

فلا جرم أن أعرض عن روايتها إمام الأئمة أبو عبد الله البخاري، وهذا هو غاية الدقة في التخريج، جزاه الله خيراً.

ثم إنه قد بدا لي شيء آخر أكد لي نكارة الزيادة في حديث طلحة خاصة، ألا وهو أنه بينما نرى الأعرابي السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام؛ يحلف بالله دون سواه؛ إذا بالرسول صلى الله عليه وسلم يحلف بأبيه كما تقول الزيادة! فهذه المقابلة مستنكرة عندي مهما قيل في تأويل الزيادة. والله أعلم.

ثم رأيت ابن عبد البر قد جزم في "التمهيد"(14/ 367) بأن الزيادة غير محفوظة - كما سيأتي -؛ فالحمد لله على توفيقه.

ص: 764

(تنبيه) : خفي هذا التحقيق - حول حديث الترجمة - على كثير من المتقدمين والمتأخرين؛ اتكالاً منهم على وروده في "الصحيح"، دون أن يتنبهوا لما جاء في تعريف الحديث الصحيح في علم المصطلح؛ من قولهم:"ولم يشذ ولم يعل"! أو لوجود زيادة في بعض الطرق دون بعض؛ فيحيل في حديث الزيادة - الضعيف سنده - على الحديث الخالي منها لصحة سنده!

وهذا ما وقع فيه المعلق على "مسند أبي يعلى"، فإنه لما تكلم على حديث الزيادة من طريق شريك؛ قال (10/ 480) :

"إسناده ضعيف؛ لضعف شريك بن عبد الله القاضي"، فأصاب؛ إلا أنه تابع فقال:

"غير أن الحديث صحيح، وقد تقدم برقم (6082) ، وسيأتي برقم (6094) ، وأما الجزء الثاني (يعني: الذي فيه ذكر الصدقة) ، فقد تقدم برقم (6080) ، وإسناده صحيح أيضاً"!

فأخطأ في هذا التصحيح؛ لأن الحديث بالأرقام الثلاثة التي أشار بها إليه؛ ليس فيها جملة القسم بالله أو أبيه؛ وهي شاذة كما علمت.

ومن هذا القبيل: زيادة تفرد بها ابن حبان (1/ 329/ 434) في آخر القضية الأولى بلفظ:

قال: فيرون أن للأم ثلثي البر.

وإسناده هكذا: أخبرنا أبو خليفة قال: حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال: حدثنا سفيان عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة به.

ص: 765

قلت: وإبراهيم بن بشار - وإن كان صدوقاً -؛ ففيه كلام من قبل حفظه. ولذلك قال الذهبي في "الكاشف":

"ليس بالقوي".

وأصل هذا: ما رواه عبد الله بن أحمد في "العلل"(2/ 332/ 2315) - وعنه ابن أبي حاتم في "الجرح" - عن أبيه أحمد أنه قال في إبراهيم هذا:

"كان يحضر معنا عند سفيان، ثم يملي على الناس ما سمعوه من سفيان، وربما أملى عليهم ما لم يسمعوا، كأنه يغير الألفاظ، فتكون زيادة في الحديث. فقلت له: ألا تتقي الله؟! تملي عليهم ما لم يسمعوا؟! وذمه في ذلك ذماً شديداً".

وقول البخاري في "التاريخ"(1/ 1/ 277) :

"يهم في الشيء بعد الشيء"، وقول ابن معين:

"لم يكن يكتب عند سفيان، وكان يملي على الناس ما لم يقله سفيان".

وراجع "التهذيب" إن شئت.

وأقول: ويؤيد ما قاله هؤلاء الأئمة - جزاهم الله عن المسلمين خيراً! - إن الحديث أخرجه الحميدي في "مسنده"(2/ 476/ 1118) قال: حدثنا سفيان به؛ دون قوله:

فيرون أن للأم ثلثي البر.

وتابعه أبو بكر محمد بن ميمون المكي: حدثنا سفيان بن عيينة به.

أخرجه ابن ماجه (3658) .

وشيخه محمد هذا؛ وثقه بعضهم، وكنيته في "التهذيب":(أبو عبد الله) . فالله أعلم.

ص: 766

قلت: فالزيادة المذكورة منكرة؛ لمخالفة الرمادي للحافظ الحميدي ومن تابعه من جهة، ولعدم ورودها في الطرق الأخرى المتقدمة.

ومن هذا التحقيق؛ تعلم خطأ قول المعلق على "الإحسان"(2/ 176 - مؤسسة الرسالة) :

"إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير إبراهيم بن بشار الرمادي؛ وهو حافظ، وقد توبع

"!! ثم أفاض في تخريجه!!

فأقول:

أولاً: ليس إسناده بصحيح؛ لما علمت من حال الرمادي في روايته عن سفيان.

ثانياً: لو سلم منه؛ فدونه الراوي عنه أبو خليفة - واسمه الفضل بن الحباب -، وليس من رجال الشيخين، ولا بقية الستة! ثم هو مختلف فيه: فمنهم من وثقه، ومنهم من تكلم فيه. وقد ساق له الحافظ في "اللسان" حديث جابر رفعه:

"من وسع على نفسه وأهله يوم عاشوراء

" الحديث. واستظهر أن الغلط فيه من أبي خليفة. والله أعلم.

ثالثاً: لو سلمنا - فرضاً - بصحة إسناده؛ فذلك مما لا يستلزم صحة متنه؛ إلا إذا سلم من الشذوذ والعلة، وهو غير سالم كما عرفت مما سبق. والله سبحانه وتعالى أعلم.

وبعد تخريج حديث طلحة بن عبيد الله من رواية إسماعيل بن جعفر بسنين؛ طبع كتاب "التمهيد" للحافظ ابن عبد البر، فرأيته ذكر هذا الحديث تحت حديث:

ص: 767