الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4930
- (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) .
موضوع
وقد روي من حديث أبي سعيد الخدري، وعبد الله بن مسعود، وسهل بن حنيف، والحسن البصري مرسلاً.
1-
أما حديث أبي سعيد؛ فله عنه طريقان:
الأولى: عن علي بن زيد نضرة عن أبي سعيد مرفوعاً به.
أخرجه ابن عدي (ق 309/ 1) ، وعنه ابن عساكر في "التاريخ"(16/ 362/ 1) .
وأشار ابن عدي إلى أنه حديث منكر، وقد أورده في مناكير علي بن زيد بن جدعان (286/ 1-2) بزيادة في آخره؛ نصها:
فقام إليه رجل من الأنصار - وهو يخطب - بالسيف. فقال أبو سعيد: ما تصنع؟! فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
…
فذكر الحديث. فقال له أبو سعيد: إنا قد سمعنا ما سمعت، ولكنا نكره أن نسل السيف على عهد عمر حتى نستأمره، فكتبوا إلى عمر في ذلك، فجاء موته قبل أن تخرجوا به.
قلت: وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - متفق على تضعيفه لسوء حفظه. بل قال ابن حبان فيه:
"يهم ويخطىء، فكثر ذلك منه، فاستحق الترك".
وهذا الحديث يدل على أنه كما قال فيه يزيد بن زريع:
"لم أحمل عنه؛ فإنه كان رافضياً". وقال الحافظ في آخر ترجمته من "التهذيب":
"وهذا الحديث أنكر ما حدث به ابن جدعان".
قلت: والزيادة التي ذكرناها تؤكد بطلانه؛ إذ لا يعقل أن يكون أبو سعيد سمع الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سمعه ذلك الأنصاري، ثم يبادر إلى الإنكار عليه حينما أراد تنفيذ الأمر بقتل معاوية رضي الله عنه حين رآه على المنبر، محتجاً على ذلك بقوله:
ولكنا نكره أن نسل على عهد عمر
…
وإنما تنفق مثل هذه الحجة فيما إذا لم يكن هناك نص خاص منه صلى الله عليه وسلم بقتل شخص معين، أما والمفروض أنه صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه"؛ فلا وجه لتلك الكراهة!
لكن الزيادة المذكورة تؤكد - كما ذكرنا - بطلان الحديث؛ إذ إنه قد ثبت أن معاوية رضي الله عنه خطب على المنبر، فلم لم يقتلوه إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قاله؟!
وسيأتي قول ابن عدي الذي نقله عنه السيوطي بهذا المعنى قريباً إن شاء الله تعالى.
والطريق الأخرى: عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد به.
أخرجه ابن عدي (397/ 2) من طريق بشر بن عبد الوهاب الدمشقي حدثنا محمد بن بشر: حدثنا مجالد
…
وقال:
قال ابن بشر: فما فعلوا! وقال ابن عدي عقبه:
"لا أعلم يرويه عن أبي الوداك غير مجالد، وعنه ابن بشر. وقد رواه غير ابن بشر عن مجالد. ومجالد له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة، وقد روى عنه
غير الشعبي، ولكن أكثر روايته عنه؛ وعامة ما يرويه غير محفوظ".
قلت: وحال مجالد في الضعف؛ نحو علي بن زيد بن جدعان.
وقد ساق حديثهما هذا ابن الجوزي في "الموضوعات"، وقال:
"مجالد وعلي؛ ليسا بشيء".
وأقره السيوطي في "اللآلىء"(1/ 221) ، وكذا ابن عراق في "تنزيه الشريعة"(2/ 8) ، ولكنه استظهر أن الآفة ممن دون مجالد، وهذا محتمل بالنسبة لهذه الطريق؛ فإن بشر بن عبد الوهاب الدمشقي؛ الظاهر أنه بشر بن عبد الوهاب الأموي الذي اتهمه الذهبي بوضع حديث مسلسل العيد.
وأما الطريق التي عناها ابن عراق - وهي التي ساقها ابن الجوزي -؛ فهي عنده من رواية ابن عدي أيضاً: أنبأنا علي بن العباس: حدثنا علي بن المثنى: حدثنا الوليد بن القاسم عن مجالد به.
قلت: فهذا الإسناد ليس فيه من هو أولى بتعصيب الآفة من مجالد؛ فإن الوليد بن القاسم - وهو الهمداني الكوفي -؛ وثقه أحمد، وابن عدي، وابن حبان. وقال ابن معين:
"ضعيف الحديث".
وأورده ابن حبان في "الضعفاء" أيضاً! فقال:
"انفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات؛ فخرج عن حد الاحتجاج بأفراده"! وقال الحافظ:
"صدوق يخطىء".
وعلي بن المثنى - وهو الطهوي -؛ روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في "الثقات".
لكن أشار ابن عدي إلى ضعفه؛ كما في "التهذيب". وقال في "التقريب":
"مقبول".
وعلي بن العباس: هو المقانعي؛ كما في ترجمة ابن المثنى من "التهذيب"، وقد أورده السمعاني في هذه النسبة. وقال:
"يروي عن محمد بن مروان الكوفي وغيره، روى عنه أبو بكر بن المقري، ومات بعد شوال سنة ست وثلاث مئة".
فهو من الشيوخ المستورين. والله أعلم.
2-
وأما حديث ابن مسعود؛ فيرويه عباد بن يعقوب: حدثنا الحكم بن ظهير عن عاصم عن زر عنه مرفوعاً.
أخرجه ابن عدي (ق 67/ 1)، وعنه ابن عساكر: أخبرنا علي بن العباس: حدثنا عباد بن يعقوب به.
ساقه ابن عدي في جملة أحاديث مستنكرة للحكم بن ظهير. وقال:
"وللحكم غير ما ذكرنا من الحديث، وعامة أحاديثه غير محفوظة". وروى عن ابن معين أنه قال فيه:
"ليس بثقة". وفي رواية عنه:
"كذاب". وقال ابن الجوزي:
"موضوع. عباد رافضي. والحكم متروك كذاب".
وأقره السيوطي؛ وابن عراق.
وعباد بن يعقوب - وإن كان رافضياً -؛ فقد وثق. وقال الحافظ:
"صدوق، رافضي، حديثه في "البخاري" مقرون، بالغ ابن حبان فقال: يستحق الترك".
قلت: وقد خولف في متن الحديث؛ فرواه محمد بن علي بن غراب عن الحكم بن ظهير
…
بلفظ:
"يكون هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء من قريش".
أخرجه ابن عدي.
لكن محمد بن علي بن غراب مجهول الحال؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 28) من رواية محمد بن الحجاج الحضرمي عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وهو بهذا اللفظ صحيح؛ له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً: رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في "الروض النضير"(1157) .
3-
وأما حديث سهل؛ فيرويه سلمة بن الفضل: حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه مرفوعاً به، إلا أنه قال:
"فلاناً" مكان: "معاوية".
أخرجه ابن عدي (ق 343/ 2) : حدثنا علي بن سعيد: حدثنا الحسين بن عيسى الرازي: حدثنا سلمة بن الفضل
…
وقال عقبه:
"لم نكتبه إلا عن علي بن سعيد".
قلت: وهو متكلم فيه.
لكن العلة ممن فوقه، وهو سلمة بن الفضل - وهو الأبرش -؛ قال الحافظ:
"صدوق كثير الخطأ".
وشيخه محمد بن إسحاق مدلس؛ وقد عنعنه.
فلعل الآفة منها!
4-
وأما حديث الحسن البصري؛ فيرويه عمرو بن عبيد المعتزلي.
فقال حماد بن زيد: قيل لأيوب: إن عمرو بن عبيد روى عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
…
فذكره؟! فقال: كذب عمرو.
أخرجه العقيلي في "الضعفاء"(ص 307) ، والخطيب في "التاريخ"(12/ 181)، وابن عساكر. وقال:
"وهذه الأسانيد كلها فيها مقال". ثم قال:
"وقد روي: "فاقبلوه": بالباء، وهو منكر".
ثم روى هو، والخطيب (1/ 259) من طريق محمد بن إسحاق الفقيه: حدثني أبو النضر القازي قال: أخبرنا الحسن بن كثير قال: أخبرنا بكر بن أيمن القيسي قال: أخبرنا عامر بن يحيى الصريمي قال: أخبرنا أبو الزبير عن جابر مرفوعاً بلفظ:
"إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقبلوه؛ فإنه أمين مأمون". وقال الخطيب:
"لم أكتب هذا الحديث إلا من هذا الوجه، ورجال إسناده - ما بين محمد بن إسحاق وأبي الزبير - كلهم مجهولون".