الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال مالكٌ: إذا قالَ ذلك تحزُّناً لما يرى في الناس -يعني في أمرِ دينهم- فلا أُرى به بأساً، وإذا قالَ ذلك عُجْباً بنفسِه وتصاغراً للناس فهو المكروه الذي نُهي عنه.
85 - باب في صلاة العَتَمة
4984 -
حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابن أبي لَبيدٍ، عن أبي سَلَمةَ
سمعت ابنَ عُمَرَ، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَغْلِبنكم الأعرابُ على اسمِ صلاتِكُم، ألا وإنَّها العِشاءُ، ولكنّهم يُعتِمون بالإبل"
(1)
.
=عيبهم، والإزراءِ بهم، والوقيعةِ فيهم، وربما أدَّأه ذلك إلى العُجب بنفسه، فيرى أن له فضلاً عليهم، وأنه خيرٌ منهم فيهلِك.
ونقل البغوي في "شرح السنة" 13/ 144 قول مالك الذي جاء بإثر روايتنا هذه.
ثم قال: وقيل: هم الذين يؤيسون الناسَ مِن رحمة اللهِ، يقولون: هلكَ الناسُ، أي: استوجبوا النارَ والخلودَ فيها بسوء أعمالهم، فإذا قال ذلك، فهو أهلكَهم -بفتح الكاف- أي: أوجبَ لهم ذلك.
وقال الزرقاني في "شرح "الموطأ" 4/ 400 تعليقاً على قوله: "فهو أهلكهم": بضم الكاف على الأشهر في الرواية، أي: أشدهم هلاكاً لما يلحقه من الإثم في ذلَك القول أو أقربهم إلى الهلاك لذت للناس وذكر عيوبهم وتكبره، وروي: بفتحها، فعل ماض، أي: أنه هو نسبهم إلى الهلاك لا أنهم هلكوا حقيقة، أو لأنه أقنطهم عن رحمة الله تعالى وآيسهم من غفرانه، وأيَّدَ الرفع برواية أبي نعيم: فهو من أهلكهم.
وقوله على الأشهر في الرواية هو قول الحميدي في "الجمع بين الصحيحين" 3/ 287.
(1)
إسناده صحيح، سفيان: هو ابن عيينة، ابن أبي لبيد: هو عبد الله المدني.
وأخرجه مسلم (644)(228) و (229)، وابن ماجه (704)، والنسائي في "الكبرى"(1534) و (1535) من طرق عن سفيان بن عِنة، بهذا الإسناد. =
4985 -
حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بن يونَس، حدَّثنا مِسْعرُ بن كِدامٍ، عن عمرو بن مُرة
عن سأل بن أبي الجَعْدِ، قال: قال رجل -قال مِسْعَرٌ: أُراه من خُزاعةَ-: ليتني صَلَّيتُ فاسترحْتُ، فكانّهم عابُوا ذلك عليه، فقال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا بلالُ، أقِمِ الصَّلاةَ، أرِحْنا بها"
(1)
.
= وهو في "مسند أحمد"(4572)، و"صحيح ابن حبان"(1541).
وفي "النهاية" لابن الأثير (عتم): قال الأزهري: أرباب النعم في البادية يُريحون الإبل، ثم يُنيخونها في مُراحها حتى يُعْتِموا، أي: يدخلوا في عمة الليل، وهي ظلمته. وكانت الأعراب يسمون صلاةَ العشاء صلاةَ العَتَمة تسميةً بالوقت، فنهاهم عن الاقتداه بهم، واستحب لهم التمسُّك بالاسم الناطق به لسان الشريعة.
ونقل ابن حجر في "الفتح" 2/ 45 عن القرطبي عن غيره: إنما نُهي عن ذلك تنزيهاً لهذه العبادة الشرعية الدينية عن أن يُطلَق عليها ما هو اسمٌ لفعلةٍ دنيوية، وهي الحلبة التي كانوا يَحْلُبونها في ذلك الوقت، ويُسمونها العتمة.
وقال السندي في "حاشيته على المسند"، قوله: "لا تغلبنكم الأعراب
…
" إلخ، أي: الاسمُ الذي ذكره الله تعالى في كتابه لهذه الصلاة اسمُ العشاء، والأعراب يسمونها العَتَمة، فلا تكثروا استعمال ذلك الاسم لما فيه غلبة الأعراب عليكم بالأكثر، واستعمالُ اسم العشاء مواففَةٌ للقرآن، فالمرادُ النهيُ عن إكثار اسم العَتَمَة لا عن استعماله، وإلا فقد جاء في الأحاديث إطلاقُ هذا الاسم أيضاً، ثم ذكر سببَ إطلاقِ الأعراب اسم العتمة بقوله: وإنهم -أي الأعرإب- يُعتمون -من أعْتَم: إذا دخل في العَتَمة، وهي الظُّلْمة-، أي: يؤخرون الصلاة، ويَدْخُلُون في ظلمة الليل بسبب الإبل وحَلبِها، والله تعالى أعلم.
(1)
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد فمن رجال البخاري، لكن اختلف على سالم بن أبي الجعد في إسناده، فمرة يرويه عن رجل من أسلم عن النبي-صلى الله عليه وسلم كما عند أحمد في "مسنده"(23088) -وجاء في رواية المصنف هنا أن الرجل من خزاعة-، وتارة يرويه عن عبد الله بن محمَّد ابن الحنفية، عن صهر له أنصاري =
4986 -
حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا إسرائيلُ، حدَّثنا عثمانُ بنُ المغيرة، عن سالم بن أبي الجَعْد
عن عبدِ الله بن محمَّد ابن الحنفيّة، قال: انطلقتُ أنا وأبي إلى صِهْرٍ لنا من الأنصار نعودُه، فحَضَرتِ الصلاةُ، فقال لبعض أهله: يا جاريةُ، ائتوني بوَضوءِ، لعَلِّي أصَلِّي فاستريحَ، قال: فأنكَرْنا ذلك عليه، فقال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قُم يا بلالُ، فأرِحْنا بالصَّلاة"
(1)
.
4987 -
حدَّثنا هارونُ بنُ زَيد، حدَّثنا أبي، حدَّثنا هشامُ بن سعدٍ، عن زيدِ ابن أسلم
عن عائشة، قالت: ما سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ينسُبُ أحداً إلا إلى الدَّين
(2)
.
= كما في رواية المصنف الآتية بعد هذا، وهو في مسند أحمد (231541)، وأخرى يرويه عن محمَّد ابن الحنفية نفسه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً كما عند الدارقطني في "العلل" 4/ 121، والخطيب في "تاريخه" 10/ 443. وانظر تمام تخريجه في "المسند" (23088).
وانظر ما بعده.
وقوله: "أرحنا بها". قال في "النهاية" أي: أذن بالصلاة نسترح بأداها من شغل القلب بها، وقيل: كان اشتغاله بالصلاة راحةً له، فإنه كان يَعُدُّ غيرها من الأعمال الدنيوية تعباً، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى، ولهذا قال:"وجعلت قرة عيني في الصلاة" وما أقرب الراحة من قرة العين، يقال: أراح الرجل واستراح: إذا رجعت نفسه إليه بعد الإعياء.
(1)
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عثمان بن المغيرة، فمن رجال البخاري. وإسرائيل: هو ابن يونس.
وانظر ما قبله.
(2)
إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن زيد بن أسلم لم يسمع من عائشة، هارون بن زيد: هو ابن أبي الزرقاء. =