الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
57 - باب في إصلاح ذات البين
4919 -
حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرة، عن سالمٍ، عن أمِّ الدرداء
عن أبي الدَّرداء، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبِرُكُم بأفضَلَ من درجةِ الصِّيامِ والصَّلاةِ والصَّدَقَة؟ " قالوا: بَلَى يا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إصلاحُ ذاتِ البَينِ، وفسادُ ذات البين الحالِقَة"
(1)
.
= وقال المناوي في تفسير قوله: ويكف عليه ضيعته، أي: يجمع عليه معيشته، ويضمُّها له، وضيعة الرجل ما منه معاشه.
و"يحوطه من ورائه"، أي: يحفظه ويصونه ويذب عنه، ويدفع عنه من يغتابه، أو يلحق به ضرراً، ويعامله بالإحسان بقدر الطاقة والشفقة والنصيحة وغير ذلك.
(1)
إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وسالم: هو ابن أبي الجعد.
وأخرجه الترمذي (2677) عن هناد، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وقال بإثر حديثه: هذا حديث صحيح، ويُروى عن النبي-صلى الله عليه وسلم أنه قال:"هي الحالقةُ، لا أقولُ تحلق الشَّعرَ، ولكن تحلق الدين".
وهو في "مسند أحمد"(27508)، و"صحيح ابن حبان"(5092). وانظر تمام تخريجه في "المسند".
وقوله: "إصلاح ذات البين"، قال صاحب "عون المعبود": أي: أحوال بينكم يعني ما بينكم من الأحوال ألفة ومحبة، كقوله تعالى:{وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154] وهي مضمراتها. وقيل: المراد بذات البين المخاصمة والمهاجرة بين اثنين بحيث يحصل بينهما بين، أي: فرقة، والبين من الأضداد الوصل والفرق.
و"فساد ذات البين الحالقة" أي: هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق الدين وتستأصله كما يستاصل الموسى الشعر. وفي الحديث: حث وترغيب في إصلاح ذات البين واجتناب عن الإفساد فيها، لأن الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله وعدم التفرق بين المسلمين، وفساد ذات البين ثلمة في الدين، فمن تعاطى إصلاحها ورفع فسادها، نال درجة فوق ما يناله الصائم القائم المشتغل بخويصّة نفسه.
4920 -
حدَّثنا نصرُ بن عليّ، أخبرنا سفيانُ، عن الزهريِّ (ح) وحدَّثنا مُسدِّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ (ح).
وحدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد ابن شَبُّويه المَروزِيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن
عن أمه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لم يَكذبْ مَنْ نَمَى بين اثنين ليُصلِحَ". وقال أحمدُ بن محمدٍ ومُسدَّدٌ: "ليسَ بالكاذِبِ مَنْ أصْلَحَ بين الناسِ فقال خَيْراً أو نَمَى خَيْراَ"
(1)
.
4921 -
حدَّثنا الرَّبيع بنُ سليمانَ الجِيزىُّ، حدَّثنا أبو الأسود، عن نافعِ بن يزيد، عن ابنِ الهادِ أن عبد الوهَّاب بن أبي بكر حَدَّثه، عن ابنِ شهابٍ، عن حُميد بن عبد الرحمن
عن أُمه أمِّ كلثوم بنت عُقبةَ، قالت: ما سَمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُرخِّصُ في شيءِ من الكَذَبِ إلا في ثلاث، كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا أَعُدُّه كاذباً، الرَّجُلُ يُصلحُ بينَ النَّاسِ، يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلا
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم المعروف بابن عُلَيّة، وأم حميد: هي أم كلثوم بنت عقبة.
وأخرجه مسلم بإثر (2605) عن عمرو الناقد، والترمذي (2053) عن أحمد بن منيع، كلاهما عن إسماعيل بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (2692) من طريق صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، به.
وانظر ما بعده. وانظر "مشكل الآثار" للطحاوي (2916) و (2917).
وقوله: "نمى خيراً"، قال السندي في "حاشيته على المسند": نمى، كرمى، أي: رفع من أحد الطرفين إلى الطرف الآخر خيراً، بأن قال: إن فلاناً يثني عليك، ونحوه مما يرجى به الإصلاح بينهما، وإن لم يُطابق الواقع.
الإصلاحَ، والرجلُ يقولُ في الحَرْبِ، والرجل يُحَدِّثَّ امرأتَه، والمرأة تُحَدِّث زَوجَها"
(1)
.
(1)
هذا حديث لا يصحُّ رفعه للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو مدرج من كلام الزهري كما بينا ذلك في "المسند" عند الحديث رقم (27272)، وعند الترمذي (2551) في تعليقنا على حديث أسماء بنت يزيد فيه، وقد وهم عبد الوهاب بن أبي بكر- وأبو بكر: هو رفيع -في رفعه- وهو ثقة، فقد قال الدارقطني في "العلل"، 5/ ورقة 209 بعد أن أورد هذه الرواية: وهذا منكر، ولم يأت بالحديث المحفوظ الذي عند الناس.
وقد نبه أيضاً على هذا الوهم الحافظ في "الفتح" 5/ 300 فقال: وهذه الزيادة مدرجة، بَينَ ذلك مسلم في روايته [بإثر (2605)] من طريق يونس، عن الزهري فذكر الحديث، قال: وقال الزهري: [ولم أسمع يُرخص في شيء مما يقول الناس كذلك إلا في ثلاث: الحرب، والاصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها]. وقال الحافظ أيضاً: وكذا أخرجها النسائي مفردة ["الكبرى": (9076)] من رواية يونس، وقال: يونس أثبت في الزهري من غيره، وجزم موسى بن هارون وغيره بدراجها، ورويناه في "فوائد ابن أبي ميسرة" من طريق عبد الوهاب بن رفيع، عن ابن شهاب، فساقه بسنده مقتصراً على الزيادة وهو وهم شديد. انتهى. أبو الأسود: هو النضر بن عبد الجبار، وابن الهادي: هو عبد الله بن أسامة.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(27275) من طريق الليث بن سعد، والنسائي في "الكبرى"(9075) من طريق ابن أبي حازم، كلاهما عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عبد الوهاب، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
وانظر بسط الكلام على الحديث وتخريجه في "المسند" برقم (27272) و (27275).
وانظر تعليقنا على حديث أسماه بنت يزيد عند الترمذي برقم (2051) - فحديثها من أحاديث الباب- وقد فصلّنا القول في حديث أم كلثوم فيه.
وانظر "شرح مشكل الآثار"(2918) وما بعده. =