الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب ما يُقال عند الغَضَبِ
(1)
4780 -
حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، حدَّثنا جريرُ بنُ عبدِ الحميد، عن عبدِ الملكِ بنِ عُمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
عن معاذ بن جَبَل، قال: استبَّ رجلانِ عندَ النبي-صلى الله عليه وسلم، فغضبَ أحدُهما غَضَباً شديداً، حتى خُيِّلَ إليَّ أن أنفَهُ يتمزَّعُ مِن شدَّة غضبه، فقال النبيَّ- صلى الله عليه وسلم:"إني لأعلَمُ كلمةً، لو قالها لذهبَ عنه ما يَجِدُ من الغَضَبِ"، فقال: ما هِيَ يا رسولَ الله؟ قال:" يقولُ: اللَّهُمَ إني أعوذُ بِكَ مِن الشَّيطان الرجيم"، قال: فجعل معاذٌ يأمرُه، فأبى ومَحِكَ وجعلَ يزدادُ غضباً
(2)
.
= وقوله:"الصُّرَعة"، قال ابن الأثير في "النهاية"، بضم الصاد وفتح الرَّاء: المبالغُ في الصِّرَاع الذي لا يُغلَب، فنقلَه إلى الذي يَغلِبُ نفسَه عند الغضب ويقهرُها، فإنه إذا مَلَكها كان قد قَهَرَ أقوى أعدائه وشر خُصومه، ولذلك قال:"أعدى عَدُوّ لك نفسك التي بين جنبيك".
وهذا من الألفاظ التي نُقِلَت عن وضعِها اللغويّ، لضَرب من التَّوسُّع والمجاز، وهو من فصيح الكلام؛ لأنه لما كان الغضبان بحالة شديدة من الغيظ، وقد ثارت عليه شهوةُ الغضب، فقَهَرها بحِلْمِه، وصَرَعها بثَباته، كان كالصُّرعة الذي يصرع الرجالَ ولا يَصرعونه.
(1)
هذا التبويب أثبتناه من (هـ).
(2)
حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعاً بين عبد الرحمن ابن أبي ليلى ومعاذ بن جبل. وقد اخلف فيه على عبد الملك بن عمير، فرواه مرة من حديث معاذ بن جبل، ومرة من حديث أبي بن كعب كما سيأتي في التخريج.
وأخرجه الترمذي (3754) و (3755)، والنسائي في "الكبرى" من كتاب عمل اليوم والليلة (10149) من طريق سفيان، والنسائي كذلك (10150) من طريق زائدة، كلاهما عن عبد الملك بن عمير، بهذا الإسناد. =
4781 -
حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةُ، عن الأعمشِ، عن عدي بنِ ثابتٍ
عن سليمان بنِ صُرَدٍ، قال: استبً رجُلانِ عندَ النبي-صلى الله عليه وسلم، فجعلَ أحدُهما تحمَرُّ عينَاهُ، وتنتفخُ أَوْداجُه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إني لأعرفُ كلمةَ، لو قالها هذا لذهَب عنه الذي يجد: أعوذُ بالله مِن الشيطانِ الرًجيم"، فقال الرجلُ: هل تُرى بي من جُنون
(1)
.
= وهو في "مسند أحمد"(22086).
وأخرجه النسائي في "الكبرى" من كتاب عمل اليوم والليلة (10151) عن يوسف ابن عيسى، عن الفضل بن موسى، عن يزيد بن زياد، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب. فجعل أُبياً مكان معاذ. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن زياد، وهو ابن أبي الجعد، فقد روى له البخاري في "خلق أفعال العباد" والنسائي وابن ماجه، وهو صدوق حسن الحديث، وقال المنذري: والحديث من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب متصل.
ويشهد له حديث سليمان بن صرد الآتي بعده. وهو متفق عليه.
وقوله: " أنفه يتمزّع"، قال ابن الأثير في "النهاية"، أي: يتقَطَّعُ ويتشقّق غضباً.
وقوله:" فأبى ومَحِك"، قال في "اللسان"، المَحكُ: المُشارّة والمنازعة في الكلام.
والمَحْك: التمادي في اللجاجَة عند المُساومة والغضب ونحو ذلك. والمُماحَكة: المُلاجَّة.
وفيه أن الغضب في غير ذات الله من نزغ الشيطان، وأن من استعاذ من الشيطان كُفَيَهُ، وسكن غضبه.
(1)
إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(100153) عن هناد بن السري، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (3282)، ومسلم (2610)، والنسائي في "الكبرى"(10152) من طرق عن الأعمش، به.
وهو في "مسند أحمد"(27205)، و "صحيح ابن حبان"(5692).
4782 -
حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بنِ حنبل، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا داودُ ابنُ أبي هِنْدٍ، عن أبي حرب بنِ أبي الأسودِ
عن أبي ذرٍّ: أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لنا: "إذا غضب أحدكُم وهو قائِمٌ فليجلِسْ، فإن ذهبَ عنه الغضَبُ، وإلا فلَيْضطَجِع"
(1)
.
(1)
رجاله ثقات، لكن سقط من إسناده أحد رواته، وهو أبو الأسود، قال المزي في " تهذيب الكمال" 33/ 235 في ترجمة أبي حرب: وهو معدود من أوهام أبي داود، ونقله عنه الحافظ في "النكت الظراف" وأقره عليه. وقد أخرجه على العبادة أحمد في "مسنده"(21348) عن أبي معاوية، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب ابن أبي الأسود، عن أبي الأسود، عن أبي ذر. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. ومع هذا فقد أعله الدارقطني في "العلل" 6/ 277: بالأرسال. وكذلك صحيح المصنف المرسل بإثر الحديث التالي.
وهو عند البغوي في "شرح السنة"(3584) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك بإسقاط أبي الأسود هناد في "الزهد"(1309) عن أبي معاوية، وأبو يعلى في "مسنده""الكبير"، كما في "إتحاف الخيرة"(7158)، وعنه ابن حبان (5688) عن سريج بن يونس، عن أبي معاوية، به.
قلنا: وقد اختلف على داود بن أبي هند في إسناده، فأخرجه ابنُ أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"(7157) عن عبد الرحيم بن سليمان، عن داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أبي ذر، ورجاله ثقات رجال الصحيح.
لكن بكراً المزني لم يسمع من أبي ذر كما قال أبو حاتم.
وأورد المصنف بعد هذا طريق داود بن أبي هند، عن بكر المزني، أن النبي-صلى الله عليه وسلم بعث أبا ذر، مرسلاً وسيأتي تخريجه.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، أخرجه أحمد في "مسنده"(11143) ضمن حديث طويل، وسنده ضعيف.
قال الخطابي: القائم متهيى للحركة والبطش والقاعد دونه في هذا المعنى والمضطجع ممنوع منهما، فيشبه أن يكون النبي-صلى الله عليه وسلم-إنما أمره بالقعود لئلا تبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد.
4783 -
حدَّثنا وهبُ بنُ بقية، عن خالدِ، عن داودَ
عن بكرٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا ذرٍّ، بهذا الحديث
(1)
.
قال أبو داود: وهذا أصحُّ الحديثين
(2)
.
4784 -
حدَّثنا بكرُ بنُ خَلَفٍ والحسنُ بنُ علي -المعنى- قالا: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالدِ، حدَّثنا أبو وائلِ - قال أبو داود: يعني القاصَّ من أهل صنعاء، قال: هو -أُرَى- عبدُ الله بن بَحير، قال: دخلنا على عُروةَ بن محمَّد السعدىّ فكلمه رجُل فأغضبَه، فقام فتوضا، ثم رجَعَ وقد توضأ فقال: حدّثني أبي
عن جَدِّي عطيةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:" إن الغضبَ من الشَيطانِ، وإن الشيطان خُلِقَ مِن النار، وإنما تُطفاُ النارُ بالماء، فإذا غَضِبَ أحدُكُم فليتوضأ
(3)
.
(1)
رجاله ثقات رجال الصحيح، لكنه مرسل.
وأخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(346) من طريق إسحاق بن عبد الواحد الموصلي، عن خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني، عن عمران بن حصين مختصراً. فجعله من حديث عمران، وإسحاق بن عبد الواحد متكلم فيه.
وانظر ما قبله.
(2)
قوله: أصح الحديثين: يعني المرسل.
(3)
إسناده ضعيف. أبو وائل القاص: هو الصنعاني المرادي، وذكر بعضهم أنه عبد الله بن بحير بن ريسان، وهو كذلك في" التهذيب"، والراجح أنهما اثنان، فقد فرق بينهما ابن حبان في "المجروحين" 2/ 24 - 25، والخطب في "تلخيص المتشابه، 1/ 193، وابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه" 1/ 350 و 353. وأبو وائل هذا قيل في اسمه: عبد الله بن بحير أيضاً، وهو غير ابن ريسان، وذكره أبو أحمد الحاكم في كتابها "الكنى" فيمن عرف بكنيته ولا يوقف على اسمه. وهو ضعيف. وإبراهيم بن خالد: هو الصنعاني المؤذن، وهو ثقة، وعروة بن محمَّد: صدوق، وأبوه محمَّد مجهول، وقد انفرد بهذا الحديث.