الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - باب في ذرارىِّ المشركين
4711 -
حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن أبي بِشرٍ، عن سعيد بن جُبير
عن ابنِ عباسِ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن أولادِ المشركين، فقال:"الله أعلمُ بما كانوا عامِلِين"
(1)
.
= وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(330)، وأبو يعلى في "مسنده"(245) و (246)، والحاكم في "مستدركه " 1/ 85، والبيهقي في "السنن" 10/ 204، وابن حبان في "صحيحه"(79) من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ، به.
وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 15 فقال: وقال عبد الله بن يزيد، فذكره.
وسيأتى (4720).
وقوله: "ولا تفاتحوهم" قال في "النهاية": أى: لا تحاكموهم، وقيل: لا تبدؤوهم بالمجادلة والمناظرة.
(1)
إسناده صحيح، أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس.
وأخرجه البخاري (1383) و (6597)، والنسائي في "الكبرى"(2089) من طريق شعبة، والنسائي (2090) من طريق هشيم، كلاهما عن أبي بشر، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (2660) عن يحيى بن يحيى، عن أبي عوانة، به.
قال الإِمام النووي في "شرح مسلم" 16/ 170: أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين، فهو من أهل الجنة؛ لأنه ليس مكلفاً.
وأما أطفال المشركين، ففيهم ثلاثة مذاهب، قال الأكثرون: هم في النار تبعاً لآبائهم، وتوقفت طائفة فيهم، والثالث وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون أنهم من أهل الجنة، ويستدل له بأشياء منها حديث إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم حين رآه النبي-صلى الله عليه وسلم في الجنة وحوله أولاد الناس، قالوا: يا رسول الله وأولاد المشركين؟ قال: "وأولاد المشركين". رواه البخاري في "صحيحه (7047).
ومنها قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الاسراء: 15] ولا يتوجه على المولود التكليف، ويلزمه قول الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يبلغ وهذا متفق عليه، والله أعلم. وقد بسطنا القول في أولاد المشركين في "المسند" عند الحديث (1845) فأرجع إليه لزاماً.
4712 -
حدَّثنا عبدُ الوهّاب بن نجدةَ، حدَّثنا بقيةُ.
وحدَّثنا موسى بنُ مروانَ الرّقّىُّ وكثيرُ بن عُبيدٍ المَذحِجِئُّ، قالا: حدَّثنا
محمدُ بنُ حَرْبٍ - المعنى- عن محمَّد بن زياد، عن عبدِ الله بن أبي قيسٍ
عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذرارىُّ المؤمنين؟
فقال: "مِنْ آبائهم " فقلت: يا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم، بلا عَمَلٍ؟ قال: "الله أعلمُ
بما كانوا عامِلِين"، قلت: يا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم، فذرَارىُّ المشركين؟ قال:
"من آبائهم " قلت: بلا عملِ؟ قال: "الله أعلمُ بما كانوا عاملين"
(1)
.
4713 -
حدَّثنا محمدُ بنُ كثيير، أخبرنا سفيانُ، عن طلحةَ بن يحيى، عن
عائشة بنت طلحةَ
عن عائشة أمِّ المؤمنين، قالت: أُتِيَ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم بصبىّ من الأنصار
يُصلي عليه، قالت: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، طُوبَى لهذا، لم يَعملْ شرّاً
ولم يَدْرِ به، فقال:" أوْ غير ذلك يا عائشة، إنَّ الله خَلَقَ الجنّة،
وخَلَقَ لها أهلَا، وخَلَقَها لهم، وهم في أصلاب آبائِهم، وخَلَق النّارَ
وخَلَقَ لها أهلَا، وخَلَقَها لهم، وهم في أصلابِ آَبائِهم"
(2)
.
(1)
حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، فقد اضطرب فيه عبد الله بن أبي
قيس.
وانظر تمام تخريجه، وبسط الكلام عليه في "مسند أحمد"(24545).
ويشهد له ما قبله.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. طلحة بن يحيى: صدوق حسن الحديث.
وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه مسلم (2662)(31)، والنسائي في "الكبرى"(2085) من طرق عن
سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
4714 -
حدَّثنا القَعْنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج
عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كل مَولودٍ يولدُ على الفِطرة، فأبواهُ يُهودانِهِ وينصّرانه، كما تَناتَجُ الإبِلُ من بهيمةٍ جمعاءَ، هل تُحِشُ من جَدْعَاءَ؟ " قالوا: يا رسول الله، أفرأيتَ مَن يموتُ وهو صغير؟ قال:"الله أعلمُ بما كانوا عامِلِين"
(1)
.
وأخرجه مسلم (2662)(31)، وابن ماجه (82) من طريق وكيع، وأخرجه مسلم (2662)(31) من طريق إسماعيل بن زكريا، كلاهما عن طلحة، به.
وأخرجه مسلم (2662)(30) من طريق الفضيل بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، به.
وهو في "مسند أحمد"(24132)، و"صحيح ابن حبان"، (138) و (6173). قوله: "أو غير ذلك
…
" إلخ،؟ قال السندي في "حاشيته على "مسند أحمد": أي: لا يَحسُن الجزمُ في حق أحد، ولو صغيراً. وانظر تعليقنا على الحديث السالف برقم (4711).
(1)
إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو: عبد الرحمن بن هرمز.
وهو في "الموطأ" 1/ 241.
وأخرجه البخاري (1359) و (1385) و (4775) و (6599) و (6600)، ومسلم (2658)(22 - 25)، والترمذي (2274) و (2275) من طرق عن أبي هريرة. والألفاظ بنحوه وبعضهم يزيد فيه على بعض.
وهو في "مسند أحمد"(7181) و (7445)، و"صحيح ابن حبان"(128) و (133).
وانظر في "المسند" حديث أبي هريرة رقم (7325).
وقوله: "كل مولود يولد على الفطرة"، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح، 3/ 248: قد اختلف السلف في المراد بالفطرة في هذا الحديث على أقوال كثيرة
…
وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام، قال ابن عبد البر في "التمهيد" 18/ 72 - 73: وهو المعروف عند عامّة السلف، وأجمع أهلُ العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى: =
4715 -
قُرئ على الحارث بن مسكين وأنا أسمع: أخبرَكَ يوسفُ بن عمرو، أخبرنا ابن وهب، قال:
= {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] الإِسلام، واحتجوا بقول أبي هريرة في هذا الحديث: اقرؤوا إن شئتم {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} وذكروا عن عكرمة ومجاهد والحسن وإبراهيم والضحاك وقتادة في قول الله عز وجل: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} قالوا: فطرة الله دين الإِسلام وبحديث عياض بن حمار عند مسلم (2865) عن النبي-صلى الله عليه وسلم-فيما يرويه عن ربه: "وإني خلقت عبادي حسّنفاء كلُهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم" الحديث، وقد رواه غيره فزاد فيه" حسّنفاء مسلمين" وهذا صريح في أنه خلقهم على الحنيفية، وأن الشياطين اجتالتهم بعد ذلك، ورجحه بعض المتأخرين بقوله تعالى:{فِطْرَتَ اللَّهِ} لأنها إضافة مدح، وقد أمر نبيه بلزومها، فعلم أنها الإسلام.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذا الحديث كما في "الفتاوى" 4/ 245 فأجاب: الحمد لله أما قوله: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" فالصواب أنها فطرة الله التي فطر الناس عليها، وهي فطرة الإِسلام، وهي الفطرة التي فطرهم عليها يوم قال:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] وهي السلامة من الاعتقادات الباطلة، والقبول للعقائد الصحيحة فإن حقيقة الإِسلام أن يستسلم لله، لا لغيره، وهو معنى لا إله إلا الله، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
فقال: كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء (أى: سالمة من العيوب في جميع أعضائها) بين أن سلامة القلب من النقص كسلامة البدن، وأن العيب حادث طارئ، ثم ذكر حديث عياض عند مسلم (2865)
…
وانظر تتمة كلامه فإنه غاية في النفاسة والتحقيق. وقوله: " تناتج": تلد، وعند غير أبي داود ومالك في "الموطأ"." كما تنتج البهيمةُ بهيمةَ، قال النووي في "شرح مسلم" 16/ 209: هو بضم التاء الأولى وفتح الثانية، ورفع البهيمة، ونصب بهيمة، ومعناه: كما تلد البهيمة بهيمة جمعاء - بالمد-، أي: مجتمعة الأعضاء، سليمة من نقص، لا توجد فيها جدعاء - بالمد-: وهي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء، ومعناه: أن البهيمة تلد البهيمةَ كاملةَ الأعضاء لا نقص فيها، وإنما يحدث فيها الجَذع والنقص بعد ولادتها.
سمعتُ مالكاً، قيل له: إنَّ أهلَ الأهواءِ يحتجون علينا بهذا الحديث، قال مالكٌ: احْتَجَّ
(1)
عليهم بآخِرِه، قالوا: أرأيتَ مَن يَموتُ وهو صغيرٌ، قال::" الله أعلمُ بما كانوا عامِلِين"
(2)
.
4716 -
حدَّثنا الحسنُ بنُ على، حدَّثنا الحجّاج بن المنهال، قال:
سمعتُ حمادَ بنَ سلمةَ يُفسِّرُ حديث: "كل مولود يولَدُ على الفِطرة" قال: هذا عندنا حيث أخَذَ الله عليهمُ العهِدَ في أصلابِ آبائهم، حيث قال:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]
(3)
.
4717 -
حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، حدَّثنا ابنُ أبي زائدةَ، حدَّثني أبي
عن عامر، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الوائدةُ والموءودةُ في النار" قال يحيى بن زكريا: قال أبي: فحَدَّثني أبو إسحاق، أن عامِراً حدثه بذلك، عن علقمة، عن ابن مسعودٍ، عن النبي-صلى الله عليه وسلم
(4)
.
(1)
في (أ): نحتجُّ، وفي (هـ): احْتَجُّوا.
(2)
قول مالك رجاله ثقات.
(3)
قول حماد بن سلمة، رجاله ثقات.
(4)
رجاله ثقات، ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا، وأبوه زكريا: سماعه من أبي إسحاق -وهو السبيعي- بأخره، أي بعد اختلاطه، وعامر: هو ابن شراحيل، وعلقمة: هو ابن قيس.
وأخرجه البخاري في "التاريخ "الكبير" 4/ 73 عن إبراهيم بن موسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار في "مسنده"(1596)، والطبراني في "الكبير"(10059)، وابن حبان في "صحيحه"(7480) من طرق عن يحيى بن زكريا، به.
وأخرجه الشاشي في "مسنده"(648)، والطبراني (10236) من طريق يحيى الحماني، والبزار في "مسنده"(1825) من طريق إبراهيم بن سليمان الدباس، كلاهما =
4718 -
حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن ثابتٍ
= عن محمَّد بن أبان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود. ومحمد بن أبان: ضعفه أبو داود، وابن معين، وقال البخاري: ليس بالقوي. وعند الشاشي في أول حديثه قصة.
وأخرجه البزار (1605) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن علقمة وأبي الأحوص، عن ابن مسعود. قال البزار: هكذا رواه شريك.
وأخرجه ابن أبي حاتم فيما نقله عنه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 8/ 357 - طبعة الشعب- عن أحمد بن سنان الواسطي، عن أبي أحمد الزبيري، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن علقمة وأبي الأحوص، عن ابن مسعود. وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين، إلاَّ أن إسرائيل سمع من أبي إسحاق بأخرة.
ويشهد له حديث سلمة بن يزيد الجُعفي، أخرجه أحمد في "المسند"(15923)، ورجاله ثقات. وانظر تمام تخريجه وبسط الكلام عليه فيه.
وفي متن هذا الحديث نكارة، فإن الموءودة -وهي البنت التي تدفن حية- تكون غير بالغة، ونصوص الشريعة متضافرة على أنه لا تكليف قبل البلوغ.
والمذهب الصحيح المختار عند المحققين من أهل العلم أن أطفال المشركين الذين يموتون قبل البلوغ هم من أهل الجنة، وقد استدلوا بما أخرجه ابن أبي حاتم فيما نقله عنه ابن كثير في تفسيره 8/ 357 عن أبي عبد الله الطهراني -وهو محمَّد بن حماد، حدَّثنا حفص بن عمر العدني، حدَّثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال: قال ابن عباس: أطفال المشركين في الجنة، فمن زعم أنهم في النار، فقد كذب، يقول الله عز وجل:{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8 - 9] قال: هي المدفونة، وبقوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] فإذا كان لا يعذب العاقل بكونه لم تبلغه الدعوة، فلان لا يعذب غير العاقل من باب الأولى.
وبما أخرج أحمد (20583) من طريق حسناء بنت معاوية بن سليم عن عمها قال: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم من في الجنة؟ قال: "النبي-صلى الله عليه وسلم في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والموءودة في الجنة" وحسن الحافظ إسناده في "الفتح" 3/ 246.
عن أنس: أن رجلاً قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أين أبي؟ قال:"أبوكَ في النار" فلما قَفَّى قال: "إنّ أبي وأباكَ في النار"
(1)
.
4719 -
حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ
عن أنس بن مالكٍ، قال:"إنّ الشَّيطانَ يجري من ابن آدمَ مجرى الدَّم"
(2)
.
(1)
رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد -وهو ابن سلمة- فمن رجال مسلم، وقد تفرد برواية هذا الحديث بهذا اللفظ، وخالفه معمر عن ثابت- فيما قاله السيوطي في رسالته "مسالك الحسّنفا في والدي المصطفى" المدرجة في الحاوي 2/ 402، 444 - فلم يذكر "إن أبي وأباك في النار"، ولكن قال له:"إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار"، ومعمر أثبت من حيث الرواية من حماد بن سلمة، فإن حماد تكلم في حفظه، ووقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه ابن أبي العوجاء دسَّها في كتبه، فحدث بها فوهم فيها، أو أنه تصرف فرواه في المعنى. وانظر بسط الكلام عليه. في "مسند أحمد"(12192).
وأخرجه مسلم (203)(347) من طريق عفان، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وهو عند ابن حبان في "صحيحه"(578).
قوله: "قَفَّى"، أي: ذهب مُوَلِّيَاً، وكأنه من القفا، أي: أعطاه قفاه وظَهْره. قاله ابن الأثير في "النهاية".
(2)
إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البناني.
وأخرجه مسلم (2174)(23) عن عبد الله بن مسلمة، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. بلفظ: أن النبي-صلى الله عليه وسلم-كان مع إحدى نسائه، فمرّ به رجل فدعاه، فجاء. فقال:"يا فلان هذه زوجتي فلانه" فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كنتُ أظن به، فلم أكن أظن بك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قوله: "يجري" قال الحافظ في "الفتح" 4/ 280: قيل: هو على ظاهره وأن الله تعالى أقدره على ذلك، وقيل: هو على سبيل الاستعارة من كثرة إغوائه، وكأنه لا يفارقه كالدم، فاشتركا في شدة الاتصال، وعدم المفارقة.
4720 -
حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ الهَمْدانىُّ، أخبرنا ابن وَهْبٍ، أخبرني ابنُ لهيعة وعمرُو بنُ الحارث وسعيدُ بنُ أبي أيوب، عن عطاء بن دينار، عن حكيم ابن شريك الهُذلىّ، عن يحيى بن ميمون، عن ربيعةَ الجُرَشي، عن أبي هريرة
= "ابن آدم": المراد جنس أولاد آدم، فيدخل فيه الرجال والنساء، كقوله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ} [الاعراف: 26] وقوله:: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 40] بلفظ المذكر، إلا أن العُرفَ عمَّمه فأدخل فيه النساه. ثم قال: والمحصل من هذه الروايات: أن النبي-صلى الله عليه وسلم لم ينسبهما (وقع في بعض الأحاديث أنهما رجلان) إلى أنهما يظنان به سوءاً لما تقرر عنده من صدق إيمانهما ،ولكن خشى عليهما أن يوسوس لهما الشيطان ذلك؛ لأنهما غير معصومين، فقد يُفضي بهما ذلك إلى الهلاك، فبادَرَ إلى إعلامهما حَسماً للمادة، وتعليماً لمن بعدهما إذا وقع له مثلُ ذلك.
تنبيه: زاد إلامام الغزالي في "الأحياء" في نهاية هذا الحديث: "فضيقوا مجاريه بالجوع " وهي زيادة باطلة ومفسدة لمعنى الحديث ومخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود (1547) وصححه ابن حبان (1029) من حديث أبي هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة" والضجيع: من ينام في فراشك، والمعنى بئس الجوع الذي يمنعك من وظائف العبادات، ويشوش الدماغ، ويثير الأفكار الفاسدة، والخيالات الباطلة.
قال الحافظ في "الفتح" 4/ 280: وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره، والتي م معه والحديث مع غيره، وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة، وبيان شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته، وارشادهم إلى ما يدفع عنهم الإثم، وفيه التحرز عن التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار.
قال ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حق العلماء ومن يقتدى به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلاً يوجب سوه الظن بهم، وإن كان لهم فيه مخلص، لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم، ومن ثم قال بعض العلماء: ينبغي للحاكم أن يبين وجه الحكم إذا كان قاضياً نفيا للتهمة.