الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - باب في الحياء
4795 -
حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن سالمِ بنِ عبدِ الله ابنِ عُمر
عن ابنِ عُمَر، أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم مرَّ على رجُلٍ من الأنصارِ وهو يعِظُ أخاه في الحيَاءِ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"دعْهُ، فإنَ الحياءَ من الإيمانِ"
(1)
.
4796 -
حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، حدَّثنا حماد، عن إسحاقَ بنِ سُويْدٍ
عن أبي قتَادَة، قال: كنا مع عمرانَ بنِ حُصين وثَمَّ بُشيرُ بنُ كعبٍ، فحدَّثَ عمرانُ بنُ حُصينٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الحياءُ خيرُ كلُّهُ -أو قال: الحياءُ كلُّهُ خير-" فقال بُشيرُ بنُ كعب: إنَا نجِدُ في بعضِ الكتُبِ أنَّ منه سَكينةً ووقَاراً، ومنه ضعفاً، فأعادَ عِمرانُ الحديثَ، فأعاد بُشير الكلامِ، قال: فغضب عِمرانُ، حتى احمرَّتْ عيناه، وقال: ألا أراني أحدِّثُكَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وتُحدِّثُني عن كُتُبِكَ، قال: قلنا: يا أبا نُجيدٍ، إنه إنَّه
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وهو في "الموطأ" 2/ 905، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (24)، والنسائي في "المجتبى" 8/ 121، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (6118)، ومسلم (36)، وابن ماجه (58)، والترمذي (2803) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به.
وهو في "مسند أحمد"(4554) و (5183)، و"صحيح ابن حبان"(610).
قوله: "يعظ أخاه" قال الحافظ في الفتح، 10/ 522: المراد بوعظه أنه يذكر له ما يترتَّب على ملازمته من المفسدة.
(2)
إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، وأبو قتادة: هو تميم بن نذير. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه مسلم (37) عن يحيى بن حبيب، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6117)، ومسلم (37) من طريق أبي السَّوَّار، عن عمران بن حصين.
وهو في "مسند أحمد"(19817) و (19999).
وقولهم في الحديث: إنّه إنّه، كذا ضُبطت في (أ) و (ج) و (هـ)) وأصل المنذري، أي: إنه لا بأس به، كما جاء في رواية مسلم، قال النووي: إنه لا بأس به، معناه ليس هو ممن يُتهم بنفاق أو زندقة أو بدعة أو غيرها مما يخالف به أهلَ الاستقامة. وفي نسخة على هامش (ج): ايه إيه، وهو كذلك في النسخة التي اعتمدها ابن الأثير في "جامع الأصول"(1955)، فقال: ايه: إذا قلتَ للرجل؟ إيه، بغير تنوين، فأنت تستزيده من الكلام والبذاء، إذا وصلت نوّنتَ فقلتَ: إيه، فإذا قلت: إيهاً بالنصب، فإنما تأمره بالسكوت.
ونقل الحافظ في "الفتح" 10/ 522 - 523 عن القاضي عياض في شرحه على الحديث: أنه إنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان غريزة؛ لأن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى قصد واكتساب وعلم، وأما كونه خيراً كله، ولا يأتي إلا بخير (كما في رواية البخاري)، فاشكل حمله على العموم؛ لأنه قد يصدُّ صاحبه عن مواجهة من يرتكب المنكرات، ويحمله على الاخلال ببعض الحقوق؟ والجواب: أن المراد بالحياء في هذه الأحاديث ما يكون شرعيا، والحياء الذي ينشأ عنه الإخلال بالحقوق ليس حياءً شرعياً، بل هو عجز ومهانة، وانما يطلق عليه حياء، لمشابهته للحياء الشرعي، وهو خُلُق يبعث على ترك القبيح.
قلت (القائل ابن حجر): ويحتمل أن يكون أشير إلى من كان الحياء من خلقه، أن الخير يكون فيه أغلب، فيضمحل ما لعله يقع منه مما ذكر في جنب ما يحصل له بالحياء من الخير، أو لكونه إذا صار عادة، وتخلق به صاحبه، يكون سبباً لجلب الخير إليه، فيكون منه الخير بالذات، والسبب.
وقال أبو العباس القرطبي المحدث: الحياء المكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان، وهو المكلف به، دون الغريزي، غير أن من كان فيه غريزة منه، فإنها تعينه على المكتسب، وقد يتطبعُ بالمكتسب حتى يصير غريزياً. قال: وكان النبي-صلى الله عليه وسلم-قد جُمع له النوعان، فكان في الغريزي أشد حياة من العذارء في خدرها، وكان في الحياء المكتسب في الذروة العليا صلى الله عليه وسلم. انتهى.
4797 -
حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسَلَمةَ، حدَّثنا شعبةُ، عن منصورٍ، عن ربعي ابنِ حِراشِ
عن أبي مسعُودٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إن ممّا أدرَكَ الناسُ مِن كلامِ النُبوَّةِ الأولى إذا لم تستَحي فافعَل ما شئتَ"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر. أبو مسعود الصحابي: هو عقبة ابن عمرو البدري.
وأخرجه البخاري (3484) عن آدم، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (3483) و (6120) من طريق زهير، وابن ماجه (4183) من طريق جرير، كلاهما عن منصور، به.
وهو في "مسند أحمد"(17090)، و"صحيح ابن حبان"(607)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (1533) وما بعده.
قال الإِمام الطحاوي: معنى الحديث الحض على الحياء والأمر به، وإعلام الناس أنهم إذا لم يكونوا من أهله، صنعوا ما شاؤوا، لا أنهم أمروا في حال من الأحوال أن يصنعوا ما شاؤوا، وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم:"من كذب عليَّ متعمداً، فليتبواً مقعده من النار" ليس أنه مأمور إذا كذب أن يتبوأ لنفسه مقعداً من النار، ولكنه إذا كذب عليه يتبوأ مقعدَه من النار.
وقال الخطابي في" معالم السنن " 4/ 109، معنى قوله "النبوة الأولى": أن الحياء لم يزل أمره ثابتاً واستعماله واجباً منذ زمان النبوة الأولى، وأنه ما من نبي إلا وقد ندب إلى الحياء، وحث عليه، وأنه لم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم، ولم يبدل فيما بدل منها، وذلك أنه أمر قد عُلِمَ صوابُه، وبأن فضلُه، واتفقت العقولُ على حسنه، وما كان هذا صفته لم يجز عليه النسخ والتبديل.
وقوله: فاصنع ما شئت. قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 1/ 497 في معناه قولان: أحدهما: أنه ليس بمعنى الأمران يصنع ما شاء، ولكنه على معنى الذم، والنهي عنه، وأهل هذه المقالة لهم طريقان، أحدهما: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد، والمعنى: إذا لم يكن لك حياء، فأعمل ما شث، فإن الله يجازيك عليه، كقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ =