الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
27 - باب في المسألة في القبر وعذاب القبر
4750 -
حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن علقمةَ بن مرثد، عن سعْد بن عُبيدةَ
عن البراء بن عازبِ، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ المسلمَ إذا سُئِلَ في القبر، فشَهِدَ أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فذلك قولُ الله عز وجل:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27]
(1)
.
= وأخرجه أحمد في "مسنده"(19807) عن عبد الصمد، عن عبد السلام أبي طالوت، عن العباس الجُرَيري أن عبيد الله بن زياد قال لأبي برزة هل سمعت النبي-صلى الله عليه وسلم ذكره قط -يعني الحوض-؟ قال: نعم، لا مَرّةً ولا مرتين، فمن كَذَّب به فلا سَقاه الله منه. العباس الجريري يغلب على ظننا أنه عباس بن فرُّوخ الجريري، روى له الجماعة، وهو ثقة، لكنه أصغر من أن يروي عن أبي برزة، ولم يذكر المزي أنه روى عنه، فالإسناد منقطع ، كذلك لم يذكر المزي وغيره في الرواة عنه أبا طالوت، فإن كان هو فرواية عبد السلام أبي طالوت عنه من باب رواية الأقران، والله تعالى أعلم.
وقد ورد نحو هذه القصة عن عبيد الله بن زياد، ولكنها مع أنس بن مالك، وهي في "المسند" لأحمد (13405).
وكما ورد في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص من"مسند أحمد"(6514): أن عُبيد الله بن زياد كان يكذب بالحوض بعد ما سأل أبا برزة والبراء بن عازب وعائذ بن عمرو ورجلاً آخر، ثم صدق به بعد.
وفي الجملة الحديث صحيح في المتابعات والشواهد كما أسلفنا.
(1)
إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك.
وأخرجه البخاري (4699) عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (1369) وبإثره، ومسلم (2871)(73)، وابن ماجه (4268)، والترمذي (3385)، والنسائي في "الكبرى"(2195) و (11200) من طرق عن شعبة، به. =
4751 -
حدَّثنا محمدُ بنُ سليمان الأنباريُّ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بن عطاء الخفافُ أبو نصرٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة
عن أنس بنِ مالك، قال: إنّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم دَخَل نخلاً لبني النَّجَّار، فسمِعَ صوتاً ففزِعَ، فقال:"مَنْ أصحاب هذه القبور؟ " قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ناس ماتوا في الجاهليّة، فقال:"تعوَّذُوا بالله من عذابِ النّار، ومِنْ فتنة الدّجال قالوا: وممَّ ذاك يا رسولَ الله؟ قال: "إن المؤمنَ إذا وُضِعَ في قبرِه أتاه مَلَكٌ، فيقول له: ما كنتَ تعبدُ؟ فإنِ اللهُ هداهُ، قال: كنتُ أعبدُ الله، فيقال له: ما كنتَ تقول في هذا الرجل؟ فيقول: هو عبدُ الله ورسوله، فما يسأل عن شيءٍ، غيرِها فيُنطَلقُ به إلى بيت كان له في النار، فيقال له: هذا بيتُك كان في النار، ولكنَّ الله عَصمَك ورَحِمَكَ، فابدَلَكَ به بيتاً في الجنة، فيقول: دعوني حتى أذْهَبَ فاُبَشَّرَ أهلي، فيقال له: اسْكُنْ.
= وأخرجه موقوفاً مسلم (2871)(74)، والنسائي في "الكبرى"(2194) من طريق خيثمة، عن البراء.
وهو في "مسند أحمد"(18482) و (18575)، و "صحيح ابن حبان"(206). وهو قطعة من الحديث المطول الآتي برقم (4753)، وسيأتي تخريجه هناك.
قلنا: جمهور العلماء سلفاً وخلفاً على أن عذاب القبر حق يقع على الروح والجسد.
وذهب ابن حزم وابن هبيرة إلى أن السؤال يقع على الروح فقط من غير عود إلى الجسد.
وقال ابن جرير وجماعة من الكرّامية: ان السؤال في القبر يقع على البدن فقط، وإن الله يخلق فيه إدراكاً بحيث يسمع ويعلم ويلَذُّ ويألم.
وذهب بعض المعتزلة كالجبائي إلى أنه يقع على الكفار دون المؤمنين. وانظر "فتح الباري" 3/ 233 - 235.
وإن الكافر إذا وُضِعَ في قبره أتاه ملك فينتهِرُه، فيقول له: ما كنت تعبدُ؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، فيقال له: فما كنتَ تقولُ في هذا الرجل؟ فيقول: كنتُ أقولُ ما يقول الناسُ، فيضربُه بمطراقِ من حديدِ بين أُذُنَيه، فيصيحُ صيحةَ يسمَعُها الخلقُ غيرَ الثقلينِ"
(1)
.
4752 -
حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأنباريُ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، بمثل هذا الإسناد، نحوه، قال:
"إن العبدَ إذا وُضِعَ في قبره وتَوَلَّى عنه أصحابُه، إنه ليسمعُ قَرْعَ نعالِهم، فيأتيه مَلَكان، فيقولان له"، فذكر قريباً من حديث الأول، قال فيه:"وأما الكافرُ والمنافقُ، فيقولان له" زاد: "المنافق" وقال: "يسمَعُها من يَليه غَيرَ الثقَلينِ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الوهاب بن عطاء، فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع في هذا الحديث. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(13447) عن عبد الوهاب بن عطاء، بهذا الإسناد.
وذكره البخاري مختصراً (1338) و (1374) بزيادة في أوله: "العبد إذا وضع في قبره وتُولِّي وذهب أصحابه، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم"، وهذه الزيادة ستأتي بعد حديثنا هذا.
قال الخطابي: وقوله: "لا دَرْيْتَ ولا تَلَيتَ". هكذا يقول المحدثون وهو غلط، وقد ذكره القتيبي في "غريب الحديث" وقال: فيه قولان، بلغني عن يونس البصري أنه قال هو: لا دريت ولا أَتْلَيتَ ساكنة التاء يدعو عليه بأن لا تُتلِيَ ابله، أي: لا يكون لها أولاد تتلوها، أي: تتبعها، يقال للناقة: قد أتلت فهي مُتلية، وتلاها ولدها: إذا تبعها.
قال: وقال غيره: هو لا دريت ولا ائتَلَيتَ بوزن افتعلت من قولك: ما ألوت هذا ولا استطعته، كإنه يقول: لا دريت ولا استطعت.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي.
وقد سلف برقم (3231). وانظر ما قبله.
4753 -
حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ.
وحدَّثنا هَنّاد بنُ السَّريِّ، حدَّثنا أبو معاويةَ -وهذا لفظُ هناد- عن الأعمش، عن المنهال، عن زاذان عن البراء بن عازب، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازةِ رجُلِ من الأنصار، فانتهينا إلى القبرِ ولمَّا يُلحَدْ، فجلسَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وجلسْنَا حَولَه، كأنما على رؤوسنا الطَّير، وفي يَده عُودٌ يَنْكُتُ به في الأرض، فرفعَ رأسَه، فقال:"استعيذُوا بالله من عذابِ القبر" مرَّتين أو ثلاثاً، زاد في حديثْ جريرِ ها هنا: وقال: "وانّه لَيسمَعُ خَفْقَ نِعالِهم إذا وَلَّوا مُدبرينَ، حينَ يقالُ له: يا هذا، مَن ربك وما دينُك ومَنْ نبيُك؟ - قال هنادٌ:- ويأتيه ملكانِ فيُجلسانه فيقولان له: مَن ربك؟ فيقول: ربِّي الله، فيقولان له: ما دينُك؟ فيقول: ديني الإِسلامُ، فيقولان له: ما هذا الرجلُ الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقول: هو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فيقولان: وما يُدريكَ؟ فيقول: قرأتُ كتابَ الله، فآمنتُ به، وصدقتُ -زاد في حديث جرير- فذلك قول الله عز وجل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} الآية [إبراهيم: 27]، ثم اتفقا قال: - فينادي منادِ من السماء: أنْ قد صَدَقَ عبدي، فأفرشُوه من الجنة، وافتَحُوا له باباً إلى الجنّة، وألبسُوه من الجنة" قال: "فيأتيه من رَوحِها وطيبها قال: "ويُفتح له فيها مدَّ بصرِه". قال: "وإن الكافر" فذكر موته قاْل: "وتُعادُ روحُه في جَسده، ويأتيه مَلَكانِ، فيُجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما دينُك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري،
فيقولان له: ما هذا الرجلُ الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فينادي منادٍ من السماء: أن كَذَبَ، فافرشوه من النار، وألبسُوه من النار، وافتحُوا له باباً إلى النار، قال:"فيأتِيه من حَرِّها وسَمُومِها" قال: "ويُضيّقُ عليه قَبرُهُ حتى تختلفَ فيه أضلاعُه -زاد في حديث جرير: قال:- ثمّ يقيَّضُ له أعمى أبكَمُ معه مِرْزَبَّة من حديدٍ، لو ضُرِبَ بها جَبَلٌ لصار تراباً"، قال:"فيضرِبُه بها ضربةً يسمعُها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين، فيصيرُ تراباً، ثم تُعادُ فيه الرُّوحُ"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو معاوية: ومحمد بن خازم، الأعمش: هو سليمان بن مهران، والمنهال: هو ابن عمرو، وزاذان: هو أبو عبد الله، ويقال: أبو عمر الكندي، مولاهم.
وأخرجه بتمامه أحمد في "مسنده"(18534) عن أبي معاوية وحده، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه فيه.
وقد سلف أول الحديث واقتصر عليه المصنف برقم (3212) عن البراء قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولم يُلحد بعد، فجلس النبي-صلى الله عليه وسلم مُستقبل القبلة وجلسنا معه. بإسناده صحيح. وانظر تمام تخريجه هناك.
قال البيهقي في "الشعب" بإثر الحديث (390): هذا حديث صحيح الإسناد.
وقال ابن منده في الإيمان، بإثر الحديث (1064): هذا إسناد متصل مشهور، رواه جماعة عن البراء، وكذلك رواه عدة عن الأعمش، وعن المنهال بن عمرو، والمنهال (وهو ابن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي) أخرج عنه البخاري ما تفرّد به، وزاذان أخرج عنه مسلم، وهو ثابت على رسم الجماعة. ورُوي هذا الحديث عن جابر، وأبى هريرة، وأبى سعيد، وأنس بن مالك، وعائشة رضي الله عنهم.
وانظر ما بعده.