الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
161 - باب فِي قُبْلَةِ الجَسَدِ
5224 -
حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنا خالِدٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبى لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ -رَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ- قالَ: بَيْنَما هُوَ يُحَدِّثُ القَوْمَ وَكانَ فِيهِ مِزاحٌ بَيْنا يُضْحِكُهُمْ فَطَعَنَهُ النَّبي صلى الله عليه وسلم في خاصِرَتِهِ بِعُودٍ فَقالَ: أَصْبِرْنَي. فَقالَ: "اصْطَبِرْ". قالَ: إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا وَلَيْسَ عَلي قَمِيصٌ.
فَرَفَعَ النَّبي صلى الله عليه وسلم عنْ قَمِيصِهِ فاحْتَضَنَهُ، وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ. قالَ: إِنَّما أَرَدْتُ هذا يا رَسُولَ اللَّهِ (1).
* * *
باب في قبلة الجسد
[5224]
(حدثنا عمرو بن عون) الواسطي (أنا خالد)(2) بن عبد اللَّه الواسطي الطحان (عن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، هو ابن عبد الرحمن الكوفي (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير) بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة، ابن سماك بن عبيد الأشهلي (رجل) بالجر على البدل ويجوز الرفع، وتقديره: هو رجل (من الأنصار) وسكن المدينة رضي الله عنهم.
(قال: بينما) زاد (3) البغوي (4) في "معجمه": نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم
(1) رواه الطبراني في "الكبير" 1/ 205 (556)، والحاكم في "المستدرك" 3/ 327 (5262)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 164 (13586).
وصححه الألباني في "المشكاة"(4685).
(2)
فوقها في (ل): (ع).
(3)
في (م): قال.
(4)
في الأصول: المعري. والمثبت هو الصواب.
وهو (1)(هو يحدث القوم وكان فيه مزاح) بضم الميم، يقال: إنه مشتق من زحت الشيء عن موضعه وأزحته: إذا نحيته؛ لأنه ينحيه عن جد القول، وفيه بعد، لأن باب مزح غير باب زوح؛ لأن من شرط الاشتقاق موافقة المشتق للمشتق منه في الحروف الأصلية.
(بيننا) بسكون المثناة تحت ثم نونين، وفي بعض النسخ المعتمدة: مزاح بيّن. بتشديد الياء والرفع، أي: ظاهر، والمزاح بتشديد الزاي من أبنية المبالغة، أي: كثير المزح.
(يضحكهم) به (فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم في خاصرته) وهو المستدق فوق الوركين (بعود) كان في يده؛ لأنه كان صلى الله عليه وسلم يشغل يده بعود أو عصا أو قضيب، وربما كان معه عرجون النخل اليابس.
(فقال: أصبرنى) بسكون الصاد المهملة وكسر الباء الموحدة، أي: أقدني من نفسك (فقال: اصطبر) أي: استقد، يقال: صبر فلان من خصمه واصطبر، أي: اقتص منه، واصطبرته: أقدته بقتيله. وأصبره الحاكم، أي: أقصه من خصمه، ومنه حديث عمار حيث ضرب عمارًا، فلما عُوتب قال: هذِه يدي لعمار فليصطبر (2). أي: يقتص مني عن ضربه.
وفيه دليل على جواز مداعبة الشيخ لبعض تلاميذه، والكبير لبعض
(1)"معجم الصحابة" 1/ 106، ولفظه: بينا نحن عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نتحدث، وكان فيه مزاح. . . .
(2)
رواه ابن أبي شيبة 7/ 521 - 522 (37680)، والضارب لعمار في الحديث رسول عثمان رضي الله عنه، والقائل عثمان رضي الله عنه.
أعوانه ممن يعرف أنه يحب المداعبة والمزاح، ومطابقته بالقول والفعل في بعض الأحيان على النذور من غير أن يؤذي.
قلنا: ولا يفرط فيه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مع النساء والصبيان ومن في معناهم لضعف قلوبهم وميلهم إلى الهزل، وهذا من مكارم أخلاقه ولطائفه وكثرة تودده إلى قلوب من يجتمع به.
وفيه حجة لمن رأى القصاص في الضربة بالسوط واللطمة بالكف، ونحو ذلك مما لا يؤثر له على حد معلوم ينتهي إليه، وقد روي ذلك عن الخلفاء الأربع وشريح وابن شبرمة والجمهور: لا قصاص في اللطمة ونحوها. ولعل المراد بما ذهب إليه الخلفاء الأربع من القصاص في الضربة بالسوط والعصا والحجر الصغير واللكزة باليد (1) أن يكون في مقتل أو في حال ضعف المضروب لمرض أو صغر، فأما ما صغر جدًا كالضربة بالقلم والإصبع في غير مقتل فما أظن فيه خلافًا (2).
وقد يؤخذ من الحديث أنه لا فرق في القصاص بين أن يقع الضرب للمداعبة واللعب ونحو ذلك، أو كان في جد، فإن طعنة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في حال المداعبة، كما في رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم طعن إنسانًا بقضيب مداعبة، فقال: أصبرني.
(قال: إن عليك قميصًا وليس عليَّ قميص. فرفع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه) فيه اشتراط المماثلة في القصاص فإذا كان المضروب بلا قميص يستره فيكون المأخوذ منه القصاص بلا قميص، وإن كان الضرب فوق القميص
(1) بعدها بياض في (ل)، (م) بمقدار كلمة.
(2)
في (ل)، (م): خلاف. والجادة ما أثبتناه.
فالقصاص مثله. (فاحتضنه وجعل يقبل كشحه) بفتح الكاف وسكون الشين المعجمة، وهو ما بين الخاصرة فما فوقه إلى الضلع، وفيه: أن الكشح من الرجل ليس بعورة، فإن عورته ما بين السرة والركبة. وفيه: إكرام الأكابر من المشايخ والعلماء بتقبيل جسدهم وبدنهم ورأسهم ونحو ذلك تعظيمًا لهم والتماسًا لبركتهم.
(وقال: فإنما (1) أردت هذا يا رسول اللَّه) وفيه جواز التحيل إلى الوصول لما يعود نفعه كما في قصة يوسف، حيث جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون، حين أراد رؤية أخيه ومجيئه إليه.
* * *
(1) قبلها في (ل): إنما. وعليها: خـ. وعكسه في (م).