الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
163 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: جعَلَني اللَّهُ فِداكَ
5226 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ ح، وَحَدَّثَنا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنا هِشامٌ، عَنْ حَمّادٍ -يَعْنِيانِ: ابن أَبي سُلَيْمانَ-، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبي ذَرٍّ قالَ: قالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "يا أَبا ذَرٍّ". فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنا فِداؤُكَ (1).
* * *
باب في الرجل يقول: جعلني فداك
[5226]
(حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، ح، وحدثنا مسلم) ابن إبراهيم الفراهيدي.
(ثنا هشام، عن حماد، يعنيان جميعًا) حماد (ابن أبي سليمان) مسلم مولى إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، أخرج له الشيخان.
(عن زيد بن وهب، عن أبي ذر) جندب بن جنادة الغفاري.
(قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أبا ذر) كذا في بعض النسخ على النداء، وفي أكثرها:"أبو ذر"، وتوجيهه أنه مرفوع على الحكاية، حذف القول تقديره: يا من يقال له: أبو ذر، كما في قوله تعالى:{يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (2)، كأنه قيل: الذي يقال له هذا اللفظ، وهو من الحكاية التي جاءت بدون سؤال، ومنه قول من قال: دعنا من تمرتان.
ومنه قول الشاعر:
(1) رواه البخاري (6268)، ومسلم (991).
(2)
الأنبياء: 60.
وأجبت قائل: كيف أنت بصالحُ
…
حتى مللت وَمَلني عُوَّادي (1)
فأدخل الباء على لفظة صالح وجعله مرفوعًا على الحكاية، ومنه ما وجد في خط الصحابة رضي الله عنهم فلان بن أبو فلان، كأنه قيل: المقول فيه: أبو فلان.
قال ابن أبي القاسم: والمختار عند المحققين أن يقرأ بالواو، تنبيهًا على أن المنطوق به منقول عن أبو فلان بالواو (2).
(فقلت: لبيك) الأظهر أن معناها: إجابة لك بعد إجابة للتأكيد، وقيل: أنا مقيم على طاعتك.
(وسعديك) أي: ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة.
(يا رسول اللَّه وأنا فداؤك) بكسر الفاء والمد، وبالفتح مع القصر، يقال: فداه بنفسه وفدّاه بالتشديد: إذا قال له: جعلني اللَّه فداك.
وفيه حجة على جواز تفدية الرجل بأبويه أو نفسه، خلافًا لمن ظن أن تفدية النبي صلى الله عليه وسلم بأبويه إنما كان لأن أبويه كانا كافرين، فأما المسلم فغير جائز أن يفدي مسلمًا ولا كافرًا بنفسه.
واستدلوا بما روى أبو سلمة، عن مبارك، عن الحسن، قال: دخل الزبير على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو شاكٍ فقال: كيف تجدك، جعلني اللَّه فداك؟ فقال:"ما تركت أعرابيتك بعد".
(1) هذا البيت لبشار بن برد. وانظره في "شرح الكافية الشافية" 4/ 1721، 5/ 84، و"مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" ص 551.
(2)
انظر: "شرح الكافية الشافية" 4/ 1722. وفيه: (يقرأ بالياء) بدل (يقرأ بالواو).
وقال الحسن: لا ينبغي أن يفدي أحدًا أحدٌ (1).
وروى المنكدر عن أبيه قال: دخل الزبير. . فذكره (2)، وهذِه أخبار واهية لا تعارض الأحاديث الصحيحة.
وقد قيل: إن مراسيل الحسن أكثرها صحت من غير سماع، والمنكدر بن محمد لا يعتمد نقله عند أهل النقل، وهذِه التفدية إنما يراد تعظيم المدعو له وإكثاره؛ لأن الإنسان لا يفتدي إلا من يعظمه ويحبه فيبذل نفسه له.
* * *
(1) رواه البيهقي في "الشعب" 6/ 459 (8892) من طريق أبي نعيم عن مبارك به بلفظ النبي: "أما تركت أعرابيتك؟ ! أما علمت أن المسلم لا يفدي المسلم" دون قول الحسن. وقال البيهقي عقبه: فهذا منقطع، وإن صح فهو محمول على التنزيه.
ذكره الهندي في "كنز العمال" 3/ 888 (9042) بلفظ الحسن.
(2)
ذكره الهندي في "كنز العمال" 3/ 886 (9035) وعزا تخريجه لابن جرير، وقال: قال ابن جرير: هذا مرسل، رواه المنكدر بن محمد عند أهل النقل ممن لا يعتمد على نقله.