الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
162 - باب قُبْلَةِ الرِّجْلِ (م)
5225 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبّاعِ، حَدَّثَنا مَطَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْنَقُ، حَدَّثَتْني أُمُّ أَبانَ بِنْتُ الوازِعِ بْنِ زارِعٍ، عَنْ جَدِّها زارِعٍ وَكانَ في وَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ قالَ: لَمّا قَدِمْنا المَدِينَةَ فَجَعَلْنا نَتَبادَرُ مِنْ رَواحِلِنا فَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبي صلى الله عليه وسلم وَرِجْلَهُ قالَ: وانْتَظَرَ المُنْذِرُ الأَشَجُّ حَتَّى أَتَى عَيْبَتَهُ فَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ ثُمَّ أَتَى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقالَ لَهُ: "إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُما اللَّهُ: الحِلْمُ والأَناةُ". قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ أَنا أَتَخَلَّقُ بِهِما أَمِ اللَّهُ جَبَلَني عَلَيْهِما قالَ: "بَلِ اللَّهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِما". قالَ: الحَمْدُ للَّه الذي جَبَلَني عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُما اللَّهُ وَرَسُولُهُ (1).
* * *
[5225]
(ثنا محمد بن عيسى) بن نجيح، روى عنه البخاري تعليقًا (2).
(ثنا مطر بن عبد الرحمن) العنزي (الأعنق) بسكون المهملة وفتح النون، البصري، قال أبو حاتم: محله الصدق (3). وذكره ابن حبان في "الثقات"(4).
(حدثتني) جدتي (أم أبان بنت الوازع بن زارع، عن جدها زارع) بن عامر العبدي، وقيل: روت عن أبيها عن جدها (5).
(1) رواه مسلم (17/ 25).
(2)
روى له في موضعين من "صحيحه" تعليقًا (1769)، (6072).
(3)
"الجرح والتعديل" 8/ 288 (1321).
(4)
9/ 189.
(5)
انظر: "تهذيب الكمال" 35/ 326.
وأخرج هذا الحديث البغوي في "معجم الصحابة" وقال: لا أعلم للزارع (1) غيره (2). وذكر أبو عمر النمري أن له ابنا يُسَمَّى الوازع وبه يكنى، وأن حديثه حسن (3). وقد ذكر أبو بكر بن أبي علي الذكواني في الصحابة الزارع بن زارع ولم يخرج له شيئًا.
(وكان في وفد عبد القيس) الذين قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكانوا أربعة عشر راكبًا.
(قال: فجعلنا نتبادر) أي: نتسارع بالنزول (من رواحلنا) مسرعين (فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله)(4) إكرامًا له وتعظيمًا لشأنه وتبركًا بمس جسده الكريم.
(قال: ) زارع (وانتظر المنذر) بسكون النون ابن عائذ بالذال المعجمة ابن الحارث، سماه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (الأشج) بالرفع صفة لأثر كان في وجهه، العقدي، وهو رئيس الوفد.
(حتى أتى عَيْبَته) بفتح العين المهملة وسكون المثناة تحت ثم موحدة مفتوحة، وهي وعاء يضع الإنسان فيها ثيابه وأمتعته، وهي النعجة، ومنه: حديث: "الأنصار كرشي وعيبتي"(5) أي: موضع سري، والعرب تكني عن القلوب والصدور بالعيبات؛ لأنها مستودع السرائر، كما أن العيبات
(1) في (ل)، (م): للوازع. والمثبت من "معجم الصحابة".
(2)
"معجم الصحابة" 2/ 520 - 521 (905).
(3)
"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" 2/ 131 (872).
(4)
بعدها في (ل)، و (م): رجليه. وعليها: خـ.
(5)
رواه البخاري (3799)، (3801)، ومسلم (2515) من حديث أنس مرفوعًا.
مستودع الثياب.
(فلبس ثوبه ثم) عقل ناقته وجمع رجال قومه (وأتى النبي صلى الله عليه وسلم) هو وقومه وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: مرنا بأمر نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة. وعما يشربون فيه، وقد تقدم الحديث في كتاب الأشربة وترجم عليه المصنف: باب في الأوعية (1).
(فقال له) أي: لأشج عبد القيس العصري (إن فيك خلتين) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام، أي: خصلتين، كما في لفظ رواية مسلم (2)(يحبهما اللَّه) ورسوله كما سيأتي (الحلم) وهو العقل، يقال: حلُم الرجل -بضم اللام- أي: صار حليمًا، وتحلم: إذا تكلف الحلم.
(والأناة) بفتح الهمزة والقصر، بوزن حصاة، وهو التثبت وترك العجلة، مشتق من التأني، وهو المكث والإبطاء، يقال: أنيت وأنيت بالتشديد وتأنيت، قال القاضي عياض: الأناة: تربصه حتى نظر في مصالحه ولم يعجل، والحلم: هو القول الذي قاله الدال على صحة عقله وجودة نظره في العواقب (3).
وقد روي في غير المصنف أنه لما نادى قومه لبس ثيابه الجدد، ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم على حال هدوء وسكينة، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم إلى جانبه، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس: "تبايعون على أنفسكم
(1) سبق برقم 3690.
(2)
"صحيح مسلم"(17/ 25) من حديث ابن عباس، (18) من حديث أبي سعيد الخدري.
(3)
"إكمال المعلم" 1/ 234.
وعلى قومكم؟ " فقال القوم: نعم. فقال الأشج: يا رسول اللَّه، إنك لم تزاول الرجل على أشد من دينه، نبايعك على أنفسنا وترسل معنا من يدعوهم، فمن اتبعنا كان منا ومن أبى قاتلناه. قال: "صدقت، إن فيك لخصلتين" (1).
(قال: يا رسول اللَّه، أنا أتخلق بهما) أي: أنا أكتسبهما تخلقًا لي (أم اللَّه جبلني عليهما؟ قال: بل اللَّه جبلك عليهما) والجبلّة -بتشديد اللام- الخلقة.
(قال: الحمد للَّه الذي جبلني على خلقين) يعني (2): طبعين، وجبلتين (يحبهما اللَّه ورسوله) فيه من الفقه جواز مدح الإنسان في وجهه مشافهة بما فيه من الصفات الحسنة ترغيبًا له في المحافظة عليها والتمسك بها، لكن لا يمدح الرجل في وجهه إلا إذا أمنت عليه الفتنة والعجب بنفسه، كما مدح أبو بكر وعمر وغيرهما من أكابر الصحابة في وجوههما، إذ الأصل يمنع من ذلك؛ لقوله عليه السلام:"إياكم والمدح فإنه الذبح"(3) وقوله في الحديث المتفق عليه للمادح: "قطعت عنق صاحبك"(4).
(1) انظر: شرح مسلم" للنووي 1/ 189.
(2)
في (م): أي.
(3)
رواه الطبري في "تهذيب الآثار مسند عمر"(136)، والقضاعي في "مسند الشهاب" 2/ 94 (953)، والديلمي كما في "الفردوس" 1/ 384 (1543) من حديث معاوية رضي الله عنه.
(4)
"صحيح البخاري"(2662)، (6061)، "صحيح مسلم"(3000) من حديث أبي بكرة مرفوعًا.
وفيه من الفقه: حمد اللَّه وشكره على ما أنعم عليه من النعم التي لا يعلمها.
* * *