الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
82 - باب فِي الكَرْمِ وَحِفْظِ المَنْطِقِ
4974 -
حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْن داوُدَ، أَخْبَرَنا ابن وَهْبٍ قالَ: أَخْبَرَنا اللَّيْث بْنُ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ: الكَرْمَ فَإِنَّ الكَرْمَ الرَّجُلُ المُسْلِمُ، ولكن قُولُوا: حَدائِقَ الأَعْنابِ"(1).
* * *
باب حفظ المنطق
[4974]
(ثنا سليمان بن داود) بن حماد، أبو الربيع المهري، قال النسائي وغيره: ثقة (2)(ثنا) عبد اللَّه (ابن وهب، أخبرني الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة)(3) الكندي.
(عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: لا يقولن أحدكم الكَرْم) نهى عما كانت العرب تستعمله من تسمية العنب بالكرم؛ لكثرة حمله وسهولة قطعه وكثرة منافعه، وأصل الكرم: الكثرة، والكريم من الرجال: الكثير العطاء والنفع؛ يقال: رجل كرم وكرام لمن كان كذلك، وامرأة كرم ونساء كُرم وصف المصدر على حد: رجل عدل.
وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تسمية العنب بالكرم؛ لأنه لما حرم الخمر عليهم، وكانت طباعهم تحثهم على الكرم، كره عليه السلام أن يسمى هذا
(1) رواه البخاري (6182)، ومسلم (2247).
(2)
انظر: "تهذيب الكمال" 11/ 410 (2508).
(3)
فوقها في (ل): (ع).
المحرم باسم يهيج طباعهم إليه (1) عند ذكره، فيكون ذلك الوقوع في المحرم؛ كالنظر للأجنبية، وسماع صوتها، ووصفها بالحسن، وإن لم يرها تحرك الطباع؛ فنهى عنه.
قال القرطبي: وهذا ليس بصحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينهَ عن تسمية المحرم الذي هو الخمر بالعنب بل عن تسمية العنب بالكرم، وإنما محمل الحديث كمحمل:"ليس المسكين بالطواف عليكم"(2)، و"ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"(3) أي: الأحق (4).
(فإن الكرم) في الحقيقة هو (الرجل المسلم) أو قلب الرجل المسلم؛ وذلك لما حواه من العلوم والأعمال الصالحة، والداعية إلى الكرم والسخاء، فهو أحق باسم الكريم والكرم من العنب (5). قلت: وعلى هذا فالحديقة التي في جملة أشجارها العنب، أو ليس فيها عنب، تسميتها بالكرم كما هو مستعمل في بلادنا ليس بحسن؛ فإن الأحق بالكرم قلب المؤمن، وفي لفظ مسلم:"لا تسموا العنب الكرم"(6) وفي لفظ: "لا تقولوا الكرم"(7) وهذا النهي على جهة الإرشاد لما
(1) ساقطة من (م).
(2)
رواه البخاري (1479)، ومسلم (1039) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(3)
رواه البخاري (6114)، ومسلم (2609) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(4)
"المفهم" 5/ 551.
(5)
انظر السابق.
(6)
"صحيح مسلم"(2247)(8).
(7)
رواه مسلم (2248) من حديث وائل بن حجر مرفوعًا.
هو الأولى في الإطلاق، كما قال عليه السلام:"لا تغلبنكم الإعراب على اسم صلاتكم العشاء العتمة، فإنها في كتاب اللَّه العشاء"(1)، فأشار إلى أن تسميتها العشاء أولى من العتمة.
(ولكن قولوا: حدائق) جمع حديقة، وهي اسم لكل ما أحاط به البناء من البساتين وغيرها، ويقال للقطعة من النخل: حديقة، وإن لم يكن محاطًا بها، من التحديق، وهي: إحاطة حدقة العين بالشيء من جميع جوانبه (الأعناب) جمع كتب وعنب جمع عنبة فهو جمع الجمع، والعنبة: الحبة منه، ولا يقال إلا للطري، فإن يبس فهو زبيب.
* * *
(1) رواه مسلم (644)(229) من حديث ابن عمر.