الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
143 - باب في إِفْشاءِ السَّلامِ
5193 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبي شُعَيْبٍ، حَدَّثَنا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبي صالِحٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "والَّذي نَفْسي بيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلا تُوْمِنُوا حَتَّى تَحابُّوا أَفَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ"(1).
5194 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْن سَعِيدٍ، حَدَّثَنا اللَّيْث، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبي الخَيْرِ، عَنْ عَبدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أي الإِسْلامِ خَيْرٌ؟ قالَ:"تُطْعِمُ الطَّعامَ وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ"(2).
* * *
باب في إفشاء السلام
[5193]
(حدثنا أحمد بن أبي شعيب) مسلم الحراني، أخرج له البخاري بواسطة محمد بن يحيى في تفسير براءة (3).
(ثنا زهير، ثنا الأعمش، عن أبي صالح) السمان (عن أبي هريرة، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا تدخلوا) هكذا الرواية بحذف النون، وهي لغة صحيحة معروفة، واللغة الفصحى عند أهل العربية إثباتها؛ لأن لفظة (لا) ليست للنهي، بل للنفي، فثبتت النون (4).
(1) رواه مسلم (54).
(2)
رواه البخاري (12).
(3)
"صحيح البخاري"(4677).
(4)
قال القاري في "مرقاة المفاتيح" 7/ 2937: لعل الوجه أن النهي قد يراد به النفي كعكسه المشهور عند أهل العلم.
وقال العظيم آبادي في "عون المعبود" 9/ 2471: وفي نسخة المنذري: "لا =
(الجنة حتى تؤمنوا) والمراد بهذا الإيمان التصديق الشرعي المذكور في حديث جبريل عليه السلام، وإن لم يكن كامل الإيمان (ولا تؤمنوا (1) حتى تحابوا) بضم الباء الموحدة المشددة، ومعناه لا يكمل إيمانكم ولا يصلح حالكم في الإيمان إلا بالتحابب. وقال ابن الصلاح: معنى الحديث: لا يكمل إيمانكم إلا بالتحابب، ولا تدخلوا الجنة عند دخول أهلها إذا لم تكونوا كذلك (2). قال النووي: وهذا الذي قاله محتمل (3).
(أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا) بقطع الهمزة المفتوحة (السلام بينكم) وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف، والمراد بإفشاء السلام: إظهاره وإشاعته، والسلام أول أسباب التآلف ومفتاح استجلاب المودة، وفي إفشائه إظهار شعار الإِسلام المميز لهم من غيرهم من الملل، مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع، وإعظام حرمة المسلمين، وفيه: رفع التقاطع والتهاجر.
[5194]
(ثنا قتيبة (4) بن سعيد) البلخي (ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير) مرثد بفتح الميم والثاء المثلثة، ابن عبد اللَّه اليزني، مفتي أهل مصر التابعي (عن عبد اللَّه بن عمرو) بن العاص (أن رجلًا سأل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أي الإِسلام) قال أبو البقاء: تقديره: أي
= تدخلون" بإثبات النون، وكذلك في رواية مسلم.
(1)
بعدها في (ل): يؤمنون، وعليها (خـ).
(2)
"صيانة صحيح مسلم" ص 218.
(3)
"شرح مسلم" 2/ 36.
(4)
فوقها في (ل): (ع).
خصال الإِسلام (1)(خير؟ ) أي: أفضل (قال: تطعم الطعام) قال البيهقي: يحتمل إطعام المحاويج أو الضيافة أو هما جميعًا، وللضيافة في التحابب والتأليف أثر عظيم (2). انتهى. لكن إطعام المحاويج أفضل؛ لأنه به قوام أبدانهم.
فإن قلت: كيف يصح أن يكون: (تطعم الطعام) جوابًا لقوله: (أي الإِسلام خير؟ ) ولا يستقيم أن يقال: أن تطعم خيرًا والخير أن تطعم؟ فالجواب: هو مثل قولهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. فهو في تقدير المصدر، والتقدير فيها: إطعام الطعام خير، وسماعك بالمعيدي خير من رؤيته. وقرينه قوله من بعده "على من عرفت ومن لم تعرف" على أن الإطعام يكون كذلك؛ فتطعم من عرفت ومن لم تعرف، كما في إقراء السلام الذي قارنه "على من عرفت ومن لم تعرف".
(وتقرأ) بفتح أوله وثالثه (السلام) المشروع (على من عرفت ومن لم تعرف) ولا تخص به من ترعى وده وله عليك فضل وتترك غيره تكبًّرا أو تهاونًا، أو مصانعة وملقًا، بل تسلم على كل أحد مراعاة لإخوة الإِسلام وتعظيمًا لشعار الشريعة، ولا ينبغي أن تكون المعادة مانعة من السلام. ولا تسلم على الكافر إجماعًا.
وقد جمع في هذا الحديث بين مكارم الأخلاق المالية والبدنية، فالمالية إطعام الطعام، والبدنية إقراء السلام، وهما من نظام الشويعة.
* * *
(1)"إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث النبوي" لأبي البقاء العكبري ص 126.
(2)
"شعب الإيمان" 6/ 478.