الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
175 - باب فِي قَتْلِ الحَيَّاتِ
5248 -
حَدَّثَنَا إِسْحاقُ بْن إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابن عَجْلانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ما سالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حارَبْناهُنَّ، وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُنَّ خِيفَةً فَلَيْسَ مِنَّا"(1).
5249 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ بَيانٍ السُّكَّري، عَنْ إِسْحاقَ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحاقَ، عَنِ القاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابن مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْتُلُوا الحَيَّاتِ كُلَّهُنَّ، فَمَنْ خافَ ثَأْرَهُنَّ فَلَيْسَ مِنِّي"(2).
5250 -
حَدَّثَنَا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ قالَ: سَمِعْت عِكْرِمَةَ يَرْفَعُ الحَدِيثَ فِيما أُرى إِلَى ابن عَبَّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَرَكَ الحَيَّاتِ مَخافَةَ طَلَبِهِنَّ فَلَيْسَ مِنَّا، ما سالَمْناهُنَّ مُنْذُ حارَبْناهُنَّ"(3).
5251 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا مَرْوانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُوسَى الطَّحانِ قالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سابِطٍ، عَنِ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ أَنَّهُ قالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنّا نُرِيدُ أَنْ نَكْنِسَ زَمْزَمَ وَإِنَّ فِيها مِنْ هذِه الجِنّانِ -يَعْني: الحَيَّاتِ الصِّغارَ- فَأَمَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهِنَّ (4).
(1) رواه أحمد 2/ 247، وابن حبان 12/ 461. وصححه الألباني.
(2)
رواه النسائي 6/ 51.
وله شاهد عن عبد اللَّه بن عمر عند البخاري (3297)، ومسلم (2233).
(3)
رواه أحمد 1/ 230، وابن حبان 12/ 461 (5644). وصححه الألباني.
(4)
رواه الفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 66 (1162)، والضياء في "المختارة" 8/ 372 (459).
قال الألباني: صحيح إن كان ابن سابط سمع من العباس.
5252 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيانُ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ سَالمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"اقْتُلُوا الحَيَّاتِ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ والأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسانِ البَصَرَ وَيُسْقِطَانِ الحَبَلَ". قالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْتُلُ كُلَّ حَيَّةٍ وَجَدَها فَأَبْصَرَهُ أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بْنُ الخَطَّابِ وَهُوَ يُطارِدُ حَيَّة فَقالَ إِنَّهُ قَدْ نُهِي عَنْ ذَواتِ البُيُوتِ (1).
5253 -
حَدَّثَنَا القَعْنَبِي، عَنْ مالِكٍ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ أَبِي لُبابَةَ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِ الجِنّانِ التي تَكُونُ في البُيُوتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذا الطَّفْيَتَيْنِ والأَبْتَرَ فَإِنَّهُما يَخْطِفانِ البَصَرَ وَيَطْرَحانِ ما في بُطونِ النِّساءِ (2).
5254 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نافِعٍ أَنَّ ابْن عُمَرَ وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ -يَعْني: بَعْدَ ما حَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ- حَيَّةً في دارِهِ فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ يَعْني: إِلَى البَقِيعِ (3).
5255 -
حَدَّثَنَا ابن السَّرْحِ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الهَمْداني قالا أَخْبَرَنَا ابن وَهْبٍ، قالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، عَنْ نافِعٍ في هذا الحَدِيثِ قالَ نَافِعٌ: ثُمَّ رَأَيْتُهَا بَعْدُ في بَيْتِهِ (4).
5256 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، قالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَصاحِبٌ لَهُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ يَعُودانِهِ فَخَرَجْنا مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِينَا صاحِبًا لَنا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ فَأَقْبَلْنا نَحْنُ فَجَلَسْنا فِي المَسْجِدِ فَجَاءَ فَأَخْبَرَنا أَنَّهُ سَمِعَ أَبا سَعِيدٍ الخُدْري يَقُول: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الهَوامَّ مِنَ الجِنِّ فَمَنْ رَأى في بَيْتِهِ شَيْئًا فَلْيُحَرِّجْ عَلَيْهِ ثَلاثَ مَرّاتٍ، فَإِنْ عادَ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطانٌ"(5).
5257 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ الرَّمْلي، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابن عَجْلَانَ، عَنْ
(1) رواه البخاري (3297)، ومسلم (2233).
(2)
رواه البخاري (3313)، ومسلم (2233).
(3)
انظر ما قبله.
(4)
انظر ما قبله.
(5)
رواه مسلم (2236).
صَيْفي أَبي سَعِيدٍ مَوْلَى الأَنْصَارِ، عَنْ أَبي السّائِبِ قالَ: أَتَيْتُ أَبا سَعِيدٍ الخُدْري فَبَيْنا أَنا جالِسٌ عِنْدَهُ سَمِعْتُ تَحْتَ سَرِيرِهِ تَحْرِيكَ شَيء فَنَظَرْتُ فَإِذا حَيَّةٌ فَقُمْتُ فَقالَ أَبُو سَعِيدٍ: ما لَكَ فَقُلْتُ حَيَّةٌ ها هُنَا. قالَ: فَتُرِيدُ ماذا قُلْتْ أَقْتُلُها. فَأَشارَ إِلَى بَيْتٍ في دارِهِ تِلْقاءَ بَيْتِهِ فَقالَ إِنَّ ابن عَمٍّ لي كانَ في هذا البَيْتِ فَلَمّا كانَ يَوْمُ الأَحْزابِ اسْتَأْذَنَ إِلَى أَهْلِهِ وَكانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِسِلاحِهِ فَأَتَى دَارَهُ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قائِمَةً عَلَى بَابِ البَيْتِ فَأَشارَ إِلَيْها بِالرُّمْحِ فَقَالَتْ: لا تَعْجَلْ حَتَّى تَنْظُرَ ما أَخْرَجَنِي.
فَدَخَلَ البَيْتَ فَإِذا حَيَّة مُنْكَرَةٌ فَطَعَنَها بِالرُّمْحِ ثُمَّ خَرَجَ بِها في الرُّمْحِ تَرْتَكِضُ قالَ: فَلَا أَدْري أَيُّما كانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الرَّجُلُ أَوِ الحَيَّة فَأَتَى قَوْمُهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ صَاحِبَنَا.
فَقالَ: "اسْتَغْفِرُوا لِصاحِبِكُمْ". ثُمَّ قالَ: "إِنَّ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ أَسْلَمُوا بِالمَدِينَةِ فَإِذا رَأَيْتُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَحَذِّرُوهُ ثَلاثَ مَرّاتٍ ثُمَّ إِنْ بَدا لَكُمْ بَعْدُ أَنْ تَقْتُلُوهُ فاقْتُلُوهُ بَعْدَ الثَّلاثِ"(1).
5258 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابن عَجْلانَ بهَذا الحَدِيثِ مُخْتَصَرًا قالَ:"فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلاثًا فَإِنْ بَدا لَهُ بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطانٌ"(2).
5259 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الهَمْداني، أَخْبَرَنَا ابن وَهْبٍ قالَ: أَخْبَرَنَا مالِكٌ عَنْ صَيْفي مَوْلَى ابن أَفْلَحَ، قالَ: أَخْبَرَني أَبُو السَّائِبِ مَوْلَى هِشامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبي سَعِيدٍ الخُدْري فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَأَتَمَّ مِنْهُ قالَ: "فَأَذِنُوهُ ثَلاثَةَ أَيّام فَإنْ بَدا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطانٌ"(3).
5260 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمانَ، عَنْ عَلي بْنِ هاشِمٍ، حَدَّثَنَا ابن أَبي لَيْلَى،
(1) انظر ما قبله.
(2)
انظر ما قبله.
(3)
انظر ما قبله.
عَنْ ثابِتٍ البُنَاني، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ، عَنْ حَيَّاتِ البُيُوتِ فَقالَ:"إِذا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ شَيْئًا في مَسَاكِنِكُمْ فَقُوُلُوا: أَنْشُدُكُنَّ العَهْدَ الذي أَخَذَ عَلَيْكُنَّ نُوحٌ أنْشُدُكُنَّ العَهْدَ الذي أَخَذَ عَلَيْكُنَّ سُلَيْمانُ أَنْ لا تُؤْذُونَا فَإِنْ عُدْنَ فاقْتُلُوهُنَّ"(1).
5261 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْن عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنِ ابن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قالَ: اقْتُلُوا الحَيَّاتِ كُلَّها إِلَّا الجانَّ الأَبْيَضَ الذي كَأَنَّهُ قَضِيبُ فِضَّةٍ. قالَ أَبُو داوُدَ: فَقالَ لي إِنْسانٌ: الجانُّ لا يَنْعَرِجُ في مِشْيَتِهِ فَإِذَا كانَ هذا صَحِيحًا كانَتْ عَلَامَةً فِيهِ إِنْ شاءَ اللَّهُ (2).
* * *
باب في قتل الحيات
[5248]
(حدثنا إسحاق بن إسماعيل) الطالقاني، ثقة (ثنا سفيان) بن عيينة (عن) محمد (ابن عجلان، عن أبيه) عجلان مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة القرشي، أخرج له مسلم في حق المملوك (3).
(عن أبي هريرة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما سالمناهن) أي: ما صالحناهن (منذ حاربناهن) أي: عاديناهن. وسئل أحمد بن صالح عن هذا الحديث وقيل له: متى كانت منها جميعًا العداوة؟ قال: حين
(1) رواه الترمذي (1485).
وضعفه الألباني.
(2)
رواه ابن أبي شيبة 4/ 261 (19907)، والبيهقي في "الآداب" 1/ 152 (364)،
والبغوي في "شرح السنة" 12/ 193 (3264).
قال الألباني: صحيح موقوف.
(3)
"صحيح مسلم"(1662).
أخرج آدم من الجنة، قال اللَّه تعالى:{اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ} قال: بعضهم: هم أربعة: آدم وحواء وإبليس والحية.
(ومن ترك شيئًا منهن خيفة) أي: من قتل شيء من الحيات للخوف منهن أو من طلبهن له (فليس منا) أي: ليس على طريقتنا. واحتج بإطلاقه القائلون بقتل الحيات كلها في البيوت والصحاري، بالمدينة وغيرها، ولم يستثنوا منها جنسًا ولا نوعًا، ولا استثنوا فيهن موضعًا.
[5249]
(ثنا عبد الحميد بن بيان) بن زكريا الواسطي، وهو صدوق (اليشكري)[وهو صدوق](1) نسبة إلى يشكر بن وائل، بطن من ربيعة، وهو بفتح المثناة تحت وسكون الشين المعجمة.
(عن إسحاق بن يوسف) بن مرداس المخزومي الواسطي الأزرق (عن) القاضي (شريك، عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد اللَّه السبيعي.
(عن القاسم بن عبد الرحمن) الهذلي، قاضي الكوفة، أخرج له البخاري (عن أبيه) عبد الرحمن بن مسعود بن نيار، بكسر النون ثم مثناة تحت، الأنصاري المدني، مقبول.
(عن ابن مسعود: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اقتلوا الحيات كلهن) صرح في هذِه الرواية بـ (كل) الدالة على العموم في الحيات، والعموم شامل لجميع الأحوال والأزمنة والبقاع، فيدخل في العموم قتلهن في حالة الإحرام. قال الرافعي: الحية في معنى الفواسق (2).
وفي "صحيح مسلم": عن ابن عمر: حدثني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(2)
"الشرح الكبير" 3/ 494.
أنه كان يأمر بقتل الكلب. فذكر الخمسة الفواسق، وزاد: والحية. قال: وفي الصلاة أيضًا (1).
وروى الحاكم عن أبي هريرة: "اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب"(2)(فمن خاف ثأرهن) بالمثلثة وسكون الهمزة، أي: من خاف إذا قتلهن أن يطلب بثأرهن ويقتل بقتلهن، ويحتمل أن يقال: من خاف إذا هاش على الحيات وأراد قتلها أن تطلبه، وترتفع (3) لتلدغه بسمها، فيموت من لدغتها (فليس منا) أي: ليس عاملًا بسنتنا ولا مقتديًا بنا.
[5250]
(ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبد (4) اللَّه بن نمير) الهمداني (ثنا موسى بن مسلم الطحان) الصغير، ثقة، مات ساجدًا.
(سمعت عكرمة يرفع الحديث فيما أرى) بضم الهمزة. أي: أظن (إلى) عبد اللَّه (ابن عباس: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من ترك قتل الحيات) لأجل (مخافة طلبهن) له أن تتتبعه لتقتله، أو مخافة أن يطلبنه بثار قتلهن (فليس منا، ما سالمناهن منذ حاربناهن) يحتمل أن يراد: ما أبيح لنا ترك قتلهن بعد أن أمرنا به، كما في الكلاب.
[5251]
(ثنا أحمد (5) بن منيع) البغوي (ثنا مروان بن معاوية) بن الحارث الفزاري الكوفي (عن موسى) بن مسلم (الطحان) الصغير (ثنا
(1)"صحيح مسلم"(1200/ 75).
(2)
"المستدرك" 1/ 256 برواية أبي هريرة مرفوعًا.
(3)
في (م): وأراد أن ترتفع.
(4)
فوقها في (ل): (ع).
(5)
فوقها في (ل): (ع).
عبد الرحمن بن سابط) الجمحي، الفقيه (1)، أخرج له مسلم.
قال المنذري: في سماعه من العباس نظر، والأظهر أنه مرسل (2).
(عن العباس بن عبد المطلب) بن هاشم عم النبي صلى الله عليه وسلم (أنه قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنا نريد أن نكنس)[بضم النون](3) بئر (زمزم) سميت بذلك لكثرة مائها، يقال: ماء زمزم وزمزام. أي: كثير.
(وإن فيها من هذِه الجنان) بكسر الجيم وتشديد النون الأولى (يعني: الحيات الصغار) روي عن ابن عباس: الجنان: مسخ الجن، كما مسخت القردة من بني إسرائيل (4)، وقال ابن وهب: الجنان: العوامر التي تكون في البيوت. يعني: تتمثل حية رقيقة للآدميين (5). وواحد: الجنان بتشديد النون، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهن.
[5252]
(ثنا مسدد، ثنا سفيان) بن عيينة (عن الزهري، عن سالم بن عبد اللَّه، عن أبيه) عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما (أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:
(1) ساقطة من (م).
(2)
"مختصر سنن أبي داود" 8/ 105.
(3)
ساقطة من (م).
(4)
رواه من حديث ابن عباس مرفوعًا أحمد 1/ 348، والبزار كما في "كشف الأستار"(1232)، وابن حبان 12/ 457 - 458 (5640)، والطبراني 11/ 341 (11946) بلفظ:"الحيات" بدل لفظ "الجنان"، إلا البزار بلفظ:"الحية"، واللفظ بتمامه للطبراني.
ورواه موقوفًا عبد الرزاق 1/ 434 (19617)، وأحمد 1/ 348، والطبراني 11/ 314 (11846) بلفظ "الحيات" لعبد الرزاق والطبراني، وبلفظ "الجان" لأحمد.
(5)
انظر: "التمهيد" 16/ 19، "إكمال المعلم" 7/ 169.
اقتلوا الجنان) لفظ البخاري: عن ابن عمر أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول: "اقتلوا الحيات"(و)"اقتلوا"(1)(ذا الطفيتين) بضم الطاء المهملة وسكون الفاء وفتح المثناة تحت.
قال العلماء: شبه الخيطين الأبيضين اللذين على ظهر الحية بخوصتين من خوص المقل، فإن الطفية في الأصل خوصة شجر المقل، وجمعها طفى.
قال النمري: يقال: إن ذا الطفيتين حنش يكون على ظهره خطان أبيضان (2). وقال غيره: نقطتان (3). وعطف ذي الطفيتين على الحيات يحتمل أن يكون من عطف الخاص على العام، كقوله تعالى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)} (4) فإن ذا الطفيتين نوع من الحيات.
(و) اقتلوا (الأبتر) قال النضر بن شميل: الأبتر: هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب (5).
وقال غيره: هو القصير الذنب (6). ومنه حديث الضحايا أنه نهى عن المبتورة (7)، وهي التي قطع ذنبها.
(فإنهما يلتمسان البصر) فيه تأويلان: أحدهما: يخطفان البصر
(1)"صحيح البخاري"(3297).
(2)
"التمهيد" 16/ 23.
(3)
انظر: "مطالع الأنوار" بتحقيقنا 3/ 278.
(4)
الرحمن: 68.
(5)
انظر: "التمهيد" 16/ 23، 133.
(6)
انظر: "شرح مسلم" 14/ 235.
(7)
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 93.
ويطمسانه، بدليل رواية البخاري:"فإنهما يطمسان البصر"(1) وفي رواية له: "لا تقتلوا الحيات، إلا كل أبتر ذي طفيتين، فإنه يسقط الولد ويذهب البصر"(2) يعني: بمجرد نظرهما إليه، خاصية جعلها اللَّه في بصرهما إذا وقع على نظر آدمي.
والثاني: أنهما يقصدان البصر باللسع والنهس. والأول أصح، ولا يستبعد هذا، فقد ذكر ابن الجوزي في "كشف مشكل الصحيحين" أن بعراق المعجم أنواعًا من الحيات يهلك الرائي لها بنفس رؤيتها، ومنها نوع يهلك بالمرور على طريقها (3). وقال غيره: منها نوع يسمى الناظر إذا وقع بصرها على عين الإنسان مات من ساعته.
(ويسقطان الحبل) بفتح الحاء والباء، أظنه جمع حبلى. قيل: أراد الجنين، ويؤيده الرواية المتقدمة للبخاري "ويسقط الولد" (4). أي: إذا نظرتها أمه.
قال الداودي: إنما أمر بقتلها؛ لأن الجني لا يتمثل بها، وإنما نهى عن ذوات البيوت؛ لأن الجني يتمثل بها، ولهذا أمر أن يؤذن ثلاثًا، يعني: ثلاثة أيام.
(قال) سالم (فكان عبد اللَّه) بن عمر (يقتل كل حية وجدها، فأبصره أبو لبابة) بضم اللام واسمه رفاعة بن المنذر، أحد نقباء الأنصار رضي الله عنه
(1)"صحيح البخاري"(3297).
(2)
"صحيح البخاري"(3311) بلفظ "الجنان" بدل "الحيات".
(3)
"كشف المشكل" 2/ 107 بنحوه.
(4)
"صحيح البخاري"(3311).
(أو) شك من الراوي (زيد بن الخطاب) أخو عمر، وهو من السابقين، وكان بائن الطول، وحزن عليه عمر حزنًا كثيرًا، وكان يقول: أسلم قبلي. واقتصر البخاري على أبي لبابة رضي الله عنه (1).
وله في رواية: فرأى أبو لبابة وزيد بن الخطاب (2)[(وهو يطارد حية) أي: يخادعها ويطلب قتلها](3).
(فقال له) أبو لبابة (إنه نهى عن) قتل الحيات (ذوات البيوت). لفظ البخاري: نهي عن قتل حيات البيوت. وزاد: فأمسك عنها (4). يعني: فأمسك ابن عمر عن قتل الحية حين بلغه النهي في الحال ولم يراجعه في شيء.
[5253]
(حدثنا) عبد اللَّه بن مسلمة (القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن أبي لبابة) رفاعة بن المنذر (أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان) بكسر الجيم وتشديد النون، وهي الحيات (التي تكون في البيوت) جمع جان، وهو الدقيق الخفيف، والجان الشيطان أيضًا (إلا أن يكون ذا الطفيتين والأبتر) تقدم كلام الداودي قريبًا (فإنهما يخطفان) بفتح الطاء كما قال تعالى:{فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ} (5)(ويطرحان) بفتح أوله وثالثه (ما في بطون النساء) من الولد.
(1) السابق.
(2)
"صحيح البخاري"(3299) معلقًا.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(4)
"صحيح البخاري"(3313) بلفظ "جنان" بدل لفظ "حيات".
(5)
الحج: 31.
ذهب بعض العلماء إلى [أن](1) الأمر بقتل الكلاب في الأحاديث المتقدمة مطلقًا مخصوص بالنهي عن قتل حيات البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين، فإنهما يقتلان على كل حال، سواء كانا في البيوت أو غيرها؛ لأن الجان لا تتمثل بهما، ولا ما ظهر منها بعد الإنذار ثلاثًا.
[5254]
(ثنا محمد بن عبيد) بن حساب بكسر الحاء وتخفيف السين المهملة، الغبري بضم المعجمة وتخفيف الموحدة، شيخ مسلم.
(ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما وجد بعد ذلك أي: بعد ما حدثه أبو لبابة) بالنهي عن قتل حيات البيوت (حية في داره، فأمر بها فأخرجت) من داره وأمر أن يذهب بها (يعني إلى البقيع) بفتح الموحدة، والظاهر أنه بقيع الغرقد.
وفيه: دليل على أن الإنسان إذا كان عنده شيء من المفسدات التي يخاف عاقبتها ككلب أو سنور ونحوهما أن يخرجه من عنده، ويذهب به إلى مكان يؤمن من فساده، فإن ابن عمر لما أخرجها لم يطلقها عند أحد من الأحياء التي يخاف عليهم منها، بل وضعها في مقبرة الأموات التي ليس لها استطاعة في الدخول عليهم؛ لتحذرهم بالقبور.
[5255]
(ثنا) أحمد بن عمرو (ابن السرح وأحمد بن سعيد الهمداني) المصري، قال النسائي: ليس بالقوي (2).
(قالا: ثنا) عبد اللَّه (ابن وهب، أخبرني أسامة) بن زيد الليثي، أخرج
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2)
انظر: "المعجم المشتمل"(31)، "تهذيب الكمال" 1/ 314 (38).
له مسلم (عن نافع في هذا الحديث) و (قال نافع) في روايته (ثم رأيتها بعد) ذلك (في بيته) قد رجعت إليه بنفسها ولم يخرجها.
[5256]
(ثنا مسدد، ثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن محمد بن أبي يحيى) سمعان الأسلمي، ثقة.
(حدثني أبي) أبو يحيى سمعان الأسلمي مولاهم المدني، ذكره ابن حبان في "الثقات"(1).
(أنه انطلق هو وصاحب له إلى أبي سعيد) الخدري (يعودونه)(2) وهو مريض.
(فخرجنا من عنده فلقينا صاحب لنا (3) وهو يريد أن يدخل عليه) يعوده (فأقبلنا نحن فجلسنا في المسجد، فجاء) إلى المسجد بعدما خرج من عنده.
(فأخبرنا أنه سمع أبا سعيد) سعد بن مالك بن سنان (الخدري يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن الهوام) بتشديد الميم جمع هامة بالتشديد، كدواب جمع دابة، وهي في الأصل كل ذات سم يقتل كالحية، فأما ما له سم ولا يقتل فهو السامة كالعقرب والزنبور، وهو يطلق الهوام على ما يؤذي من كل ما يدب على الأرض وليس له سم، كالقمل والبراغيث وسائر الحشرات، ومنه حديث كعب بن عجرة:"أيؤذيك هوام رأسك؟ "(4)
(1) 4/ 345.
(2)
كذا في (ل)، (م)، وفي "سنن أبي داود": يعودانه.
(3)
بعدها في (ل)، (م): فلقينا صاحبًا. وعليها: خـ.
(4)
رواه البخاري (4190)، ومسلم (1201) من حديث كعب بن عجرة مرفوعًا.
يعني: القمل. على الاستعارة بجامع الأذى.
والأظهر أن المراد بالهوام في حديث المصنف الحيات، لقوله بعده (من الجن) أي: يتصور على صورة الحيات والكلاب؛ لما روى القرطبي عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الجن على ثلاثة أثلاث: فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وثلث حيات وكلاب، وثلث يحلون ويظعنون"(1) ويدل عليه الحديث المتقدم في كنس زمزم أنهن حيات البيوت (2).
(فمن رأى في بيته شيئًا) من الحيات (فليُحَرِّج) بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء بعدها جيم، أي: يضيق عليه، وقد تأوله مالك رضي الله عنه، على أن يقال: أحرج عليك باللَّه واليوم الآخر أن لا تبدوا لنا ولا تؤذونا. فأخذه من ظاهر الحديث (3). وقال في "النهاية": تقول: أنت في حرج. أي: ضيق إن عدت لنا فلا تلومينا أن نطبق عليك بالتتبع والطرد والقتل، ومنه حديث اليتامى: تحرجوا أن يأكلوا معهم. أي: ضيقوا على أنفسهم، يقال: تحرج فلان: إذا فعل فعلًا يخرج به من الحرج، وهو الإثم والضيق (4).
(ثلاث مرات) فيه: رد على ما تقدم عن الداودي أنه يحرج ثلاثة أيام، ويحتمل أن يكون مراده ما في الحديث أنه يحرج ثلاثة أيام، كل
(1)"التمهيد" 16/ 265.
(2)
سبق قريبًا برقم (5251) من حديث العباس بن عبد المطلب.
(3)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 14/ 230.
(4)
"النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 361.
يوم ثلاث مرات، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاث مرات.
(فإن عاد) زاد: بعد الثلاث (فليقتله، فإنه شيطان) قال في "النهاية": أراد أنه أحد شياطين الجن، وقد تسمى الحية الدقيقة الخفيفة شيطانًا أو جانًّا على التشبيه (1). انتهى.
وقد يراد أن فعل الهوام فعل الشيطان في كثرة الفساد وعدم النفع.
[5257]
(ثنا يزيد) بن خالد (بن موهب) بفتح الميم والهاء (الرملي) الفقيه الزاهد الثقة.
(ثنا الليث، عن) محمد (ابن عجلان، عن صيفي بن سعيد) ويقال: أبي زياد. وهو صيفي بن زياد (المدني) ويقال: مولى أبي أيوب الأنصاري، أخرج له مسلم.
(عن أبي السائب) المدني مولى هشام بن عروة.
(قال: أتيت أبا سعيد الخدري) رضي الله عنه يعني: وهو في بيته؛ لرواية مسلم أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته، فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت (2) (فبينا أنا جالس عنده) إذ (سمعت تحت سريره) فيه: جواز اتخاذ السرير والجلوس عليه والنوم، وليس هو من السرف، إلا أن يكون السرف في قيمته (تحريك شيء، فنظرت فإذا) هي (حية، فقمت) لفظ مسلم: فوثبت (3).
(1)"النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 476.
(2)
"صحيح مسلم"(2236).
(3)
السابق.
(لأقتلها، فقال أبو سعيد: ) الخدري (ما لك؟ قلت) هذِه (حية هاهنا. قال: فتريد ماذا؟ ) تفعل (قلت) أريد أن (أقتلها. فأشار إلى بيت في داره لقاء) بكسر اللام والمد بعد القاف (1)، قال المنذري: يحتمل أن يريد تلقاء (بيته)، يقال: جلس تلقاءه. أي: حذاءه. وقال بعضهم في قوله تعالى {تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ} (2) أي: تجاههم (3). انتهى.
ويشبه أن تكون التاء حذفت لزيادتها في: تلقاء، كما زيدت في تزداد وتعاقل.
(فقال) زاد مسلم: أترى هذا البيت؟ فقلت: نعم. فقال: كان فيه فتى (4) فقال: (إن ابن عم لي كان في هذا البيت، فلما كان يوم) بالرفع (الأحزاب) حين تحزب على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قريش وغطفان، وضرب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الخندق على المدينة (5).
(استأذن) ابن عمه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الرجوع (إلى أهله) وكان استئذانه امتثالا لقوله تعالى: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} (6) وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق، ولما نزلت الآية كانوا إذا كانوا في أمر يجمعهم على طاعة اللَّه كغزو أو حفر خندق أو
(1) بعدها في (ل)، (م): تلقاء.
(2)
الأعراف: 47.
(3)
أورد هذا القول في حاشية "مختصر سنن أبي داود" 8/ 108 المحقق وعزاه إلى هامش المنذري.
(4)
"صحيح مسلم"(2236).
(5)
من هامش (ل)، وهي بياض في (م).
(6)
النور: 62.
صلاة جمعة أو عيد أو تشاور في أمر لم يذهبوا حتى يستأذنوه في الانصراف.
(وكان حديث عهد بعرس) فيه: جواز السفر عن العروس عقب دخوله عليها إلى حج أو جهاد، وجواز المبيت عنها في الجامع لاعتكاف العشر الأواخر ونحوه.
(فأذن له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) فيه: مبادرة الزوج إذا قضى حاجته في سفره أن يرجع إلى العروس (وأمره أن يذهب بسلاحه) فذهب بسلاحه إلى أهله راجعًا (فأتى داره فوجد امرأته قائمة على باب البيت) توضحه رواية مسلم الآتية: فوجدها بين البابين (1).
(فأشار إليها بالرمح) ليطعنها به (فقالت: لا تعجل) علىَّ (حتى) تدخل و (تنظر ما أخرجني. فدخل البيت، فإذا حية منكرة)[بفتح الكاف](2) أي: تنكر رؤيتها وتستقبح.
وستأتي رواية مسلم بزيادة (فطعنها بالرمح، ثم خرج بها في الرمح تركض)(3) أي: تضطرب عليه كما لمسلم (4).
(قال: فلا أدري أيهما) بالرفع مبتدأ (كان أسرع) بالنصب (موتًا الرجل) بالرفع (أو الحية؟ فأتى قومه) بالرفع (النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ادع اللَّه أن) يحيى و (يرد) علينا (صاحبنا) وسبب سؤالهم له الدعاء لإحياء
(1)"صحيح مسلم"(2236) بلفظ: فإذا امرأته بين البابين.
(2)
ساقطة من (م).
(3)
كذا في الأصول، وفي "سنن أبي داود": ترتكض.
(4)
"صحيح مسلم"(2236).
ميتهم كثرة ما كانوا يشاهدون من إجابة دعواته صلى الله عليه وسلم وعموم بركاته وعظيم معجزاته.
قال القرطبي: روى أئمتنا في كتبهم أن رجلًا وأد ابنته ثم أسلم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يدعو اللَّه أن يحييها له، فانطلق معه إلى قبرها ودعا فناداها، فأحياها اللَّه تعالى فتكلمت معهما، فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أتريدين أن تنطلقي مع أبيك أو ترجعي إلى ما كنت فيه؟ " فاختارت الرجوع إلى قبرها (1).
(فقال: استغفروا لصاحبكم) فيه الدعاء والاستغفار لمن بلغه موت صاحبه، وأمر أصحابه وجماعته بالاستغفار له ولو مات مطعونًا أو مبطونًا أو مسمومًا.
(ثم قال: إن نفزا من الجن أسلموا بالمدينة) وكذا بغيرها.
قال القرطبي: فيلزم التسوية بينها وبين غيرها في المنع من قتل الحيات إلا بعد الإذن. قال: ولا يفهم من هذا الحديث أن هذا الجان الذي قتله الفتى كان مسلمًا، وأن الجن قتلته به قصاصًا؛ لأن القصاص لا يكون إلا في العمد المحض، وهذا الفتى لم يقصد ولا تعمد قتل نفس مسلمة، إذ لم يكن عنده علم من ذلك، وإنما قصد قتل ما شرع له قتل نوعه شرعًا، وهذا قتل خطأ؛ فلا قصاص (2).
وكان النفر الذين أسلموا سبعة أو تسعة من جن نصيبين، ثم تتابعوا في الإسلام.
(1)"المفهم" 5/ 537.
(2)
"المفهم" 5/ 537 - 538.
(فإذا رأيتم أحدًا منهم) أي: ظهر لكم أحد منهم بصورة كلب أو حية ونحوها (فحذروه) من الظهور (ثلاث مرات) في ثلاثة أيام (ثم إن بدا) بلا همز (لكم بعد) مبني على الضم، وفاعل (بدا)(أن تقتلوه) تقديره بدا لكم قتله ذلك (أن تقتلوه).
قال العلماء: معناه إذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنه ليس من عوامر البيوت، ولا ممن أسلم من الجن، بل هو شيطان؛ فلا حرمة له فاقتلوه، ولن يجعل اللَّه له سبيلا للانتصار عليكم بثأره، بخلاف العوامر ممن أسلم.
(فاقتلوه) هذا للاستحباب وليس هو للوجوب، إذ لو كان للوجوب لما علقه بالاختيار في قوله:(بدا لكم) أي: تحدد لكم رأي واختيار (بعد الثلاث) فإنه كافر ممن لم يسلم، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الطريق التي يحصل بها التحرز في قتل المسلم منهم والتسلط به على قتل كافرهم.
[5259]
(ثنا أحمد بن سعيد) المصري (الهمداني، أبنا ابن وهب، أخبرني مالك، عن صيفي) بن زياد المدني، تقدم ([مولى] (1) ابن أفلح) ويقال مولى أبي زهرة الأنصاري (قال: أخبرني أبو السائب مولى هشام بن زهرة) رضي الله عنه قال: أنبئت (أنه دخل على أبي سعيد الخدري فذكر نحوه، وأتم منه) هذِه رواية مسلم، وتمامه: في بيته قال (2): فوجدته يصلي فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته، فسمعت
(1) ساقطة من (ل)، (م)، والمثبت من "سنن أبي داود".
(2)
ساقطة من (م).
تحريكًا في عراجين في ناحية البيت، فالتفت فإذا حية فوثبت لأقتلها، فأشار إليَّ أن اجلس فجلست، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار، فقال: أترى هذا البيت؟ فقلت: نعم. فقال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس. قال: فخرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله، فاستأذنه يومًا فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"خذ سلاحك فإني أخشى عليك" فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع، فإذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به وأصابته غيرة، فقالت له: اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني. فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به، ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت، فما ندري أيهما كان أسرع موتًا الحية أم الفتى، إلى آخره (1).
(فآذنوه) بمد الهمزة وكسر الذال أي: أعلموه، وفي بعض النسخ:"فآذنوها" يعني: الحية (ثلاثة أيام) في كل يوم ثلاث مرات.
قال عيسى بن دينار: ينذر ثلاثة أيام وإن ظهر في اليوم مرات، أو لا يقتصر على إنذاره ثلاث مرار في يوم واحد حتى يكون ثلاثة أيام (2). ومفهوم الحديث ثلاث مرات، وهذِه الرواية نص صريح في الثلاثة أيام مقيدة للرواية المطلقة أولا، فلا يعدل عنه (فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان) أي: كافر ليس ممن أسلم من الجن.
(1)"صحيح مسلم"(2236).
(2)
انظر: "إكمال المعلم" 7/ 172، "المفهم" 5/ 538.
[5260]
(ثنا سعيد بن سليمان) الضبي الواسطي، شيخ البخاري (عن ابن هاشم) بن البريد الكوفي، أخرج له مسلم.
(حدثني) محمد بن عبد الرحمن (ابن أبي ليلى) الفقيه قاضي الكوفة.
(عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه) أبي ليلى، واسمه يسار بالمثناة تحت والمهملة، وقيل: بلال أو بُليل. بالتصغير شهد أحدًا وما بعدها، وهو أنصاري، وعاش إلى خلافة علي رضي الله عنه.
(أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سئل عن حيات البيوت) وهي العوامر التي تعمر البيوت من الجن وتتمثل في صور الحيات وفي غيرها.
(فقال: إذا رأيتم منهن شيئًا في مساكنكم) يدخل فيه الدور والبيوت والبساتين والدكاكين والمخازن ونحو ذلك.
(فقولوا) لهم: (أنشدكن)(1) بفتح الهمزة وضم الشين.
(اللَّه) بحذف باء الجر، أي: أسألك باللَّه تعالى، أنشدك اللَّه وباللَّه، وناشدتك اللَّه وباللَّه.
(العهد) أي: سألتك وأقسمت عليك باللَّه (الذي أخذ عليكن (2) نوح) عليه السلام حين أمر لكن في السفينة أن لا تؤذين أحدًا من ذريته و (أنشدكن العهد الذي أخذه عليكن سليمان عليه السلام أن) لا (تؤذونا) كذا تقدير الحذف، فحذفت (لا) كما حذفت في قوله تعالى:{تَاللَّهِ تَفْتَأُ} (3) وقول الشاعر:
(1) بعدها في (ل): أنشدكم. وعليها: خـ.
(2)
في هامش (ل): عليكم. وعليها: خـ.
(3)
يوسف: 85.
فقلت يمين اللَّه أبرح قاعدًا
…
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي (1)
وصار الحذف هنا؛ لأنه [لا](2) يلتبس النفي بالإثبات بعد صريح القسم، والإنشاد بمعنى القسم فلا يلتبس (فإن عدن) إلى الظهور بعد الإنذار بما تقدم (فاقتلوهن) لأنهن لسن بمؤمنات.
[5261]
(ثنا عمرو بن عون) الواسطي، شيخ البخاري.
(أبنا أبو عوانة)(3) الوضاح بن عبد اللَّه اليشكري (عن مغيرة) بن مقسم الضبي، الكوفي، الفقيه الأعمى.
(عن إبراهيم)(4) بن يزيد النخعي الكوفي، وهذا الحديث منقطع؛ لأن النخعي لم يرو (عن) عبد اللَّه (ابن مسعود) ولم يسمع منه.
قال أبو عمر النمري: وقد روي عن ابن مسعود في هذا الباب قول غريب حسن (5).
وساق هذا القول بإسناد المصنف (أنه قال: اقتلوا الحيات كلها) هذا عام يشمل التي في الصحاري وعوامر البيوت وغيرها، إلا ما استثني من الجان الأبيض، واستثنى مالك مما لم يقتل ما يوجد في المساجد، يعني: لأنهن ليسوا بمؤمنين (إلا الجان الأبيض الذي كأنه قضيب فضة)
(1) هذا البيت لامرئ القيس، من بحر الطويل، انظر:"ديوانه" ص 8، "الشعر والشعراء" ص 68.
(2)
زيادة ليست في الأصول يقتضيها السياق.
(3)
و (4) فوقها في (ل): (ع).
(5)
"التمهيد" 16/ 30.
في صفاء بياضه، وهو مبالغة في شدة البياض، يشبه أن يكون استثنى الأبيض أنه لا يقتل لكونه من الجن المؤمنين الذين ظهروا في البياض؛ لأنه أفضل ثياب المؤمنين من الإنس كما أن الأسود والأبتر وذا الطفيتين من شعار من لم يؤمن من الجان.
(قال أبو داود: قال لي إنسان: الجان لا يتعرج في مشيه. فإن صح فهو علامة).
* * *