الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
119 - باب فِي رَدِّ الوَسْوَسَةِ
5110 -
حَدَّثَنا عَبّاسُ بْن عَبْدِ العَظِيمِ، حَدَّثَنا النَّضْرُ بْن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنا عِكْرِمَةُ -يَعْني: ابن عَمّارٍ- قالَ: حَدَّثَنا أَبُو زُمَيْلٍ قالَ: سَأَلْتُ ابن عَبّاسٍ فَقُلْتُ: ما شَيء أَجِدُهُ في صَدْري قالَ: ما هُوَ؟ قُلْتُ واللَّه ما أَتَكَلَّمُ بِهِ. قالَ: فَقالَ لي أَشَئ مِنْ شَكٍّ قالَ: وَضَحِكَ. قالَ: ما نَجا مِنْ ذَلِكَ أَحَدٌ، قالَ: حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه عز وجل {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} الآيَةَ قالَ: فَقالَ لي إِذا وَجَدْتَ في نَفْسِكَ شَيْئًا فَقُلْ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (1).
5111 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ: جاءَهُ ناسٌ مِنْ أَصْحابِهِ، فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ نَجِدُ في أَنْفُسِنا الشَّيء نُعْظِمُ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ أَوِ الكَلامَ بِهِ ما نُحِبُّ أَنَّ لَنا وَأَنّا تَكَلَّمْنا بِهِ. قالَ: "أَوَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ ". قالُوا نَعَمْ. قالَ: "ذاكَ صَرِيحُ الإِيمانِ"(2).
5112 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وابْن قُدامَةَ بْنِ أَعْيَنَ قالا: حَدَّثَنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ ذَرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدّادٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبي صلى الله عليه وسلم فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَنا يَجِدُ في نَفْسِهِ -يُعَرِّضُ بِالشَّيء- لأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقالَ:"اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، الحَمْدُ للَّه الذي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الوَسْوَسَةِ". قالَ ابن قُدامَةَ: "رَدَّ أَمْرَهُ". مَكانَ: "رَدَّ كيْدَهُ"(3).
* * *
(1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" 6/ 1985. وقال الألباني: حسن الإسناد.
(2)
رواه مسلم (132).
(3)
رواه أحمد 1/ 235، والنسائي في "الكبرى"(10503).
وصححه الألباني في تحقيق كتاب "الإيمان"(ص 102).
باب في رد الوسوسة
[5110]
(ثنا عباس) بالموحدة والسين المهملة (ابن عبد العظيم) العنبري، من حفاظ البصرة، شيخ مسلم.
(ثنا النضر (1) بن محمد) بن [موسى الجرشي](2)(ثنا عكرمة، يعني: ابن عمار) الحنفي، اليمامي، أخرج له مسلم (قال) عكرمة (وثنا أبو زميل) سماك بن الوليد الحنفي، احتج به مسلم.
(قال: سألت ابن عباس، فقلت: ما شيء أجده في صدري؟ ) مما يلقيه الشيطان في نفسي (قال: ما هو؟ قلت: واللَّه لا أتكلم) فيه أن ما لا يجوز الكلام به لا يحكى.
(قال: فقال لي: أشيء (3) من شك؟ وضحك) أي: تبسم تعجبًا من تعظيمه ما يجده في صدره، ويستقبح أن يذكره، وهو صريح الإيمان، كما سيأتي.
(قال: ما نجا من ذلك أحد) من المؤمنين (قال: حتى أنزل اللَّه) عز وجل في كتابه: ({فَإِنْ كُنْتَ}) يا محمد ({فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ}) قال ابن عباس: لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يشك في اللَّه (4)، ولا في شيء مما أوحى ({فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ})(5) ممن آمن من أهل
(1) فوقها في (ل): (ع).
(2)
في (ل)، (م): حازم، أبو معاوية، وهو خطأ، انظر:"تهذيب الكمال" 29/ 402.
(3)
ورد مقابلها في هامش (ل): هل، وعليها نسخة.
(4)
عزاه السيوطي في "معترك الأقتران" 1/ 177 لابن أبي حاتم.
(5)
يونس: 94.
الكتاب كعبد اللَّه بن سلام وأصحابه فسيخبرون.
وروى الشيخ (1) في "تفسيره": بسنده إلى سعيد بن جبير قال: لم يشك النبي صلى الله عليه وسلم ولا سأل (2). وقيل: إن الحقيقة تنتفي، والمراد: فما كنت في شك مما أنزلنا فاسأل؛ لتزداد يقينًا، كإبراهيم عليه السلام (الآية) إلى آخرها.
(قال) أبو زميل (فقال لي) ابن عباس (إذا وجدت في نفسك شيئًا) من ذلك (فقل: {هُوَ الْأَوَّلُ}) قبل كل شيء كان هو، ولا شيء موجود ({وَالْآخِرُ}) بعد كل شيء، يعني: الأشياء جميعها، ويبقى آخرًا كما كان أولا ({وَالظَّاهِرُ}) الغالب العالي على كل شيء، ويجوز أن يكون معناه: الظاهر بالأدلة والشواهد القوية ({وَالْبَاطِنُ}) العالم بما بطن، ويجوز أن يكون معنى الباطن أنه محتجب عن الأبصار ({وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ})(3) سبحانه.
[5111]
(حدثنا أحمد) بن عبد اللَّه (بن يونس) اليربوعي (ثنا زهير، حدثنا سهيل، عن أبيه) أبي صالح السمان (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاءه) يعني: النبي صلى الله عليه وسلم (أناس من أصحابه، فقالوا: يا رسول اللَّه) لفظ رواية مسلم: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا (4)(نجد في أنفسنا) يعني: من الوسوسة (الشيء نعظم) علينا (أن
(1) كذا في (ل، م) ولعل الصواب: أبو الشيخ. وإن لم أقف على من عزاه إليه.
(2)
رواه الطبري في "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" 11/ 168.
(3)
الحديد: 3.
(4)
"صحيح مسلم"(132).
نتكلم به) أي: تنفر قلوبنا من الكلام به (أو) يعظم (الكلام به) ويعظم علينا وقوعه عندنا (ما نحب أن لنا) كذا وكذا (وأنا تكلمنا به) أي: ما نحب أن يعطى لنا كذا وكذا، أو نتكلم به لتعاظم ذلك عندنا.
(قال: أوقد وجدتموه؟ ) الاستفهام فيه على وجه الإنكار، أو التعجب. أي: وجدتم الذي تتعاظمون أن تتكلموا به (قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان)[والصريح: المحض الخالص الصافي، والمعنى: استعظام الكلام به هو صريح الإيمان](1) فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه من النطق به، فضلًا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا، وانتفت عنه الريبة والشكوك الباطلة. وقيل: معناه: إن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه، فينكد عليه بالوسوسة؛ لعجزه عن إغوائه، بخلاف الكافر، فإنه يأتيه كيف شاء.
[5112]
(ثنا عثمان بن أبي شيبة و) محمد (ابن قدامة بن أعين) أبو عبد اللَّه المصيصي مولى بني هاشم. قال الدارقطني: ثقة (2)(ثنا جرير، عن منصور، عن ذر) بفتح الذال المعجمة، هو ابن عبد اللَّه بن زرارة، الهمداني الكوفي، وثق (3)(عن عبد اللَّه (4) بن شداد) بن الهاد الليثي.
(عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللَّه،
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(2)
انظر: "تقريب التهذيب"(1840).
(3)
"علل الدارقطني" 10/ 137، "تاريخ بغداد" 3/ 189 (1231).
(4)
فوقها في (ل): (ع).
إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء) بضم الياء وتشديد الراء المكسورة. أي: يجد في نفسه من وسوسة التعريض بشيء غير صريح (لأن) بفتح اللام والهمزة جواب قسم محذوف، أي: واللَّه لأن (يكون) الإنسان (حممة) بضم الحاء وفتح المهملتين المخففتين جمعها حمم، وهو الفحم الأسود والرماد، وكل ما احترق من النار، وفي الكلام حذف تقديره: واللَّه لأن يحترق واحدنا بالنار حتى يكون فحمًا، أحب إليه من أن يتلفظ به.
(أحب إليه من أن يتكلم به. فقال: اللَّه أكبر، اللَّه أكبر) فيه استحباب التكبير المكرر إذا رأى ما يحب، كما قال:"اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، خربت خيبر"(1)، (الحمد للَّه الذي رد كيده) لعجزه عن الإغواء بالاعتقاد الباطل، ونقله (إلى الوسوسة) الضعيفة.
(قال) محمد (ابن قدامة) في روايته (رد أمره. مكان) رواية عثمان (رد كيده) أي: احتياله واجتهاده في الإغواء.
* * *
(1) رواه البخاري (610) من حديث أنس.