الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
173 - باب فِي إِماطَةِ الأَذى عَنِ الطَّرِيقِ
5242 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزي، قالَ: حَدَّثَني عَلي بْنُ حُسَيْنٍ حَدَّثَني أَبي، قالَ: حَدَّثَني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قالَ: سَمِعْتُ أَبي بُرَيْدَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: "في الإِنْسانِ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَفْصِلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلَّ مَفْصِلٍ مِنْهُ بِصَدَقَةٍ". قالُوا وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ يا نَبي اللَّهِ قالَ: "النُّخاعَةُ في المَسْجِدِ تَدْفِنُها، والشَّيء تُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَرَكْعَتا الضُّحَى تُجْزِئُكَ"(1).
5243 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا حَمّادُ بْن زَيْدٍ ح، وَحَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، عَنْ عَبّادِ ابْنِ عَبّادٍ -وهذا لَفْظُهُ وَهُوَ أَتَمُّ-، عَنْ واصِلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى ابْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبي ذَرٍّ عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم:"يُصْبِحُ عَلَى كُلَّ سُلامَى مِنِ ابن آدَمَ صَدَقَةٌ تَسْلِيمُهُ عَلَى مَنْ لَقي صَدَقَةٌ، وَأَمْرُهُ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيُهُ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَإِماطَتُهُ الأَذى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ وَبُضْعَتُهُ أَهْلَهُ صَدَقَةٌ". قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ يَأْتي شَهْوَتَهُ وَتَكُونُ لَهُ صَدَقَةٌ؟ قالَ: "أَرَأَيْتَ لَوْ وَضَعَها في غَيْرِ حَقَّها أَكانَ يَأْثَمُ". قالَ: "وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ كُلَّهِ رَكْعَتانِ مِنَ الضُّحَى". قالَ أَبُو داوُدَ: لَمْ يَذْكُرْ حَمّادٌ الأَمْرَ والنَّهْي (2).
5244 -
حَدَّثَنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنا خالِدٌ، عَنْ واصِلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبي الأَسْوَدِ الدِّيلي، عَنْ أَبي ذَرٍّ بهذا الحَدِيثِ وَذَكَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم في وَسْطِهِ (3).
(1) رواه أحمد 5/ 354، وابن خزيمة 2/ 229 (1226)، وابن حبان 4/ 520 (1642).
وصححه الألباني.
(2)
رواه مسلم (720).
(3)
انظر سابقه.
5245 -
حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ حَمّادٍ، أَخْبَرَنا اللَّيْثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ، عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبي صالِحٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ:"نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ إِمّا كانَ في شَجَرَةٍ فَقَطَعَهُ وَأَلْقاهُ، وَإِمّا كانَ مَوْضُوعًا فَأَماطَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ بِها فَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ"(1).
* * *
باب في إماطة الأذى عن الطريق
[5242]
(حدثنا أحمد بن محمد) بن ثابت (المروزي) بفتح الواو، ثقة من كبار الأئمة.
(حدثنا علي بن حسين) المروزي، صدوق يهم قليلا.
(حدثني أبي) حسين بن واقد قاضي مرو، أخرج له مسلم.
(حدثني عبد اللَّه بن بريدة) قاضي مرو وعالمها.
(سمعت أبي بريدة) بن الحصيب رضي الله عنه.
(يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: في الإنسان) لفظ مسلم: "خلق كل إنسان من بني آدم على"(2)(ثلثمائة وستون مفصلًا) بفتح الميم وكسر الصاد، والمراد بالمفاصل هي العظام التي ينفصل بعضها من بعض، وقد سماها في الحديث الآتي سلاميات، ومقصود هذا الحديث أن العظام التي في الإنسان هي أصل وجوده وبها حصول منافعه إذ لا تتأتى الحركات والسكنات إلا بها، والغضاريف رباطات، واللحوم والجلود حافظات، فهي من أعظم نعم اللَّه على الإنسان، وإذا أصبحت في
(1) رواه البخاري (652)، ومسلم (1914).
(2)
"صحيح مسلم"(1007) من حديث عائشة مرفوعًا.
صحة وسلامة فهي من أعظم النعم.
(فعليه أن) أي: فحق على كل إنسان أصبح في عافية أن (يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة) كفارة وشكرًا (1) لنعمة اللَّه على العبد، فيعطي صدقته كما يعطيه اللَّه منفعة ذلك المفصل.
(قالوا: ومن يطيق ذلك يا رسول اللَّه) ولمسلم قال: أرأيت إن لم يجد؟ قال: "يعمل بيديه فينفع نفسه وبتصدق". قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: "يعين ذا الحاجة الملهوف". قيل: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: "يأمر بالمعروف أو الخير". قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: "يمسك عن الشر فإنها صدقة"(2).
(قال: إن النخاعة في المسجد) يجدها من غيره على الأرض (تدفنها) بفتح الفوقانية، في الأرض إن أمكن، فإن كانت أرضه مفروشة بالبلاط والحجارة أو مقصورة بالآجر ونحوه فيمسحها أو يغسلها ويخرجها من المسجد (صدقة)(3) عنه.
(والشيء) الذي يتأذى به المارون (تنحيه عن الطريق) ولمسلم: "وعزل حجرًا عن طريق الناس أو شوكة أو عظمًا عن طريق الناس"(4)، وفي رواية:"وتميط الأذى عن الطريق صدقة"(5)، وزاد
(1) في (ل)، (م): شكر. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2)
"صحيح مسلم"(1008) من حديث أبي موسى الأشعري مرفوعًا.
(3)
ليست في مطبوع "السنن".
(4)
"صحيح مسلم"(1007).
(5)
رواه البخاري (2989)، ومسلم (1009) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
في رواية: "فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة"(1).
ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (فإن لم تجد فركعتا الضحى تجزئك) بضم أوله، وهمزة بعد الزاي، أي: تكفي من هذِه الصدقات عن هذِه الأعضاء ركعتان، فإن الصلاة عمل بجميع الأعضاء من الجسد، فإذا صلى فقد قام كل عضو بوظيفته التي عليه في الأصل من القيام بشكرها.
[5243]
(ثنا مسدد، ثنا حماد بن زيد، ح، وثنا أحمد (2) بن منيع) البغوي الحافظ (عن عباد بن عباد، وهذا لفظه، وهو أتم) من رواية أحمد، كلاهما (عن واصل) مولى أبي عيينة بن المهلب، أخرج له مسلم (3).
(عن يحيى بن عقيل) الخزاعي، أخرج له مسلم أيضًا (4).
(عن يحيى بن يعمر) بفتح الميم، غير منصرف للعلمية ووزن الفعل، قاضي مرو (عن أبي ذر) جندب بن جنادة رضي اللَّه تعالى عنه.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يصبح على كل سلامى) بضم السين وتخفيف اللام وفتح الميم، أصله عظام الأصابع والأكف والأرجل، ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله الثلاثمائة والستين (من بني آدم
(1) رواه مسلم (720)، (1006) من حديث أبي ذر مرفوعًا.
(2)
فوقها في (ل): (ع).
(3)
في ثلاثة مواضع من "صحيحه": (553)، (720)، (1006).
(4)
في نفس المواضع السابقة يزيد عليها موضع رقم (2650).
صدقة) يتصدق بها شكرًا لنعمة المنفعة (تسليمه على من لقي) من المسلمين (صدقة) تسليمة، تسمية السلام وما بعده صدقة، أي: لها أجر كما للصدقة أجر، وأن هذِه الطاعات تماثل الصدقات في الأجور، وسماها صدقة على طريق المقابلة وتجنيس الكلام. وقيل: معناه: أنها صدقة على نفسه.
(وأمره بالمعروف) أي: في كل أمر بالمعروف (صدقة، ونهيه) أي: في كل فرد من أفراد النهي (عن المنكر صدقة) عنه (وإماطته) أي: إزالته (الأذى) وهو ما يؤذي المسلمين (عن الطريق صدقة) كرفع الحجر والشوك ونحوه.
قال بعضهم: الأفضل لمن أزال الأذى عن الطريق أن يقول في حال إزالته الحجر ونحوه: لا إله إلا اللَّه. ليجمع بين فضيلتي أعلى شعب الإيمان وأدناها.
(وبضعته أهله بضعة)(1) أي: مباشرته، بضم الباء الموحدة ونصب العين ورفع التاء، ولفظ مسلم:"وفي بضع أحدكم"(2)(صدقة) أي: في جماعه لأهله بنية إعفافها صدقة عليها. وأصل البضع الفرج، قال الأصمعي: يقال: ملك فلان بضع فلانة: إذا ملك عقد نكاحها، وهو كناية عن موضع الغشيان (3). والمباضعة: المباشرة.
وفيه دليل على أن النيات الصادقات تُصيِّر الأفعال المباحات طاعات
(1) كذا في (ل)، (م)، وهي ليست في "سنن أبي داود".
(2)
"صحيح مسلم"(1006).
(3)
انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 488.
كما في الأكل والشرب والنوم ونحو ذلك، والجماع يكون عبادة إذا نوى به حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر اللَّه به، أو طلب ولد صالح، أو إعفاف نفسه وإعفاف الزوجة ومنعهما من النظر إلى محرم، أو الفكر فيه، أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة.
(قالوا: يا رسول اللَّه، يأتي) أصله أيأتي بهمزة الاستفهام كما في رواية مسلم بلفظ: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ ! (1)(شهوته)(2) بالنصب والتنوين.
وفي بعضها: شهوته كما في مسلم (ويكون له) فيها (صدقة؟ ! ) استغربوا ذلك لمفهوم حديث (3): "حفت الجنة بالمكاره"(4) فاستبعد حصول أجر الصدقة بفعل مستلذ يحث الطبع عليه، وأكثر الأجور إنما تحصل في العبادات الشاقات على النفوس المخالفة لها.
(قال: أرأيت لو وضعها في غير حقها) أي: لو أنه وضع شهوته في وطء حرام (أكان يأثم؟ ) في هذا الحرام. لفظ مسلم: "أرأيتم لو وضعها في حرام كان عليه وزر؟ كذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر"(5). وفي هذا دليل على جواز القياس، وهو مذهب العلماء كافة، خلافًا لأهل الظاهر، فلا يعتد بخلافهم.
(1)"صحيح مسلم"(1006).
(2)
في المطبوع من "سنن أبي داود": شهوة.
(3)
ساقطة من (م).
(4)
رواه مسلم (2822) من حديث أنس مرفوعًا.
(5)
"صحيح مسلم"(1006).
وهذا القياس المذكور في الحديث هو قياس العكس، واختلف الأصوليون في العمل به، وهذا الحديث حجة لمن عمل به، قال النووي: وهو الأصح (1).
وحاصله أنه راجع إلى إعطاء كل واحد من المتقابلين ما يقابل به الآخر من الذوات والأحكام. والحديث حجة لصحته.
(ويجزئ) قال النووي: ضبطناه بفتح أوله وضمه، فالضم من الإجزاء، والفتح من جزى يجزي، أي: كفى، ومنه قوله تعالى:{لَا تَجْزِي نَفْسٌ} (2) وفي الحديث: "لا تجزي عن أحد بعدك"(3)(4)(من ذلك) أي: من الثلاثمائة وستين صدقة (كله) يحتمل أن تكون (من) بمعنى [عن](5) أي: يجزئ عن ذلك (ركعتان من) صلاة (الضحى) و (من) التبعيضية تدل على أن صلاة الضحى أكثر من ركعتين، فإن أكثرها اثنتا عشرة ركعة.
يحتمل أن يراد بصلاة الضحى صلاة الإشراق التي بعد طلوع الشمس، فإن الوقت المختار إذا مضى ربع النهار، ووجه ذلك أنه جعل ركعتي الضحى عوضًا (6) عن الصدقات المذكورة التي تصبح على كل آدمي، والعوض يفعل في وقت المعوض عنه، ويحتمل أن
(1)"شرح مسلم" 7/ 93.
(2)
البقرة: 48، 123.
(3)
رواه البخاري (955)، ومسلم (1961)(7)، (9) من حديث البراء مرفوعًا.
(4)
"شرح مسلم" 5/ 234.
(5)
ساقطة من (ل)، (م) والسياق يقتضيها.
(6)
في (ل)، (م): عوض. والجادة ما أثبتناه.
تكون الضحى على بابها، والمراد به فعلها في أول وقتها لا في أفضله.
وقوله "ويجزئ" يرد قول من قال من الأصوليين: الإجزاء يختص بالفرض، ولا يستعمل في النفل. ولم يقل أحد فيما أعلم أن الضحى فرض.
[5244]
(ثنا وهب بن بقية) الواسطي، شيخ مسلم.
(أنا خالد)(1) بن عبد اللَّه الواسطي الطحان (عن واصل، عن يحيى بن عقيل) بضم العين كما تقدم.
(عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود) ظالم بن عمرو (الديلي) بكسر الدال المهملة وسكون التحتانية، ويقال: بضم الدال بعدها همزة مفتوحة. قاضي البصرة.
(عن أبي ذر) الغفاري بهذا الحديث (وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في وسطه).
[5245]
(ثنا عيسى بن حماد) التجيبي المصري، لقبه زغبة بضم الزاي وسكون المعجمة، ثم موحدة، وهو لقب أبيه أيضًا، وعيسى شيخ مسلم، روى عنه في الإيمان.
(أبنا الليث، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح) السمان.
(عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: نزع) بفتح النون (رجل لم يعمل خيرًا قط غصن شوك عن الطريق، إما) بكسر الهمزة (كان) غصن الشوك (في شجرة) على الطريق، إما على الطريق يتأذى به المارون
(1) فوقها في (ل): (ع).
(فقطعه) منها (وألقاه) عن الطريق، سواء قطعه من ملكه أو ملك غيره، وهل يحتاج إلى إذن المالك أو الحاكم أو لا.
(وإما كان) الغصن (موضوعًا) في الطريق يتضرر به المارون (فأماطه) أي: أزاله عنها بنفسه، وهو أفضل، أو خادمه أو ولده أو بأجير (فشكر اللَّه له بها) أي: زكى اللَّه عمله عنده، وضاعف أجره، وقيل: غفر له ذنبه (فأدخله الجنة) بعد مغفرة ذنوبه.
وفيه: الحث على إزالة ما يضر بالمسلمين في الطريق من شجر شوك أو شجرة تضيق على المارين، وإذا كان الأجر في قطعها فلا ثواب لزارعها، وإن كان لها ثمرة تؤكل، والمانع له من زرعها مأجور.
* * *