الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
121 - باب فِي التَّفاخُرِ بِالأَحْسابِ
5116 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ مَرْوانَ الرَّقّي، حَدَّثَنا المُعافَى ح، وَحَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الهَمْداني، أَخْبَرَنا ابن وَهْبٍ -وهذا حَدِيثُهُ-، عَنْ هِشامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ أَبي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَذْهَبَ عَنْكمْ عُبِّيَّةَ الجاهِلِيَّةِ وَفَخْرَها بِالآباءِ مُؤْمِنٌ تَقي وَفاجِرٌ شَقي أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرابٍ لَيَدَعَنَّ رِجالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوامٍ، إِنَّما هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الجِعْلانِ التي تَدْفَعُ بِأَنْفِها النَّتْنَ"(1).
* * *
باب التفاخر بالأحساب
[5116]
(ثنا موسى بن مروان) البغدادي (الرقي) بفتح الراء وتشديد القاف، نزل الرقة مدينة على طرف الفرات، والرقة الأولى خربت، والتي تسمى اليوم (2) الرقة كانت تسمى أولًا الرافقة، ولها تاريخ (3)، وموسى ذكره ابن حبان في "الثقات"(4).
(ثنا المعافى) بن عمران، الأزدي الموصلي، أخرج له البخاري (ح، وثنا أحمد بن سعيد الهمداني) بسكون الميم، المصري، صدوق (ثنا) عبد اللَّه (ابن وهب -وهذا حديثه- عن هشام بن سعد) أخرج له مسلم (عن
(1) رواه الترمذي (3955)، وأحمد 2/ 361.
وصححه الألباني في "الصحيحة"(2803).
(2)
في (م): الآن.
(3)
انظر: "معجم البلدان" 3/ 15.
(4)
9/ 161.
سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه) أبي سعيد المقبري.
(عن أبي هريرة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن اللَّه تعالى قد أذهب عنكم عبية) بضم العين المهملة وكسر الباء الموحدة المشددة المكسورة، وتشديد المثناة تحت. قال في "النهاية": تضم عينها وتكسر (1) -والكسر أولى- وهي فعلة أو فعيلة، فإن كانت فعولة فهي من التعبية؛ لأن المتكبر ذو تكلف وتعبية، خلاف من يسترسل على سجيته، وإن كانت فعيلة، فهي من عباب الماء، وهو أوله وارتفاعه. وقيل: إن اللام قلبت ياء، كما فعلوه في: تقضي البازي (2). وقال غيره: إن كانت بالكسر فهي من عباب الماء، والعبية هي للتعاظم والفخر.
(الجاهلية) سموا بذلك لكثرة جهالاتهم (وفخرها بالآباء) والأجداد الذين ماتوا.
وفيه: ذم الفخر على الفقراء والمساكين وغيرهم، والتطاول عليهم والتكبر، وتعداد شرف الآباء [. . .](3){إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (4)، والناس إنما هم نوعان:(مؤمن تقي) للَّه تعالى (وفاجر شقي، أنتم) لفظ الترمذي: "والناس"(5)(من بني آدم) وحواء (وآدم) خلق (من تراب) وحواء خلقت من ضلع منه.
(1) ساقطة من (م)، وجملة: والكسر أولى، بعدها ليست في "النهاية".
(2)
3/ 169.
(3)
كلمة غير مقروءة في (ل)، (م)، ويشبه رسمها: كانا.
(4)
الحجرات: 13.
(5)
"سنن الترمذي"(3956).
فيه: علة للنهي عن التفاخر؛ بأن الكل اجتمعوا في أب واحد وأم واحدة، والأب الذي اجتمعوا فيه خلق من تراب يوطأ بالأرجل ويمتهن.
واللَّه (ليدعن) بالمثناة تحت وفتح العين.
(رجال فخرهم بأقوام) ولفظ الترمذي: "لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا"(1).
(إنما هم) يعني: الذين يفتخرون بهم (فحم من فحم جهنم) أي: آباؤهم ممن أوقد عليهم في نار جهنم حتى صاروا فحمًا ورمادًا، فأنى يفتخر بالفحم والرماد؟ ! (أو) بسكون الواو (ليكونن) بضم النون الأولى.
(أهون على اللَّه من الجِعلان) بكسر الجيم، جمع جُعل، بضم الجيم وفتح العين، ولفظ الترمذي:"أهون على اللَّه من الجعل"(2) ونظير هذا الجمع صرد وصردان، والجعل دويبة أكبر من الخنفساء، وأسود شديد السواد (التي تدفع بآنفها) بمد الهمزة وضم النون (3) جمع أنف، كفلس وأفلس (النتن) وهو الخروء، كما في رواية الترمذي:"الذي يدهده (4) - الدهدهة: الدحرجة- الخراء بأنفه" ليدخره له، ويسمى الجعلان: أبو جعران، ويقال: إنه يموت من ريح الورد وريح الطيب؛ لأنه لا يعيش إلا بريح النتن، وإذا مات من ريح الورد وأعيد إلى الروث، عاش.
وأنشد أبو الطيب:
(1)"سنن الترمذي"(3955).
(2)
السابق.
(3)
في (ل)، (م): الفاء. والمثبت هو الصواب.
(4)
ساقطة من (م).
كما تُضِرُّ رِياحُ الوَردِ بِالجُعَلِ (1)
فشبههم النبي صلى الله عليه وسلم حال افختارهم بآبائهم الذين ماتوا في الجاهلية بعد أن نهاهم بالجعل، وشبه آباءهم المفتخر بهم بالخرء، وشبه افتخارهم بهم بدفع الخراء ودحرجته بالأنف.
وزاد الترمذي بسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن اللَّه قد أذهب [عنكم] (2) عبية الجاهلية [وفخرها] (3) بالآباء، مؤمن تقي، أو فاجر شقي، والناس بنو آدم، وآدم من تراب". قال الهروي: العبية بكسر العين وضمها: الكبر (4).
* * *
(1) انظر: "محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء" للراغب الأصفهاني 2/ 724.
(2)
و (3) ليس في (ل، م)، والمثبت من "سنن الترمذي"(3955 - 3956).
(4)
انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 118.