المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌139 - باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٩

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌61 - باب فِي الحُكْمِ في المُخَنَّثِينَ

- ‌62 - باب فِي اللَّعِبِ بِالبَناتِ

- ‌63 - باب فِي الأُرْجُوحَةِ

- ‌64 - باب فِي النَّهْي عنِ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ

- ‌65 - باب فِي اللَّعِبِ بِالحَمامِ

- ‌66 - باب فِي الرَّحْمَةِ

- ‌67 - باب فِي النَّصِيحَةِ

- ‌68 - باب فِي المَعُونَةِ لِلْمُسْلِمِ

- ‌69 - باب فِي تَغْيِيرِ الأَسْماءِ

- ‌70 - باب فِي تغْيِيرِ الاسْمِ القَبِيحِ

- ‌71 - باب فِي الأَلْقابِ

- ‌72 - باب فِيمَنْ يَتَكَنَّى بأَبي عِيسَى

- ‌73 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لابْنِ غَيْرِهِ: يا بُنَي

- ‌74 - باب فِي الرَّجُلِ يَتَكَنَّى بِأَبي القاسِمِ

- ‌75 - باب مَنْ رَأى أَنْ لا يُجْمَعَ بَيْنهُما

- ‌76 - باب فِي الرُّخْصَةِ في الجَمْعِ بَيْنَهُما

- ‌77 - باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يَتَكَنَّى وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ

- ‌78 - باب فِي المَرْأَةِ تُكْنَى

- ‌79 - باب فِي المَعارِيضِ

- ‌80 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ زَعَمُوا

- ‌81 - باب فِي الرَّجل يَقُولُ في خُطْبَتِهِ: "أَمّا بَعْدُ

- ‌82 - باب فِي الكَرْمِ وَحِفْظِ المَنْطِقِ

- ‌83 - باب لا يَقُولُ المَمْلُوكُ: "رَبّي وَرَبَّتَي

- ‌84 - باب لا يُقالُ: خَبُثَتْ نَفْسَي

- ‌85 - باب

- ‌86 - باب فِي صَلَاةِ العَتَمَةِ

- ‌87 - باب ما رُوي في التَّرْخِيصِ في ذَلِكَ

- ‌88 - باب فِي التَّشْدِيدِ فِي الكَذِبِ

- ‌89 - باب فِي حُسْنِ الظَّنِّ

- ‌90 - باب فِي العِدَةِ

- ‌91 - باب فِي المُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يُعْطَ

- ‌92 - باب ما جَاءَ فِي المِزاحِ

- ‌93 - باب مَنْ يَأْخُذُ الشَّيء عَلَى المِزاحِ

- ‌94 - باب ما جاءَ في المُتَشَدِّقِ فِي الكَلامِ

- ‌95 - باب ما جاءَ في الشِّعْرِ

- ‌96 - باب فِي الرُّؤْيا

- ‌97 - باب ما جاءَ في التَّثاؤُبِ

- ‌98 - باب فِي العُطاسِ

- ‌99 - باب كَيْفَ تشْمِيتُ العاطِسِ

- ‌100 - باب كَمْ مَرَّةٍ يُشَمَّتُ العاطِسُ

- ‌101 - باب كَيْفَ يُشَمَّتُ الذِّمِّيُّ

- ‌102 - باب فِيمنْ يَعْطْسُ وَلا يَحْمَدُ اللَّه

- ‌103 - باب في الرَّجُلِ يَنْبَطِحُ عَلَى بَطْنِهِ

- ‌104 - باب فِي النَّوْمِ عَلَى سَطْحٍ غيْرِ مُحَجَّرٍ

- ‌105 - باب في النَّوْمِ عَلَى طَهارَةٍ

- ‌106 - باب كَيْفَ يَتَوَجَّهُ

- ‌107 - باب ما يُقالُ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌108 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إِذا تَعارَّ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌109 - باب فِي التَّسْبِيحِ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌110 - باب ما يَقُولُ إذا أَصْبَحَ

- ‌111 - باب ما يقولُ الرَّجُلُ إذا رَأى الهِلالَ

- ‌112 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إذا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ

- ‌113 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إذا دَخَلَ بَيْتَهُ

- ‌114 - باب ما يقُولُ إِذا هاجَتِ الرِّيحُ

- ‌115 - باب ما جاءَ في المَطَرِ

- ‌116 - باب ما جاء في الدِّيكِ والبَهائِمِ

- ‌117 - باب فِي الصَّبي يُولَدُ فَيُؤَذَّنُ في أُذُنِهِ

- ‌118 - باب فِي الرَّجُلِ يَسْتَعِيذُ منَ الرَّجُلِ

- ‌119 - باب فِي رَدِّ الوَسْوَسَةِ

- ‌120 - باب في الرَّجُلِ يَنْتَمي إِلَى غَيْرِ مَوالِيهِ

- ‌121 - باب فِي التَّفاخُرِ بِالأَحْسابِ

- ‌122 - باب فِي العَصَبِيَّةِ

- ‌123 - باب إخْبارِ الرَّجُل الرَّجُل بِمَحَبَّتهِ إِيّاهُ

- ‌124 - باب فِي المَشُورَةِ

- ‌125 - باب فِي الدّالِّ عَلى الخَيْرِ

- ‌126 - باب فِي الهَوى

- ‌127 - باب فِي الشَّفاعَةِ

- ‌128 - باب فِي الرَّجُلِ يَيْدأُ بِنَفْسِهِ في الكِتابِ

- ‌129 - باب كَيْفَ يُكْتَبُ إلَى الذِّمّي

- ‌130 - باب فِي بِرِّ الوالِدَيْنِ

- ‌131 - باب فِي فَضْلِ مَنْ عالَ يَتامَى

- ‌132 - باب فِي مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا

- ‌133 - باب فِي حَقِّ الجِوارِ

- ‌134 - باب فِي حَقِّ المَمْلُوكِ

- ‌135 - باب ما جاءَ في المَمْلُوكِ إِذا نَصَحَ

- ‌136 - باب فيمَنْ خَبَّبَ مَمْلُوكًا عَلَى مَوْلاهُ

- ‌137 - باب فِي الاسْتِئْذانِ

- ‌138 - باب كَيْفَ الاسْتِئْذانُ

- ‌139 - باب كَمْ مَرّةٍ يُسَلِّمُ الرَّجُلُ في الاسْتِئْذانِ

- ‌140 - باب الرَّجُلِ يَسْتَأْذنُ بِالدَّقِّ

- ‌141 - باب في الرَّجُلِ يُدْعَى أَيَكُونُ ذَلِكَ إِذْنَهُ

- ‌142 - باب الاسْتِئْذانِ في العَوْراتِ الثَّلاثِ

- ‌143 - باب في إِفْشاءِ السَّلامِ

- ‌144 - باب كَيْفَ السَّلامُ

- ‌145 - باب في فَضْلِ مَنْ بَدَأَ بِالسَّلامِ

- ‌146 - باب مَنْ أَوْلَى بِالسَّلامِ

- ‌147 - باب فِي الرَّجُلِ يُفارِقُ الرَّجُلَ ثُمَّ يَلْقاهُ أَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ

- ‌148 - باب فِي السَّلامِ عَلَى الصِّبْيانِ

- ‌149 - باب فِي السَّلامِ عَلَى النِّساءِ

- ‌150 - باب فِي السَّلامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌151 - باب فِي السَّلامِ إِذا قامَ مِنَ المَجْلسِ

- ‌152 - باب كَراهِيَةِ أنْ يَقُولُ: عَلَيْكَ السَّلامُ

- ‌153 - باب ما جاءَ في رَدِّ الواحِدِ عَنِ الجَماعَةِ

- ‌154 - باب في المُصافَحَةِ

- ‌155 - باب فِي المُعانَقَةِ

- ‌156 - باب ما جاءَ في القِيامِ

- ‌157 - باب فِي قُبْلةِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ

- ‌158 - باب فِي قُبْلَةِ ما بَيْنَ العَيْنَيْنِ

- ‌159 - باب فِي قُبْلَةِ الخَدِّ

- ‌160 - باب فِي قُبْلَةِ اليَدِ

- ‌161 - باب فِي قُبْلَةِ الجَسَدِ

- ‌162 - باب قُبْلَةِ الرِّجْلِ (م)

- ‌163 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: جعَلَني اللَّهُ فِداكَ

- ‌164 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عيْنًا

- ‌166 - باب في قِيامِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ

- ‌165 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: حَفِظَكَ اللَّهُ

- ‌167 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ فُلانٌ يُقْرِئُكَ السَّلامَ

- ‌168 - باب فِي الرَّجُلِ يُنادي الرَّجُلَ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ

- ‌169 - باب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ

- ‌170 - باب ما جاءَ فِي البِناءِ

- ‌171 - باب فِي اتَّخاذِ الغُرَفِ

- ‌172 - باب فِي قَطْعِ السِّدْرِ

- ‌173 - باب فِي إِماطَةِ الأَذى عَنِ الطَّرِيقِ

- ‌174 - باب فِي إِطْفَاءِ النَّارِ بِاللَّيْلِ

- ‌175 - باب فِي قَتْلِ الحَيَّاتِ

- ‌176 - باب فِي قَتْلِ الأَوْزَاغِ

- ‌177 - باب فِي قَتْلِ الذَّرِّ

- ‌178 - باب فِي قَتْلِ الضُّفْدَعِ

- ‌179 - باب في الخَذْفِ

- ‌180 - باب ما جَاءَ فِي الخِتانِ

- ‌181 - باب في مَشْي النِّساءِ مَعَ الرِّجالِ في الطَّرِيقِ

- ‌182 - باب فِي الرَّجُلِ يَسُبُّ الدَّهْرَ

الفصل: ‌139 - باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان

‌139 - باب كَمْ مَرّةٍ يُسَلِّمُ الرَّجُلُ في الاسْتِئْذانِ

؟

5180 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ أَخْبَرَنا سُفْيانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خصَيْفَةَ، عَنْ بُسْرِ ابْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْري قالَ: كُنْتُ جالِسًا في مَجْلِسٍ مِنْ مَجالِسِ الأَنْصارِ فَجاءَ أَبُو مُوسَى فَزِعًا فَقُلْنا لَهُ: ما أَفْزَعَكَ قالَ: أَمَرَني عُمَرُ أَنْ آتِيَهُ فَأَتَيْتُهُ فاسْتَأْذَنْتُ ثَلاثًا فَلَمْ يؤْذَنْ لي فَرَجَعْتُ فَقالَ ما مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَني؟ قُلْتُ قَدْ جِئْتُ فاسْتَأْذَنْتُ ثَلاثًا؟ فَلَمْ يُؤْذَنْ لي وَقَدْ قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ". قالَ: لَتَأْتِيَنّي عَلَى هذا بِالبَيِّنَةِ قالَ: فَقالَ أَبُو سَعِيدٍ: لا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُ القَوْمِ. قالَ: فَقامَ أَبُو سَعِيدٍ مَعَهُ فَشَهِدَ لَه (1).

5181 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْن داوُدَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبي بُرْدَةَ، عَنْ أَبي مُوسَى أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ فاسْتَأْذَنَ ثَلاثًا فَقالَ يَسْتَأْذِنُ أَبُو مُوسَى يَسْتَأْذِنُ الأَشْعَري يَسْتَأْذِنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ؟ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ ما رَدَّكَ؟ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَسْتَأْذِنُ أَحَدُكُمْ ثَلاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وإِلَّا فَلْيَرْجِعْ". قالَ ائْتِني بِبَيِّنَةٍ عَلَى هذا. فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقالَ هذا أُبَى فَقالَ أُبَى يا عُمَرُ لا تَكُنْ عَذابًا عَلَى أَصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ. فَقالَ عُمَرُ: لا أَكُونُ عَذابًا عَلَى أَصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2).

5182 -

حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنا رَوْحٌ، حَدَّثَنا ابن جُرَيْجٍ، قالَ: أَخْبَرَني عَطَاءٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ أَبا مُوسَى اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بهذِه القِصَّةِ. قالَ فِيهِ: فانْطَلَقَ بِأَبي سَعِيدٍ، فَشَهِدَ لَهُ فَقالَ: أَخَفي عَلي هذا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَلْهاني السَّفْقُ بِالأَسْواقِ، ولكن سَلِّمْ ما شِئْتَ وَلا تَسْتَأْذِنْ (3).

(1) رواه البخاري (6245)، ومسلم (2153).

(2)

رواه مسلم (2154/ 37).

(3)

رواه البخاري (2062)، ومسلم (2153).

ص: 477

5183 -

حَدَّثَنا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، حَدَّثَنا عَبْدُ القاهِرِ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنا هِشامٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَبي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ بهذِه القِصَّةِ، قالَ: فَقالَ عُمَرُ لأَبي مُوسَى: إِنّي لَمْ أَتَّهِمْكَ ولكن الحَدِيثَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَدِيدٌ (1).

5184 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غَيْرِ واحِدٍ مِنْ عُلَمائِهِمْ في هذا، فَقالَ عُمَرُ لأَبي مُوسَى: أَما إِنّي لَمْ أَتَّهِمْكَ ولكن خَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2).

5185 -

حَدَّثَنا هِشامٌ أَبُو مَرْوانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى -المَعْنَى- قالَ مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى: حَدَّثَنا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنا الأَوْزاعي قالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَبي كَثِيرٍ يَقُولُ: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرارَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: زارَنا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في مَنْزِلِنا فَقالَ: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ". فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًا خَفِيًّا. قالَ قَيسٌ فَقُلْتُ: أَلا تَأْذَن لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقالَ: ذَرْهُ يُكْثِرْ عَلَيْنا مِنَ السَّلامِ فَقالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ". فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًّا خَفِيًّا ثُمَّ قالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ". ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم واتَّبَعَهُ سَعْدٌ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إِنّي كُنْتُ أَسْمَعُ تَسْلِيمَكَ وَأَرُدُّ عَلَيْكَ رَدًّا خَفِيًّا لِتُكْثِرَ عَلَيْنا مِنَ السَّلامِ. قالَ: فانْصَرَفَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ لَه سَعْدٌ بِغِسْلٍ فاغْتَسَلَ، ثُمَّ ناوَلَهُ مِلْحَفَةً مَصْبُوغَةً بِزَعْفَرانٍ أَوْ وَرْسٍ فاشْتَمَلَ بِها، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَهوَ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَواتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبادَةَ". قالَ: ثمَّ أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الطَّعامِ فَلَمّا أَرادَ الانْصِرافَ قَرَّبَ لَهُ سَعْدٌ حِمارًا قَدْ وَطَّأَ عَلَيهِ بِقَطِيفَةٍ فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقالَ سَعْدٌ: يا قَيْسُ اصْحَبْ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم قالَ قَيْسٌ: فَقالَ لي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ارْكَبْ". فَأَبَيْتُ ثُمَّ قالَ: "إِمّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمّا أَنْ تَنْصَرِفَ". قالَ: فانْصَرَفْتُ. قالَ هِشامٌ أَبُو مَرْوانَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

(1) رواه ابن حبان (5806)، وانظر ما قبله.

(2)

رواه مالك في "الموطأ" 2/ 964 (3)، وانظر الأحاديث السابقة.

ص: 478

أَسْعَدَ بْنِ زُرارَةَ.

قالَ أَبُو داوُدَ: رَواهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الواحِدِ وابْنُ سَماعَةَ، عَنِ الأَوْزاعي مُرْسَلًا وَلَمْ يَذْكرا قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ (1).

5186 -

حَدَّثَنا مُؤَمَّلُ بْنُ الفَضْلِ الحَرّاني -في آخَرِينَ- قالُوا: حَدَّثَنا بَقِيَّةُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذا أَتَى بابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ البابَ مِنْ تِلْقاءِ وَجْهِهِ، ولكن مِنْ رُكْنِهِ الأَيْمَنِ أَوِ الأَيْسَرِ، وَيَقُول:"السَّلامُ عَلَيْكُمُ السَّلامُ عَلَيْكُمْ". وَذَلِكَ أَنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْها يومَئِذٍ سُتُورٌ (2).

* * *

باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان؟

[5180]

(ثنا أحمد بن عبدة) الضبي، شيخ مسلم (أنا سفيان) بن عيينة (عن يزيد) بن عبد اللَّه (بن خصيفة) بضم الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة، مصغر، الكوفي.

(عن بسر) بضم الباء الموحدة وسكون المهملة (بن سعيد) المدني (عن أبي سعيد الخدري قال: كنت جالسًا في مجلس من مجالس الأنصار) ولمسلم: كنا في مجلس عند أبي بن كعب فأتى أبو موسى الأشعري مغضبًا (3).

(1) رواه أحمد 3/ 421، والنسائي في "الكبرى"(10157).

وقال الألباني: ضعيف الإسناد.

(2)

رواه أحمد 4/ 189، والبخاري في "الأدب المفرد"(1078).

وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد"(826).

(3)

"صحيح مسلم"(2153/ 34).

ص: 479

(فجاء أبو موسى) الأشعري (فزعًا، فقلنا له: ما أفزعك؟ ) وللبخاري: فجاء كأنه مذعور (1). والمعنى متقارب.

فيه: سؤال الفزعان والغضبان عن سبب الفزع والغضب، لعل أن يكون عنده أو يديه على من يذهبه. وفيه: استئناس الفزع والتودد إلى خاطره بالسؤال.

(قال: أمرني عمر) بن الخطاب (أن آتيه فأتيته، فاستأذنت ثلاثًا، فلم يؤذن لي) فيه: أن السنة في الاستئذان أن يكون ثلاث مرات، وإنما خص الثلاث بالذكر؛ لأن الغالب أن الكلام إذا كرر ثلاثًا سمع وفهم، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم الكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم عنه.

(فلم يؤذن لي، فرجعت) ثم أتيته (فقال: ما منعك أن تأتيني) وقد دعوتك. فيه: إشارة إلى أنه ما تأخر عن المجيء إليه إلا لمانع منعه، وهذا من حسن الظن بالأخ المؤمن.

(قلت: قد جئت) إلى بابك (فاستأذنت ثلاثًا، فلم يؤذن لي) لفظ مسلم: فلم يردوا عليَّ (2)، فرجعت (3) (وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع) فيه نص على أن المستأذن لا يزيد على ثلاث مرات، بل بعد الثلاث يرجع؛ لأنه ظهر له أن رب المنزل لا يريد الإذن، أو لعله منعه (4) من الجواب عذر من نوم أو

(1)"صحيح البخاري"(6245).

(2)

في (ل)، (م): عليه. والمثبت من "صحيح مسلم"(5751).

(3)

"صحيح مسلم"(2153).

(4)

ساقطة من (م).

ص: 480

صلاة ونحوهما، فإن كان في صلاة وسمع المستأذن لا يقطعها كما في قصة جريج العابد (1).

(قال) عمر: واللَّه (لتأتيني على هذا بالبينة) لفظ البخاري: واللَّه لتقيمن عليه ببينة (2)(3). زاد مسلم: وإلا أوجعتك (4).

(قال: فقال أبو سعيد: لا يقوم معك إلا أصغر القوم) لفظ البخاري: فقال أبي بن كعب: واللَّه لا يقوم معك إلا أصغر القوم. فقمت معه. لفظ مسلم: فقال أبو سعيد: أنا أصغر القوم، قال: فاذهب به.

(قال: فقام أبو سعيد) الخدري (معه) قال النووي: معنى (لا يقوم معه إلا أصغر القوم) أن هذا الحديث مشهور بيننا معروف لكبارنا وصغارنا، حتى إن أصغرنا يحفظه وسمعه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (5)(فشهد له) بما سمع من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

[5181]

(ثنا مسدد، ثنا عبد اللَّه بن داود) بن عامر الهمداني، أخرج له البخاري (عن طلحة بن يحيى) بن طلحة بن عبد اللَّه (6)، القرشي، نزيل الكوفة، أخرج له مسلم.

(عن أبي بردة) عامر (عن) أبيه (أبي موسى) عبد اللَّه بن قيس

(1) رواه البخاري (1206)، ومسلم (2550) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.

(2)

في (ل): بينة. وفي (م): البينة. والمثبت كما في "صحيح البخاري".

(3)

"صحيح البخاري"(6245).

(4)

"صحيح مسلم"(2153).

(5)

"شرح مسلم" 14/ 131.

(6)

بعدها في (م): الكوفي.

ص: 481

الأشعري (أنه أتى عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (فاستأذن) عليه (ثلاثًا، فقال: يستأذن أبو موسى) الأشعري، ثم قال ثانيًا:(يستأذن الأشعري) ثم قال ثالثًا: (يستأذن عبد اللَّه بن قيس) فيه: أن المستأذن يذكر في المرة الأولى كنيته التي هو مشهور بها، فإن لم يؤذن له فليذكر قبيلته التي هو مشهور بها، فإن لم يؤذن له فليذكر في الثالثة اسمه واسم أبيه كما فعل أبو موسى، وقال بعض المالكية: هو بالخيار بين أن يسمي نفسه أو لا، أو ما شاء.

قال القرطبي: والأولى ما فعله أبو موسى؛ فإن فعله ذلك إن كان توقيفًا فهو المطلوب، وإن لم يكن توقيفًا فقول راوي الحديث أولى من قول غيره (1). يعني: لأنه أعرف بالسنة.

(فلم يأذن له؛ فرجع، فبعث إليه عمر) وقال له: (ما ردك؟ ) زاد مسلم: كنا في شغل (2)(قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يستأذن أحدكم ثلاثًا، فإن أذن له، وإلا فليرجع) فيه ما تقدم (قال: ائتني (3) ببينة على هذا) لم يقل هذا اتهامًا له في نقله، ولكن الحديث [عن](4) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شديد كما سيأتي (فذهب، ثم رجع إليه فقال: هذا أبي) بن كعب (فقال أبي) بن كعب (يا (5) عمر، لا تكن) أوضح منه رواية

(1)"المفهم" 5/ 475.

(2)

"صحيح مسلم"(2154) من حديث أبي موسى الأشعري.

(3)

بياض في (م) بمقدار كلمة.

(4)

ليست في (ل)، (م)، والسياق يقتضيها.

(5)

قبلها في (ل)، (م): أي عمر لا يكون. وعليها: نسخة.

ص: 482

مسلم: وقال: يا أبا المنذر، سمعت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقال نعم. فلا تكن يا ابن الخطاب (عذابًا على أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) وزاد في لفظ له: قال: سبحان اللَّه، إنما سمعت شيئًا. قال: فأحببت أن أتثبت (1).

وفيه دليل على ما كانت الصحابة عليه من القوة في دين اللَّه وعلى قول الحق. وفيه قبوله؛ فإن أبي بن كعب أنكر على عمر تهديده لأبي موسى، فقام بما عليه من الحق، ولما كان المقام مقام إنكار وقيام في الحق لم يخاطبه بأمير المؤمنين ولا بما فيه نوع إكرام، بل قال: يا عمر. أو: يا ابن الخطاب.

[5182]

(حدثنا يحيى بن حبيب) بن عدي، شيخ مسلم.

(ثنا روح، ثنا) عبد الملك (ابن جريج (2)، أخبرني عطاء) بن أبي رباح، أسلم، عامل عمر بن الخطاب.

(عن عبيد بن عمير) الليثي، قاضي مكة (أن أبا موسى) الأشعري رضي الله عنه (استأذن على عمر) بن الخطاب (بهذِه القصة) المذكورة، و (قال فيه) زيادة (فانطلق) أبو موسى (بأبي سعيد) الخدري إلى عمر بن الخطاب (فشهد له) بما سمعه.

(فقال) عمر (أخفي علي هذا من أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ ) إنما قاله عاتبًا على نفسه وناسبًا لها إلى التقصير، ثم بين عذره بقوله:(ألهاني) عن سماع هذا الحديث (الصفق بالأسواق) أي: أشغلني البيع والاتجار في

(1)"صحيح مسلم"(2154).

(2)

في (ل)، (م): جرير. والجادة ما أثبتناه.

ص: 483

الأسواق، وسمي البيع صفقًا؛ لأنهم كانوا يتواجبون البيع بالأيدي، فيصفق كل واحد منهما على يد صاحبه، ومنه قيل للبيعة: صفقة.

قال في "النهاية": السفق بالأسواق، يروى بالسين والصاد، [والسين والصاد](1) يتعاقبان مع القاف والحاء، إلا أن بعض الكلمات تكثر في الصاد، وبعضها يكثر في السين. وهكذا يروى حديث البيعة: أعطاه صفقة (2) يمينه. بالسين والصاد (3).

(ولكن تسلم (4) ما شئت، ولا تستأذن) رخص له في السلام واحدة أو ثلاثًا (5)، وعدم الاستئذان إكرامًا له وجبرًا لما وقع منه في حقه؛ وكانت الصحابة رضي الله عنهم رجاعين إلى الحق، لا سيما عمر بن الخطاب، كان وقافًا عند كتاب اللَّه وسنة رسوله، كما في قصة حين تليت عليه:{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (6)(7).

[5183]

(ثنا زيد بن أخزم) بمعجمتين، أبو طالب الطائي البصري، شيخ البخاري.

(ثنا عبد القاهر بن شعيب) بن الحبحاب، وثق (ثنا هشام) بن حسان الأزدي مولاهم (عن حميد بن هلال) بن هبيرة العدوي الهلالي البصري

(1) ساقطة من (م).

(2)

في (ل)، (م): سفقة. والمثبت كما في "النهاية في غريب الحديث والأثر".

(3)

2/ 376.

(4)

بعدها في (ل)، (م): سلم. وعليها: خـ.

(5)

في (ل)، (م): ثلاث. والجادة ما أثبتناه.

(6)

الأعراف: 199.

(7)

رواه البخاري (4642)، (7286) من حديث ابن عباس.

ص: 484

(عن أبي بردة) عامر (بن أبي موسى) الأشعري (عن أبيه) أبي موسى عبد اللَّه بن قيس رضي الله عنه (بهذِه القصة) المذكورة.

(قال: فقال عمر) بن الخطاب (لأبي موسى: ) الأشعري (إني لم أتهمك) أي: لم يكذبه ولا اتهمه فيما قال (ولكن الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) أمره (شديد) لعظم مرتبته، فخاف عمر مسارعة الناس إلى القول على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما لم يقل كما يقول بعض المبتدعين والمنافقين عليه ما لم يقل، وأن كما وقعت قضية يوضع فيها حديث كذب عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد سد هذا الباب وردع غير أبي موسى إذا سمعوا هذا لا شكًّا في رواية أبي موسى، فإن من دون أبي موسى إذا بلغته هذِه القصة وكان في قلبه مرض أو أراد وضع حديث خاف من مثل قضيته؛ فامتنع من وضع الحديث والمسارعة إليه.

[5184]

(حدثنا عبد اللَّه بن مسلمة) القعنبي (عن مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ مولى آل (1) المنكدر، فقيه المدينة صاحب الرأي.

(عن غير واحد من علمائهم في هذا) الشأن (فقال عمر لأبي موسى: ) الأشعري (أما إني لم أتهمك، ولكن خشيت أن يقول الناس على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) ما لم يقل، وقد يؤخذ من هذا كثرة فحص السلف الصالح ومن بعدهم رضي الله عنهم عن أحوال الرواة في الجرح والتعديل.

[5185]

(ثنا هشام) بن خالد (أبو مروان) الدمشقي، ثقة (ومحمد بن المثنى المعنى، قال محمد بن المثنى: حدثنا الوليد بن مسلم، ثنا) عبد

(1) ساقطة من (م).

ص: 485

الرحمن بن عمرو (الأوزاعي قال: سمعت يحيى بن أبي كثير يقول: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة) ولي المدينة (عن قيس بن سعد) بن عبادة الخزرجي الساعدي، من زهاد الصحابة رضي الله عنه.

(قال: زارنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في منزلنا) فيه زيارة الشيخ تلميذه، والأمير بعض رعيته إلى داره -وإن لم يدعه- تلطفًا به واستئناسًا.

(فقال: السلام عليكم ورحمة اللَّه) فيه زيادة: (رحمة اللَّه) مع (السلام عليكم) وأنها أفضل من الاقتصار على: (السلام عليكم) وأفضل من ذلك: السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته. لحديث عمران بن حصين الآتي (1)(فرد) عليه ابن عبادة والد قيس عليه السلام (ردًّا خفيًّا) لم يسمعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (قال) ابنه قيس له (فقال (2): ألا تأذن لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) فيه أنه يستحب للتابع إذا رأى من شيخه أو والده أو عالم لم يكن شيخه ممن يقتدي به شيئًا في ظاهره مخافة لما يعرفه في الشرع، أو يراه يفعل شيئًا وغيره أفضل منه أن يتلطف في سؤاله بنية الاسترشاد، أو ليسمع من كان حاضرًا فينتفع به، فإن كان فعل ذلك ثانيًا تداركه، وإلا بين له مقصوده.

(فقال: ذره) أي: اتركه (يكثر علينا من السلام) لعله يشير إلى أن السلام على الإنسان دعاء له بالسلامة من الآفات ونحوها.

(فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) ثانيًا (السلام عليكم ورحمة اللَّه. فرد سعد) عليه السلام (ردًّا خفيًّا) بحيث لا يسمعه (ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) ثالثًا (السلام

(1) سيأتي برقم (5195).

(2)

كذا في (ل، م)، ولعل الصواب: فقلت. وهو ما في المطبوع من "السنن".

ص: 486

عليكم ورحمة اللَّه) وفي رواية البزار زيادة، ولفظه: عن أنس قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار، فإذا جاء إلى دور الأنصار جاء صبيان الأنصار حوله، فيدعو لهم ويمسح رؤوسهم ويسلم عليهم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم باب سعد، فسلم عليهم فقال:"السلام عليكم ورحمة اللَّه" فرد سعد، ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم حتى سلم ثلاث مرات، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يزيد على ثلاث تسليمات، فإن أذن له، وإلا انصرف. . الحديث (1). وفي هذين الحديثين دليل على أن تكرار السلام ثلاثًا يكفي عنه وعن الاستئذان، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث سلم ثلاثًا ولم يستأذن، ولما لم يؤذن له لم يزد على الثلاث، بل رجع كما تقدم.

(ثم رجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واتبعه سعد) بن عبادة (فقال: يا رسول اللَّه، إني كنت اسمع تسليمك) في الثلاث (وأرد عليك) السلام (ردًّا خفيًّا لتكثر علينا من السلام) ولفظ البزار في الرواية المتقدمة: فاتبعه سعد، فقال: يا رسول اللَّه، بأبي أنت وأمي، ما سلمت تسليمة إلا وهي بأذني، ولقد رددت عليك ولم أُسمعك، وأحببت أن أستكثر من صلاتك ومن البركة. ثم أدخله البيت (2).

(قال: فانصرف معه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) ودخل معه البيت (فأمر له سعد) ابنه قيسًا (بغسل) قيل: الغُسل بالضم: الماء الذي يغتسل [به](3)،

(1)"البحر الزخار" 13/ 292 (6872).

قال الهيثمي في "المجمع" 8/ 34: رجاله رجال الصحيح.

(2)

هذا اللفظ لفظ أحمد 3/ 138، رواه من حديث أنس، لكن بلفظ:"سلامك"، بدل:"صلاتك".

(3)

ساقطة من (ل)، (م)، والمثبت يقتضيه السياق.

ص: 487

والغِسل بالكسر اسم لما يغسل به الرأس من خطمي وغيره، وهو هنا بضم الغين (1)، وهو الماء الذي يغتسل به كالآكل لما يؤكل؛ بدليل رواية ابن ماجه: عن قيس بن سعد: أتانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فوضعنا له ماء، فاغتسل (2). وفيه: دليل على فضيلة إكرام الزائر بوضع ماء يغتسل به وماء يتوضأ منه، وإن لم يوجد فتراب طاهر يتيمم به، وإعطائه الطيب الذي يتطيب به بعد الاغتسال، وسواك إن احتاج إليه، ونحو ذلك مما يتطيب به ويتطهر.

(فاغتسل) به (ثم ناوله ملحفة) بكسر الميم، وهي الملاءة التي تلتحف بها المرأة (مصبوغة بزعفران) لفظ ابن ماجه: بملحفة صفراء (3).

(أو ورس) وهو نبت أصفر يصبغ به، وقد أورس المكان إذا نبت فيه (واشتمل بها) الرواية المشهورة: مصبوغة بالورس. لرواية ابن ماجه الجزم به، ولفظه: ثم أتيناه بملحفة ورسية، فاشتمل بها، فكأني انظر إلى الورس على عكنه. وبوب عليه في فقه الحديث، فقال: باب ما جاء في المنديل بعد الوضوء والغسل (4)، وله في رواية أخرى في اللباس:

(1) في (ل)، (م): اللام. ولعل الصواب ما أثبتناه.

(2)

"سنن ابن ماجه"(466)، (3604).

(3)

"سنن ابن ماجه"(3604).

(4)

"سنن ابن ماجه"(466).

ورواه أيضًا أحمد 6/ 6، وأبو يعلى 3/ 25 (1435)، والطبراني 18/ 349 (889)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 186.

وضعفه النووي في "الخلاصة" 1/ 124 - 125 (235)، والألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه"(104).

ص: 488

فرأيت أثر الورس على عكنه (1).

(ثم رفع رسول اللَّه يديه) للدعاء (وهو يقول: ) فيه أن من آداب الدعاء رفع اليدين فيه، وروي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"رفع الأيدي من الاستكانة التي قال اللَّه فيها: {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} "(2)(3).

(اللهم اجعل صلواتك ورحمتك) هو موافق لقوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} (4) فصلوات اللَّه على عبده: عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياه في الدنيا والآخرة، وقال الزجاج: الصلاة من اللَّه الغفران (5).

ويؤيد هذا كثرة اقتران المغفرة بالرحمة في آيات كثيرة، كقوله:{وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} (6). وقيل: إن الصلوات الرحمة، وكررت لما

(1)"سنن ابن ماجه"(3604).

ورواه أيضًا البزار في "البحر الزخار" 9/ 196 (3744)، والطبراني 18/ 349 (890).

وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه"(790).

(2)

المؤمنون: 76.

(3)

رواه الحاكم 2/ 537 - 538، والبيهقي 2/ 75 - 76 من طريق إسرائيل بن حاتم، عن مقاتل بن حيان، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي. قال الذهبي معقبًا على رواية الحاكم: إسرائيل صاحب عجائب لا يعتمد عليه، وأصبغ شيعى متروك عند النسائي. وقال في "المهذب" 1/ 524: الأصبغ متروك، وإسرائيل اتهمه ابن حبان، وهذا خبر منكر جدًّا. وقال الألباني في "الضعيفة" (6008): موضوع.

(4)

البقرة: 157.

(5)

انظر: "معاني القرآن" 1/ 231، فيه:"الصلاة من اللَّه الرحمة" بدل "الغفران".

(6)

البقرة: 286.

ص: 489

اختلف اللفظ تأكيدًا وإتباعًا للمعنى، كما قال تعالى:{الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} (1)، {أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} (2).

(على آل سعد بن عبادة) والمراد به سعد، وفيه إشارة إلى دخول ولده وأهله في الدعاء، كما في قوله تعالى:{وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} (3) أي: فرعون نفسه، واستغنى بذكره عن ذكر أتباعه.

(قال: ثم أصاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الطعام) وهو الزيت. وقد صرح به في رواية البزار، وقال فيها: فقرب إليه زيتًا. ولابن حبان في "صحيحه": أفطر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عند سعد بن عبادة (4)، فقال:"أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة"(5). رواه ابن ماجه عن عبد اللَّه بن الزبير، إلا أن عنده سعد بن معاذ بدل سعد ابن عبادة (6).

(فلما أراد الانصراف) من عنده (قرب إليه سعد حمارًا قد وطأ) بتشديد الطاء، أي: مهد (عليه (7) بقطيفة) وهي كساء له خمل، جمعها قطائف

(1) البقرة: 159.

(2)

الزخرف: 80.

(3)

البقرة: 50، والأنفال:54.

(4)

ورد في هامش (ل): حـ: لم يقع في "صحيح ابن حبان" منسوبًا، بل لفظه في حديث مصعب بن ثابت، عن عبد اللَّه بن الزبير قال: أفطر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عند سعيد، والتالي مثله.

(5)

"صحيح ابن حبان" 12/ 107 (5296) رواية عبد اللَّه بن الزبير.

(6)

"سنن ابن ماجه"(1747).

وضعف إسناده البوصيري في "مصباح الزجاجة" 2/ 79.

(7)

ساقطة من (م).

ص: 490

(فركب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) الحمار. وهذا أيضًا من إكرام الشيخ أو المعلم إذا زار تلميذه، أن يقرب إليه مركوبًا يركبه في الرجوع إلى منزله من فرس أو حمار ونحوهما، ويمهد تحته ببساط أو عباءة ونحوهما.

(فقال سعد: ) لابنه (يا قيس، اصحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) إلى منزله.

وهذا أيضًا من نوع الإكرام بأن يرسل ابنه أو خادمه ونحوهما ليمشي في خدمة شيخه إلى منزله تأنيسًا له وإكرامًا.

وفيه فائدة أخرى يحصل بها الإكرام وهو أن يأتي بالدابة؛ لئلا يتكلف الشيخ بإرسالها، وقد لا يجد من يرسلها معه.

(قال قيس: ) فلما مشيت معه (فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) تعال يا قيس (اركب) معي (فأبيت) أن أركب معه، وفيه دليل على ترجيح سلوك الأدب على امتثال الأمر، كما تقدم.

(إما أن تركب) معي (وإما أن تنصرف) وهذا من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحب أن يرتفع على أحد من تلميذ أو عبد أو أمة في مأكل ولا مشرب ولا ملبس ولا مركوب.

(قال: فانصرفت) عنه لما ألح عليَّ في ذلك.

وفي هذا الحديث دلالة على فضيلة سعد بن عبادة وكرم شمائله؛ لأنه أكرم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأنواع من الإكرام، كما تقدم بعضها، فإنه كان أجود الأوس والخزرج، وكان منهم أربعة يطعمون الطعام في بيت واحد قيس بن سعد بن عبادة بن دليم (1)، قال ابن عمر لما مر

(1) في (ل)، (م): ديلم. وما أثبتناه كما في ترجمة سعد بن عبادة، انظر:"الاستيعاب في معرفة الصحابة" 2/ 161 (949).

ص: 491

على أطم سعد لقد كان ينادي مناديه: من أراد الشحم واللحم فليأت دار دليم (1). فمات دليم، فنادى منادي عبادة مثل ذلك. ثم مات عبادة، فنادى منادي سعد مثل ذلك. ثم قد رأيت قيس بن سعد يفعل ذلك (2).

(قال هشام) بن خالد (أبو مروان) شيخ المصنف.

(عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد (3) بن زرارة) الأنصاري، ينسب أبوه إلى جد أمه، وهو ثقة. وبعضهم يقول: محمد بن عبد الرحمن بن أسعد، بزيادة الألف، والأصح حذفها.

(قال) المصنف (رواه عمر بن عبد الواحد) السلمي الدمشقي (و) محمد (ابن سماعة) بكسر السين المهملة وتخفيف الميم، القاضي الحنفي، في رواية معتمدة: سماعة، بفتح السين.

(عن الأوزاعي مرسلًا، لم يذكرا: قيس بن سعد) في روايتهم، بل حذفه.

[5186]

(ثنا مؤمل بن الفضل الحراني) ثقة (في) جماعة (آخرين، قالوا: ثنا بقية) بن الوليد، وقد تقدم مرات (ثنا محمد بن عبد الرحمن) بن عرق بكسر العين المهملة [وسكون الراء بعدها قاف اليحصبي أبو الوليد، صدوق.

(عن عبد اللَّه بن بسر) بضم الباء الموحدة] (4) وسكون السين المهملة.

(1) السابق.

(2)

رواه ابن أبي الدنيا في "قرى الضيف"(23)، وابن عبد البر في "الاستيعاب في معرفة الصحابة" 2/ 161.

(3)

كذا في (ل)، (م)، ولعله يقصد: سعد.

(4)

ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

ص: 492

(قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم) أي: باب أحد من قومه (لم يستقبل الباب) الذي يستأذن منه (من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر) وروى الطبراني عن عبد اللَّه بن بُسر أيضًا: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تأتوا البيوت من أبوابها، ولكن ائتوها من جوانبها"(1) وفي تقديمه بالأيمن دليل على أن وقوفه في الأيمن أولى وأفضل.

(ويقول: السلام عليكم. وذلك أن الدور) وهذا فيه تعليل لعدم استقباله الباب؛ لأن الدور (لم يكن عليها يومئذٍ ستور) جمع ستر، وهو كل ما يستر العيون عن الرؤية من باب أو ثوب ونحوه، ولعل هذا قبل أن تنزل آية الحجاب، فلما نزلت وضعت الستور على الأبواب.

* * *

(1) رواه البزار في "المسند" 8/ 429 (3499) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن عرق اليحصبي، عن عبد اللَّه بن بسر.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 44، رواه الطبراني من طرق، ورجال هذا رجال الصحيح، غير محمد بن عبد الرحمن بن عرق، وهو ثقة.

وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/ 294 (4135): رواه الطبراني في "الكبير" من طرق أحدها جيد. وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب"(2731).

ص: 493