الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
<
ذكر أصل الخلفاء العبيديين
>
قال صاحب «تاريخ القيروان» رحمه الله تعالى: إنّ المهدى هو: عبيد الله ابن الحسن بن علىّ بن محمّد بن علىّ بن موسى بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد بن علىّ بن الحسين بن علىّ بن أبى طالب عليه السلام.
وقال ابن زولاق صاحب «تاريخ مصر» رحمه الله تعالى: إنّ المهدىّ هو عبيد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علىّ بن الحسين بن علىّ ابن أبى طالب عليه السلام.
وقيل: هو عبيد الله بن علىّ بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن الحسن ابن (ص 4) محمد بن علىّ بن الحسين بن علىّ بن أبى طالب عليه السلام.
وقيل هو: عبيد الله ابن التقىّ ابن الوفىّ ابن الرضىّ.
وهؤلآء الثلاث يقال لهم المستورون فى ذات الله. واسم الرضىّ عبد الله. وإنّما استتروا خوفا على نفوسهم، لأنهم كانوا مطلوبين من جهة الخلفاء العباسيين. وعبد الله المذكور الملّقب بالرضىّ هو عبد الله بن محمد بن الحسين. والأصحّ ابن إسماعيل بن جعفر المقدّم ذكره. واسم التقىّ الحسين.
واسم الوفىّ أحمد. والرضىّ عبد الله. هذا ما ذكره القاضى شمس الدين
ابن خلّكان فى «تاريخه» رحمه الله تعالى وجماعة علماء المسلمين مع كافة أمة محمد أجمعين.
هذا عند من يصحّح نسبهم ويدّعى أنّهم من الفاطميين، وهم قليل ما هم.
وأمّا الأكثر من العلماء والمحقّقين وأرباب التواريخ المعتنين بحفظ أنساب العالم فإنّهم ينكرون ذلك ويبطلون دعوى المهدىّ المذكور، وأنّ نسبه هذا جميعه ليس بصحيح. ويثبتون أنّ اسمه سعيد ابن زوجة الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن ميمون القدّاح. وسمّى قدّاحا لأنه كان يقدح العين من الماء، وكان كحّالا.
وهذا القول عند الطبقة الوسطى فى تصحيح نسبه. ذكره أيضا القاضى ابن خلّكان فى تاريخه.
وأما الأكثر أيضا من العلماء الأشراف العلويّين من المصريّين والشاميّين فإنهم يقولون، وهم المقلّدون بذلك: إن عبيد الله هذا كان يهوديا من أهل سلمية. وكان حدّادا، واسمه سعيد. فلما دخل المغرب تسمّى بعبيد الله. وزعم أنّه علوى فاطمى، وادّعى نسبا ليس بصحيح، ثم تسمّى بالمهدىّ. وكان زنديقا خبيثا، عدوّا للإسلام، يتظاهر بالتشيع، حريصا على إزالة الملّة الإسلاميّة. (ص 5) ودليل ذلك قتله للفقهاء والعلماء والأئمة والمحدّثين والصّالحين. قتل منهم عدّة كبيرة. وكان قصده إعدام الدين من الوجود،
لتبقى العالم كالبهائم، فيتمكّن من إفساد عقولهم واعتقاداتهم ({وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ}).
ونشأت ذريّته بأجمعها على ذلك مبطنون به، ويجهرون به إذا أمكنهم.
ولم تزل الدعاة لهم منبّثون فى الأرض والبلاد، يضلّون من أمكنهم إضلالة.
ومن دعاتهم الذين يعرفون بالقرامطة الخارجين عن دين الإسلام، المارقين من الإيمان، وسيأتى ذكر هم بعد ذلك. ومن دعاتهم من أضلّ عدّة طوائف فى سائر الأرض شرقا وغربا ومنهم الدرزيّة والحشيشيّة وغيرهم.
قلت: وقد وضع فى ذكر هؤلاء القوم كتابا صنّفه الشريف العابد أبو الحسين محمد بن على بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل ابن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب عليه السلام المعروف بأخى محسن، رضى الله عنه. وكان سيّدا فاضلا عالما محقّقا لأنساب أهل بيته، رضوان الله عليهم، وذكر فيه ما العبد ذاكره فى هذا الجزء بحكم التلخيص منه.
ثم تتلو بعد ذلك سياقة التاريخ من أول سنة تسع وخمسين وثلاث مئة، كون أن الجزء الرابع منه انتهى آخره فى سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة، عند خروج مصر عن مملكة العباسيّين. وبالله التوفيق.
…
قال السيّد الشريف المشار إليه رضى الله عنه: هذا كتاب وضعناه نبيّن فيه أمر إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علىّ بن الحسين بن على بن أبى طالب صلوات الله عليهم وأولاده، لما كثر القول فى ابنه محمد، ونسب إليه من ليس من أهله، وجعلوه بابا للخديعة والمكر، ليتمكّنوا به من المخدوعين وليس هو كذلك. فلما نظرنا فى هذا الأمر رأينا أن نضع كتابا نبيّن فيه أمر إسماعيل ابن جعفر وابنه محمد الّذى (ص 6) إليه الدعوة دون أخيه علىّ بن إسماعيل، ونذكر جميع أولادهم فى سائر الأقطار، ونذكر كلّ رجل منهم باسمه ونسبه مفردا، كى يتأمّل هذا الأمر من أراد معرفة ذلك. فإذا فعلنا ذلك وبيّناه أخرجنا من ولد إسماعيل بن جعفر من انتمى إليه وليس من ولده، بالبرهان الذى يعرفه من نظر فى كتب الأنساب.
ونبدأ بذكر الأصول منهم ثم الفروع. والعالم بالأنساب يعلم أنّ الفروع ترجع إلى الأصول. والبيوت من ولد علىّ بن أبى طالب عليه السلام معدودة وكذا أنسابهم معدودة لا يخفى الأوّل منها على الآخر.
وقد وجدنا هؤلاء الذين تغلّبوا على المغرب ثم على مصر، أعنى سعيد بن الحسين وأولاده، وهو الذى تسمّى بالمغرب عبيد الله وتلقّب بالمهدىّ، لا يعرف لهم ذكرا لا فى الأصول ولا فى الفروع، غير ما يوهمون به العامة والرّعاع من الناس أنهم من ولد على بن أبى طالب عليه السلام. ولا يذكرون لهم نسبا إليه.
وقد خفى أمرهم على أكثر الناس، ويجب على من كانت فيه عصبيّة لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحقّق أمر نسبهم لتكون عصبيّة فيهم لا فى غيرهم.
فأمّا من موّه عليه بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعدل به عن الحقّ إلى الباطل ويخدع بالأيمان والعهود والمواثيق، ويدخل فى أمر مكتوم قد غطّى عليه، وهو لا يعلم، فإنه ترك الهدى واتّبع الضلالة. وإنّا لا نجد عهودا ولا مواثيق تكون فى شريعة من الشرايع بكتمان سرّ، لأنّ الله عز وجل لم يأمر بكتمان هدى أنزله على عباده، وقد قال جلّ اسمه:({هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اِتَّبَعَنِي} (ص 7)، {وَسُبْحانَ اللهِ، وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ). فما كان من بصيرة فإنّما يريد أن يهدى بها عباده بغير سرّ ولا كتمان. وأهل العقول والبصائر يعلمون أنّ الكتمان فى أمور الدين والتنقّل من حال إلى حال هو حدّ الإربة، وهذا مّما أسّسه عبد الله بن ميمون القدّاح لنفسه ولولده الذى صار إلى المغرب، وانتهى إلى ولد علىّ بن أبى طالب عليه السلام.
وسنذكر خبره وما كان منه إلى أن صار إلى سلمية، ونذكر خبر ولده من بعده إلى أن صار بالمغرب فيما يأتى من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، بعد ذكر جميع ولد علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه، ليكون ذلك حجّة وبيانا وردّا عليهم فيما يدّعونه من هذا النسب.
والحجّة لنا على قائل يقول: إنّ سعيدا المتسمّى عبيد الله، الملقّب بالمهدى، الذى استولى على المغرب سنة تسع وثمانين ومئتين من ولد علىّ بن أبى طالب عليه السلام أن نقول له: إنّ هذه أسماء جميع ولد على بن أبى طالب مسطّرة فى هذا الكتاب، فانسبه لنا إلى من يقول إنه من ولده منهم إن كنت صادقا. فإن نسبه عند من يعرف الأنساب حقق عليه أنّه دعىّ، وإن أمسك عما يسأل عنه فالحجّة لنا عليه.
ثم إنّ هذا الرجل ابتدأ وذكر جميع ولد الإمام على بن أبى طالب عليه السلام، وأبان ذلك بيانا جيّدا لا خلل فيه ولا زيغ عن الحق، وأطال فى ذلك ما لو شرحناه فى هذا الكتاب لكان جزوا مستقلاّ بذاته، فأضربت عن جملته، وذكرت من ذلك الأصول من ولد الإمام على عليه السلام ليفهم من الأصول عن الفروع.
قال: (ص 8) الشّريف أبو الحسين محمد بن على:
ولد علىّ بن أبى طالب عليه السلام:
الحسن والحسين. أمّهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومحمّد الأكبر ابن الحنفيّة. أمّه خولة بنت قيس بن جعفر الحنفى.
والعبّاس الأكبر، وعبد الله، وعثمان الأكبر، وجعفر الأكبر، أمّهم أمّ البنين بنت المحل بن الديان بن حزام الكلابىّ، فقتل جميع هؤلاء الأربعة مع الحسين عليه السلام يوم الطّفّ.
وعمر الأكبر، أمّه الصّهباء أمّ حبيب بنت ربيعة التغلبى.
وعبد الرحمن الذى يكنى أبا بكر، وعبيد الله، أمّهما ليلى بنت مسعود ابن خالد التميمى.
ويحيى وعون، أمّهما أسماء بنت عميس الخثعميّة.
ومحمد الأصغر، أمّه أمامة بنت أبى العاص بن الربيع بن عبد العزّى بن عبد الشمس، وأمّها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وجعفر الأصغر لأمّ ولد.
ومحمد الأوسط، وعباس الأصغر، لأمّ ولد.
وعمر الأصغر، وعثمان الأصغر، لأمّ ولد.
فهؤلاء الذكور من صلبه عليه السلام. ومن هؤلاء من توفى فى حياته طفلا صغيرا، ومنهم من قتل ولا عقب له.
وأمّا الإناث من ولده فقد أعرضنا عن ذكرهنّ فى هذا الكتاب لأنّا لا نحتاج إليهن فى ذكر نسب هاهنا.
قلت: وقد ذكرهم العبد بكمالهنّ مع جميع ولد الإمام علىّ عليه السلام، وجميع الأمّهات، بروايات صحيحة، فى الجزء الثانى فى هذا التاريخ المختصّ بذكر سيّد المرسلين والخلفاء الراشدين، عند ذكرنا للإمام علىّ بن أبى طالب عليه السلام. فمن أراد تصحيح النّسب فليقف عليه هناك.