الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مقتل أبى سعيد
وكان لمّا أسر العبّاس بن عمرو أخذ من عسكره خادما فاستخصّه لنفسه وجعله على طعامه وشرابه. فمكث لذلك مدّة طويلة لا يرى أبا سعيد فيها يصلّى صلاة واحدة، ولا يصوم شهر رمضان ولا فى غيره يوما واحدا، ولا يذكر الله عز وجل، ولا يعرف شريعة، ولا يرجع إلى دين من سائر الأديان. فأضمر فى نفسه قتله. فدخل معه الحمّام، وقد كان الحمّام فى داره، وأخذ معه خنجرا ماضيا. وكان الحمّام خاليا. فلما تمكّن منه ذبحه. ثم خرج فقال: يدعى فلان، لبعض بنى سنتر. فقال: ادخل. فدخل. فقبض عليه وذبحه. ولم يزل يدعو واحدا بعد واحد وهو يفعل بهم ذلك من رؤساء الوجوه إلى أن دخل بعضهم، فنظر عند دخوله إلى الدماء تسيل سيلا، فكرّ راجعا وضجّ فى الناس. وعمد الخادم فأغلق الباب. فلم يزل حتى أخذوه، ووجدوا تلك الجماعة مذبّحين.
وذلك فى سنة إحدى وثلاث مئة ونحوها.
وخلف من الأولاد: أبا القاسم سعيدا، وأبا طاهر سليمانا،
وأبا منصور أحمد، وأبا إسحاق إبراهيم، وأبا العبّاس محمّد، ويوسف أبا يعقوب.
وكان أبو سعيد قد جمع رؤساء أهل دولته من بنى زبرقان وبنى سنتر. وكان متزوّجا إليهم، وهم أخوال بنيه، وبهم قامت دولته وقوى أمره. وأوصى إليهم إن حدث به حادث الموت يكون القيّم بأمركم أبا القاسم سعيدا ابنه، إلى أن يكبر أبو طاهر سليمان فيكون المدبّر لأمورهم. فلما قتل جرى الأمر على ما وصّاهم به. وكان قد قال لهم:
سيكون الفتوح له. وجلس يدبّر أمورهم بعد قتل (ص 44) أبيه. ثم إنه دعى بالخادم وشدّ <هـ> بالحبال، ثم قرض لحمه إلى أن مات رحمه الله.
ولما كان فى سنة خمس وثلاث مئة سلّم سعيد إلى أخيه سليمان الأمر، فدبّره. وعمل أشياء موّه بها على عقول أصحابه فقبلوها وعظّموا أمر جهلا منهم. وكان مبدأ أبى سعيد الحسن بن بهرام الجنّابى بالقطيف وما والاه فى سنة ست وثمانين ومئتين.