الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة ثمانين وثلاث مئة
النيل المبارك فى هذه السنة:
(ص 143) الماء القديم ثلاثة أذرع فقط.
مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وعشرون إصبعا.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة الطائع لله أمير المؤمنين.
ومدبّر ممالكه بهاء الدولة ابن عضد الدولة، وقد وقع الوحشة بينهما.
والعزيز خليفة مصر على حاله.
وفيها توفى الوزير أبو الفرج يعقوب بن كلّس ليلة الاثنين لخمس خلون من ذى الحجة. وصلى عليه العزيز بنفسه. وكان إقطاعه من العزيز فى كلّ سنة مئة ألف دينار، ووجد له من الجوهر بتركته ما قيمته أربع مئة ألف دينار، ومن الذهب العين خمس مئة ألف دينار، ومن الأوانى والمصاغات والمركوب والملبوس ما قيمته مثلها،
ووجد له من المماليك والعبيد والغلمان أربعة آلاف غلام، وثمان مئة حضيّة خارجا عن جوارى الخدمة.
وكان ابن كلّس هذا أصله يهوديا من أهل بغداد، صاحب دهاء ومكر، خبيرا بأحوال الناس، ذو ذكاء وفطنة وكتابة وعبارة.
ثم إنه خرج إلى الشام فنزل الرملة فجلس وكيل للتجار بها. فلما اجتمعت عنده جملة من أموال التجار أخذها وهرب إلى مصر. وكان ذلك فى أيام كافور الإخشيدى صاحب مصر يومئذ. وكان إذا دخل ضيعة تعرّف جميع أحوالها على صحّة. ثم كثرت أحواله بمصر فكان لا يسأل عن شئ من أمور القرى والضياع فى إقليمى مصر والشام إلاّ أخبر بذلك عن صحّة. فبلغ خبره كافور. فقال: لو كان هذا مسلما لصلح أن يكون وزيرا. فبلغه ذلك. فطمع فى الوزارة. فدخل يوم جمعة الجامع بمصر وقال: أنا مسلم على يد الأستاذ كافور.
(ص 144) فبلغ الوزير ابن حنزابة ما هو عليه، وما قصد أن يكون، وما قد طمع فيه، فقصده بالمكروه. فهرب منه إلى المغرب وقصد إلى يهودا كانوا مع أبى تميم، وهم المتولّين على أمره، فصارت له عندهم
درجة. ونظروا منه إلى رجل فيه تدبير وفطنة وذكاء. فكان عندهم مقدّما. ولم يزل معهم إلى أن أخذ أبو تميم وهو المعزّ مصرا. فسار معه إليها. فلما توفى أبو تميم وجلس ولده نزار وهو العزيز على الأمر استوزره فى سنة خمس وستين وثلاث مئة، فلم يزل مدبّرا لأمره حتى توفى فى ذى الحجة من هذه السنة.
قلت: وهذا هو الصحيح. فإنّ ابن كلّس لم يل الوزارة إلاّ فى أيّام نزار، ولم يكن له فى أيّام المعزّ وزارة. والله أعلم.