الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر صاحب الناقة ابن الخبيث
وكان الخبيث ابن الخبيث لما رجع من عند زكرويه إلى الطالقان كتب إليه يستأذنه فى القدوم عليه. فأجابه بالتوقّف. فخرج نحو العراق ثم قدم على زكرويه فوجده مختفيا، فلم يزل حتى اجتمع به واستأذنه بالتوجّه إلى ابنه، لما بلغه من استجاب له من الناس. فأذن له، وضمّ إليه ابن أخت عيسى بن مهرويه، وتسمى بالمدّثر لقبا، وبعبد الله اسما، وتأوّل أنّه المذكور فى القرآن بالمدثّر، كذب لعنه الله، وأصحبهما غلاما من بنى مهرويه يلقّب بالمطوّق، وكان سيّافا.
وكتب على أيديهم: كتب إلى ابنه الحسن يعرفه أنّه ابن الحجة، ويأمره له بالسمع والطاعة.
فسار اللعين حتى نزل فى كلب. فلقيه الحسن بن زكرويه وعظّمه وسرّ به، وعرّف جموعه أنه صاحب الأمر. فامتثلوا أمره وقالوا له:
مرنا بأمرك لنسارع إليه. فقال لهم: استعدوا للحرب، فقد أظلّكم النصر. ففعلوا. واتصلت أخبارهم بشبل الديلمى وهو يومئذ أمير الشام بالرصافة، وهو مولى المعتضد بالله. وذلك فى سنة تسع وثمانين ومئتين.
فقصدهم، فكسروه وقتلوه. وكانت الوقعة بالرصافة غربى الفرات. ودخلوا الرصافة وأخربوها وأحرقوها ونهبوها. وأصعدوا نحو الشام (ص 49) واعترضوا الناس بالقتل والحريق ونهب القرى، إلى أن وردوا أطراف دمشق. وكان
هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون ردّ أمرها إلى الأمير طغج بن جفّ الفرغانى. فلقيتهم عساكره. فانهزموا من القرامطة ولم يثبتوا قدّامهم. وقتل كثير منهم وأخذوا منهم ما قدروا عليه. ولم يزالوا حتى نازلوا دمشق وحصروا طغج بها. وكان الخبيث ابن اللعين يحضر على ناقة فى الحرب ويقول لأصحابه: لا تسيروا فى مصافكم حتى تنبعث بين أيديكم، فإذا سارت فاحملوا، فإنّه لا تردّ لكم راية إذ كانت مأمورة.
فسمّى بذلك صاحب الناقة.
وحصر طغح بدمشق سبعة أشهر، وكتب إلى مصر يعرّف من قتل من أصحابه، وأنه محصور، وقد فنى أكثر الناس، وقد خرب البلد.
فأنفدوا إليه بدرا الكبير غلام ابن طولون المعروف بالحمامى. فسار حتى قرب من دمشق. وخرج إليه طغج واجتمعا على قتال اللعين. والتقوا بموضع قريب من دمشق. فأصاب اللّعين سهم فذبحه وعجّل الله بروحه إلى سقر. وحمى أصحابه اللعين الثانى ابن زكرويه. فقاتلوا أشدّ قتال شبهد، حتى انحازوا عنهم وانصرفت القرامطة. وكان هذا اللعين المقتول قد ضرب دراهم ودنانير كتب على السكة من وجه ({قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ}). وعلى الوجه الثانى: لا إله إلا الله ({قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}).