الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نسخة كتب اللّعين الحسن بن زكرويه إلى عمّاله
بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله المهدى المنصور بالله الناصر لدين الله القائم بأمر الله، الداعى إلى كتاب الله، الذابّ عن حرم الله، المختار من ولد رسول الله، أمير المؤمنين، وإمام المسلمين، ومذلّ المنافقين (ص 55) وخليفة الله على العالمين، وحاصد الظالمين، وقاصم المعتدين، ومبيد الملحدين، وقاتل القاسطين، ومهلك المفسدين، وسراج المستبصرين، ومشتّت المخالفين، والقائم بسنّة <سيّد> المرسلين، ولد خير الوصييّن، صلّى الله عليه وعلى آله الطّيبين الطاهرين وسلّم.
كتاب إلى جعفر بن حميد الكردى:
سلام عليك. فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلّى على محمد جدّى رسول الله.
أما بعد. فقد أنهى إلينا ما حدث قبلك من أخبار أعداء الله الكفرة، وما فعلوه بناحيتك من الظلم والعيث والفساد فى الأرض، فأعظمنا ذلك، ورأينا أن ننفذ إلى هناك من جيوشنا من ينتقم الله به من أعدائنا الظالمين الذين يسعون فى الأرض فسادا. وقد أنفذنا عطيرا داعيا مع جماعة من المؤمنين إلى مدينة حمص، ونحن فى إثرهم، وأمرهم بالمصير إلى ناحيتك لطلب أعداء الله حيث كانوا. ونحن نرجو أن يجزينا الله على أحسن عوائده، فتشدّ قلبك وقلوب من انتقل من أوليائنا إليك،
وتثق بالله وبنصره. وتبادر إلينا بالأخبار وما يحدث بناحيتك. ولا تخف علينا شيئا من أمر ذلك ({سُبْحانَكَ اللهُمَّ، وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ، وَآخِرُ دَعْااهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}).
وصلّى الله على جدّى رسوله، وعلى أهل بيته وسلّم كثيرا.
وكان سائر عماله يكاتبونه بمثل هذا الصدر، وكان ذلك كذب وخبث من اللعين وفجور من الخبيث.
وذلّ بنو القليص بعد هذه الحادثة ولزموا السّماوة.
وسلم القاسم بن أحمد المسمّى بأبى الحسين، خليفة اللعين. فقدم سواد الكوفة إلى زكرويه بن مهرويه أبى الملعون. فأخبره بخبر ابنه وقومه، وأنّ القوم الذين استخلفه ابنه عليهم (ص 56) اضطربوا عليه، فخافهم وتركهم، وانصرف. فلامه على قدومه لوما شديدا وانحرف عنه.
وكان زكرويه لعنه الله فى ذلك الوقت فى غاية الخوف من طلب السلطان من وجه، ومن طلب أصحاب عبدان الذى تسبب فى قتله من وجه. ثم إنه نفذ فى سنة ثلاث وتسعين ومئتين رجلا من أصحابه يقال له محمد بن عبد الله بن سعيد، وكان معلما فى الدابوقة، ويكنى بأبى غانم
فتسمى نصرا ليعمّى أمره على عادتهم، وأمره يدور أحياء كلب ويدعوهم.
فتوجّه فلم يجبه أحد، إلاّ رجل من بنى زياد يعرف بمقدام بن الكمال. ثم استجاب له طوائف من الإصبعيين الذين يعرفون بالفواطم، وقوم من بنى العلّيص، وصعاليك من كلب. فسار بهم نحو الشام.
وعامل المكتفى بالله يومئذ على دمشق والأردن أحمد بن كيغلغ، وهم بنواحى مصر على حرب ابن الخليج، حسبما تقدم من أمره وذكرناه فى الجزء الذى قبله، فاغتنم ذلك نصرا هذا. فصار إلى مدينتى بصرى وأذرعات فحارب أهلها ثم أمّنهم. فلما استسلموا قتل مقاتليهم وسبا ذراريهم، وأخذ جميع أموالهم، وسار نحو دمشق. فخرجت إليه الشحنة من جند المصريين مع صالح بن الفضل خليفة ابن كيغلغ.
فاثخنوا فيهم، وظهروا عليهم. ثم اغتروهم ببذل الأمان، ثم غدروا بهم وقتلوا صالحا وعسكره، وطلبوا دخول دمشق فدفعهم عنها أهلها.
فانصرفوا قاصدين طبرية. فلقيهم يوسف بن إبراهيم عامل ابن كيغلغ على الأردنّ فهزموه وبذلوا له الأمان. ثم غدروا به فقتلوه ونهبوا طبرية.
وبلغ المكتفى بالله أمرهم فأنفذ الحسين بن حمدان فى طلبهم، مع وجوه القواد. فدخل دمشق والقرامطة بطبرية.
فلما علموا بذلك عطفوا نحو السماوة، واتبعهم (ص 57) الحسين بن حمدان فى البرية. فأقبلوا ينتقلون من ماء إلى ماء ثم يغوّرون ما يرحلون عنه من الماء. فلم يزالوا كذلك حتى وردوا الماءين المعروفين بالدّمعانة والحالّة، فانقطع عنهم لعدمه الماء. فمال نحو رحبة مالك بن طوق، وأسرى عدو الله القرمطى حتى وافى هيت لتسع بقين من شعبان سنة ثلاث وتسعين ومئتين طلوع الشمس. فنهب ربض هيت والسفن التى فى الفرات، وقتل نحو مئتى إنسان، وأقام هناك يومين، والقوم متحصّنون. ثم رحل بجميع ما أخذ.
فلما اتصل الخبر بالمكتفى بالله أنفذ إلى هيت محمد بن إسحاق ابن كنداج، ومعه جماعة من القوّاد، ثم أتبعه بمؤنس الخازن.
فوجدوهم قد غوّروا المياه. فأنفذ إلى بغداد وأحضر الروايا والمزاد.
وكتبوا إلى الحسين بن حمدان يوافيهم. فلما أحسّوا بذلك ائتمروا بينهم. فوثب عليه رجل من أصحابه يقال له الديب بن القائم فقتل اللعين نصرا وأخذ رأسه وشخص بها إلى بغداد، متقرّبا بذلك للخليفة. فأسنيت له الجايزة، وكفّ عن طلب قومه. فمكث أياما ببغداد ثم هرب.
ثم إنّ قوما من بنى كلب أنكروا ما فعله الديب من قتل المعلم
نصرا، ورضوا آخرون. فتحزّبوا أحزابا واقتتلوا قتالا شديدا.
ثم افترقوا، فصارت الفرقة التى رضيت قتله إلى ناحية عين التمر، وتخلّف على الماء الذى كانوا عليه من كره قتله. واتصل الخبر بزكرويه لعنه الله، والقاسم بن أحمد عنده، فردّه إليهم لمعرفته بهم. فلما ورد عليهم جمعهم ووعظهم، وقال: أنا رسول وليّكم، وهو عاتب عليكم فيما أقدم عليه الديب. فاعتذروا له وحلفوا ما كان ذلك بمحبتهم. وذكروا ما جرى بينهم وبين أصحابهم وأهاليهم بسببه. فقال لهم: قد (ص 58) جيتكم الآن بما لم يأتكم به أحد ممن تقدمنى. وإنّ وليكم يقول لكم:
قد حضر أمركم، وآن ظهوركم. وقد بايع له من أهل الكوفة أربعون ألفا، ومن أهل سوادها أكثر، وهاهو صائر إليكم. وقد أمرنى أن أقول لكم: إنّ ({مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النّاسُ ضُحًى}) فأجمعوا أمركم وسيروا إلى الكوفة، فإنه لا دافع لكم عنها.
ومنجز وعدى الذى جاءتكم به رسلى.
فسرّوا بذلك وارتحلوا نحو الكوفة.