الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة ثمان وعشرين وخمس مئة
النيل المبارك فى هذه السنة:
الماء القديم سبعة أذرع وخمسة عشر إصبعا.
مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا واثنان وعشرون إصبعا.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين، وبنو سلجوق حكام البلاد.
والحافظ خليفة مصر مستقلاّ، والوزير بهرام الأرمنى.
وكان قد ولى القضاء بعد النابلسى أبو الفخر بن مبشّر صالح ابن عبد الله بن رجا، ثم القاضى سراج الدين أبو الثريّا نجم بن جعفر.
فقتل فى هذه السنة.
وولى مكانه سناء الملك بن مبشّر.
وفى هذه السنة توفى محمد بن تومرت المهدىّ صاحب القيام بأمر المغرب. وقام بالأمر عبد المؤمن بن على الآتى ذكره إن شاء الله تعالى.
وفيها توفى الشيخ أبو على الحسن شيخ ابن عصرون.
وفيها ولد السلطان صلاح يوسف بن أيوب بن شادى بن مروان بمدينة تكريت.
وفيها سألت الأجناد المصريون الحافظ أن يجعل ولده حيدرة المسمّى بحسن واسطة بينهم (ص 286) وبينه، وأخرجوا الأمير حسن من القصر الغربى بغير رضى الحافظ وألزموه أن يوليه. فقال لهم: رضيتموه.
فقالوا: نعم. وظلّ يراوغ بهم الأمر تسعة أشهر، فلما غلب سلّط عليهم السودان. وكان لهم زعيما يعرف بالأحاوى. فقتلوا من الجند خلقا كثيرا، وكانت فتنة كبيرة، وأبدعوا (كذا) السودان فيهم وأخرجوهم من مواطنهم وبيوتهم، وحشروهم فى طرف القاهرة بالحارة المعروفة بالبرقية أيّاما، واستولى السودان على القاهرة. فخرج بعض الجند إلى المحلّة مستصرخا بالوالى. وكان واليها يومئذ رجلا أرمنيّا وهو بهرام الأرمنى المقدّم ذكره. وكان رجلا سليم الباطن جيدا فى نفسه.
وكان نصرانيّا على دينه، باقيا على ملّته، فانضوى إليه جماعة من الجند والعساكر مع جند الأرياف، وسار طالبا للقاهرة. فوصل إليها، فغلّقت الأبواب فى وجهه، فأحرق باب القنطرة، وباب الخوخة، وباب سعادة، وباب زويلة، وباب البرقيّة، ودخل ووضع السيف
على السودان. فقتل خلقا كثيرا. وأمّا الأمير حسن فإنّه ساعد السّودان على الأجناد، وقتل من الجند جماعة. فقالوا للحافظ: سلّم لنا ولدك حسن وأنت آمن. فتمنّع وعظم عليه تسليم ولده، وعلم أنّه إن لم يسلّمه قتلوه معه. فسقاه سمّا فمات. ودخل الأجناد فوجدوه ميتا.
فقنعوا بذلك. وتولّى الوزارة بهرام الأرمنى.
فهذا كان سبب وزارته والله أعلم.
قال ابن واصل فى هذه السنة، أعنى سنة ثمان وعشرين قتل الخليفة المسترشد بالله ومنيته قال: لما أراد الخروج لقتال السلجوقيّة، والسلطان يومئذ مسعود بن محمد، دخل عليه الوزير شرف الدين علىّ ابن طراد الزينبى وكمال الدين صاحب المخزن. قال ابن واصل:
وأنا معهما. فقال له الوزير شرف الدين: يا مولانا، فى نفس المملوك شئ، فهل تأذن لى فى المقال. فقال: قل. فقال: إلى أين تمضى؟ وبمن تعتضد؟ وإلى من تلتجئ؟ وبمن تستنصر؟ ومقامنا ببغداد [أمكن لنا، ولا يقصدنا أحد، والعراق] فيه لنا الكفاية.
مع كلام كثير.
فقال لى الخليفة: [ما تقول يا كاتب؟. فقلت: يا مولانا، الصواب المقام. وما رآه الوزير فهو الرأى. ولا يقدم علينا أحد، وليت العراق يبقى لنا.
فقال لصاحب المخزن: يا وكيل، ما تقول؟ فقال: فى نفسى ما فى نفس مولانا.
فأنشد الخليفة] قول المتنبى:
وإذا لم يكن الموت بدّ
…
فمن العجز أن تموت جبانا
ثم إنه [تجهّز وجمع] خدم جماعة من الأمراء الأتراك وغيرهم، ووقع المصاف بينه وبين السلطان مسعود بمكان يسمى دامرك من أرض همذان. فلما اصطفت العساكر تركه جميع الأتراك ومالوا إلى السلطان مسعود. ثم وقع القتال فانهزم الخليفة ثم أسر وقبض عليه، وقتل جلّ أصحابه، وسار مع السلطان تحت الاحتياط إلى بلاد أذربيجان، فلما وصلوا إلى مراغة هجم عليه ثلاثة نفر من الملاحدة الباطنية فقتلوه وقتلوا معه ابن سكينة، وكان يصلّى [به]، وذلك يوم الخميس لأربع بقين من شهر ذى القعدة [سنة تسع وعشرين وخمس مئة] والله أعلم.