الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة أربع وأربعين وخمس مئة
النيل المبارك فى هذه السنة:
الماء القديم ستة أذرع وأربعة عشر إصبعا.
مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وستة عشر إصبعا.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة الإمام المقتفى لأمر الله أمير المؤمنين، وبنو سلجوق حكّام البلاد.
والحافظ خليفة مصر إلى أن توفى يوم الأحد الخامس من جمادى الآخرة، ومدبّر دولته نجم الدين بن سليم بن مصال.
ووصل علىّ بن السلاّر من ثغر الإسكندرية طالبا للوزارة فى جموع من المغاربة والقبايل، فلما سمع به نجم الدين خرج من القاهرة فى جماعة الريحانية والمغاربة المصريّين، ونزل بأرض دلاص من طرف صعيد مصر الأسفل. ودخل ابن السلاّر القاهرة فى جمع كثيف. وكان خروج ابن مصال من القاهرة فى ليلة يسفر صباحها عن يوم الثلاثاء
الرابع من شهر رمضان، وقيل شعبان وهو الصحيح، ودخل ابن السلاّر خامس الشهر المذكور. فتولّى تدبير الأمور، ونعت بالسيّد الأجلّ الأفضل، ثم نعت نفسه بالعادل بن أسبا سلار، ثم جمع نجم الدين ابن مصال جمعا كثيرا، فخرج له عباس، وكان يومئذ والى الأعمال الشرقية، والتقى مع نجم الدين، وكسره وقتله، وقتل من جمعه تقدير عشرة آلاف نفر، (ص 301) وأخذ رأسه ودخل به على عود عال إلى القاهرة، وذلك يوم الخميس ثالث عشرين ذى القعدة من هذه السنة.
واستمرّ العادل ابن السلار فى تدبير المصالح، وتزوج بامرأة حسناء مفرطة فى الجمال كان عبّاس متولّى الشرقية قد ملك عليها، ولم يعبر بها.
فبلغ ابن السلار ما هى عليه من الجمال فغلب عباس عليها وتزوّجها.
وكان لها ولد يضاهيها فى الجمال يسمّى نصرا، فحصل بين <ابن> السلاّر وبين عباس الوحشة والتنافس، وخرج عباس إلى محل ولايته بالشرقيّة، وعاد كالعاصى على ابن السلاّر، وكلّ منهما يداهن الآخر ومحترز منه، وجرى بينهما أحوال كثيرة، فشرع عباس يراسل نصرا ابن زوجة ابن السلاّر ويداهنه ويوعده ويمنيه حتى استماله، وعمل الحيلة على زوج أمّه ابن السلار حتى قتله، وذلك يوم الخميس سنة ثمان وأربعين
وخمس مئة، ووصل عباس يوم الجمعة صبيحة قتله ابن السلار، وخرجت له خلع الوزارة، ولقّب بالمظفّر عباس أمير الجيوش ولم يزل كذلك، وتزّوج أمّ نصر، وعاد لا يقطع أمرا دون ذلك الصبىّ نصر، إلى أن قتلا الظافر وقتلا بعده حسب ما يأتى:
وفيها كسر نور الدين محمود بن الملك زنكى من الفرنج، كسروه على ريحه (؟) ثم جمع وحشد واهتمّ وخرج إليهم، وكان ملكهم يومئذ صاحب أنطاكية، فكسرهم كسرة شنيعة وأسر ملوكهم.
وقتل فى هذه النوبة ملكهم البرنس، وقام مكانه ولده بيمند.
وكان طفلا، فتزوّجت أمّه كبيرا من كبرائهم لتدبّر حال الطفل، فغزاهم أيضا نور الدين وكسرهم، واستأسر ذلك الكبير الذى تزوجته الملكة، فامتدحه محمد بن صغير القيسرانى:
هذى العزائم لا ما تدّعى القضب
…
وذى المكارم لا ما قالت الكتب
وهذه الهمم اللاّتى إذا خطبت
…
تعثّرت خلفها الأشعار والخطب
صافحت يابن عماد الدين ذروتها
…
براحة للمساعى دونها التعب
وهى طويلة وهذا ملخصها.
وفيها نزل مسعود بن قليج أرسلان على مرعش، وأخذها بالسيف عنوة.
وفيها استقر (كذا) مملكة نور الدين محمود بن أتابك زنكى بدمشق بعد وفاة أبيه أتابك رحمه الله، وملك أيضا حمص وفامية، واتّسع سلطانه. (ص 302).
وكان الجوسلين صاحب تلّ باشر وإعزاز وعينتاب والراوندان ورعتات وغيرهم من الحصون على المسلمين منه ضرر كبير مما يغار (كذا) عليهم، وكان شديد البأس، شجاعا فى الحروب، مقداما جسورا، وكان مولعا بحبّ النساء الحسان. فجهّز إليه الملك العادل نور الدين محمود جيشا كثيفا فكسره الجوسلين، ولم يفيد (كذا) فيه شئ. فعظم على نور الدين، فاحتال عليه ودسّ جماعة من التركمان وقال لهم: من أتانى به أو برأسه فله حكمه علىّ. فتجهز عليه طائفة من التركمان فنزلوا عينتاب وفيهم امرأة لم يكن أجمل منها، فجعلوها فى طريق الملعون جوسلين لعلمهم بولعه بالنساء الحسان، كأنها تحتطب، وكمنوا (كذا) له الرجال من التركمان. فلما بلغ جوسلين نزول التركمان بعينتاب خرج بنفسه وقد سكر بالخمر، ولم يستصحب معه أحدا لظنه بنفسه وشجاعته. فمر بطريقه إلى تلك الامرأة، فلما رآها ذهل عقله، فراودها فأنعمت له، وأتت به إلى تحت شجرة بالقرب من كمين التركمان. فلما صار عليها ضمّت رجليها عليه ويديها، وخرجوا عليه
فأخذوه أخذا بالكفّ، وأتوا به إلى نور الدين وهو نازل على حمص، فأعطى التركمان عشرة آلاف دينار والمرأة ألف دينار.
ثم إنّ نور الدين أخذ منه سائر ما كان بيده من القلاع والحصون، ثم قتله بعد ذلك وأراح الله المسلمين منه ومن شره.
وفيها تسلّم نور الدين شيزر لمّا هدمتها الزلزلة، وانقطع ملك بنى منقذ، ووهب لأخيه نصرة الدولة حرّان وضياعها.
وفيها مطرت باليمن مطرا كلّه دم عبيط، وانصبغت الأرض منه وكان آية عظيمة.
وفيها أطلق الفرنج ابن أخت ملك الفرس، وكان أسيرا عند المسلمين، فحملوا (ص 302) للمسلمين أشياء عظيمة القدر من جملتها خمس فروش لؤلؤ، وأفدوه بألفى وسبع مئة أسير وخمس مئة ثوب أطلس.