الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
فى التنبيه على أن الإمام المهدى بالله هو حجة الله
وقايم آل رسول الله صلى الله عليه وسلم
(ص 78) قيل: سئل موسى الكاظم بن جعفر عليهما السلام عن ظهور القائم متى يكون. فقال: إنّ ظهور القائم مثله كمثل عمود من نور سقط من السماء إلى الأرض، رأسه بالمغرب وأسفله بالمشرق.
فكذلك بداية هذا الأمر من المغرب وانتهاؤه إلى المشرق.
فكان ظهور الإمام المهدى بالله بسجلماسة فى ذى الحجة من سنة ستّ وتسعين ومئتين. وهى أقصى مسكون المغرب. وستظهر دعوته الهادية بإذن الله تعالى أقصى مسكون المشرق. وقد كان الإمام المستنصر بالله دعى له ببغداد فى سنة إحدى وخمسين وأربع مئة كما يأتى ذكر ذلك فى تاريخه إن شاء الله تعالى.
وكان على بن محمد بن موسى الكاظم عليهم السلام يقول: فى سنة أربع وخمسين ومئتين تنكشف عنكم الشدّة ويزول عنكم كثير مما تجدون إذا مضت عنكم سنة اثنين وأربعين.
وهذا كلام فيه إيجاز وألغاز، وذلك أنّ إشارته أن تكون البداية من تاريخ وقته، فيكون المراد سنة ست وتسعين ومئتين، وفيها كان ظهور الإمام المهدى.
وكان أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام بعث إلى المغرب فى سنة خمس وأربعين ومئة رجلين يعرف أحدهما بأبى سفيان والآخر بالحلوانى، وأمرهما أن يبسطا ظاهر علم الأئمة صلوات الله عليهم، وأن لا يتجاوزا أفريقية، ثم يفترقان فينزل كل واحد منهما ناحية.
فامتثلا ما أمرهما به. فكان الحلوانى يقول: بعثت أنا وأبو سفيان فقيل لنا اذهبا إلى المغرب فإنّكما تأتيان أرضا بورا فاحرثاها وكرّباها وذلّلاها إلى أن يأتيها صاحب البلد فيجدها مذلّلة فيبدر فيها حبه.
وكان بين دخولهما المغرب وبين صاحب (ص 79) البدر، وهو أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن زكريا، مئة وخمس وثلاثون سنة.
فلما دخل أبو عبد الله وظهر لأهل المغرب علمه وفضله قال أحد الأولياء لأصحابه: لولا واحدة كان الحلوانى يقولها ما خامرنى الشك أنّ هذا الرجل هو صاحب البدر الذى كان الحلوانى يبشّر به. قالوا:
وما هى؟ قال: كان إذا وصفه قال فى فيه إصبع. فبلغ ذلك أبا عبد الله فتبسم وقال: هذا لا يكون. ولما أخذ العهد بعد ذلك واشترط الكتمان وضع إصبعه على فيه وقال: هذا هو الإصبع الذى أشار إليه الحلوانى. أمركم بالصمت والكتمان. فأمّا أن يكون فى فم رجل إصبع فلا. قالوا: كذلك والله هو.
وممّا يناظر ذلك فى الأئمة والبعث على الكتمان ما فسّر به أبو عبيد القاسم بن سلام قول الشاعر:
وكلّ حديث جاوز الإثنين شائع
قال: أراد بالإثنين الشفتين.
وقال غيره: النهى عن الحديث مع ثالث.
قلت: ثم ساق صاحب هذا الكلام محاسن الخلفاء الفاطميين مما يأتى بعض شئ فى تاريخه عند ذكر كل خليفة منهم وما قيل من مدائحهم.