الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنتى ثمانين وإحدى وثمانين وأربع مئة
النيل المبارك فى هاتين السنتين:
الماء القديم لسنة ثمانين ستة أذرع وخمسة أصابع.
مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا واثنا عشر إصبعا.
الماء القديم لسنة إحدى خمسة أذرع وسبعة عشر إصبعا.
مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعا وخمسة أصابع.
الحوادث
الخليفة فيهما المقتدى بأمر الله أمير المؤمنين، وبنو سلجوق الحكّام.
والمستنصر خليفة مصر، وأمير الجيوش بها بدر الجمالى مدبّر الممالك المصرية.
وفى سنة ثمانين تسلّم شرف الدولة خراسان، وقتل ابن حبلة (؟) بها وملك.
وفيها سلّم السلطان أبو الفتح حلب إلى قسيم الدولة آق سنقر.
وفى سنة إحدى فتح السلطان ملك شاه سمرقند وملكها بالسيف عنوة.
وفيها هلك تكفور ملك الروم صديق السلطان ملك شاه.
قال ابن واصل: فى هذه السنة كان تسليم السلطان جلال الدولة ملكشاه حلب بالسبب المقدم ذكره المكتوب على الحاشية ولما تسلّمها لحاجبه قسيم الدولة آقسنقر، فاستولى عليها وعلى أعمالها وعلى منبج واللاذقيّة وكفر طاب. وأقطع السلطان مدينة الرّها مجاهد الدين بزان، وأقطع أنطاكية الأمير ياغى سيان. ثم ظهرت كفاية الأمير قسيم [الدولة] آقسنقر، وعظمت هيبته فى جميع بلاده.
ثم إن السلطان استدعاه بعد ذلك إلى العراق، فقدم عليه فى تجمّل عظيم. ولم يكن فى عسكر السلطان من يقاومه. فاستحسن السلطان ذلك منه وعظم محلّه عنده. ثم أمره بالعود إلى حلب. فعاد إليها فى سنة ثمانين وأربع مئة، ورخصت الأسعار فى أيّامه، وأمنت السّبل، وأقيمت الحدود الشرعية، وقتل المتطرفين إلى الفساد.
وفى سنة إحدى وثمانين وأربع مئة جمع قسيم الدولة عسكره وقصد شيزر وحاصرها، وصاحبها يومئذ نصر بن على بن منقذ وضايقها ونهب ربضها ثم صالحه صاحبها وعاد إلى حلب.
وفى سنة اثنتين وثمانين أسّس القاضى أبو الحسن الخشّاب منارة حلب. [وكان بحلب] معبد نار قديم [العمارة] وصار بعد ذلك أتون حمّام. فأخذ ابن الخشّاب حجارته، وبنى بها المنارة. فوشى به بعض حسّاده إلى الأمير قسيم الدولة فغضب على القاضى واستحضره وقال: هدمت معبدا هو لى وملكى. فقال: أيّها الأمير، هذا كان معبدا للنار قديما، وقد صار اليوم أتونا، فأخذت حجارته عمرت بها معبدا للإسلام يذكر فيه اسم الله وحده لا شريك له. وكتبت اسمك عليه، وجعلت الثواب لك. فإن رسمت غرمت ثمنه لك، ويكون الثواب لى، فعلت. قال: فأعجب الأمير كلامه واستصوب رأيه، وقال: بل الثواب لى وافعل ما شئت.
وفى سنة أربع وثمانين تسلم قسيم الدولة حصن فامية.
ثم سار وصحبته تاج الدولة إلى طرابلس فحاصرها، وبها صاحبها الأمير جلال الملك بن عمّار. فرأى جيشا لا يدفع إلاّ بالحيلة والسياسة. فراسل
ابن عمّار وزير قسيم الدولة، وأوعده بحمله مال. فسعى مع صاحبه فى إصلاح أمره، وحمل إليه ثلاثين ألف دينار وتحف (كذا) بمثلها، وأبرز من يده منشورا من وزير السلطان ملكشاه بالبلد. فأنعم قسيم الدولة بقبول المنشور، ورحل عن طرابلس على كره من تاج الدولة. وكان تاج الدولة فى ذلك الوقت فى خدمة أخيه السلطان.
فلما توفى السلطان ملكشاه رحمه الله فى سنة خمس وثمانين حسبما ذكرناه فى الأصل، وبلغ ذلك تاج الدولة وهو بمملكته بدمشق حشد العساكر وخرج طالبا للسلطنة. فخرج إلى خدمة قسيم الدولة من حلب ودخل فى طاعته. وسيّر إلى ياغى سيان صاحب أنطاكية، وإلى بزان صاحب الرّها، وأشار عليهما بالدخول فى طاعة تاج الدولة حتى يروا ما يكون من الأمر. فأجابا إلى ذلك، واتفقوا على الخطبة له على منابر بلادهم. ثم إنّ تاج الدولة سار فى أبهة السلطنة ونزل الرحبة وملكها.
ودخلت سنة ست وثمانين. ثم وصل إلى نصيبين وبها نواب العقيلى صاحب الموصل، فملكها بالسيف عنوة، وقتل من أهلها خلقا كثيرا، وفعل الأفعال القبيحة، ثم سلّمها لمحمد بن شرف الدولة [بن بدران] العقيلى، وسار
إلى الموصل. وانفع (كذا) مع صاحبها يومئذ إبراهيم بن قريش العقيلى، وكره ونهب العربيات من النساء وقتلن جماعة منهن خوفا من الفضيحة.
وملك الموصل وولاها للأمير سعد الدولة علىّ ابن شرف الدولة.
وكان ابن عمته، ثم إنه سيّر إلى بغداد يطلب أن يخطب له [الخليفة].
وكان ابن أخيه السلطان ركن الدين بركياروق ابن ملكشاه قد قوى سلطانه [وصارت بيده الرىّ وهمذان وما بينهما. فسار بالعساكر ليمنع عمه من البلاد]، فترك قسيم الدولة ورفقته تاج الدولة وانحازوا إلى السلطان ركن الدين، فعاد تاج الدولة إلى دمشق خائبا عن قصده، وحشد وقصد قسيم الدولة. فلما تصاففا خامر الحلبيّون على قسيم الدولة، وأخذ [قسيم الدولة آق سنقر] أسيرا، وقدّم بين يدى [تاج الدولة] فقال له: لو كنت ظفرت بى ما كنت تصنع؟ قال: كنت أقتلك.
قال: فأنا أحكم عليك بذلك. فقتله صبرا. وتسلّم حلب وقلعتها.
ولم يخلف ولدا غير زنكى. وكان عمره يومئذ عشر سنين.