الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة
النيل المبارك فى هذه السنة:
الماء القديم سبعة أذرع وثمانية أصابع.
مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وستة عشر إصبعا.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة الإمام المقتفى لأمر الله أمير المؤمنين، وبنو سلجوق حكّام البلاد.
والحافظ خليفة مصر، مستبد بالأمور بنفسه، وابن مصال ناظر بحاله.
وفى تاسع صفر من هذه السنة عزل القاضى أبو طاهر، وتولّى مكانه يونس بن محمد المقدسى.
وفيها أخذت الفرنج عسقلان، سلّمها لهم عبّاس وزير مصر.
وهذا غلط من صاحب هذا التاريخ الذى منه ننقل ذلك. فإنّ
عباس لم يتوزّر للحافظ قطّ، ولعله غلط فى السنين، أو من ناسخ الجزء وقع السهو والله أعلم.
ونحن نذكر الواقعة، ولعلّها كانت فيما يأتى من خلافة الظافر فنقول:
كان سبب تسلم الفرنج عسقلان أنّ رأس الإمام الحسين بن على ابن أبى طالب عليهما السلام كان قد طيف به البلاد عند قتله، ودفن بعسقلان قريبا من حيط الجامع القبلى بين العمودين. فأقام من ذلك التاريخ إلى (ص 299) هذه المدّة. فذكر لعباس المذكور فى حال وزارته للظافر وصحّ عنده الخبر وثبت ذلك إثباتا جيدا، فكاتب الفرنج واتفق الحال بينهم أن يسلّمهم عسقلان ويتسلّم الرأس الشريفة، فأحضرت (كذا) الرأس إلى القاهرة المعزية ودفن بالمشهد الحسينى فى شهر ربيع الأول، وقيل ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وخمس مئة وهو الصحيح، وأحضر صحبة تميم المعروف بالأمين.
وقيل فى هذه السنة كانت وفاة الحافظ خليفة مصر، وولاية الظافر والصحيح أنّ ذلك فى سنة أربع وأربعين والله أعلم.
وفيها نزل ملك الألمان على دمشق وخيّم من جهة باب الجابية،
وكان فى خلق عظيم ما مقداره أحد عشر ألف مقاتل، وكان بدمشق أناس قليلة من الجند وكانوا شجعان.
منهم: الحبق، وطرعق، وبلق، ومجاهد الدين بزان، وعين الخواص المسمى الزّىّ، وإسرائيل، والبصّارو، والسليمانى، وغيرهم من الأمراء الشجعان، فتحالفوا بالطلاقات أنهم لا يرجعوا عن الملاعين ولا يغلقون لدمشق باب ليلا ونهارا، ولا يحمل أحد منهم إلا ويواصل الضرب. ثم إنّ الفرنج ثانى يوم شربوا وطابوا وصلّوا صلاة الموت وقدّموا قدّامهم الأقسسة بالإنجيل، والذى حامله راكب حمار (كذا) وفى يده صليب الصّلبوت. ولم يزالوا كذلك إلى أن وصلوا القنوات قدّام باب الجابية. فرمى رجل من المسلمين يقال له كبك القسّيس الذى على رأسه الإنجيل بفردة ياشج فى صدره مرقت من ظهره، فوقع، وحمل آخر يقال له ابن جمّار، وضرب صاحب العلم الكبير فجدّله، فولّوا (كذا) الملاعين على أعقابهم مدبرين، وقتل أهل دمشق منهم خلقا كثيرا، وقتل (ص 300) فى هذه النوبة الفقيه الفندلاوى المالكى، وكان يحمل على الفرنج ويقول: قد بعت نفسى عسى تشترى.
قال ابن واصل: فى هذه النوبة قتل شاهنشاه بن [نجم الدين] أيوب شهيدا ولم يدرك ملك إخوته بنى أيوب، وهو جدّ الملوك بحماة والملوك ببعلبكّ.
وقيل فى هذه السنة زاد النيل إلى أن بلغ تغليق تسعة عشر ذراعا وأربعة أصابع من العشرين، وغرقت سائر ضواحى مصر والقاهرة، وخشى الناس الغرق.
وهذا لم أجده فى نسخة المسير، وإنما ذكره ابن واصل فى «تاريخه» فذكرته. والله أعلم.
وفى هذه السنة حاصروا (كذا) الفرنج دمشق حصارا شديدا، وسيّر مدبّر الدولة بها يستنجد بسيف الدين غازى ابن أتابك زنكى صاحب الموصل وحضر فى جيوشه، ونزل إليه أخوه نور الدين محمود من حلب وتعانقا، واتّفقا. ولما سمعت الفرنج بحضور سيف الدين غازى خافوا ورحلوا عن دمشق.
وفيها قتل شاهنشاه بن أيوب جدّ الملوك أصحاب حماة. قتلوه (كذا) الفرنج على دمشق فى هذه النوبة، وخلّف ولدين وهما الملك المظفر تقى الدين عمر والملك المنصور عز الدين فرّخشاه أبو الملك الأمجد بهرام شاه صاحب بعلبك، ودفن بالشرف ظاهر دمشق.