الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة اثنين وسبعين وثلاث مئة
النيل المبارك فى هذه السنة:
الماء القديم ثلاثة أذرع وسبعة عشر إصبعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وأربعة أصابع.
وكان النيل فى سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة قد بلغ من الزيادة إلى خمس عشرة ذراعا وإصبعين. ثم نزل حتى بلغ أربعة عشر ذراعا لعشر خلون من توت. ثم ردّ زيادته وبلغ ما ذكرناه بعد الخوف والوجل، ووقع الهيج فى الناس.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة الطائع بحاله حسبما تقدّم من ذكر ذلك فى السنة الخالية.
والعزيز كذلك بمصر.
وفيها كان الغلاء والوباء بمصر. وفنى عالم عظيم لا يعلم عدّتهم إلاّ الله عز وجل. والعساكر مهتّمين للخروج وهم وجلين من ابن الجرّاح.
ثم إنّ ابن كلّس الوزير انتدب صبيا من الأتراك يقال له بلتكين التركى كان قد أهداه له هفتكين المقدّم ذكره. فولاّه أمر الجيش، وعزل المصطنع. فسار الجيش من مصر يجمع أجناس متفرّقة من عرب وعجم وترك وديلم ومغاربة ومصريّين وغير ذلك. فنزل الرملة، وهم تحت خوف ووجل. وتباعد ابن الجرّاح. وكان قد قوى جدا، ومعه أيضا عجم وجند يرمون بالنشّاب. وقد اجتمع إليه عرب كثير.
وسار بشارة من طبرية. فاجتمعت العرب من قيس مع المغاربة. ثم انتشب الحرب بين الفريقين (ص 133) فجرى بينهم قتال يشيّب الأطفال.
ثم إنّ بلتكين التركىّ، وهو مقدّم الجيش، انتدب معه جماعة من الترك وخرج على أصحاب ابن الجرّاح من خلفهم لمّا اشتد القتال.
فانهزموا، وأخذهم السيف، ونهب عسكرهم. وانهزم ابن الجرّاح نحو الشمال حتى أخذ إلى أرض حمص فى البرّية. وأخذ فى جبل ابن مسعود حتى نزل على أنطاكية فاستجار بصاحبها فأمّنه.
وكان قد اتفق أنّ بادرس ملك الروم خرج من قسطنطينية فى عسكر عظيم يريد أرض الإسلام. وكان ابن الجرّاح لما نزل على أنطاكية خاف من الروم أن يقبضوا عليه ويشدّوه ويبيعوه إلى المغاربة أو لأبى المعالى ابن حمدان فيأخذه بما أسدى إليه من قتله أبى تغلب وإحراقه.
فكاتب عند ذلك بكجور خوفا على نفسه. وكان قد علم بخروج الروم. وكان بلتكين قد سرى خلف ابن الجرّاح حتى وصل عسكره إلى دمشق. وعلم أنّ ابن الجرّاح وصل أنطاكية. فرجع عن دمشق إلى حصن كان له فى أيام هفتكين نحو جبال الشراة يقال له الكرك.
فأخذه، وقتل من كان به. وكتب بذلك إلى مصر. فورد جوابه أن انزل على دمشق واجتهد فى أمر قسّام.
وتحقق قسّام ذلك وهو بدمشق. فجمع الرجال من الغوطة وغيرها ورمّ شعث السّور، وضبط الأبواب، ونصب العرّادات. ونزل بلتكين التركى دمشق، وذلك فى ذى الحجة من هذه السنة. وكان على العطاء بالجيش ميشا بن الفرّار اليهودى. فتلطّف فى أمر قسّام أن يجرى أمره على غير قتال فلم يمكنه. وكان مع قسّام بدمشق جيش من الصمصامة شبه والى (كذا) من تحت أوامر قسّام، ومعه طائفة من المغاربة.
وكان قد ولى (ص 134) البلد بعد وفاة خاله أبو محمود سنة سبعين وثلاث مئة. فلما نزل بلتكين على ظاهر المزّة خرج إليه فسلّم عليه وعرّفه ما هو فيه من الضيقة مع قسّام، وأنّه قد انتدب للحرب. وكان بلتكين فى جيش كبير، ولم يكن خرج للمغاربة قبله أقوى منه، أكثرهم يرمون بالنّشاب. ثم كانت مراسلة بين ابن الفرّار وبين قسّام فى أن يسلّم البلد ويكون آمنا هو ومن معه، فلم يوافق على ذلك. ولم يزل الحال كذلك حتى دخلت سنة ثلاث وسبعين وثلاث مئة.