الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر خلافة العزيز بالله بن المعز لدين الله بمصر
وما لخص من سيرته
هو أبو منصور نزار بن معدّ المعزّ لدين الله، وباقى نسبه قد علم.
ولد فى المحرّم لسبع بقين من ربيع الآخر سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.
بويع بولاية الأمر يوم وفاة أبوه. وقلد الوزارة أبو الفرج ابن كلّس.
وقلّد القضاء لأبى الحسين على بن النعمان.
وقلّد السيف الذهب والطوق الذهب. وحمل على مركوب بمحمل ذهب. وقرئ سجلّه بالقاهرة. فكان فى جملته: وإذا تداعى الخصمين، إليك أحدهما والآخر إلى غيرك ردّا إليك جميعا من أقصى الآفاق.
فلما بلغ ذلك أبو طاهر، وهو يومئذ قاضى مصر، فرفع يده عن الأمر.
وركب العزيز إلى المقياس بالمظلّة، وعبر على الحمرا، فأمر ببناء القنطرة التى كانت متهدّمة. فشرع فيها. وهذه القنطرة كان بناها عبد العزيز بن مروان فى سنة تسع وستين ومئة. فتهدّمتّ. فجدّد العزيز بناءها.
واستقرّ بالوزارة أبو الفرج بن كلّس. وكان أصله كاتبا يهوديّا ضامنا لنفسه. وخدم كافور الإخشيدىّ، فحمد خدمته. وأسلم فى خدمته.
ثمّ سار إلى المغرب، وخصّ بخدمة المعزّ. فقدم حتى وزر.
وفيها مات القاضى أبو طاهر رحمة الله عليه.
وفيها قدمت القرامطة على هفتكين بدمشق. وكان الذى وافى منهم إسحاق وكسرى وجعفر. فنزلوا على ظاهر دمشق نحو الشماسية.
ووافى معهم كثير من العجم ممن كان من أصحاب هفتكين وقد تشتّتوا فى البلاد فى وقت وقعته على نهر دالى مع الديلم. فاجتمعوا إلى القرامطة بالكوفة فأكرموهم وأركبوهم معهم، وساروا بهم إلى دمشق، فكساهم هفتكين وأركبهم الخيول (ص 115) وقوّى عسكره بهم. ولقى هفتكين القرامطة وحمل إليهم وأكرمهم وفرح بهم، وأمن من الخوف. وأقاموا على دمشق أيّاما ثم رحلوا متوجّهين إلى الرملة، وكان بها أبو محمود إبراهيم ابن جعفر الذى تقدم ذكره. فلما علم بهم تحصّن بيافا. فسارت
القرامطة فنزلوا الرملة، ونصبوا للقتال على يافا، حتى كلّ الفريقان من القتال. وصار يحدّث بعضهم بعضا. واستقرّ القرامطة بالرملة يجبون المال. فلما أمن هفتكين من نحو مصر والرملة، وعلم أنّ القرامطة كفوه ذلك الوجه، عمل على أخذ السّاحل. فسار بمن اجتمع إليه ونزل صيدا. وكان بها ابن الشيخ واليا ومعه رؤساء من المغاربة، ومعهم ظالم العقيلى. فقاتلوا هفتكين أشدّ قتال. وكانوا كثرة. فاحتال عليهم هفتكين أنه جزعا منهم وأظهر لهم أنه مهزوما منهم.
فخرجوا يتبعونه. فقال لهم ظالم: لا تتبعونه لئلا يكون مكيدة منه ليستخرجكم من حصنكم. فسمعه ابن كرامة المغربى فقال له: يا شيخ أنت دسيس على أمير المؤمنين. فلما استدرجهم هفتكين من حصنهم أميالا عطف عليهم عطفة، فلم يسلم منهم غير المخفّين. وانهزم ظالم إلى صور. وقتل شيخهم ابن كرامة. ثم عدّ القتلى منهم فكانوا أربعة آلاف نفر. فحملت رؤوسهم وأتوا بها دمشق ونصبت.
ثم إنّ هفتكين طمع فى أخذ عكّا. وكان بها جمع من المغاربة. فقاتلوه من خلف الأسوار. وكان العزيز بالله قد ندب القائد جوهر للقتال والخروج إلى الشام. فسار فى جيوش كثيفة لم يخرج لهم قبل ذلك مثلها، وتواترت الأخبار على هفتكين بسيره وهو على عكّا.
والقرامطة بالرملة. وأرسلوا إلى هفتكين يخبروه بعظم الجيش (ص 116) القادم مع جوهر القائد. وليس معهم من الرجال ما يلقونه. فسار هفتكين من ظاهر عكّا، فنزل طبرية. وانطردت القرامطة من الرملة ونزلها جوهر. وسار من القرامطة إسحاق وكسرى إلى الأحساء، بلدهم. وبقى جعفر منهم لم يسر. وصار إلى هفتكين التركى فاجتمعوا بطبرّية، وجمع هفتكين غلال حوران والبثنيّه ونفذها إلى دمشق. وقرب جوهر من طبرية. فرحل هفتكين طالبا دمشق.
وسار جوهر حتى نزل بظاهر دمشق بالشماسيّة لثمان بقين من ذى القعدة من هذه السنة.
وجمع هفتكين حمّال السلاح من أهل البلد، وأحسن إليهم من الشطّار والدعرة. ولم يكن فيهم أقدم ولا أشجع من المعروف بقسّام.
وكانت له الرياسة على حمّال السلاح من الشطّار والدعّار، وكان ذكره قديما فى هذا الشأن. ثم انتشب القتال بين الفريقين بقية شهر ذى القعدة وشهر ذى الحجة إلى آخر هذه السنة.