الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحوادث (ص 305)
الخليفة فيهما الإمام المقتفى لأمر الله أمير المؤمنين، وبنو سلجوق بحالهم.
والظافر خليفة مصر حتى قتل سنة تسع حسب ما يأتى من ذكر ذلك.
وفى سنة ثمان غيّروا (كذا) الإسماعيلية دين الإسلام، وشربوا الخمور، وفجروا ببناتهم وأمهاتهم وخواتهم، وفعلوا كلّ محرّم فى شهر رمضان ليلا ونهارا، وأحرقوا الجامع وجميع المشاهد التى كانت عندهم والمنابر.
وقيل فى هذه السنة ملكت الفرنج عسقلان، بعد قتال شديد وحرب أكيد، قتل فيه بين الفريقين خلق كثير. وطلبوا (كذا) المسلمين من الفرنج الأمان، وكان سبب ذلك أنّ المسلمين الذين كانوا بعسقلان عادوا لما عجزوا عن الفرنج وطالعوا إلى مصر عدة مطالعات يستصرخون ويطلبون النجدة، وهم فى أشدّ الأحوال منتظرين النجدة تأتيهم من مصر. وقد صبروا الصبر العظيم. فبينما هم كذلك وإذا بمركب صغير قد أقبل إليهم من قبل مصر، فاستبشروا وظنّوا النجدة تكون خلفه.
فلما وصل إليهم طلع من المركب راجل واحد وعلى يده كتاب، فسلمه للنايب بعسقلان، فإذا فيه مكتوب: ساعة وقوفك عليه وقبل وضعه من يدك تسيّر إلينا جرزة قصب فارسى من مقصبة عسقلان
يكونوا غلاظ (كذا) لأجل الشبّابات. فقال النايب: السمع والطاعة.
وصبر إلى الليل، وخرج إلى الفرنج وطلب منهم الأمان لنفسه ولأهل البلد. فأعطوه ذلك. فلما كان من الغد فتح الباب وسلّم البلد للفرنج، وقال للقاصد الذى أتى بالكتاب: دعهم يطلبوا الشبّابات من من الفرنج أصحاب البلد.
ثم إن الفرنج أيضا فى هذه السنة هجموا تنّيس فى خمسين مركبا وأخذوا جميع ما كان فيها، واستأسروا الأقوية (كذا)، وقتلوا الضعفاء، وغنموا من الأموال ما لا يحصى كثرة.
قال ابن واصل: إن فى هذه السنة، أعنى سنة تسع وأربعين، كانت الزلزلة التى أخرجت شيزر وانقطعت فيها مملكة بنى منقذ، <وكانوا> قد اجتمعوا جميعهم فى ذلك اليوم فى مكان واحد، وبين أيديهم قرد يرقّصونه. فوقع عليهم البناء أجمع، فأهلكهم كلّهم، ولم يسلم سوى القرد، هرب إلى بستان هناك من بساتين القصر دخل إليه من شباك فسلم (ص 306).
وفى سنة تسع قتل الظافر خليفة مصر.
وذلك لما لعب الشيطان بعقل عبّاس ونصر المقدّم ذكرهما، وزيّن لهما ما بعد شأوه، خلا عباس بابن زوجته نصر وقال له: قد علمت
ما قيل وما قد ثبت فى ذهن الناس من أمرنا، وأننا نحن من أهل البيت. والرأى أن نحتال على قتلة هذا الخليفة، فإنّه صبىّ العقل والرأى والتدبير، ونملك نحن الخلافة. وإنما الأشياء همم. فأجابه نصر إلى ذلك. واتفقا عليه. فاهتمّ فى عمل دعوة سنيّة، ثم إنّه استأذن الظافر وسأله الحضور إلى منزله سرّا، ولا يعلم به أحد.
فأجابه لغلبة الهوى وحلول الأجل. فلما حضر الظافر متنكّرا تحت أذيال الدجى، خرج عليه عباس وبيده سيف مشهر وقال له: ويلك! خليفة تقبل من أمر الصبيان! ثم قبض عليه وذبحه ودفنه فى البادنهج بدار المأمونى بالسيوفيّين. ثم ركب عباس من فوره إلى القصر مسرعا وقال: استأذنوا لى على مولانا الظافر فى أمر مهمّ. فالتمس الأستاذون والحجّاب الظافر فلم يجدوه. فقال العبّاس: علىّ بأولاد الحافظ، وهما أبو الأمانة جبريل وأبو الحجاج يوسف. فلما حضرا قال: أنتما قتلتما مولانا. ثم أمر بهما فقتلا بالسيف. وقتل جماعة كبيرة منهم أبو التقى صالح بن حسن، وزمام القصر، مع جماعة يخشى شرهم.
من أعيان الدولة ورؤساء المملكة، ثم أحضروا قاضى القضاة وهو يومئذ يونس الأطفيحى والقاضى مجلّى صاحب كتاب «الذخائر» ، وبايع للفائز كما يأتى ذكره بعد ذلك.
وكان قتل الظافر ليلة الخميس سلخ المحرم من هذه السنة.
وكانت خلافته أربع سنين وثمانية أشهر.
قضاة الظافر بالله: أبو الفضايل يونس الأطفيحى، الفقيه مجلّى، أبو المعالى بن جميع، ابن نجا المخزومى.
ولى الخلافة وله سبع عشرة سنة وخمسة أشهر.
وقتل وله اثنتان وعشرون سنة. والله أعلم.