الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة
النيل المبارك فى هذه السنة:
الماء القديم أربعة أذرع فقط. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا واثنا عشر إصبعا.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة الطائع لله أمير المؤمنين.
وبهاء الدولة ابن عضد الدولة مدبّر الممالك الخليفية.
والعزيز بمصر.
والوزير ابن كلّس بحاله مدبّر الدولة.
وفيها خرج منير الخادم من مصر فى جيش عظيم بسبب بكجور وابن الجرّاح. وكتب إلى العرب من قيس وغيرها بالمسير مع منير وقلع ابن الجرّاح. وكانت العرب من قيس تنزل أرض عمّان. وسار منير فنزل الرملة، وجمع إليه الولاة والنوّاب من سائر الأعمال. وكان بكجور قد وقع بينه وبين بشارة والى طبرية. فأنزل ابن الجرّاح
السواد وطمّعه فى ضياع ابن كلّس الوزير وكاشف بالعصيان. وأخلى بشارة لابن الجراح السواد خوفا منه. فلما قارب منير السواد تباعد ابن الجرّاح إلى أعمال دمشق.
ثم إنّ بكجور جمع إليه بنى كلب واستعد للقتال. ونفذ منير سرية من بنى عقيل وفزارة فوقعوا على فرقة (ص 141) من عرب ابن الجرّاح فأتوا عليها. ونزل منير الخادم على الفوّار شهرين ليس له جسارة على بكجور ولا على ابن الجرّاح. وكان ابن الجرّاح انهزم من سريتهم فطمعوا فيه. وكان المدبّر لعسكرهم ابن الفرّار اليهودى المقدم ذكره. فراسل بكجور: إنّا لم نجئ لقتالك، وإنما جئنا لنخرج ابن الجرّاح من العمل لفساده. فالواجب أن تكون أنت معين للسلطان عليه، ونسير بعد ذلك إلى حلب وأنطاكية.
فعلم بكجور أنّ ذلك خديعة له. وكان قد اشتدّ خوفه وقلقه من أهل البلد لما كان أسداهم من قبيح السيرة فيهم. فسيّر إلى ابن عليّان العدوى، فأتاه فى خيل ورجل. وأضاف إليهم بكجور ثلاث مئة رجل من <بنى> جعفر بن كلاب. وأنفذهم ولم يخرج من المدينة خوفا من أهلها لا يمنعونه من العود إليها. وبلغ منير وبشارة مسير القوم إليهم، فقدّروا أنّ بكجور وابن الجراح والجمع بأسره يأتيهم. فشدّوا
عليهم. وتقدّمت كلّ طائفة إلى الأخرى، فحملوا بجمعهم على الكلبيين والعدويّين فلم يثبتوا لهم. فهزموهم حتى لحقوهم بحيطان داريا. فرجعوا فى أسوإ حال إلى بكجور. فاشتدّ عند ذلك خوفه، وراسل القوم:
إنى أسلم إليكم البلد وأرحل عنها. واتفق الحال بينهم على ذلك.
فخرج ليلة الثلاثاء النصف من رجب من هذه السنة وسار بماله ورجاله إلى الرقّة، ورجع عنه عليّان العدوى وابن الجرّاح فدخلوا البرية.
وكان منير وبشارة وابن الفرّار قد نفذوا إلى نزّال والى طرابلس بأن يأتيهم ليكونوا يدا واحدة على بكجور، فلم يأتيهم إلى يوم الخميس بعد خروج بكجور. وكان هذا سبب موافقتهم لبكجور على الخروج.
فلما بلغ الوزير ابن كلّس ذلك (ص 142) وأن بكجور خرج سالما وصار بالرقة خشى عاقبته. ثم بلغه أنه قد ولى حمص من قبل أبى المعالى صاحب حلب فقال: يجاورنا بكجور وقد جاهرناه بالعداوة؟ وكان بكجور قد عاد إلى حمص بولاية أبى المعالى له. فكاتبه ابن كلّس بمكره وخديعته: إنّا لم نريد انتزاحك عن دمشق، وإنما كان المقصود ابن الجرّاح فتستمر على ضياعك وما كان مقررا لك بدمشق على عادتك، فإنّ أمير المؤمنين لم يأمر فيك بعزل.
فقبض بكجور تلك السّنة مغلاّته وخراجه مع جميع ما كان له بأعمال دمشق من غير معارض له فى ذلك.