الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم قام:
المنتصر إسماعيل بن الرضى بن نوح
وكان قد قبض عليه فى جملة من قبض عليه من آل سامان.
فاتفق له (ص 121) أنه لبس جلد جارية وخرّج من محبسه، وسار إلى الجرجانيّة، وتجمّع إليه الجند السامانيّة فسار بهم، وكبس على الأتراك الخائنة فانهزموا عن بخارى، ودخلها المنتصر. وكانت بينهم أوجع حروب حتى استفحل أمر المنتصر إلى أن كرّ عليه الخان فقتل فى سنة خمس وتسعين وثلاث مئة.
وانقطعت الدولة السامانية بقتله.
فجميع ملوك آل سامان عشرة ملوك. أوّلهم إسماعيل بن أحمد ابن أسد بن سامان خداه وآخرهم المنتصر هذا.
وجميع مدّة مملكتهم دون ولايتهم مئة سنة وستة أشهر وعشرة أيام.
وكان لهم من البلاد فى أكثر الأوقات خراسان، وما وراء النهر، وسجستان، وغزنة، وبست، والرخّج، وكرمان، وجرجان، وطبرستان، والرىّ، وقومس.
وفيهم يقول أبو الطيبّ الطاهرى:
أودى ملوك بنى سامان فانقرضوا
…
وأصبح الحبل ما ينفكّ ينتقض
أضحت إمارتهم فيهم وجوهرها
…
عبيدهم وهم فى عرضها عرض
فليبك من كان فيهم باكيا أبدا
…
فما لما فاتهم من ملكهم عوض
وما أحسن ما وصف دولتهم بعض البلغاء فقال:
«كانت الدولة السامانية كالدولة الساسانية طول مدّة وقلّة كفاء.
وما أشبّهها إلاّ بالسماء التى رفعها الله بغير عمد».
قلت: قد أنهيت القول فى جميع ملوك آل سامان كما انتهى القول فى جميع من تقدمهم من الملوك أرباب الدول وأصحاب الخول. وسقت هؤلآء الملوك من آل سامان على التوالى حتى لا يعود لنا التفات إلى غير ملوك مصر، كون هذا الجزء مختص بذكرهم دون غيرهم، إذ الشرط أن يكون كلّ جزء من هذا التاريخ يختصّ بدولة.
(ص 122) ولنعود إلى ما كنا عليه بمعونة الله وحسن توفيقه.
وفيها انتصر عزّ الدولة بختيار بأبى تغلب بن حمدان على قتال عضد الدولة فناخسرو. وسار فناخسرو إليهم، ولقيهم، فانهزموا وأخذ بختيار أسيرا فقتله. وانهزم أبو تغلب فدخل الزوزان. وسارا أخو بختيار أبو إسحاق وأبو طاهر ومرزبان بن بختيار إلى دمشق منهزمين من فناخسرو، وكانوا فى عسكر حسن. وكان هفتكين التركى
بطبريّة. فبعث إليهم بوزيره ابن الحمارة. فأنفق فيهم الأموال وحمل إليهم الإقامات وسيّرهم إلى الهفتكين. فاجتمع العسكران بطبرية فى اثنى عشر ألفا. فساروا يريدون الرملة، وسار العزيز يريدهم بجموعه.
فالتقوا بين اليهوديّة وكفر ساب. فحمل عليهم الهفتكين حملة بعد حملة.
فقتل منهم نحوا من مئة رجل. فأقبل عليه عسكر العزيز فى نحو من سبعين ألف، فلم يكن إلاّ ساعة حتى دخلوا عسكره وملكوا رحاله. فصاحت الديلم الذين كانوا معه: بهار بهار، يريدون الأمان الأمان. واستأمن أبو إسحاق ومرزبان بن بختيار، وقتل أبو طاهر، وأخذ كثير منهم أسرى. ولم يكن القتل فيهم بكثير. فلما انهزم عسكر هفتكين طلبوه فى القتلى أو الأسرى فلم يجدوه. فخفى عليهم أمره. وكان فى وقت الهزيمة أخذ نحو الجبل ببيت المقدس. فوقف به فرسه فنزل عنه. وحبس تحت شجرة، فعبر به رجل من العرب يقال له راهب لا حال له ولا شجاعة فيه. فأخذه أسيرا وسار به إلى ابن الجرّاح الطائى فشدّ عمامته فى عنقه وساقه إلى نحو العزيز.
قال صاحب هذا النقل: حدثنى أبو القاسم جعفر بن إسماعيل أنّ ابن الجراح قال: لما جئت بهفتكين إلى نزار (ص 123)
قام قائما فقبّل هامتى. ونال ابن الجراح بذلك نائلا كثيرا. وشهر هفتكين فى العسكر وتلطّمت المغاربة وجهه وأخذوا لحيته ورأى فى نفسه العبر. وكانت هذه الوقعة يوم الخميس لسبع بقين من المحرّم سنة ثمان وستين وثلاث مئة.
وفى سنة سبع وستين ولد أبى حامد الغزالى.