الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مملكة أتابك زنكى
هو عماد الدين أتابك زنكى السلجوقىّ أبو نور الدين محمود، صاحب الشام. وهو أوّل من ملك بيت زنكى الموصل.
وأتابك زنكى هو ابن قسيم الدولة آقسنقر الحاجب. [كان] مملوكا للسلطان العادل عضد الدولة ألب أرسلان ابن داود بن ميكاييل ابن سلجوق.
ثم كان فى خدمة ولده جلال الدولة ملكشاه، وترقّت به الأحوال حتى ملك حلب وكثير من الشام والشرق، إلى أن قتل فى سنة سبع وأربعين وأربع مئة، فى معركة الحرب بينه وبين السلطان تاج الدولة السلجوقى، صاحب دمشق يومئذ. وكان قسيم الدولة المذكور قايم فى ذلك وفآء بابن أستاذه ركن الدولة بركياروق بن السلطان ملكشاه. ولما قتل قسيم الدولة آقسنقر كان زنكى يومئذ دون البلوغ، اجتمع عليه مماليك أبيه منهم زين الدين على كوجك صاحب إربل. وتنقّلت بزنكى الأحوال حتى صار منه ما يذكر.
قال ابن واصل: إنه لما قتل آقسنقر البرسقى-وهو غير آقسنقر
أبى زنكى-وكان صاحب الموصل، قتلوه الباطنية سنة عشرين وخمس مئة-[فوّض السلطان الأمر بعده بالمحصل إلى ولده عز الدين مسعود بن آق سنقر. فلم تطل أيامه وتوفى سنة إحدى وعشرين وخمس مئة] وولى [بعده] أخ له، وقام بتدبير الملك مملوك لأبيه يقال له جاولى. فأرسل إلى السلطان محمود يطلب تقرير البلاد [على ولد آق سنقر البرسقى]، وبذل فى ذلك الأموال الجمة. وكان سيّئ السيرة. وسيّر الرسول فى ذلك القاضى بهاء الدين على بن القاسم [الشهرزورى]. فلما اجتمع بالديوان السلطانى حسّن الأمر، وسعى لزنكى بن آقسنقر قسيم الدولة، لما كان يعلم من شهامته وحسن سيرته، وبذل عنه الأموال الكثيرة، فأجيب إلى ذلك، وولى البلاد، وكتبت له المناشير السلطانية، وضم إليه ولد السلطان محمود ألب أرسلان -المعروف بالخفاجى-وجعل زنكى أتابكه، فمن ثمّ قيل أتابك زنكى.
فلما وصل إليه المنشور قام بالأمر أتم قيام. ولما قرب من الموصل خرج إليه جاولى وتلقّاه، ونزل عن فرسه، وقبّل الأرض، وعلا فى خدمته إلى الموصل. فدخلها فى شهر رمضان، وأقطع جاولى الرحبة وولى نصير الدين دودارية الموصل، وجعل صلاح الدين محمدا بن أمير
حاجبه، وبهاء الدين قاضى القضاة [فى البلاد جميعها]، فإنهما كانا السبب فى ولايته.
ثم لما استقرّت قواعده بالموصل توجّه إلى جزيرة ابن عمر وبها يومئذ مماليك آقسنقر البرسقى. فامتنعوا عليه، فحصرهم حتى أجابوه، ثم امتنعوا، فلم يزل عليها حتى فتحها عنوة بالسيف، ثم تنقّلت أحواله حسبما يأتى من ذكره.
وفيها ملك حلب فى حديث طويل. واستوثق أمره وعلا ذكره، قال ابن واصل: لما قتل قسيم الدولة لم يكن له ولد غير زنكى، وخلّفه وعمره يومئذ عشر سنين.
وكان تاج الدولة لما قتل أيضا فى اعتقاله أمير يقال له كربوقا، فخرج من الاعتقال، وملك الموصل، وأحضر زنكى إليه، وأحسن تربيته لأنه كان ابن خشداشه.
وتوفى كربوقا، وملك الموصل موسى التركمانى. ثم وليها شمس الدين جكرمش أحد مماليك ملكشاه. فقرّب عماد الدين زنكى، وعاد كالوالد. وتوفى جكرمش فى سنة خمس مئة، فولى بعده جاولى.
ثم كانت ولاية عماد الدين زنكى حسب ما ذكرناه من أول الكلام.