الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنتى ست وسبع وسبعين وأربع مئة
النيل المبارك فى هاتين السنتين:
الماء القديم لسنة ست خمسة أذرع وسبعة عشر إصبعا.
مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وخمسة عشر إصبعا.
الماء القديم لسنة سبع خمسة أذرع وأربعة عشر إصبعا.
مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وثمانية عشر إصبعا.
الحوادث
الخليفة فيهما المقتدى بأمر الله أمير المؤمنين، وبنو سلجوق بحالهم.
والمستنصر خليفة مصر، وأمير الجيوش بدر الجمالى بحاله.
قال ابن واصل: فى سنة ست وسبعين وأربع مئة سيّر السلطان جلال الدولة السلجوقى سلطان بغداد فخر الدولة بن جهير إلى ديار بكر
ليتسلّمها، وأعطاه الكوسات و [سيّر معه] العساكر [فسار إليها ونزل بنواحى آمد].
[وفى سنة سبع وسبعين وأربعمائة] أردفه بجيش كثيف من جملتهم الأمير أرتق بن أكسب-أبو الملوك الأرتقيّة-وكان صاحب ديار بكر يومئذ ابن مروان الكردى لما بلغه توجه العساكر إليه، توجّه إلى الأمير شرف الدولة مسلم بن قريش بن بدران العقيلى صاحب الموصل راغبا أن ينصره ويساعده فأجابه إلى ذلك.
فلما علم فخر الدولة ذلك مال إلى الصلح ولم ير بتشتيت العرب مصلحة. فلما علمت التركمان منه ذلك تركوه، وركبوا ليلا وأحاطوا بالعرب، وذلك فى ربيع الأول، [والتحم القتال واشتد]، فانهزمت العرب، ولم يحضر هذه الوقعة فخر الدولة ولا الأمير أرتق.
وغنم التركمان حلل العرب ودوابهم، وانهزم شرف الدولة العقيلى وتحصّن بمدينة آمد، ونازله فخر الدولة ابن جهير والأمير أرتق بالعساكر.
فراسل شرف الدولة الأمير [أرتق] وبذل له مالا كثيرا. وكان أرتق على حفظ الطريق. فمكّنه من الخروج فخرج لتسع بقين من ربيع الأول، وقصد الرقّة.
فلما بلغ جلال الدولة السلطان ببغداد [انهزام شرف الدولة وحصره بآمد، لم يشك فى أسره ف] خلع على عميد الدولة ابن فخر الدولة [بن جهير] وسيّره إلى أبيه فى جيش كثيف ومعه من الأمراء قسيم الدولة آقسنقر والد الأتابك محمود بن زنكى. وكان الأمير أرتق قد رجع إلى السلطان لمنافسة وقعت بينه وبين فخر الدولة ثم توجهت الجيوش إلى الموصل ونازلوها وفتحوها سلميّا. ثم حضر السلطان بنفسه وكانت [بلاده الموصل، وديار ربيعة أجمع، ومدينة حلب و] سائر تلك النواحى بالجزيرة والفرات ومنبج وغيرهما.
قال ابن واصل: ثم إن شرف الدولة طلب الأمان من السلطان وحضر، وقدّم السلطان تقادم حسنة من جملتها فرسه المشهور المسمى بشّار، فسبق كلّ فرس كان عند السلطان فأعجبه، وأقبل على شرف الدولة وأعاده إلى ما كان عليه، وأعاد إليه الموصل.
وكان صاحب قونية وأقصرا وما يتّصل بهما من البلاد الرومية للملك سليمان بن قطلمش، وهو ابن عم السلطان جلال الدولة ملكشاه.
فقصد فى سنة سبع وسبعين وأربع مئة مدينة أنطاكية، وكانت يومئذ بيد الروم وكانوا ملكوها سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة.
قلت: وسيأتى ذكر ذلك متفصّلا فى تاريخ ما يأتى ذكره، لما فتحها السلطان الملك الظاهر البندقدار آخر وقت إن شاء الله.
وملكها فى هذه السنة فى حديث طويل يأتى فى موضعه، ولما ملكها كتب إلى السلطان ملكشاه بذلك وعرّفه بما فتح الله على يديه.
ثم إن شرف الدولة العقيلى صاحب الموصل كتب إلى سليمان يطالبه بالحمل إلى السلطان فأبى عليه. وقال: السلطان ابن عمى، وقد كتبت إليه بذلك. فأنت أيش بيننا؟
فركب شرف الدولة ونهب بلاد أنطاكية. فنهب سليمان بلاد حلب، وحصل بينهما وقعة وانهزم فيها شرف الدولة [ثم قتل فى نفس اليوم].
وسار سليمان إلى حلب وحصرها خامس ربيع الآخر، فلم يبلغ منها غرضا، فرحل عنها. وكان مع سليمان الأمير ارتق. فإنه خاف من فخر الدولة لما ينم عليه عند السلطان بما كان ما دار
من شرف الدولة. ثم انتقل إلى خدمة جلال الدولة ملكشاه ابن السلطان العادل عضد الدولة ألب أرسلان السلجوقى، وجلال الدولة تتش يومئذ صاحب دمشق. فلما وصل إليه الأمير أرتق أقطعه نابلس.
وكان سليمان بن قطلمش قد ظفر بشرف الدولة وقتله وسيّر جيشه إلى حلب، وطلب تسليمها، فلم يحيبوا، والحاكم عليها يومئذ ابن الحتيتى العبّاسى. فكاتب لجلال الدولة صاحب دمشق وحسّن له ذلك الأمير أرتق. فركب والتقى سليمان. فانهزم أصحاب سليمان. قال فأخرج سكينا وقتل بها نفسه.
واستولى جلال الدولة تتش على عسكره، ووصل إلى حلب وطلب تسلّمها فأبوا عليه أيضا، فخامر من أهلها أناس واطلعوا من عسكر جلال الدولة جماعة بالحبال، وشفع الأمير أرتق فى ابن الحتيتى حاكم حلب.
وكان بالقلعة سالم بن مالك بن بدران العقيلى وهو ابن عم شرف الدولة
المذكور، فحوصرت القلعة مدة سبعة عشر يوما، ثم بلغه توجّه أخيه السلطان ملكشاه إلى نحوه، فنزل حلب وعاد إلى دمشق مملكته وحضر السلطان من إصبهان، وجعل طريقه على الموصل فوصلها فى رجب، وسار عنها إلى حرّان، وأقطعها إلى محمد بن شرف الدولة المقتول. ثم سار إلى الرّها وملكها من الروم، وفتح قلعة جعبر، وأخذ صاحبها جعبر، وهو شيخ ضرير. ثم وصل إلى حلب وتسلّمها وتسلّم قلعتها، وعوّض سالم عنها قلعة جعبر، فلم تزل فى أيدى العقيليّين إلى أن أخذها منهم نور الدين الشهيد حسبما يأتى من ذكر ذلك إن شاء الله.
وفيها كانت قتلة الصليحى الناجم باليمن، ولنذكر الآن بدو شأنه ونسبه.