الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لخّص من الحوادث
الخليفة القائم بالله أمير المؤمنين، وبنو سلجوق الملوك بحالهم.
والمستنصر خليفة مصر.
وفيها دخل أمير الجيوش إلى الديار المصرية. وهو أبو النجم بدر الجمالى المستنصرى، وكان قبل ذلك بصور (ص 232) وعكّا نايبا عن الظاهر بن الحاكم. فعقد يوم وصوله مجلسا عظيما عامّا اجتمع فيه أكثر الناس فاستفتح قارئا وقرأ (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {، وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ}) وقطع الآية. فقال المستنصر: لو أتم الآية أمرت بضرب عنقه.
وممّا يعتد من مبادئ سعادة أمير الجيوش أنه حضر من بيروت فى البحر وأقلع منها فوصل منها إلى دمياط ثانى يوم، وصحت له هذه الصحوة حتى ضرب بها المثل، فقيل: صحوة أمير الجيوش. ونعت بالسيّد الأجلّ كافل أمير المؤمنين، وهادى قضاة المسلمين، وناصر دعاة الدين، أمتع الله ببقائه أمير المؤمنين.
ثم إنّه دبر الأمور أحسن تدبير، وأرخص الأسعار بعد طول مدة غلائها فى تلك السنين الماضية. وذلك أنه نادى بإخراج الغلال وبيعها،
وعاد يهجم على كلّ من بلغه أنّ عنده غلة خزين. فإذا وجد ذلك طلبه وكشف عن ما يكفيه وجميع عائلته من تلك الغلّة مدة سنة كاملة، ويأمر بالفاضل عنه فيباع ويصب فى العراص. فرخص السعر، وطابت نفوس الناس، ومشى الحال، وقويت الهيبة، وارتدع المفسد، وأمنت الطرق، وسافرت التجار، وورد الجالب.
وفيها قبض على أبى العلاء عبد الغنى المعروف بالضيف الذى كان ينظر فى الأمور، وأمر بنفيه إلى قيسارية ثم نقل إلى تنيّس وقتل بها.
وفيها ولى القضاء أبو العلاء حمزة العرقى من قبل أمير الجيوش، وعاد من متولى الحكم والدعوة من هذا التاريخ نائبا عن أمير الجيوش، وتقليدهم من مجلس حكمه. فكان نوابه فى القضاء من يذكر:
أبو يعلى حمزة العرقى وكان وليه أصلا.
أبو الفضل القضاعى.
أبو القاسم على بن أحمد بن عمار.
أبو الفضل بن نباتة.
أبو الفضل بن عتيق.
أبو الحسن بن الكحّال.
وفيها كانت غزقة بغداد.
قال القاضى ابن الأثير صاحب التاريخ: إن فى هذه السنة كانت غرقة بغداد. وذلك أنه جاءت أمطار وسيول، وجاء بأرض الموصل والجبال أمطار عظيمة، وزادت دجلة (ص 233) زيادة لم يعهد بمثلها، وعاد يأتى على وجه الماء من الأفاعى من الحيّات والحشرات شئ كثير، حتى نظروا الناس على تلّ فى وسط الماء سبع ويحمور واقفين مذهولين عن بعضهما بعضا. ودخل الماء دار الخلافة من باب النوبى وباب العامة، ودخل الجامع وخرج الماء على الخليفة من تحت سريره، فنهض إلى الباب فلم يجد طريقا، فحمله خادم على ظهره إلى التاج، ولبس الخليفة البردة وأخذ القضيب بيده ووقف بين يدى الله تعالى يتضرّع، ولم يطعم فى يومه وليلته، وغرقت مقبرة أبرز وخرجت الموتى فى توابيتهم على الماء، وتهدّم الحريم وباب الأزج، وخرج رجل وعلى كتفه ولد له، فاجتهد أن يتخلّص فلم يقدر فرمى بولده وخلص بنفسه.
وغرق من العالم والبهائم ما لا يحصى كثرة.
وفيها تسلطن السلطان سنجر شاه.