الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى مَن يَرَى خَطَّه وخاتَمَه ولا يذكرُ الشَّهادةَ، قال: لا يَشْهَدُ إلَّا بما يَعْلَمُ. وقالَ فى رِوايةِ غيرِه: يشْهدُ (18) إذا عرَفَ خطَّه، كيفَ تَكونُ الشَّهادةُ إلا هكذا؟ . وقال فى موضعٍ آخرَ: إذا عَرَفَ خطَّه، ولم يحْفَظْ، فلا يَشهدُ، إلَّا أن يكونَ مَنْسوخًا عندَه، مَوضوعًا تحتَ خَتْمِه وحِرْزِه، فيَشْهَدُ، وإن (19) لم يَحْفَظْ. وقال (20) أيضًا: إذا كان رَدِىءَ الحِفْظِ، فيَشْهَدُ ويَكتبُها عندَه (21). وهذه (22) روايةٌ ثالثةٌ، وهو أنَّه (23) يشْهَدُ إذا كانت مَكتوبةً عنده بخطِّه فى حِرْزِه، ولا يَشْهَدُ إذا لم تكُنْ كذلك، [بمنْزِلةِ القاضى، فى إحدَى الرِّوايتيْنِ، إذا وجدَ حُكمَه بخطِّه تحتَ خَتْمِه أمْضاهُ، ولا يُمْضِيه (24) إذا لم يَكُنْ كذلك](25).
1888 - مسألة؛ قال: (وَمَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأخْبَارُ، وَاسْتَقَرَّتْ مَعْرِفَتُهُ فِى قَلْبِهِ، شَهِدَ بِهِ، كَالشَّهَادَةِ عَلَى النَّسَبِ وَالْوِلَادَةِ)
هذا النوعُ الثانى مِن السَّماعِ، وهو ما يَعْلَمُه بالاسْتِفاضَةِ. وأجمعَ أهلُ العلمِ على صحَّةِ الشَّهادةِ بها فى النَّسَبِ والولادةِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أمَّا النَّسَبُ فلا أعلمُ أحدًا مِن أهلِ العلمِ مَنعَ منه، ولو مُنعَ ذلك لاسْتحالَتْ [مَعْرِفتُه والشَّهادةُ](1) به؛ إذْ لا سَبيلَ إلى معرفتِه قطعًا بغيرِه، ولا تُمْكِنُ المُشاهدةُ فيه، ولو اعْتُبِرتِ المُشاهَدةُ، لَما عرَفَ أحدٌ أباه، ولا أُمَّه، ولا أحدًا مِن
(18) سقط من: ب، م.
(19)
سقطت الواو من: الأصل.
(20)
فى الأصل بعد هذا: "محمد".
(21)
سقط من: أ.
(22)
فى الأصل، أ:"وهذا".
(23)
فى م: "أن".
(24)
فى الأصل بعد هذا: "إلا".
(25)
سقط من: ب. نقل نظر.
(1)
فى ب، م:"معرفة الشهادة".
أقارِبِه. وقد (2) قال: قالَ اللهُ تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} (3). واخْتَلفَ أهلُ العلمِ فيما تجوزُ الشَّهادةُ عليه بالاسْتِفاضَةِ، غيرِ النَّسَبِ والوِلادةِ، فقال أصحابُنا: هو تِسعةُ أشياءَ؛ النِّكاحُ، والمِلكُ المُطْلَقُ، والوَقْفُ، ومَصْرِفُه، والمَوْتُ، والعِتْقُ، والوَلاءُ، والوِلَايةُ، والعَزْلُ. وبهذا قال [أبو سعيدٍ الإصْطَخْرِىُّ، وبعضُ](4) أصْحابِ الشَّافعىِّ. وقال بعضُهم: لا تجوزُ فى الوَقفِ والوَلاءِ والعِتْقِ والزَّوْجيَّةِ، لأنَّ الشَّهادةَ مُمْكِنَةٌ فيه بالقَطْعِ، فإنَّها (5) شهادةٌ (6) بعَقْدٍ، فأشْبَهَ سائرَ العُقودِ. وقالَ أبو حنيفةَ: لا تُقْبلُ [إلَّا فى النِّكاحِ، والمَوتِ، ولا تُقبلُ](7) فى المِلْكِ المُطلَقِ؛ لأنَّها (8) شهادةٌ بمالٍ، أشْبَهَ الدَّينَ. وقال صاحِبَاه: تُقْبَلُ فى الوَلاءِ، مثل عِكْرِمَةَ مولَى ابنِ عبَّاسٍ. ولَنا، أنَّ هذه الأشياءَ تتعذَّرُ الشَّهادةُ عليها فى الغالبِ بمُشاهدتِها، أو مُشاهدةِ أسبابِها، فجازَتِ الشَّهادةُ عليها بالاسْتِفاضَةِ كالنَّسَبِ. وقال مالكٌ: ليس عندَنا مَن يشْهَدُ على أحْباسِ أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا بالسَّماعِ. وقال مالكٌ: السَّماعُ فى الأحْباسِ والوَلاءِ جائزٌ. وقال أَحمدُ، فى روايةِ المَرُّوذِىِّ: اشْهَدْ أنَّ دارَ بَخْتانَ لبَخْتَانَ، وإن لم يُشْهدْكَ. وقيل له: تَشْهَدُ أنَّ فُلانةَ امرأةُ فلانٍ، ولم تَشْهَدِ النِّكاحَ؟ فقال: نعم، إذا كانَ مُسْتفيضًا، فأشْهَدُ أقولُ: إنَّ فاطمةَ ابنةَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وإنَّ خَديجةَ وعائشةَ زَوجَتاه (9)، وكلُّ أحدٍ يشهدُ بذلك مِن غيرِ مُشاهَدةٍ. فإن قيلَ: يُمْكِنُه (10) العِلمُ فى هذه الأشياءِ بمُشاهدةِ السَّببِ. قُلْنا: وجودُ السَّبَبِ لا يُفِيدُ العِلمَ بكونِه سَبَبًا يَقِينًا، فإنَّه يجوزُ أنْ يَشْترِىَ ما ليس بمِلْكِ البائعِ (11)، ويَصْطادَ صيدًا صادَه غيرُه، ثم انْفلتَ منه، وإن تُصُوِّرَ ذلك، فهو نادرٌ.
(2) سقطت: "قد" من: أ، ب، م.
(3)
سورة البقرة 146.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
فى الأصل، أ:"فإنه".
(6)
فى أ: "يشاهد".
(7)
سقط من: الأصل. نقل نظر.
(8)
فى الأصل، أ:"لأنه".
(9)
فى ب، م:"زوجاه".
(10)
فى الأصل بعد هذا: "أهل".
(11)
فى الأصل: "للبائع".