والنَّخَعِىِّ، وسعيدِ بن جُبَيْرٍ، والثَّوْرِىِّ، والحسنِ بن صالحٍ، وأبى حنيفةَ. - المغني لابن قدامة - ت التركي - جـ ١٤

والنَّخَعِىِّ، وسعيدِ بن جُبَيْرٍ، والثَّوْرِىِّ، والحسنِ بن صالحٍ، وأبى حنيفةَ. ولم يُفَرِّقْ أصْحابُنا بين السَّفَرِ الطويلِ وغيرِه، ولكنَّ (2) المذهبَ أَنَّ له مَنْعَه مِن سَفَرٍ تَحِل نُجُومُ كِتابَتِه قَبْلَه (3)؛ لأَنَّه يتَعَذَّرُ معه اسْتيفاءُ النُّجُومِ فى وَقْتِها، والرُّجُوعُ فى رِقِّهِ (4) عندَ عَجْزِه، فمُنِعَ منه، كالغَرِيمِ الذى يَحِلُّ عليه الدَّيْنُ قبلَ مُدَّةِ سَفَرِه. واخْتَلَفَ قولُ الشافعىِّ، فقال فى مَوْضِع: له السَّفَرُ. [وفى قَولٍ: ليس له السَّفَرُ](5). فقالَ بعضُ أصحابِه: فيها قَوْلان. وقال بعضُهم: ليستْ على قَوْلَيْنِ، إنَّما هى على اخْتلافِ حالَيْنِ؛ فالمَوْضِعُ الذى قال: له السفرُ. إذا كان قَصِيرًا؛ لأَنَّه فى حُكْمِ الحاضرِ، والموضعُ الذى مَنَعَ منه، إذا كان بَعِيدًا، يتعَذَّرُ معَه (6) اسْتِيفاءُ نُجُومه، والرُّجُوعُ فى رِقِّه عندَ عَجْزِه. ولَنا، أَنَّ المُكاتَبَ فى يَدِ نَفْسِه، وإنّما للسَّيِّدِ عليه دَيْنٌ، فأشْبَهَ الحُرَّ المَدِينَ، وما ذكَرُوه لا أصْلَ له، ويَبْطُلُ بالحُرِّ (7) الغَرِيم.

‌

‌فصل:

فإنْ شَرَطَ عليه فى الكِتابةِ أَنْ لا يُسافِرَ، فقال القاضى: الشَّرْطُ باطِلٌ. وهو قولُ الحسنِ، وسعيدِ بن جُبَيْرٍ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، وأبى حنيفةَ؛ لأَنَّه يُنافِى مُقتَضَى العَقْدِ، فلم يَصِحَّ شَرْطُه، كشَرْطِ تَرْكِ الاكْتِسابِ، ولأنَّه غَرِيمٌ، فلم يَصِحَّ شَرْطُ تَرْكِ السَّفَرِ عليه، كما لو أقْرَضَ (8) رَجُلًا (9) قَرْضًا بشَرْطِ أَنْ لا يُسافِرَ. وقال أبو الخَطابِ: يَصِحُّ الشَّرْطُ، وله مَنْعُه من السَّفَر. وهو قولُ مالكٍ؛ لقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"المُسْلِمُونَ على شُرُوطِهِم"(10). ولأنَّه شَرْطٌ له فيه فائدةٌ، فلَزِمَ، كما لو شَرَطَ نَقْدًا مَعْلُومًا. وبَيانُ فائِدَتِه، أنَّه لا يَأْمَنُ (11) إباقَه، وأنَّه لا يَرْجِعُ إلى سَيِّده، فيَفُوتُ العبدُ والمالُ الذى عليه،